انطلقت منذ قليل، أعمال الدورة ال112 للمجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي على المستوى الوزاري برئاسة اليمن وبحضور الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط و بمشاركة وفود الدول العربية. ويتصدر جدول أعمال الدورة الإعداد لمشروع جدول أعمال القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في دورتها الخامسة المقرر عقدها بنواكشوط يومي 6 و7 نوفمبر المقبل. من جانبه، قال وزير المالية في موريتانيا، اسلم محمد مبادي ان هناك أهمية قصوى لعمال القمة التنموية القادمة، مؤكدا على حرص بلاده ان تتوفر لها جميع اسباب النجاح للخروج بتوصيات تتناسب مع تطلعات الشعوب العربية. وأشار مبادي خلال كلمته لترأس بلاده رئاسة الدورة 111 للقمة التنموية السابقة، موجها الشكر لكل من ساهم في إنجاح هذه الدورة. ثم أعلن عن تسليم الرئاسة لمحمد محمد حزام الأشول وزير الصناعة و التجارة في اليمن، الذي من جانبه تقدم في البداية بالشكر لموريتانيا وجهودها خلال الدورة السابقة وأيضا للأمين العام لجامعة الدول العربية لما لمسوه من حرص تام من قبل سيادته على انجاح أعمال المجلس بحرفية و دقة و تنظيم بما اسفر عن نتائج تخدم العمل العربي المشترك. وأشار خلال كلمته لترحيب بلاده مشاركة الوفد السوري ضمن أعمال المجلس الاقتصادي والاجتماعي في دورته ال112. وأضاف أن هذا الاجتماع يأتى في ظروف صعبة حتى أنه لم تكن بعد الدول العربية قد شفت من جراحها الداخلية حتى جاءت التحديات العالمية، وهو ما استوجب تكثيف الجهود لاحلال السلام. و تابع: "يقدم اجتماع اليوم صورة تعكس إلتزام الدول العربية الأعضاء لمجابهة كافة التحديات، معربا عن آمله ان تحقق الدورة 112 النجاح و تحقق جميع الطلعات للخروج برؤية شاملة لصالح العمل العربي المشترك. من جانبه، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط في كلمته :" نفتتح اليوم أعمال الدورة الثانية عشرة بعد المائة لهذا المجلس، ونُتمّم معها العام السبعين لانطلاق أولى جلساته، حيث استطاع مع توالي دوراته عبر العقود الماضية أن يُحقّق إنجازات عربية راسخة وضعت علامات مضيئة في مسيرة العمل العربي المشترك. وأشار لاضطلاع المجلس الاقتصادي والاجتماعي وفقاً لأحكام نظامه الداخلي، بمسئولية إدارة كافة الملفات الاقتصادية والاجتماعية للعمل العربي المشترك، وكذلك الإشراف على الأجهزة العاملة في هذا الإطار، وهي مسئولية تعاظمت مع تشابك الملفات وتوسع أجندة المجالس الوزارية وتزايد نشاط المنظمات المتخصصة العاملة في نطاق جامعة الدول العربية، وتعدد المجالات التي تتعامل معها، مؤكدا على تمكن المجلس ، وبفضل إرادة دوله وتفاني القائمين على أمانته، من الاضطلاع بهذه المسؤولية بكل جدارة واقتدار. وتابع: " لقد نجح هذا المجلس، بفضل تطور أدائه عبر مراحل متعاقبة، في التوصل إلى توافقات عربية هامة في مختلف المجالات الاستراتيجية التي تتعلق بصالح البلدان العربية ومصالح شعوبها، وأصدر عددا كبيرا من القرارات التي هدفت إلى المحافظة على ثوابت الأمن القومي العربي، وصيانة ركائزه الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، مشيرا لاكتساب توقيت انعقاد هذا المجلس أهمية خاصة، فهو يأتي قُبيل موعد عقد القمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية في دورتها الخامسة، والتي ستستضيفها موريتانيا كما أوضح إن هذه