انخفاض أسعار الأضاحي قبل عيد الأضحى في أسواق الماشية المصرية    زراعة الشرقية تنظم ندوة عن التغذية الصحية والسعرات الحرارية    مساعد وزيرة التخطيط: تطور مؤسسي هائل بجنوب سيناء في الخدمات المقدمة للمواطنين وسرعة إنجازها    1300 أكاديمي إسرائيلي يطالبون نتنياهو بإنهاء الحرب على غزة    مشاهد رعب لسكان جنوب إيطاليا بعد وقوع 49 هزة أرضية (فيديو)    إستراليا ونيوزيلندا ترسلان طائرات إلى كاليدونيا الجديدة في ظل الاضطرابات    غدا.. وزير العمل يشارك كلمة في مؤتمر الحوار الأفريقي- الخليجي بالدوحة    محمد صلاح مرشح للتواجد ضمن فريق الموسم بالدوري الإنجليزي    صباح الكورة.. 7 لاعبين مهددون بالرحيل عن الهلال وبنزيما يقرر الرحيل عن اتحاد جدة وميسي يفاجئ تركي آل الشيخ    تعرف على موعد ميلاد هلال ذو الحجة ويوم استطلاع الرؤية    ضبط مستريح المواد الغذائية ببني سويف لقيامه بالنصب والاحتيال على المواطنين    القومي للمسرح يفتح باب الاشتراك في مسابقة المقال النقدي والدراسة، اعرف الشروط    لهذا السبب.. عباس أبو الحسن يتصدر تريند "جوجل" بالسعودية    وزير الأوقاف: نستهدف اكتشاف الأصوات الشابة المميزة في قراءة القرآن    4 عادات تعرضك للخطر عند الخروج من المنزل أثناء الموجة الحارة.. «ابتعد عنها»    سرطان الدم.. ما هو المرض الذي أصيبت قريبة الرئيس السوري؟    «الداخلية»: شرطة المرور تضبط 20042 مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    سقوط 3 عناصر إجرامية بحوزتهم 50 كيلو حشيش بالقاهرة والقليوبية    أخبار الأهلي : قلق داخل الأهلي قبل نهائي دوري أبطال أفريقيا    الموعد والقناة الناقلة لقمة اليد بين الأهلي والزمالك بدوري كرة اليد    حفل تأبين الدكتور أحمد فتحي سرور بحضور أسرته.. 21 صورة تكشف التفاصيل    لمواليد برج الحمل.. توقعات الأسبوع الأخير من مايو 2024 (تفاصيل)    أحمد الفيشاوي يحتفل بالعرض الأول لفيلمه «بنقدر ظروفك»    وزير التعليم: مدارس IPS الدولية حازت على ثقة المجتمع المصري    «الداخلية» تكشف حقيقة محاولة خطف طالب عقب اقتحام مدرسة بالقاهرة    بالتزامن مع فصل الصيف.. توجيهات عاجلة من وزير الصحة    في يومه العالمي.. طبيب يكشف فوائد الشاي    استعدادات مكثفة بجامعة سوهاج لبدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني    جامعة بنها تفوز بتمويل 13 مشروعا لتخرج الطلاب    الهجرة تعقد عددًا من الاجتماعات التنسيقية لوضع ضوابط السفر للفتيات المصريات    الثلاثاء 21 مايو 2024.. نشرة أسعار الأسماك اليوم بسوق العبور للجملة    تاريخ المسرح والسينما ضمن ورش أهل مصر لأطفال المحافظات الحدودية بالإسكندرية    «القومي للمرأة» يوضح حق المرأة في «الكد والسعاية»: تعويض عادل وتقدير شرعي    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الثلاثاء    أسعار الحديد اليوم الثلاثاء 21-5-2024 في أسواق محافظة قنا    طلب تحريات حول انتحار فتاة سودانية صماء بعين شمس    محافظ أسوان: توريد 225 ألفًا و427 طنًا من القمح حتى الآن    "صحة مطروح" تدفع بقافلة طبية مجانية لمنطقة أبو غليلة    لجان البرلمان تواصل مناقشة مشروع الموازنة.. التموين والطيران والهجرة وهيئة سلامة الغذاء الأبرز    داعية إسلامي: الحقد والحسد أمراض حذرنا منها الإسلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-5-2024    وزير الصحة يوجه بسرعة الانتهاء من تطبيق الميكنة بكافة المنشآت الطبية التابعة للوزارة    مبعوث أممي