نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد الكبير بالمحلة    جامعة قناة السويس تنظم تدريبًا لتأهيل طلابها لسوق العمل    مقارئ وندوات علم.. أوقاف جنوب سيناء تنفيذ البرنامج الصيفي للطفل داخل 60 مسجدا    الإسكان: زراعة 12 ألف شجرة مثمرة ضمن مبادرة الرئيس «اتحضر للأخضر» (صور)    محافظ أسيوط يوجه الإصلاح الزراعي بتكثيف منافذ السلع المتنقلة في الميادين    تكثيف أعمال النظافة بالوحدات المحلية بالزقازيق    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة بالأسواق (موقع رسمي)    مدير مستشفى كمال عدوان يحذر من كارثة تواجه شمال غزة    موقف وسام أبو علي من مباراة الأهلي والزمالك    وزيرة التضامن: استمرار عمل الخط الساخن لعلاج مرضى الإدمان خلال عيد الأضحى    إصابة 10 أشخاص في حريق عقار بالوراق    البوكس أوفيس لأفلام عيد الأضحى، ولاد رزق 3 وأهل الكهف واللعب مع العيال    يوم التروية في الحج.. أهم الأعمال المستحبة والمناسك    وزير الصحة يكلف بالالتزام بجداول نوبتجيات العيد للفرق الطبية والتعامل مع موجة الطقس الحار    وزيرة التخطيط تتابع خطوات إنشاء الصندوق السيادي لقطاع الصناعة    تشكيل ألمانيا المتوقع أمام أسكتلندا.. هافرتيز يقود الهجوم    الإسكان: بدء التجارب النهائية لتشغيل محطة الرميلة 4 شرق مطروح لتحلية مياه البحر    رئيس جامعة حلوان يهنئ السيسي بحلول عيد الأضحى المبارك    إخماد حريق داخل منزل فى العياط دون إصابات    32 ألف كادر طبى لخدمة الحجاج.. ومخيمات عازلة للضوء والحرارة    إصابة شخصين إثر انقلاب دراجة بخارية بالمنيا (أسماء)    وزيرة التضامن: استمرار عمل الخط الساخن لعلاج مرضى الإدمان خلال أيام عيد الأضحى    قصف إسرائيلي وسط بلدة الخيام جنوبي لبنان    القاهرة الإخبارية: استشهاد فلسطينى فى قصف لزوارق حربية إسرائيلية بخان يونس    المجر: «الناتو» يعمل على إنشاء 3 قواعد عسكرية ضخمة لإمداد أوكرانيا بالأسلحة    يوم التروية.. أفضل الأعمال المستحبة والأدعية المستجابة    الحجاج يرتدون ملابس الإحرام اليوم.. والبعثة الرسمية: حجاجنا بخير    أزهري يوضح موعد ذبح الأضحية.. والصيغة الصحيحة لتكبيرات العيد    الأغذية العالمي: موسم الأمطار يعرقل تقديم الدعم بالسودان    «غرفة أزمات مركزية».. خطة وزارة الصحة لتأمين احتفالات عيد الأضحى وعودة الحجاج    إجراء مهم من «هيئة الدواء» للتعامل مع نواقص الأدوية خلال عيد الأضحى    كاميرا القاهرة الإخبارية تنقل صورة حية لطواف الحجاج حول الكعبة.. فيديو    «لن نراعيه»| رئيس وكالة مكافحة المنشطات يُفجر مفاجأة جديدة بشأن أزمة رمضان صبحي    الجيش الأمريكى يعلن تدمير قاربى دورية وزورق مسير تابعة للحوثيين    الجيش الروسى يعلن إسقاط 87 طائرة مسيرة أوكرانية خلال 24 ساعة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 14-6-2024    صفارات الإنذار تدوي في كريات شمونة بسهل الحولة والجليل الأعلى شمالي إسرائيل    سعر الريال السعودي اليوم الجمعة 14 يونيو 2024 مقابل الجنيه المصري بالتزامن مع إجازة البنوك    إنبي: نحقق مكاسب مالية كبيرة من بيع اللاعبين.. وسنصعد ناشئين جدد هذا الموسم    هاني شنودة يُعلق على أزمة صفع عمرو دياب لمعجب.. ماذا قال؟    