أكد خبراء ومحللون اقتصاديون، اليوم السبت، أن المستثمرين في البورصة المصرية باتوا أكثر خبرة في التعامل مع الأزمات الاقتصادية العالمية من خلال التجارب الكبيرة التي مروا بها في السنوات الماضية، كان أبرزها الأزمة المالية العالمية أواخر العام 2008. وقال الخبراء: "إن التجارب السابقة أكدت أن الهلع والخوف والبيع والشراء العشوائي ينعكس أثره فقط على صغار المستثمرين والأفراد، ويكون في النهاية لصالح القرارات العقلانية وكبار المضاربين الذين يستفيدون من قرارات الأفراد العشوائية". ويشير الدكتور عمر عبد الفتاح، خبير أسواق المال، إلى أن الهبوط الحاد الذي سجلته سوق الأسهم الأمريكية، وجرت معها بقية بورصات العالم في الأيام الأخيرة من الأسبوع الماضي، سيكون بلا شك له تأثير على أداء البورصة المصرية، وذلك في إطار الترابط النفسي والسيكولوجي بين الأسواق. وتوقع أن تكون البورصة المصرية أكثر هدوءا وعقلانية هذه المرة، عما كان عليه رد الفعل في الأزمات السابقة، لكن هذا لا يعني عدم التأثر، وإنما سيكون الهبوط في حال حدوثه أقل حدة حتى عن الهبوط الذي أصاب الأسواق العالمية. وقال: "إن البورصة المصرية كانت أكثر أسواق العالم هبوطا إبان الأزمة المالية العالمية في الربع الأخير من 2008، مشيرا إلى أن مثل هذا التأثر لن يحدث ثانية بنفس الحدة"، مضيفا أن حالات الهلع والقلق والقرارات الحادة العشوائية ربما لا تظهر بالبورصة المصرية غدا، خاصة أن التجارب السابقة تؤكد أن في حال حدوث ذلك ستكون فرصا ذهبية للشراء وليس فرصا جيدة للبيع. وكانت مؤشرات الأسهم الأمريكية الرئيسية قد هبطت بنحو 5 % يومي الخميس والجمعة الماضيين على خلفية أزمة ديون اليونان وخطأ فني في المؤشرات. وأوضح الدكتور عمر عبد الفتاح، خبير أسواق المال، أن الرؤية ربما تظل غير واضحة بالنسبة للأسواق العالمية وأزمات الديون في بعض البلدان الأوروبية ، لكن من المتوقع إيجاد حلول سريعة لتلك الأزمات وإعلانها مطلع هذا الأسبوع. وأشار إلى أن الأزمة هذه المرة متعلقة بدولة داخل منطقة اليورو، وليس بالاقتصاد الأمريكي ذاته، بما يعني أن تأثر اقتصادنا سيكون محدودا للغاية، خاصة أن معاملات مصر الاقتصادية والتجارية مع اليونان، أو حتى دول اليورو، ليس بقدر تعاملها مع الولاياتالمتحدة. ولفت إلى أن التأثير ربما يكون نفسيا فقط في إطار سيكولوجية الأسواق وعلاقاتها بعضها ببعض، معتبرا أن أزمة الرهن العقاري التي أصابت الاقتصاد الأمريكي كانت أكثر وقعا وتأثيرا على العالم نظرا لتشعبها وارتباطها بالعديد من الاقتصادات العالمية بعكس الوضع في اليونان التي قد تكون تعاملاتها محدودة مع أغلب دول العالم. ونوه إلى أن الاقتصاد الأمريكي، على سبيل المثال، أعلن العديد من الأنباء الإيجابية في الأسبوع الماضي، لعل أهمها بيانات الوظائف التي وصلت لأعلى معدل لها في 4 سنوات، بالإضافة إلى النمو الملحوظ في مبيعات التجزئة الأمريكية. وأرجع هبوط البورصة الأمريكية الحاد تأثرا بأزمة ديون اليونان إلى عاملين: الأول هو الشق النفسي في الارتباط بين