يدعو إلى استئناف المحادثات بين إسرائيل وحماس    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 49570 جنديًا منذ بداية الحرب    حسم اللقب أم اللجوء للمواجهة الثالثة.. موعد قمة الأهلي والزمالك في نهائي دوري اليد    بشير التابعي: معين الشعباني لم يكن يتوقع الهجوم الكاسح للزمالك على نهضة بركان    ضياء السيد: مواجهة الأهلي والترجي صعبة.. وتجديد عقد معلول "موقف معتاد"    الحماية المدنية تخمد حريق هائل داخل مخزن بمنشأة القناطر (صور)    مندوب فلسطين أمام مجلس الأمن: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات إلى غزة لتجويع القطاع    مارك فوتا يكشف أسباب تراجع أداء اللاعبين المصريين في الوقت الحالي    الطيران المسيّر الإسرائيلي يستهدف دراجة نارية في قضاء صور جنوب لبنان    منافسة أوبن أيه آي وجوجل في مجال الذكاء الاصطناعي    «سلومة» يعقد اجتماعًا مع مسئولي الملاعب لسرعة الانتهاء من أعمال الصيانة    الأنبا إرميا يرد على «تكوين»: نرفض إنكار السنة المشرفة    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    حدث بالفن| حادث عباس أبوالحسن وحالة جلال الزكي وأزمة نانسي عجرم    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يعرف المصريين أكثر ويعرفونه: البرادعى وقيادات المعارضة أم قيادات الحزب الحاكم؟
نشر في الشروق الجديد يوم 12 - 04 - 2010

اتخذ، ولايزال، هجوم الحزب الوطنى الحاكم ومؤيديه على الدكتور محمد البرادعى أشكالا وصورا كثيرة واستند إلى حجج وذرائع أكثر، إلا أن هدفه النهائى والأول ظل ثابتا لا يتغير، وهو إثبات أن الرجل، وغيره أيضا من المعارضين الآخرين، لا يملك أدنى المقومات التى تمكنه من أن يتولى منصب رئيس الجمهورية. وقد استفاضت قيادات وكتاب ومريدو الحزب الحاكم فى ذكر هذه المقومات المفقودة بالنسبة للدكتور البرادعى وغيره من المعارضين المحتمل ترشيحهم لرئاسة الجمهورية، ومنها عدم تمرسهم فى إدارة الحكم والدولة مما يحرمهم من الخبرة اللازمة لمن يتولى منصب رئيس الجمهورية وكذلك جهلهم الكامل بعموم المصريين وما يحتاجون إليه ويطالبون به لتحسين أحوالهم الاجتماعية والسياسية مما يحرمهم من أى قدرة على تمثيل أغلبيتهم والتعبير عنهم.
إلا أن أكثر المقومات التى يزعم قادة وكتاب ومريدو الحزب الوطنى أن الدكتور البرادعى وكل قيادات ورموز المعارضة عموما يفتقدونها هى عدم معرفة غالبية المصريين لهم وانفصالهم الكامل عنهم، الأمر الذى يحرمهم من أى إمكانية للتمتع بالشعبية الكافية لامتلاك الحد الأدنى من الشرعية السياسية الضرورية لكل من يحلم أو يرغب فى تولى موقع قيادى فى الدولة أو فى الساحة السياسية عموما.
ومن الواضح أن قادة وكتاب ومريدى الحزب الحاكم الذين راحوا يتفننون فى ترديد هذا الخطاب وترويجه وإعادة صياغته بنفس المضامين خلال العقود الثلاثة الماضية التى هيمنوا فيها على مصر كلها، لم ينتبهوا إلى التناقضات الحادة التى يحملها خطابهم مع الواقع ولا إلى المآزق العملية الخطيرة التى يضعهم فيها وحزبهم ذلك الخطاب والمنطق المعوج الذى يقف وراءه.
ولعل أول وأبرز هذه التناقضات والمآزق هو تلك المعانى التى يمكن الخروج بها عند مقارنة مزاعم هذا الخطاب حول قصور خبرات وقدرات قيادات المعارضة وفى مقدمتهم اليوم الدكتور محمد البرادعى عن ما هو مطلوب لقيادة البلاد وعدم معرفة المصريين بهم، مع ما تؤكده مؤشرات كثيرة من أن الأخير أصبح يتمتع بشعبية كبيرة آخذة فى التصاعد والاتساع بين المصريين يوما بعد آخر.
