«كل يوم فى مصر بيطلب منى أدفع رشوة علشان أنجز اللى عايز أقوم به، بس برضه ما بدفعش»، على حد تعبير سميح ساويرس، رئيس مجلس إدارة أوراسكوم للتنمية والفنادق، للشروق، ومع ذلك فإنه يرى أن «مستوى الفساد فى مصر يعتبر منخفضا، وأن التقارير الدولية تعطى صورة غير دقيقة عن الواقع». ويستند ساويرس فى حكمه على مستوى الفساد محليا إلى أن «المقياس الأساسى الذى يمكن التقييم على أساسه هو ألا يصل الأمر لدرجة أنك لا تستطيع أن تعمل إلا بالإفساد أوباللجوء إلى الطرق الملتوية»، مشيرا إلى أنه «بالرغم من وجود فساد فى مصر إلا أنك تستطيع العمل دون اللجوء إليه». وكان تقرير مؤسسة الشفافية الدولية، حول نظام النزاهة فى مصر، الذى صدر الشهر الماضى، قد أظهر زيادة حالات الفساد فى مصر، كما ذكر تقرير لجنة الشفافية والموازنة، الذى صدر أيضا فى نفس الأسبوع، أن الجهاز الإدارى للدولة يفرزكل عام ما يزيد على 70 ألف قضية فساد إدارى ورشوة. والفساد أهم معوقات الاستثمار فى الدول الأفريقية، ومنها الكوميسا، على حد تأكيد جميع المشاركين فى ندوة «معوقات الاستثمار فى الكوميسا»، التى عُقدت خلال اليوم الثانى لملتقى الاستثمار لدول الكوميسا، الذى اختتم أعماله أمس فى شرم الشيخ. وفى هذا السياق، قال ساويرس، الذى لا يمتلك أى مشاريع فى الكوميسا، ل«الشروق»: «هناك دول أفريقية حاولت بذل مجهود كبير للعمل بها بدون فساد ولكنى لم أستطع، لأن من أكبر شخص فيها إلى أصغر فرد طلب منى دفع رشوة». وعليه نصح ساويرس المستثمر الذى يتطلع إلى الاستثمار فى أفريقيا «بعقد صفقاته مع الحكومة أوعلى الأقل ألا يلجأ إلى شراكة مع مستثمر محلى هناك، الذى ترتفع احتمالات لجوءه إلى دفع الرشاوى». مع ذلك «أنا عنيد وما زلت أريد الدخول إلى أفريقيا، بس مستنى لما تجيلى دعوة من أى دولة»، هكذا أظهر ساويرس اهتمامه بالاستثمار فى القارة السمراء. وتعد الأرض المعوق الثانى للاستثمار فى أفريقيا، «لقد ذهبت إلى بعض الدول الأفريقية، وأبديت اهتمامى للاستثمار هناك، ولكنى صُدمت من رد الفعل، فلم توجد جهة معينة مسئولة عن تحديد مساحة الأرض، التى يتم تخصيصها للمشروعات، فلا يوجد عندهم دفاتر للأصول والملكية»، هكذا روى ساويرس تجربته فى أفريقيا فيما يخص موضوع تخصيص الأراضى. وبالنسبة لمصر، فالوضع ليس أفضل حالا، من وجهة نظر ساويرس، الذى يرى أن «جميع دول العالم بتتقدم فى هذا المجال، واحنا بنتأخر فيه»، بحسب تعبيره, واستند ساويرس فى هذا إلى أن «هناك نغمة حكومية جديدة تقضى بتأجير الأراضى لمدد طويلة بدلا من بيعها»، مشيرا إلى أنه «ما دام موضوع الإيجار هو اللى هيبقى النظام الجديد، يبقى إحنا مش مهتمين، فأى مشروع يتطلب أرضا والحكومة هاتديهالنا بالإيجار، مش هاندخل فيه»، على حد تأكيد رجل الأعمال المصرى. ويظل التمويل أيضا عقبة رئيسية يواجهها من يرغب فى الاستثمار فى أفريقيا، ويقول أندريس كينلوش، مدير «جى.تى.زد» الأفريقية، لقد أظهر استطلاعا للرأى شمل مجموعة كبيرة من الشركات أن «أغلبية الشركات التى تتطلع إلى الاستثمار فى أفريقيا، ترى أن التمويل أهم معوق بالنسبة لهم». وأشار كينلوش إلى أن نسبة الائتمان البنكى من الناتج المحلى الإجمالى فى العديد من الدول الأفريقية يبلغ 14%، مقابل وصوله إلى 25% فى الدول الأقل نموا، «وإذا تمكننا من الوصول إلى نسبة ال25%، فهذا معناه أننا نستطيع جمع 70 مليار دولار إضافية لتمويل القطاع الخاص»، بحسب تقديره. إلا أن مصر لا تعانى من هذه المشكلة، تبعا لساويرس، «فالتمويل المحلى هايل»، على حد تعبيره، معتبرا أن «القطاع المصرفى فى مصر من الأنجح على مستوى الشرق الأوسط، أنا اشتغلت فى دول كثير وأستطيع أن أؤكد هذا الأمر». وإن كان من جهة أخرى مشكلة «تغيير قواعد اللعبة من أخطر المشكلات، التى تهدد الاستثمار فى مصر»، كما يرى ساويرس، «يعنى ما ينفعش المستثمر يدخل منطقة على أنها منطقة حرة، وبعدين يصحى من النوم الصبح يلاقيها ما بقتش منطقة حرة، أو إن الواحد يبقى متفق إنه هياخذ إغفاء لمدة كذا سنة، وبعدين الإعفاء يتلغى، الحكومة عندنا بتعمل الموضوع ده كتير أوى». كما أن البيروقراطية وتداخل جهات كثيرة فى إعطاء الموافقات، مع عدم وجود نظام محدد، مشكلة تؤرق ساويرس فى مصر، خاصة أنه «عائلة آل ساويرس بدل ما بيتعملهم ألف حساب، بيتعملهم ألف مشكلة، علشان الناس فاكرة إن العين علينا، فلو ماشولنا أى إجراءات، بيخافوا من شبهة المجاملة، بالإضافة إلى أن سمعتنا زى الزفت فى موضوع إننا ما بندفعش رشاوى، يعنى ما بيجيش من ورانا منفعة»، على حد تعبير رجل الأعمال المصرى، الذى إذا فكر فى تغيير مجاله سيكون أول شىء يفعله هو تعلم الموسيقى ليصبح عازف بيانو.