فشل الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى الوفاء بأى من الوعود الكبيرة التى قطعها على نفسه فى خطابه الشهير للعالم الإسلامى الذى ألقاه فى جامعة القاهرة فى السادس من يونيو من العام الماضى، هكذا يرى معهد كارنيجى الأمريكى لأبحاث السلام العلاقات بين الولاياتالمتحدة والعالم الإسلامى بعد مرور سنة على الخطاب التاريخى. ويشير التقرير إلى أن أوباما ومع اعترافه بالانقسامات العميقة بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والمسلمين فى أنحاء العالم، رسم فى خطابه معالم المستقبل فى العلاقات الأمريكية مع دول الشرق الوسط على هيئة تعاون وشراكة بدلا من عدم الثقة والتوتر، وذلك من أجل مواجهة التحديات المشتركة. والواقع أن هناك عدة عوامل من وجهة نظر كارنيجى حالت دون تحقق الوعود الرئاسية، فبالرغم من أن واشنطن تحتفظ بعلاقات قوية مع مصر والسعودية، بسبب القلق المشترك من السياسات الإيرانية، واستعداد القاهرة والرياض للوقوف إلى جانب واشنطن فى سياستها تجاه طهران، فإن الولاياتالمتحدة ليست فى موقف قوى فى الشرق الوسط فى الوقت الراهن. ولا يستطيع أحد أن يتحدث عن بوادر تقارب بين أمريكا ودول الشرق الأوسط، لأن دول الشرق الوسط نفسها غير متقاربة فيما بينها. وأنه إذا كان هناك تقارب بين أمريكا ومصر والسعودية، فليس هناك أى بوادر تقارب بين أمريكا ودول أخرى مثل سوريا وقطر التى يوجد لأمريكا فيها واحدة من أكبر قواعدها العسكرية فى المنطقة. من ناحيتها ترى. منار الشوربجى أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية أن عدم تحقق وعود أوباما يرجع أولا لانشغاله بقضايا تتعلق بالداخل الأمريكى مثل قانون الرعاية الصحية، وهو أمر طبيعى أن تكون أولويات أى رئيس أمريكى هى الداخل الأمريكى. كما تقول الشوربجى فى اتصال مع «الشروق» إن أمريكا نفسها متورطة فى قضايا أخرى متعلقة بالشرق الأوسط على رأسها قضية احتلالها هى دولة عربية وهى العراق، مما يفسر أيضا عدم تنفيذه لوعوده. لذلك لا يمكن أن نتوقع أو ننتظر من أوباما اتخاذ قرارات جريئة تتعلق بالقضايا الخارجية إلا إذا كان يتمتع بشعبية كبيرة، فأوباما حين أطلق هذه الوعود فى القاهرة العام الماضى كان يتمتع بشعبية تصل إلى 60%، أما الآن فشعبيته انخفضت إلا ما دون 50% وفقا لرؤية أستاذة العلوم السياسية فى الجامعة الأمريكية. أما الباحثة الأمريكية مارينا أوتاواى التى أعدت تقرير كارنيجى فترى أنه إذا أرادت واشنطن الحفاظ على نفوذها فى الشرق الأوسط فعليها أن تظهر للدول العربية أنها على استعداد للقائها فى منتصف الطريق فيما يتعلق بعملية السلام. ويلفت التقرير الانتباه إلى نقطة حاسمة ومصيرية فى العلاقة الأمريكية مع دول الشرق الأوسط التى ترى أن سياسة واشنطن دائما أو تلك التى كانت متبعة فى الماضى وفقا لتقرير مركز كارنيجى مؤيدة لإسرائيل بشكل مطلق، وهو الأمر المرفوض تماما بالنسبة للدول العربية، وطالما استمرت هذه النظرة العربية تجاه سياسة أمريكا عند فإن العلاقات بينهم ستتخذ مسارا أكثر صعوبة. ولكن د.منار الشوربجى أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية لا تعتبرها «عملية سلام» ولكن «عملية تسوية»، وتقول عملية التسوية هذه وصلت لطريق مسدود منذ فترة، والمشكلة التى تواجه إدارة أوباما الآن أنها ربما تكون الإدارة الأخيرة التى يمكنها أن تقوم بدور فى هذه التسوية، لأن الوتيرة التى تتبعها إسرائيل فى ابتلاع الأراضى الفلسطينية قد تضع نهاية لإمكانية تطبيق حل الدولتين. ويشير تقرير كارنيجى إلى أن الشعوب العربية استقبلت خطاب أوباما العام الماضى بحفاوة بالغة لأن أوباما كان فى بداية فترته الرئاسية وكان لدى الدول العربية آمال كبيرة وعظيمة تجاه هذا الرئيس الأمريكى الجديد، كما أن أوباما لم يتبن اتجاه العداء الفكرى تجاه العالم الإسلامى الذى تبناه الرئيس السابق جورج بوش ولكن هذه البداية المفعمة بالأمل لم تؤدِ إلى تحقيق نتائج فعلية.