فأول تلك المعانى هو أن من يزعمون التعبير عن أغلبية المصريين والحكم باسمهم والهيمنة بهذه الحجة على كل أحوالهم، لا يعرفون فى حقيقة الأمر شيئا عنهم ولا عما يحدث من تغييرات مهمة بداخل عقولهم وفى أوضاع حياتهم وتوجهات فئاتهم وطبقاتهم. فالحزب بهذا المعنى غائب عن الجماهير التى يباهى جميع خصومه بأنه الوحيد الذى يعرفها ويمتلك أصوات وقلوب أغلبيتها الساحقة، وبات بذلك هو الذى لا يعرفها وهو الغريب عنها وليس خصومه الذين لم يتوقف قادته وكتابه ومريدوه عن الهجوم عليهم «ومعايرتهم» بغيابهم عن الجماهير وغياب الجماهير عنهم. أى أن الحزب الحاكم بذلك وبنفس المنطق الذى يهاجم به قادته وكتابه ومؤيدوه الدكتور البرادعى وحركات وقيادات المعارضة الأخرى، هو أيضا لا يملك ما يؤهله لحكم البلاد والهيمنة على كل شئون أبنائها نظرا لغيابه التام وانقطاعه شبه الكامل عن عموم المصريين.
وهنا يظهر معنى ثان خطير للتناقض بين ما يزعمه مؤيدو الحزب الوطنى وحكومته حول عدم معرفة المصريين بقيادات المعارضة عموما والدكتور البرادعى خصوصا، وبين تفاصيل الواقع العملى الذى يظهر تصاعدا يوميا فى شعبية الرجل بين مختلف الفئات الاجتماعية والسياسية المصرية. فبحسب منطق الحزب الوطنى ورجاله، أن يضطر المصريون إلى منح تأييدهم المتصاعد لرجل لا يعرفونه عن قرب أو حتى عن بعد ولا يعرف هو بدوره عنهم شيئا حيث قضى أكثر من نصف عمره بعيدا عنهم فى بلاد بعيدة ومؤسسات أجنبية، فهذا لا تفسير له سوى أمر واحد وهو أنهم هم الذين أوصلوا هؤلاء المصريين إلى آخر احتمالهم لهيمنة الحزب الوطنى لهم ولسيطرته على كل أحوالهم وشئونهم وأنهم باتوا غير قادرين ولا راغبين فى استمرار هذا الحكم وتلك السيطرة إلى درجة أنهم اندفعوا لتأييد أول رجل بدا لهم قادرا على تخليصهم من معاناتهم هذه بدون أن يكونوا على سابق معرفة به ولا كان هو أيضا مختلطا بهم ويعيش بينهم. أى أن مجرد تأييد قطاعات واسعة من المصريين للدكتور البرادعى لكى يحل محل زعيم الحزب الوطنى فى منصب رئاسة الجمهورية وهو الرجل الذى لا شعبية له بحسب مزاعم قيادات الوطنى وكتابه ومريديه، هو الدليل الرئيسى والأخير على الفشل التاريخى والنهائى لهذا الحزب وكل قياداته وسياساته.
أما ثالث المعانى فهو يأتى من قلب قيادات الوطنى التى تقود اليوم وتحرك عن بعد وعن قرب حملات كتابه ومريديه على رموز المعارضة المصرية وآخرهم الدكتور البرادعى، وتتهم جميعا بأنهم بعيدون عن المصريين منفصلون عنهم لا يعرفونهم ولا يعرفهم هؤلاء المصريون. فالحقيقة هى أن البعيد الحقيقى والمنفصل الفعلى والجاهل العميق بأحوال المصريين شعبا ونخبة هم هؤلاء القيادات وبخاصة الجديدة بداخل الحزب الوطنى الحاكم والتى تهيمن اليوم على معظم مقدراته انطلاقا من معقلها الرئيسى أمانة السياسات التى يقودها السيد جمال مبارك نجل الرئيس والأمين العام المساعد لهذا الحزب. وإذا كان ادعاء قيادات الوطنى وهذه الأمانة وكتابهم ومريديهم على رموز المعارضة وقياداتها بأنهم لا يعرفون المصريين ولا يعرفهم المصريون، فمن المستحسن أن نحدد بدقة أكثر ماذا يقصد بهؤلاء المصريين، حتى نستطيع التعرف على طبيعة علاقة قيادات الحزب الحاكم بهم مقارنة بقيادات المعارضة. فالمصريون ينقسمون، ككل الشعوب، إلى نخب ضيقة متنوعة الانتماء الاجتماعى والمهنى والسياسى، وجماهير واسعة تتفرق بدورها بين طبقات وفئات اجتماعية وتيارات سياسية مختلفة.
