عاجل.. جوارديولا يصدم برشلونة ويعلق على إقالة تشافي    رئيس الشيوخ يهنئ الرئيس السيسي بعيد الأضحى ويرفع الجلسة لموعد غير محدد    رفع الإشغالات وتهذيب الأشجار.. أسوان تستعد لعيد الأضحى (صور)    فخورون بها وسنطبق توصياتها.. وزير الرياضة يشيد بدراسة "الذكاء الاصطناعي" -تفاصيل    محافظ المنوفية يفتتح مدرسة التمريض الجديدة بأشمون (صور)    جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن فشل محاولة اعتراض مسيرتين في شمال الجولان    لجنة أوشفيتز الدولية: نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي "نقطة تحول محبطة"    زيلينسكي: زعم روسيا الاستيلاء على بلدة في منطقة سومي مجرد دعاية    "مليون و200 ألف في ساعتين".. ماذا قال مدرس الجيولوجيا أمام جهات التحقيق؟    "محدش يتخض".. شوبير يكشف مفاجأة كولر للأهلي في الصيف    مصر تحصد ذهبية منافسات الفرق فى بطولة أفريقيا لسلاح الشيش    مباراة فرنسا ضد كندا تصنع رقمًا تاريخيًا ل عثمان ديمبلي مع «الديوك»    14 يوليو، نظر أولى جلسات محاكمة سائق أوبر المتهم بخطف فتاة التجمع    بعد أزمة عمرو دياب.. عمر كمال يسخر من الموقف بطريقة كوميدية (فيديو)    عمرو أديب عن "ولاد رزق 3": "هتشوفوا فيلم عالمي"    وزارة الأوقاف: أحكام وصيغ التكبير في عيد الأضحى    وزير الصحة يُكرم الموظفات المثاليات بمختلف قطاعات الوزارة    مستشفيات جامعة أسوان يعلن خطة الاستعداد لاستقبال عيد الأضحى    رئيس جامعة المنوفية يعقد اجتماعا موسعا لأعضاء هيئة التدريس بالتربية النوعية    بآية قرآنية.. أحمد خالد صالح وهنادى مهنا يردان على أنباء انفصالهما    اسكواش - مصطفى عسل يصعد للمركز الثاني عالميا.. ونور الطيب تتقدم ثلاثة مراكز    توفير فرص عمل ووحدات سكنية ل12 أسرة من الأولى بالرعاية في الشرقية    مجلس الوزراء: إجازة عيد الأضحى 5 أيام مدفوعة الأجر    «القومي للبحوث» يوضح أهم النصائح للتغذية السليمة في عيد الأضحى    مفاجأة مثيرة في تحقيقات سفاح التجمع: مصدر ثقة وينظم حفلات مدرسية    وزيرة الهجرة: نعتز بالتعاون مع الجانب الألماني    الأوقاف: افتتاح 27 مسجدًا الجمعة القادمة| صور    تشكيل الحكومة الجديد.. 4 نواب في الوزارة الجديدة    إعلام إسرائيلى: قتلى وجرحى فى صفوف الجيش جراء حادث أمنى فى رفح الفلسطينية    "كابوس".. لميس الحديدي تكشف عن كواليس رحلتها مع مرض السرطان.. لماذا أخفت هذه المعلومة عِقدًا كاملًا؟    ياسمين عبد العزيز ترد على رسالة أيمن بهجت قمر لها    تفاصيل الحالة الصحية للفنانة مروة أنور بعد تعرضها لحادث سير    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في ختام تعاملات الإثنين    الرئيس الروسي يزور كوريا الشمالية وفيتنام قريبا    أفيجدرو لبيرمان يرفض الانضمام إلى حكومة نتنياهو    «مودة» ينظم معسكر إعداد الكوادر من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات    محافظ أسيوط يشيد بتنظيم القافلة الطبية المجانية للرمد بقرية منقباد    أمين الفتوى بدار الإفتاء يوضح آداب ذبح الأضاحي في عيد الأضحى (فيديو)    مطلب برلماني بإعداد قانون خاص ينظم آليات استخدام الذكاء الاصطناعي    البابا تواضروس الثاني ومحافظ الفيوم يشهدان حفل تدشين كنيسة القديس الأنبا إبرآم بدير العزب    تأجيل محاكمة المتهم بقتل زوجته ببسيون لشهر سبتمبر