للمسافرين.. تعرف على مواعيد القطارات خلال عيد الأضحى    تنسيق مدارس البترول 2024 بعد مرحلة الإعدادية (الشروط والأماكن)    مصطفى فتحي يكشف حقيقة بكائه في مباراة سموحة وبيراميدز    باستعلام وتنزيل PDF.. اعرف نتائج الثالث المتوسط 2024    حاتم صلاح: فكرة عصابة الماكس جذبتني منذ اللحظة الأولى    سموحة يرد على أنباء التعاقد مع ثنائي الأهلي    طريقة عمل الفشة في خطوات سريعة قبل عيد الأضحى.. لذيذة وشهية    نجم الزمالك السابق: خلصنا مع أحمد ياسر ريان.. والتعاقد في هذا الموعد (فيديو)    الحركة الوطنية يفتتح ثلاث مقرات جديدة في الشرقية ويعقد مؤتمر جماهيري    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 14 يونيو: انتبه لخطواتك    هشام قاسم و«المصري اليوم»    محمد محمود عبد العزيز يحتفل بعيد ميلاد شقيقه    مودرن فيوتشر يكشف حقيقة انتقال جوناثان نجويم للأهلي    تحرك نووي أمريكي خلف الأسطول الروسي.. هل تقع الكارثة؟    يورو 2024| أصغر اللاعبين سنًا في بطولة الأمم الأوروبية.. «يامال» 16 عامًا يتصدر الترتيب    مستقبلي كان هيضيع واتفضحت في الجرايد، علي الحجار يروي أسوأ أزمة واجهها بسبب سميحة أيوب (فيديو)    وكيل صحة الإسماعيلية تهنئ العاملين بديوان عام المديرية بحلول عيد الأضحى المبارك    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 14 يونيو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صحيح أقلية لكنهم يسيطرون على اقتصادنا
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 04 - 2010

الشيخ محمد عبد العزيز إمام إحدى الزوايا بشارع توفيق جرجس بعين شمس، ومحفّظ للقرآن الكريم في دار للتحفيظ على الجانب الآخر من الشارع، فقد ختم المصحف الشريف في عامين، رغم أنه لم يدرس بالأزهر.
يعيش محمد منذ طفولته وسط زملاء دراسة وعمل من المسيحيين، لكنه يحتفظ بآرائه في "إمكانية التعايش" بين العقيدتين، ولا يتطرق لها أبدا في دروسه.
هنا يتحدث محمد بصراحة عن رأيه في شركاء الوطن، وعما يظن أنهم يعتقدونه تجاهه.
انتهي الشيخ محمد عبد العزيز من صلاة المغرب في مسجد الحرمين بشارع توفيق جرجس، وعبر الشارع في اتجاه دار الرشاد لتحفيظ القرآن، في الدور الأرضي بالعمارة التي يسكنها.
"المسيحيين مسيطرين على الحي".
عبارة صريحة يطلقها الشيخ محمد في بداية الحديث عن "التعايش في عين شمس"، فهو يعيش وسط جيران مسيحيين، "غير المحلات والمخابز، وبتاع السمك، والسوبر ماركت، والصيدلية".
لا ينكر عبد العزيز وجود محلات للمسلمين فى الحى، لكن "هم أكثر"، وأسماء المحلات والأيقونات والصليب في كل مكان تدل على أغلبيتهم.
يعيش الإمام الثلاثينى في عين شمس منذ كان عمره أربع سنوات، ونشأته هناك جعلت وجود المسيحيين حوله فى كل مكان وضع مألوف. خاصة وأنه لم يدرس فى الأزهر مثل والده، لذلك تعايش مع الطلاب المسيحيين في المدرسة الخاصة التي درس بها. وكان متفهما لفكرة الديانة المختلفة، "لما كانوا بيعزلوهم علشان حصة الدين".
يصف عبد العزيز جيرانه إنهم "ناس محترمة جدا، لكن قافلين على نفسهم"، مبررا عدم وجود أى علاقة تجمعهم، ولا حتى الزيارات المتبادلة. يقول إذا قابلهم "صباح الخير"، ويتعجب من ردهم عليه "وعليكم السلام". ولكنهم معذورون في رأيه، فهم لا يتوقعون من مسلم ملتح ينظرون له على "انه متشدد"، أن يلقي تحية الإسلام.