ولنر معا كيف هى علاقة قيادات الحزب الحاكم الواقعية خلال السنوات العشر الأخيرة على الأقل بهاتين الفئتين الرئيسيتين من المصريين الذين يزعمون التعبير عنهم وتمثيلهم بكامل رضائهم. فرئيس الحزب الرئيس مبارك يقوم بالفعل بزيارات ميدانية لعديد من المحافظات المصرية حيث من المفترض أن يلتقى فيها بعموم المصريين وقطاع من نخبهم هناك، والواقع الذى يعرفه الجميع هو أن المعايير الأمنية وحدها هى التى تطبق فى تلك الزيارات بما يحول معظمها إلى لقاءات «سابقة التجهيز» سواء فيما يخص حاضريها ممن يزعم تمثيلهم لعموم المصريين أو ممن يزعم انتماءهم لنخبهم، أو سواء فيما يخص جدول أعمالها وما يدور فيها من مناقشات ويطرح من أسئلة، كلها محددة مسبقا من مختلف الأجهزة الأمنية والحزبية والحكومية التى يقف على رأسها الحزب الحاكم.
أما عن النخب المختلفة وبخاصة السياسية منها، فإن الرئيس يكتفى عادة بخطاباته التقليدية فى مجلسى الشعب والشورى ومؤتمرات حزبه السنوية لكى يتحدث إلى هذه القطاعات دون أن يسمع منهم كلمة واحدة سوى الهتاف له وتأييد كل سياساته وقراراته. ولم يعرف قط عن الرئيس، رئيس الجمهورية ورئيس الحزب الحاكم، أنه التقى خلال السنوات الأخيرة بأى من القيادات المعارضة له ولحزبه وفى مقدمتهم هؤلاء الذين يقودون الأحزاب السياسية الشرعية التى لا يتوقف قادة الحزب الحاكم عن التباهى بوجودها ودورها فى بناء الديمقراطية فى مصر، ولن نتحدث بالقطع عن قيادات الجماعات والأحزاب «المحظورة» من إخوان مسلمين ويساريين وحزب الكرامة الناصرى والوسط الإسلامى. فكيف يمكن بعد ذلك أن يزعم أحد من قيادات الوطنى وكتابه ومريديه بأن الرئيس يعرف المصريين أكثر من البرادعى وغيره من قيادات المعارضة؟
ونذهب بعد الرئيس إلى الأمين العام للحزب، أى السيد صفوت الشريف، لكى نكتشف أنه يسير على عكس اتجاه الرئيس فى مقابلاته، حيث يقابل بحكم منصبه كرئيس لمجلس الشورى ولجنة شئون الأحزاب والمجلس الأعلى للصحافة بعض قيادات المعارضة، وبالطبع ليس من بينهم المحظورون والمحجوبون عن الشرعية، إلا أنه لم يعرف عنه خلال السنوات التى خلت أى لقاءات مع عموم المصريين سواء فى القاهرة أو فى المحافظات.
ويأتى بعد ذلك مؤسس الفكر الجديد وقائد أمانة السياسات السيد جمال مبارك ومعه صديقه وحليفه المهندس أحمد عز، أمين التنظيم، لكى نكتشف أن المرشح لرئاسة مصر حسب تصوراته وبعض أصدقائه لم يسبق له فى أى لحظة منذ ظهور عام 2002 أن قابل رمزا أو قائدا سياسيا معارضا ولم يلتق بقطاعات من عموم المصريين فى جولاته الميدانية بالمحافظات سوى بنفس الطريقة الأمنية الإدارية التى يقابلهم بها والده الرئيس.
وهنا تكون الأسئلة الثلاثة: الأول، هل يعرف من يرشح نفسه وأصدقاؤه لوراثة المقعد الرئاسى مصر وشعبها ونخبتها بالقدر الذى يكفيه لحكمها؟ والثانى، هل تزيد معرفة نجل الرئيس لمصر كثيرا عن المستوى الذى يُتهم به أصدقاؤه ومرؤوسوه قيادات المعارضة ورموزها وفى مقدمتهم الدكتور البرادعى؟ والثالث، هل يعنى تجاهل نجل الرئيس مرشح نفسه وأصدقاؤه للتوريث والأمين العام المساعد للحزب الحاكم لكل قيادات الأحزاب المعارضة الشرعية التى من المفترض أن يتعامل معها بحكم موقعه الحزبى. إنه لا يشعر بوجودها ولا بالحاجة إليها، مكتفيا بحزبه وجهاز الدولة الذى يستند إليه فى كل تحركاته؟
ننتظر أى إجابة لأى من هذه الأسئلة ممن يملكها أو يستطيع التصريح بها من قيادات الحزب الحاكم وكتابه ومريديه.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.