لاستكمال المرافعات    تاريخ فرض الحج: مقاربات فقهية وآراء متباينة    يوم الصحفي المصري "في المساء مع قصواء" بمشاركة قيادات "الاستعلامات" و"الصحفيين" و"الحوار الوطني" و"المتحدة"    ضياء رشوان: لولا دور الإعلام في تغطية القضية الفلسطينية لسحقنا    "أتمنى ديانج".. تعليق قوي من عضو مجلس الزمالك بشأن عودة إمام عاشور    صندوق مكافحة الإدمان يستعرض نتائج أكبر برنامج لحماية طلاب المدارس من المخدرات    خادم الحرمين الشريفين يأمر باستضافة 1000 حاج من ذوي ضحايا غزة    سرقا هاتفه وتعديا عليه بالضرب.. المشدد 3 سنوات لسائقين تسببا في إصابة شخص بالقليوبية    في موسم امتحانات الثانوية العامة 2024.. أفضل الأدعية رددها الآن للتسهيل في المذاكرة    وزير التعليم العالي يستقبل وفدًا من مجموعة جنوب إفريقيا للتنمية «SADC»    مظاهرات في ألمانيا وأمريكا تطالب بوقف جرائم الإبادة الجماعية في غزة    أخبار الأهلي : ميدو: مصطفى شوبير هيلعب أساسي على الشناوي و"هو ماسك سيجار"    «الصحة»: خدمات كشف وعلاج ل10 آلاف حاج مصري من خلال 24 عيادة في مكة والمدينة    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لقرية الودي بالجيزة    حالة الطقس المتوقعة غدًا الثلاثاء 11 يونيو 2024| إنفوجراف    تعرف على ما يُستحب عند زيارة النبي صلى الله عليه وسلم    النسبة التقديرية للإقبال في انتخابات الاتحاد الأوروبي تقترب من 51%    جمال عبدالحميد يكشف أسباب تراجع أداء منتخب مصر أمام بوركينا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبده مشتاق ومتصهين
نشر في الشروق الجديد يوم 13 - 06 - 2010

تبنيت ودافعت في المقالين السابقين،"حوارات محمد البرادعي وعمرو موسى"و"أنفاق غزة وشريان الحياة ومولد أبو حصيرة"، عن رؤى وأفكار اختلف معها العدد الأكبر من القراء. ومع أن الاختلاف بين القراء والكاتب ينبغي أن ينظر له بداية كأمر اعتيادي يعكس تنوع مشروع للاجتهادات حول القضايا المطروحة للنقاش العام،إلا أنني رصدت في ردود وتعليقات القراء على المقالين السابقين من المضامين والمفردات وطرائق التعبير عن الرأي ما يستأهل في دلالاته التناول النقدي الصريح.
في ردودهم وتعليقاتهم على مقال "حوارات محمد البرادعي وعمرو موسى"، اتهمني العدد الأكبر من القراء بالانحياز لنخبة الحكم وبتأييد سيناريو التوريث وبالبحث عن منصب في لجنة السياسات لأنني من جهة أولى انتقدت اتسام طرح البرادعي وموسى بالعمومية وبغياب تصور برامجي محدد لخطوات إصلاح مصر دستوريا وسياسيا واقتصاديا، ولأنني تساءلت من جهة ثانية عن مدى جدوى اختزال النقاش العام في انتخابات الرئاسة2011،وإهمال الانتخابات البرلمانية في العام الجاري على أهميتها والتكاسل عن محاسبة حكومة الحزب الوطني على إخفاقاتها في الأعوام الماضية.
وعلى الرغم من تأكيدي في أكثر من موضع في المقال على أهمية الزخم الذي أحدثته الحوارات مع البرادعي وموسى وإشارتي إلى اتفاقي مع دعوتهما العامة إلى الإصلاح الدستوري والسياسي والاقتصادي-الاجتماعي ومطالبتي لهما ولأحزاب المعارضة باستثمار المزيد من الجهد لصياغة برامج محددة للإصلاح للضغط على نخبة الحكم، إلا أنني تحولت في ردود وتعليقات القراء إلى مدافع عن الحكومة وصديق لجمال مبارك ورجل لكل العصور ومثبط لهمة التغيير والإصلاح التي يعبر عنها شرفاء الوطن، وفي التحليل الأخير قلم أجير.