جذور التدين والتشدد
كان وقتها طالبا فى كلية التجارة عمره مازال 19 عاما، عندما شعر بولعه بالقرآن، واستطاع أن يختمه في عامين"الفتح القرآني هبة". وبدأ يؤم الناس للصلاة، في الزاوية الصغيرة، بشارع توفيق جرجس. واعتمد محفظا للقرآن بدار الشيخ الذي منحه إيجاز بالسند.
يبتسم محمد في أسف "شغلي يمنعني من الصلاة بالناس طوال اليوم". عمله كموظف في وزارة العدل يجعله يؤم الناس في صلاتي المغرب والعشاء فقط، "أما صلاة الجمعة فتكون من نصيب شيخ آخر أكبر مني سنا وعلما، لأنه يلقي الخطبة"، التي لم تتطرق ولا مرة إلى علاقة المسيحيين مع المسلمين.
تدين محمد نابع من البيت، فوالده الذي يعمل مديرا فى وزارة العدل أيضا. "متدين ومطلع". وله تأثير واضح عليه. فهو يتذكر مبتسما، كيف كان يتابع مع والده دروس الشيخ الشعراوي في التلفزيون ظهر أيام الجمعة.
يشعر عبد العزيز بحزن لأنه لم يدرس بالأزهر،"لو حد من المصلين سألني، وما عرفتش أجاوب، أرجع إلى كتب الفقه، التي لم أدرسها". وإن كان ينصح الجميع بإتباع الأيسر من الدين. دون النظر إلى مذهب بعينه. "لأن المصريين يتزوجون على مذهب الإمام أبو حنيفة، ويصلون على مذهب الإمام الشافعي".
يرفض التشدد "إلا فى موضع التشدد"، وبالنسبة له يكمن ذلك في المساس بالعقيدة. وهنا يخفض صوته مؤكدا فى صرامة "العقيدة الإسلامية يتم المساس بها بالفعل من قبل بعض المسيحيين في المنتديات المسيحية، والقنوات الفضائية. ويفسر ذلك بأن "دى ناس عندها جهل بالقرآن"، وهم لا يفهمون لغته. لذلك لا يفضل أن يشاهد المسلمون تلك المواقع أو القنوات، لأنه يتوقع أن المسلم المتشدد سيستثار.
أسباب للطائفية
عبد العزيز على يقين من وجود حملات تبشير فى مصر، "بتستغل حاجة الناس"، وتستهدف احتياجات النفس البشرية، و"الإغراءات بالمال أو السفر الى الخارج" والوعود كثيرة بحياة رغدة اذا تركوا الإسلام.
"الحملات دى تمويلها أجنبي"، يقولها عبد العزيز بصوت يصل إلى حد الهمس، ويشبهها بحملات نشر الدعوة الإسلامية التي تتم في جنوب إفريقيا وتمويلها يأتي من الخارج أيضا، لكن "مش عارف مصادر حقيقية أو دول بعينها بتمول الجبهتين".
رغم يقينه "أن المسيحيين في مصر قلة"، إلا أنهم في رأيه أغنياء، "مسيطرون على التجارة والاقتصاد في البلد". والقاعدة الراسخة بداخله أنهم يساعدون بعضهم، وهذا ليس غريبا على حد وصفه، "فاليهود رغم أنهم قلة إلا انهم مسيطرون على أمريكا و العالم".
العلاقة بين مسيحيي مصر والغرب، هى السبب الرئيسي من وجهة نظر عبد العزيز في تضخيم بعض الأحداث العادية، وإعطائها صبغة طائفية من أجل حصول المسيحيين على مزيد من الحقوق عن طريق تدخل أطراف أجنبية.
لذلك يفسر موقفهم بأنهم "بيحبوا يظهروا إنهم مش واخذين حقوقهم"، حتى تتدخل جهات منظمة من الخارج وتساعدهم، ولا يرى أي مبرر لإحساسهم بالاضطهاد، فهم فى رأيه "بياكلوا ويشربوا، وبيشتغلوا ويقبضوا، عايزين إيه تانى؟".
لديهم حرية فى الإعلان عن عقيدتهم بتعليق الصليب والأيقونات في العنق وعلى البيت والمحل، "وده مش من حقهم" طبقا لمعاهدة عمرو بن العاص مع أهل الذمة عندما فتح مصر. ويرى عبد العزيز أنه طبقا لما أقره الدستور المصري، إنهم "يعيشون في دولة إسلامية وهذا يجعلهم تابعا".
