اعتبر السيناتور الأمريكي البارز بيرني ساندرز، أن السياسة الخارجية الأمريكية أخفقت في ملفات خارجية على مدار عقود، مشددا على أنه آن الآوان أن تشهد "ثورة حقيقية". وقال ساندرز في مقال بعنوان "ثورة في السياسة الخارجية الأمريكية" إن سياسة واشنطن أخفقت مرارا، بدءا من الحروب في فيتناموأفغانستانوالعراق، وصولا إلى دعم الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، وكذلك في الإطاحة بحكومات ديمقراطية في أنحاء العالم، وأيضا في خطوات كارثية بمجال التجارة. وأوضح ساندرز في مستهل المقال الذي نشرته مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية أن "الحقيقة المحزنة بشأن سياسة واشنطن الخارجية هي أن بعض أهم القضايا التي تواجه الولاياتالمتحدة والعالم نادراً ما تتم مناقشتها بجدية، على الرغم من وجود إجماع بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري تجاه بعض الملفات". * إخفاقات واشنطن في الشرق الأوسط وأشار إلى أن النمط الأمريكي الخاطئ لا يزال مستمرا حتى اليوم، وذلك بعد إنفاق واشنطن مليارات الدولارات على دعم عسكري لإسرائيل التي تعمل على إبادة غزة، معتبرا أن الولاياتالمتحدة تدافع وحدها تقريبا في العالم، عن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة، التي تشن حملة من الحرب الشاملة والدمار ضد الشعب الفلسطيني. ورأى ساندرز، أنه بعد هجمات 11 سبتمبر عام 2001، كررت واشنطن العديد من الأخطاء نفسها، حيث تعهد الرئيس الأمريكي آنذاك جورج بوش الابن بإرسال ما يقرب من مليوني جندي أمريكي وأكثر من 8 تريليونات دولار بزعم شن "حرب عالمية على الإرهاب"، أدت لحروب كارثية في أفغانستانوالعراق. وقال ساندرز إن حرب العراق، مثل حرب فيتنام، بُنيت على كذبة صريحة، لأن الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين لم يكن لديه أي أسلحة دمار شامل. وعارض العديد من حلفاء الولاياتالمتحدة الحرب، وأدى النهج الأحادي الذي اتبعته إدارة بوش الابن في الفترة التي سبقت الحرب إلى تقويض مصداقية الولاياتالمتحدة بشدة وتآكل الثقة فيها. وعلى الرغم من ذلك، صوتت الأغلبية العظمى في الكونجرس لصالح التفويض بغزو العراق عام 2003". * العلاقات مع الصينوروسيا وحول سياسة الولاياتالمتحدة تجاه الصين، اعتبر السيناتور ساندرز أنها مثال آخر على" التفكير الجماعي الفاشل" في السياسة الخارجية، والذي يصور العلاقة الأمريكيةالصينية على أنها صراع محصلته صفر. وأشار إلى أنه بالنسبة للكثيرين في واشنطن، أصبحت الصين بمثابة "بعبع السياسة الخارجية الجديد"، لكن لن يكون هناك حل للتهديد الوجودي المتمثل في تغير المناخ من دون التعاون مع بكين، وتابع أنه بدلاً من بدء حرب تجارية مع الصين، يمكن لواشنطن أن تعقد اتفاقيات تجارية متبادلة المنفعة تعود بالنفع على العمال في كلا البلدين، وليس فقط الشركات المتعددة الجنسيات، على حد قوله. وحول العلاقات مع روسيا، يعتقد ساندرز أنه من مصلحة الولاياتالمتحدة والمجتمع الدولي مكافحة "الغزو غير القانوني" الذي يشنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتن على أوكرانيا. * ترامب يؤجج الإخفاقات الأمريكية رأى ساندرز أنه على الرغم من وعده بسياسة خارجية تحت شعار "أمريكا أولاً"، زاد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من حرب الطائرات بدون طيار "الدرونز" حول العالم، والتزم بإرسال المزيد من القوات إلى الشرق الأوسط وأفغانستان، وزاد من التوترات مع الصين وكوريا الشمالية، وكاد أن يدخل في حرب كارثية مع إيران. وقال ساندرز إنه "على الرغم من أن أسلوب ترامب في التعامل الذاتي والفساد كان جديدًا، إلا أن جذوره تعود إلى عقود من السياسة الأمريكية التي أعطت الأولوية للمصالح القصيرة الأجل والأحادية على حساب الجهود بعيدة المدى لبناء نظام عالمي قائم على القانون الدولي". * ما يتعين على واشنطن فعله ووفقا لساندرز، يتعين على الولاياتالمتحدة العمل على خفض الإنفاق العسكري المفرط ومطالبة الدول الأخرى بأن تحذو حذوها، وذلك في خضم التحديات البيئية والاقتصادية والصحية العامة الهائلة. وفي الوقت نفسه، يجب على واشنطن أن تتوقف عن تقويض المؤسسات الدولية عندما لا تتوافق أفعالها مع مصالحها السياسية على المدى القصير. ومن الأفضل لدول العالم أن تتناقش وتناقش خلافاتها بدلا من إسقاط القنابل أو الدخول في صراعات مسلحة. كما يتعين على الولاياتالمتحدة أن تدعم الأممالمتحدة من خلال دفع مستحقاتها، والمشاركة بشكل مباشر في إصلاح الأممالمتحدة، ودعم هيئات الأممالمتحدة مثل مجلس حقوق الإنسان. ويجب على الولاياتالمتحدة أن تنضم إلى المحكمة الجنائية الدولية بدلاً من مهاجمتها عندما تصدر أحكامًا ترى واشنطن أنها غير مريحة. كما يجب على واشنطن أن تستثمر في منظمة الصحة العالمية، وتعزز قدرتها على الاستجابة بسرعة للأوبئة. واستطرد ساندرز قائلا: "نظراً لهذه الإخفاقات، فقد مضى وقت طويل قبل أن نتمكن من إعادة توجيه السياسة الخارجية الأمريكية بشكل جذري. ويبدأ ذلك بالاعتراف بإخفاقات الإجماع بين الحزبين في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية ورسم رؤية جديدة تركز على حقوق الإنسان، والتعددية، والتضامن العالمي". * فوائد تحول السياسة الخارجية الأمريكية وشدد السيناتور ساندرز على أن الفوائد المترتبة على إجراء تحول في السياسة الخارجية الأمريكية ستفوق تكاليفها بكثير، فالدعم الأمريكي الأكثر اتساقا لحقوق الإنسان من شأنه أن يزيد من احتمالية أن يواجه الأشخاص السيئون العدالة. وتابع: كما أن زيادة الاستثمارات في التنمية الاقتصادية والمجتمع المدني ستنتشل الملايين من براثن الفقر وتعزز المؤسسات الديمقراطية، ودعم الولاياتالمتحدة لمعايير العمل الدولية العادلة من شأنه أن يرفع أجور الملايين من العمال الأمريكيين والمليارات من الناس في جميع أنحاء العالم. وأشار ساندرز إلى أن الأهم من ذلك كله، يجب على الولاياتالمتحدة أن تدرك أن قوتها كأمة لا تأتي من ثروتها أو قوتها العسكرية، بل من قيم الحرية والديمقراطية، مؤكدا أن أكبر التحديات في عصرنا، من تغير المناخ إلى الأوبئة العالمية، سوف تتطلب التعاون والتضامن والعمل الجماعي، وليس النزعة العسكرية.