لما كل هذا؟ هل لأنني انتقدت عمومية عمرو موسى وبعض الرومانسية وشيء من طغيان الأنا في حديث البرادعي، أرجعته في مقالي توخيا للموضوعية إلى الحملة الشرسة التي شنتها الصحف "القومية" عليه؟ هل نحن في مصر مطالبون بالانتقال من تقديس رموز الحكم إلى تقديس رموز المعارضة، وهل يصح أن تتحول المعارضة كسياسة وممارسة إلى ما يشبه السير في قطيع بلا أفكار أو ملاحظات نقدية أو أن ينظر للأخيرة على أنها تأييد مبطن للحكم؟ أم لأنني طالبت البرادعي وموسى ومعهما أحزاب المعارضة بمحاسبة الرئيس والحكومة والحزب الوطني على أداء الأعوام الماضية بمقاربات لا تكتفي بالمطالبة بالإصلاح الذي استحال إلى مفردة تفتقد المضامين المحددة؟ ولماذا غاب عن القراء نفس المقال المعارض فيما خص أوضاع مصر ومسئولية نخبة الحكم والدور الواجب على المعارضة والمعارضين الاضطلاع به، واختزل الكاتب إلى"عبده مشتاق"جديد؟ حقيقة لا أملك تفسيرا متكاملا لذلك، فقط مجرد ملاحظة تحليلية أرغب في حث القراء على التدبر بها، مؤداها أن الزخم الذي أحدثته الحوارات مع البرادعي وموسى سرعان ما تحول إعلاميا إلى مواجهة ساخنة بين جبهتين، إحداهما مع نخبة الحكم ضد الرجلين بقيادة كتاب الصحف "القومية" والأخرى منبهرة وداعمة للبرادعي وموسى مركزها هو الصحف المستقلة والأقلام غير الحكومية. ثم رتبت هذه المواجهة الحدية عملا إغلاق الساحة الإعلامية أمام أصوات وأقلام سعت للمشاركة في النقاش على نحو مغاير أرادت به الابتعاد عن الانحياز للحكومة والتعامل بنقدية مع حديث البرادعي وموسى، فكان نصيبها إما التجاهل أو الإقصاء غير المبرر والظالم بالاختزال إلى قلم أجير.
إن كانت ردود وتعليقات القراء على مقال"حوارات محمد البرادعي وعمرو موسى" طرحت إشكالية القراءة الوسيطة بين مواقف نخبة الحكم ومعارضيها فيما خص السياسة الداخلية وفي لحظات المواجهة الحدية، فإن اتهامات العدد الأكبر من القراء المعلقين على "أنفاق غزة وشريان الحياة ومولد أبو حصيرة" أعادت طرح ذات الإشكالية مضافا إليها إشكاليات ثلاث خطيرة حاضرة دوما في نقاشنا العام كنت أنا وما كتبت ضحية فعلها بالأسبوع الماضي وهي: 1-إشكالية التمييز في تقييم السياسات بين الدولة المصرية ومقتضيات أمنها القومي ومصالحها العليا من جهة وممارسات وانحيازات نخبة الحكم/السلطة من جهة أخرى، 2-إشكالية إدراك الخط الفاصل بين المرجو والمرغوب سياسيا وبين الممكن والمتاح بحسابات الواقع وبدون انهزامية، 3-إشكالية الإقصاء الجمعي للآخر بمستوياته المتعددة -في المقال اليهودية واليهود وإسرائيل ومواطنيها والصهيونية والصهاينة-وشرعنة تجاهل حقوق الإنسان حين التعاطي معه بدافع أنه، أي الآخر، لا يقيم لها اعتبار في تعاطيه مع الأنا الجمعية –مستوياتها في المقال هي فلسطينيو غزة ثم عموم الفلسطينيين والعرب والمسلمين– وما يترتب على ذلك من معايير مزدوجة ومغلوطة.