يتابع الإمام مستشهدا بأن "السعودية لا تسمح لهم بارتداء الصليب"، وتفرض على النساء المسيحيات الحجاب، في مناطق معينة، وهم في مصر يعيشون بحرية ويعلنون عن عقيدتهم و لا احد يمنعهم "ويقولوا مضطهدين؟".
إخوتي المسيحيون
يعتبر الشيخ محمد نفسه متابعا جيدا للقنوات الدينية، والمفضلة لديه هى قناة "الرحمة"، لأنها في رأيه تتسم بالوسطية ومعظم شيوخها "حرين مش خريجي أزهر"، وهو يفضل الشيخ محمد حسان و الدكتور شهاب الدين أبو زهو. أما خريجو الأزهر في رأيه فهم "متشددون".
علاقات محمد طيبة مع زملائه المسيحيين في العمل،
لكنها لا تتعدى الحدود المرسومة لها، " استحالة يعرف سرى". فعلى الرغم من أن صديقه المسيحى يرسل له تهنئة بكل الأعياد على هاتفه، إلا أن الشيخ يعتبر كل هذه محاولات ليظهر أنه "شخص كويس". ولكنه يرد له هذه التهنئة حتى لا يكون "المسيحي أحسن منى"، وتقتصر التهنئة على عيد الميلاد، ويوم رأس السنة فقط، لأن الإمام لا يعلم باقى الأعياد التي يحتفل بها أقباط مصر.
يحتفظ عبد العزيز بذكرى لا ينساها مع مديره المسيحي الأسبق، الذى علمه المحاسبة.
يبتسم: ما شفتش زيه لا مسلم ولا مسيحي.
قابله الشيخ في بداية تخرجه، كان مديره فى شركة محاسبة. "الراجل دا عايز يعلم اى حد حتى لو مش من دينه". وكان يثير إعجابه أنه يأكل معهم، على عكس عهده بالمسيحيين أنهم لا يحبون الأكل مع المسلمين "ولو عزمت علي مسيحي يقولك صايم".
لكن مديره الذي يراه مختلفا، كان يحترم أيضا مواعيد صلاة المسلمين، "شكيت أنه مسلم"، يتذكر عبد العزيز موقف دخولهم محل عصير قصب، يشغل قرآن، فأغمض الرجل المسيحي عينيه، وأخذ يهز رأسه منصتا بتمعن "وكأنه خشع".
وطفلتي المحجبة
محمد أب لطفلتين هما نور وعائشة، الكبيرة عمرها أربعة أعوام. يرفض احتمال أن تخالط إحداهما صديقة مسيحية، "العادات والتقاليد مختلفة، ممكن تتأثر بها، وما تلبسش حجاب مثلا"، والحجاب فريضة على المسلمة، أما الفتيات المسلمات غير المتحجبات، فهن فى رأيه "عاصيات جاهلات بفروض الدين."
الإمام الملتحى سيربى ابنتيه على إن "المسلم المفروض يحس أنه أحسن"، وليس صعبا أن نشرح للطفل أن لكل إنسان دينه "وما لناش دعوة بيه". ونقنعه الصغير بالمنطق "دى ناس عملت المسيح ربنا، هل يعقل ان نعبد بشرا؟". وبهذه التعاليم لا يخشى من مخالطة ابنتيه للزميلات المسيحيات فى المدرسة.
عبد العزيز ينظر إلى المسيحين على إنهم ليسوا مؤمنين، "ده مش كلامى"، وحجته آيات من القرآن فى سورة المائدة "لقد كفر الذين قالوا أن الله هو المسيح بن مريم".
سورة المائدة بها ثلاث مواقع تؤكد ذلك، هي الآيات 17، و72 و 73.
مع موعد آذان العشاء، يأتى صوت الأذان من الزاوية الصغيرة، يسرع عبد العزيز فى تفسير الآية القرآنية "كنتم خير امة أخرجت للناس"، على إنها تمنح المسلم شعورا طبيعيا انه الأفضل.
"الاحساس ده مش هيأثر بالسلب على المسيحين"، أو يشعرهم بتفرقة "طالما ان الاحساس ده لا يتحول الى سلوك".
وينطلق الشيخ سريعا ليؤم الناس إلى الصلاة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.