القمة ستكون آخر قمة تنموية تنعقد وفقا للنظام المعمول به، وذلك قبل بدء تطبيق قرار تزامن انعقاد القمتين العادية والتنموية. وأكد انه من المهم أن يتم الإعداد والتحضير الجيد لانعقاد تلك القمة التنموية، وحتى تخرج بنتائج وقرارات تقدّم إضافة جديدة في مسيرة التنمية والتحديث في كافة ربوع الوطن العربي، مشيرا لارساله وفداً رفيع المستوى إلى موريتانيا، مطلع هذا الشهر؛ وذلك بهدف الوقوف على الترتيبات الموضوعية واللوجستية الخاصة بالتحضير لعقد القمة، وقد عقد الوفدُ لقاءاتٍ هامة مع المسؤولين الموريتانيين، وفي مقدمتهم وزير الخارجية ووزير الاقتصاد والتنمية المستدامة، بالإضافة إلى كبار المسئولين المعنيين بالإعداد للقمة. و أضاف:" لقد أعدت الأمانة العامة تقريراً مُفصّلاً، تجدونه معروضاً أمام المجلس، يشمل مذكرات شارحة للموضوعات المُدرجة في مشروع جدول أعمال القمة التنموية في دورتها الخامسة، والتي تتمحور أعمالها حول الأمن الغذائي العربي، تلك القضية المحورية والمصيرية التي تندرج تحت الأمن القومي العربي بمفهومه الواسع. وأكد أن ملف الأمن الغذائي أصبح مطروحاً بقوة وإلحاح على الأجندة الدولية والعربية، لا سيما في ضوء معطياتٍ مُقلقة تتعلق بتجارة الحبوب، وسلاسل إمدادها، على خلفية الحرب في أوكرانيا، فضلاً عن مؤشراتٍ أخرى مُقلقة تتعلق بتأثير التغير المناخي على حالة الأمن الغذائي في العديد من الدول، ومن بينها دول عربية. كما أوضح أن الأمن الغذائي أصبح يرتبط على نحو مباشر باستقرار المجتمعات، وهو ركيزة مهمة لمفهوم الأمن القومي العربي بمعناه الشامل، وقد بات التعاون والتكامل العربي في هذا المضمار مطلباً مُلحاً، وضرورة تفرضها الظروف المُستجدة، وليس رفاهية أو هدفاً قابلاً للتأجيل. و أشار في هذا السياق، للمبادرة، التي قام بإطلاقها من أجل دعم جهود إنقاذ الموسم الزراعي في السودان، بالتعاون مع المنظمة العربية للتنمية الزراعية، وذلك لتخفيف الأعباء الناجمة عن النزاع والتي تهدد بانتشار الجوع والنزوح على نطاق واسع في هذا البلد الشقيق. وأكد أبو الغيط أن اجتماع اليوم ينظر أيضاً من بين بنود جدول أعماله في العديد من الموضوعات المهمة ذات الصلة، ومن بينها سُبل تقديم الدعم للاقتصاد الفلسطيني في ظل الصعوبات تواجهه جرّاء ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، فضلاً عن تقديم الدعم والمساندة للشعب الفلسطيني في مجابهة التحديات المالية والعقوبات الاقتصادية الجائرة المُمارسة ضده. واشار للأزمات التي مرّت بها المنطقة العربية والعالم أجمع خلال الفترة القليلة الماضية، والتي قد أنتجت ظروفاً استثنائية لا تزال الدول العربية تعيش تحت وطأتها، وتستقي منها الدروس والعِبر وفي مقدمتها ضرورة التعاون المشترك والتكاتف لتخطيها بأقل الأضرار،مشيرا أيضا إن للظروف الاستثنائية التي تقتضي تقديم دعم مضاعف للمنظمات العربية المتخصصة في ضوء الدور المحوري الذي تضطلع به باعتبارها الأذرع التنفيذية لمنظومة العمل العربي المشترك من خلال اقتراح المبادرات وتنفيذ الاستراتيجيات. وشدد على أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي يظل الجهة العُليا المنوط بها الإشراف على حُسن قيام تلك المنظمات بمهامها المُبيّنة في مواثيقها، فإن الأمر يتطلب دعم المجلس لها، بما يحقق النتائج المرجوة من إنشائها، ويدفع قُدماً بفاعلية آليات عمل المنظومة العربية.