دافعت في مقال أنفاق غزة عن الإنشاءات الهندسية والإجراءات الأمنية المصرية على الحدود مع القطاع باعتبارها عمل سيادي يتسق مع التزامات وتعهدات مصر الدولية الخاصة بحماية حدودها والسيطرة عليها. ذهبت أيضا إلى أن الوضع المأساوي في غزة، والذي تتحمل مسئوليته الحكومة الإسرائيلية كقوة احتلال في المقام الأول ثم السياسات الخاطئة للأطراف الفلسطينية(وأشرت في المقال إلى فتح وحماس ولم اقتصر على الأخيرة فقط)، لن يتغير جوهريا بترك الأنفاق بين مصر والقطاع قائمة، بل بالضغط الفعال لرفع الحصار الظالم(هكذا أسميته)عن غزة بصورة كاملة وهو ما يستدعي إنجاز المصالحة بين فتح وحماس وعودة السلطة الوطنية الفلسطينية إلى إدارة معابر القطاع مع مصر وإسرائيل والتحرك دوليا وإقليميا لدفع حكومة إسرائيل لتغيير سياستها.
وبعد أن طالبت الحكومة المصرية بتحمل مسئولياتها في هذا الصدد، انتقدت إدارتها لأزمة قافلة شريان الحياة وتجمع النشطاء الأوروبيين المتعاطفين مع غزة وعددت تداعياتها السلبية على تعويق وصول المساعدات إلى القطاع وعلى صورة مصر في محيطها الإقليمي. إلا أنني انتهيت برفض الخلط بين الانتقاد المشروع لموقف الحكومة المصرية من قافلة شريان الحياة والنشطاء الأوروبيين، وبين تأمين الحدود كعمل سيادي أراه مبررا أو السماح المقبول من وجهة نظري لمواطنين إسرائيليين ومنتمين للديانة اليهودية من دول أخرى بالاحتفال بمولد أبو حصيرة على الأرض المصرية وهو ما تصادف تواكبه زمنيا مع أزمة شريان الحياة.
كيف تعامل العدد الأكبر من القراء مع الأفكار التي صغتها في مقال الأسبوع الماضي؟ بسيل من الاتهامات بالعمالة لنخبة الحكم/السلطة لم تفصل في الجوهر بينها وبين الدولة، وبمفردات مستمدة من خطاب التخوين المعهود تمحورت حول صهيونية مزعومة للكاتب، وبعنف لفظي يؤشر بوضوح على خطورة لحظة الاحتقان التي يمر بها نقاشنا العام اليوم وضعف حضور التعددية كقيمة تمكن من قبول واحترام الرأي الآخر. تحول الدفاع عن الإجراءات السيادية المصرية على الحدود مع غزة مع مطالبة الحكومة بالاضطلاع بدورها السياسي والدبلوماسي لرفع الحصار عن غزة وانتقاد موقفها من أزمة شريان الحياة، ومع غياب التمييز بين مقتضيات الدولة وبين تقييم سياسات نخبة الحكم في النقاش العام، تحول إلى عمالة للنخبة تؤهل – مجددا - لعضوية لجنة السياسات، بل ولرئاسة تحرير صحيفة قومية! أما إشارتي إلى أن مصر في ضوء حسابات الواقع والالتزامات المترتبة على اتفاقات دولية مبرمة وخرائط توزيع القوة إقليميا لا تملك أن ترفع الحصار أحاديا عن قطاع غزة وأن واجبها هو الضغط سياسيا ودبلوماسيا لرفع كامل له مع حماية حدودها.
فأصبحت لدى القراء دعوة للتخاذل والانهزامية ورغبة في تجويع الفلسطينيين ومبالغة في تقييم أهمية الاختراق الأمني الذي تمثله الأنفاق ومصر حدودها مخترقة من كل الجهات، وكأن في عمومية الضرر(أي الاختراق الأمني للحدود المصرية)ما يبرر عموم تجاهله! ثم تمثلت خطيئتي الكبرى، في نظر القراء، في رفض الربط بين الانتقاد المشروع لموقف الحكومة المصرية في أزمة قافلة شريان الحياة وإيصال مساعدات إغاثية لغزة وبين شعبوية مقيتة ترفض حضور منتمين للديانة اليهودية –إن من إسرائيل أو خارجها– للاحتفال بأبوحصيرة في مصر بمنطق تعميمي كاسح يجعل من كل منتمي لليهودية إسرائيلي وصهيوني ومجرم حرب ومسئول عن جرائم حكومة إسرائيل وجيشها ضد الفلسطينيين والعرب ويؤسس على ذلك المطالبة بعدم السماح لأولئك "الوحوش" بالتواجد على الأراضي المصرية.
