لم تحمل نتائج الانتخابات الرئاسية مفاجآت، فقد فاز الرئيس عبدالفتاح السيسى بفترة رئاسية جديدة بأغلبية ساحقة على جميع منافسيه، الذين لم يدر بذهن أى منهم أن بإمكانه تحقيق الفوز، بل كان الحديث الأيام الماضية يدور حول المرشح الذى سوف يأتى فى المرتبة الثانية، وقد جاء فيها السيد حازم عمر متقدما بفارق صغير على السيد فريد زهران، وقد أدارا كلاهما المعركة الانتخابية بشىء من الاتزان، وتركا تأثيرا، وحضورا سياسيا، يمكن البناء عليه، واستثماره حزبيا فى الانتخابات البرلمانية، ثم المحلية المأمولة، فى حين أن نتيجة الانتخابات بالنسبة للمرشح الدكتور عبدالسند يمامة كشفت حالة الترهل فى حزب الوفد، الذى كان ينبغى أن يكون فى ظروف أفضل فى هذه الانتخابات، فهو يمتلك اسما معروفا فى الشارع، وقديما نسبيا، وله مساحة حركة مؤسسية، لكن من الواضح أن الحملة الانتخابية لمرشحه كانت ضعيفة، ولم تلفت انتباه الجماهير. وقد كان إعادة انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسى، بأغلبية كبيرة، ومشاركة واسعة، مثار ارتياح، لأن كثيرا من التحديات التى يواجهها المجتمع داخليا وخارجيا تستدعى فى رأى كثيرين وجود رئيس قادم من قلب مؤسسات الدولة المصرية، ولديه خبرات فى الإدارة والحكم. والآن علينا أن نفكر فى المرحلة القادمة، التى تتسم بوجود تحديات أمنية كبيرة على الحدود الشرقية والغربية والجنوبية لمصر، مجتمعة ربما للمرة الأولى، وأيضا وجود أزمة اقتصادية، تتمثل فى زيادة أعباء الديون الخارجية، وتراجع قيمة الجنيه، وارتفاع معدلات التضخم، وتأثير الأزمات الدولية والإقليمية المتوالية على الاقتصاد. بالتأكيد يحتاج التعامل مع الوضع الاقتصادى إلى رؤية، وسياسات جديدة، ونظرة مختلفة، مثلما يحتاج الوضع السياسى إلى مواصلة جهود انفتاح المجال العام. فى السنوات الأخيرة، صدرت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وزاد التفاعل بين الحكومة والجمعيات الأهلية فى سياق مشروعات التنمية الكبرى ودعم حقوق الانسان، ومثل الحوار الوطنى مناسبة مهمة لإعادة الحوار بقوة بين مختلف القوى حول قضايا المستقبل، وجاءت مشاركة الأحزاب السياسية فى الانتخابات الرئاسية فرصة لتفعيل الحياة الحزبية، وهو ما يتطلب الاستمرار على هذا المسار، خاصة بعد أن استطاعت الدولة المصرية هزيمة الإرهاب، وعقدت انتخابات رئاسية دون وجود حالة طوارئ، ودون أن تشهد أى تجاوزات، الأمر الذى يعنى حتمية العمل بجدية على تحقيق مزيد من الانفتاح فى المجال العام، وفتح نوافذ المشاركة أمام قطاعات واسعة من المواطنين، ولاسيما الشباب. قد يكون من الضرورى الإسراع إلى عقد الانتخابات المحلية، وإعادة تشكيل المشهد السياسى بما يحمل وجوها جديدة فى مختلف المجالات، والاستمرار فى الحالة الإعلامية المنفتحة التى سادت إبان الحملات الانتخابية، والتى سمحت للجمهور العام بالاطلاع على آراء معارضين، وبيان وجهات نظر متباينة، وهى ضرورة لاستكمال البناء الديمقراطى، قبل حلول الاستحقاق الانتخابى البرلمانى، وكذلك الانتخابات المحلية. البناء على نتيجة الانتخابات الرئاسية مهم على المجال السياسى على نفس القدر من أهمية التعامل مع التحديات على المجال الاقتصادى.
