سالت المياه في الأودية التونسية بعد فترة طويلة من انحباس للأمطار، ما شكل تهديدا خطيرا للأمن المائي والغذائي للبلاد والأنشطة الزراعية. وشهدت أغلب الولايات في تونس هطولا للأمطار على مدى الأيام الثلاثة الأخيرة وبشكل متقطع خلال الأسبوع المنقضي، لينهي بذلك فترة امتدت لأشهر من شح في هطول الامطار. وتونس من بين الدول الأكثر تهديدا بندرة المياه في البحر الأبيض المتوسط بسبب حدة التغيرات المناخية. وعلى مدى الثماني سنوات الأخيرة شهدت البلاد حالة جفاف في سبع مواسم وحرائق في الغابات وتقلص في الانتاج الزراعي وصلت نسبته إلى 60% في مادة الحبوب الحيوية هذا العام مقارنة بالعام السابق. كما عرفت تونس هذا العام ارتفاعا قياسيا لدرجات الحرارة ناهزت الخمسين درجة في ذروة الصيف. وتسبب ذلك في تبخر كميات هائلة من مياه السدود التي وصلت طاقة استيعابها الى أدنى مستوياتها. ودفع ذلك السلطات إلى فرض نظام الحصص في إمدادات مياه الشرب عبر شبكة "الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه" المملوكة للدولة منذ مارس الماضي، في مسعى للتقشف في مخزونات المياه. ولكن الأمطار الأخيرة منحت قبلة الحياة للمزارعين وأعادت للمساحات الخضراء نضارتها، لا سيما في مناطق الشمال الغربي التي تستحوذ على أكبر نسبة من المساحات الزراعية والغابية. ويقول المزارع كمال شابو الذي يعمل في حقل ينتج خضروات ورقية في منطقة برج الطويل شمال العاصمة لوكالة (د.ب.أ): "كان موسما صعبا للغاية. اضطررنا لاستخدام الآبار لتوفير المياه. لكن من المهم ان نحافظ على تفاؤلنا". وتابع المزراع الخمسيني: "المساحات الزراعية تقلصت وليست كما في السابق. يجب العودة إلى الزراعة واستغلال هذه الأمطار. نأمل أن يكون هذا الموسم أفضل". ووفق بيانات محينة ل"المرصد التونسي للطقس والمناخ" زادت الايرادات المائية في السدود بنحو 40 مليون متر مكعب في خلال ثلاثة ايام الماضية ما رفع المخزون المائي في السدود إلى أكثر من 537 مليون متر مكعب حتى يوم 10 ديسمبر الجاري، مقابل حوالي 677 في نفس الفترة قبل عام. ويمثل المخزون الحالي من المياه في السدود 2ر23% من طاقة استيعابها الكاملة، وهي نسبة لا تزال بعيدة عن المعدلات الاعتيادية لكنها مرشحة وفق المرصد التونسي للارتفاع في خلال أيام مع وصول مياه الأودية إلى السدود ووسط توقعات من مصالح الرصد الجوي بهطول المزيد من الأمطار الأسبوع الجاري.