ولم أسلم ككاتب من ذات الشعبوية في ردود القراء، فاتهمني البعض بالتصهين وبخيانة جذوري العربية(في مقابل نضالية ابن الغرب جالاوي)وبغياب وازعي الديني لدفاعي عن "اليهود القتلة" وبالعمالة لحكومة إسرائيل وبالنفاق باسم حقوق الإنسان للدفاع إما عن مصالح إسرائيل أو الحكومة المصرية المتواطئة معها(طبعا كعبده مشتاق) أو الولايات المتحدة التي أعمل لواحدة من مؤسساتها البحثية صنفها البعض كجهة استخباراتية!
لما كل هذه الاتهامات المرعبة وما صحبها من إقصاء وعنف لفظي يستطيع القارئ أن يتثبت منه بالعودة إلى التعليقات على المقال الماضي؟ هل لأنني ذهبت إلى حتمية التمييز بين تحميل حكومة إسرائيل وجيشها المسئولية عن الجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين وبين تعميم المسئولية على منتمين للديانة اليهودية يرغبون في الاحتفال بمولد ديني؟ أم لأنني كتبت أننا مطالبون باحترام حقوق الإنسان والحريات الدينية في تعاملنا مع المحتفلين بأبو حصيرة على الرغم من مأساة غزة وإجرام حكومة إسرائيل في تعاملها مع الفلسطينيين في القطاع وخارجه، وهو ما يستحق التنديد به في كل محفل دولي وإقليمي ولا أتوقف كباحث وبطاقتي المتواضعة عن التنديد به في الساحات التي أتحرك بها(للتدليل فقط: ما أن عينت العام الماضي كعضو في مجلس أمناء الشرق الأوسط التابع لمنظمة هيومان رايتس واتش، حتى تعالت أصوات كتاب من اليمين الإسرائيلي في الولايات المتحدة تتهمني بالعداء للسامية ومعاداتي لإسرائيل وتطرفي لانتقادي سياسات حكومتها إزاء الفلسطينيين)؟ وإلى متى تستمر معاييرنا المزدوجة في النظر إلى الأمور، فنخلط بين منتمين لديانة وإجرام حكومة؟ ونرى في جرائم حكومة إسرائيل ما يبرر تجاهلنا لحق بعض اليهود في الاحتفال بمولد ديني في حدود احترام القوانين المصرية؟ كيف نسوغ ذلك لذواتنا، وكأن الرد على الخطيئة بخطأ – مع الفوارق بكل تأكيد، فلست بمساو بين عذابات الفلسطينيين والجرائم المرتكبة بحقهم وبين حق الحرية الدينية لليهود الراغبين في الاحتفال بأبو حصيرة – مبرر دينيا وإنسانيا؟ أليس هذا هو نفس المنطق التبريري لإرهاب القاعدة ومن سار على دربها؟ وإلى متى يستمر شيوع الشعبوية المقيتة التي تتحدث عن المنتمين للديانة اليهودية "كأولاد القردة والخنازير" بمنطق ديني مغلوط ومع تغييب كامل لما يبدو أنه أصبح ماضي التسامح في المجتمع المصري؟ ولماذا يصهين الكاتب ظلما ويتهم زورا بالعمالة بكل شكل ممكن لمجرد أنه انطلق من المبدأ الإنساني المستقر"ولا تزر وزارة وزر أخرى" ودافع عن قناعاته الليبرالية المعلية لقيم الحق والحرية على كل ما عداها؟
مجددا، ليس في جعبتي من تفسير سوى التشديد على مسئولية البنية الحدية لنقاشنا العام التي تلغي المساحات الوسيطة وتجذر من ازدواجية المعايير والعنف اللفظي المرعب. وكذلك التداعيات الخطيرة لحالة الاحتقان الشديد الحاضرة اليوم بين ظهرانينا فيما خص تقييم السياسات الداخلية والخارجية، والتي تدفع القارئ إلى التصنيف والاتهام والإقصاء عوضا عن ممارسة فعل التعددية بمحاولة تفهم وقبول ثم ربما احترام الرأي المخالف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.