الأسواق، والثاني هو الخطأ الفني الذي أدى إلى هبوط مؤشر (داو جونز) الأمريكي بأكثر من 600 نقطة دفعة واحدة يوم الخميس الماضي، وبعد إصلاح العطل كان التأثير النفسي قد تسرب إلى المستثمرين، مما حد من عمليات الشراء. ونبه إلى أنه يجب ألا ننسى أن أغلب مؤشرات بورصات العالم كانت تلامس أعلى مستويات لها في قرب العامين، بما يعني أنها كانت تستعد للتصحيح، خاصة أنها صعدت طيلة الشهور الثلاثة الماضية دون حدوث أي عمليات لجني الأرباح لتصل إلى مستويات ما قبل الأزمة. ويرى صلاح عبد الله، المحلل الاقتصادي، أن أزمة اليونان جاءت لتحرك قوى البيع وجني الأرباح والتصحيح، وهو ما زاد من حدة التأثير نسبيا خوفا من المستثمرين على مكاسبهم، متوقعا سرعان ما ستعود الأوضاع إلى طبيعتها والأسواق إلى هدوئها. وحذر في الوقت نفسه صغار المستثمرين والأفراد من العودة إلى القرارات العشوائية الناتجة عن هلع وفزع غير مبرر كالعادة في المرات السابقة، معتبرا أن أي هبوط حاد قد يحدث ربما يكون فرصا ذهبية غير متكررة للشراء، وإن تكرر فبصعوبة في الفترات المقبلة. وتوقع ألا تشهد البورصة المصرية هبوطا حادا في أسعار أسهمها، مشيرا إلى أن الشركات ذات الأداء والأصول المالية سيكون أداؤها أكثر تماسكا. وبالنسبة لسهم أوراسكوم تليكوم، الأكثر نشاطا في البورصة المصرية في الفترة الأخيرة، رأى عبد الله أن الرؤية قد تكون سلبية للسهم في الأيام المقبلة لعدم الدقة والوضوح في الإفصاحات بشأن صفقات الشركة ومشكلاتها، فضلا عن شبهات التلاعب التي شهدها سهم الشركة في الفترة الأخيرة، بما سيجعل الصورة الذهنية للمستثمرين سلبية تجاه السهم. كما رأى أن السهم قد يتعرض لضغوطات إضافية نظرا لدخوله في عمليات تصحيح قبيل إعلان أزمة اليونان، وذلك بسبب ما يدور حوله من شبهات وتلاعبات قد تزيد من تأثره رغم ظهور شراء في لندن في نهاية جلسة لندن الجمعة. وتوقع أن يذهب السهم إلى مستويات ما بين 5ر5 جنيه و80ر5 جنيه في اليومين المقبلين، كما توقع أن يتماسك مؤشر السوق الرئيسي عند مستوى 6800 نقطة انتظارا لأداء البورصة الأمريكية في بداية أسبوعها يوم الاثنين المقبل. واتفق مصطفى عمرو، محلل أسواق المال، على أن البورصة المصرية قد لا تشهد حركات عنيفة في تعاملاتها تأثرا بالهبوط الذي أصاب الأسواق العالمية، متوقعا أن تميل التعاملات إلى الهدوء وأن يكون الهبوط طبيعيا في إطار عمليات التصحيح التي كانت قد بدأت بالفعل. وأشار إلى أن تأثير أزمة اليونان على الاقتصاديات العالمية ربما يكون محدودا، وكان يمكن تجاوزه وعدم تأثر الأسواق به لولا الخطأ الفني في وول ستريت في تعاملات الخميس الذي خلق حالة نفسية سلبية استمرت حتى بعد الخطأ وامتدت إلى بقية أسواق المال في العالم. ورأى أن المتعاملين بالبورصة المصرية بات لديهم العديد من الخبرات في التعامل مع مثل تلك الأزمات، متوقعا ألا نشهد هبوطا حادا ومبيعات عشوائية، لافتا إلى أن البورصة المصرية بها العديد من الأنباء الإيجابية التي تدعم أداءها في الفترة المقبلة، سواء على صعيد الاقتصاد الكلي أو الشركات.