قبل انطلاقها، الخريطة الزمنية لامتحانات نهاية العام 2024 بالجيزة    أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 7 مايو 2024 في مصر    بدء تلقي طلبات التصالح في مخالفات البناء الجديد بالمراكز التكنولوجية بكفر الشيخ    أسعار الخضار والفاكهة اليوم الثلاثاء 7-5-2024 داخل سوق العبور    بنمو 77%.. أرباح «الإسكندرية للأدوية» تقارب 192 مليون جنيه في 9 أشهر    تنظيم 90 قافلة طبية وعلاج 71 ألف حالة ضمن مبادرة حياة كريمة بالجامعات    الدول العربية تستحوذ على 55% من صادرات الصناعات الغذائية المصرية خلال الربع الأول    برلماني يطالب المجتمع الدولي بالتحرك لمنع كارثة إنسانية جديدة في رفح    زعيم المعارضة الإسرائيلي: على نتنياهو إنجاز صفقة التبادل.. وسأضمن له منع انهيار حكومته    حرب غزة.. آخر تطورات جهود مصر للتوصل إلى هدنة ووقف إطلاق النار وتبادل الأسرى    رويترز: جيش الإحتلال الإسرائيلي يسيطر على معبر رفح الفلسطيني    الأهلي يلتقي الاتحاد السكندري الليلة فى الدوري    بث مباشر مباراة الأهلي والاتحاد السكندري بالدوري    عبد الجليل: استمرارية الانتصارات مهمة للزمالك في الموسم الحالي    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء في الدوري المصري والبطولات العالمية    طقس مصر اليوم ربيعي على أغلب الأنحاء والعظمى في القاهرة 28 درجة    زوج الأم كلمة السر.. دماء بمنطقة حساسة تكشف انتهاك جسد صغير بولاق الدكرور    بالصور.. حريق هائل يلتهم مخزن قطن و4 منازل بقيسارية سوهاج    تي شيرتات عليها صورة جانيت السودانية أمام محكمة التجمع    زحام مروري بشوارع القاهرة والجيزة ( فيديو)    مصرع سيدة أربعينية أسفل عجلات قطار المنيا    كواليس كوميدية تجمع أبطال مسلسل لعبة حب    اليوم.. مجلس النواب يناقش حساب ختامي موازنة 2022/2023    أسعار الأسمنت اليوم الثلاثاء 7 - 5 - 2024 في الأسواق    ماذا نعرف عن مدينة رفح التي تهدد إسرائيل باجتياحها عسكرياً؟    إصابة الملك تشارلز بالسرطان تخيم على الذكرى الأولى لتوليه عرش بريطانيا| صور    ميدو: الزمالك رفض التعاقد مع علي معلول    الزراعة: 35 ألف زائر توافدوا على حدائق الحيوان والأسماك في شم النسيم    الجيش الإسرائيلي: تم إجلاء الغالبية العظمى من السكان في منطقة العمليات العسكرية شرقي رفح    Bad Bunny وSTRAY KIDS، أفضل 10 إطلالات للنجوم بحفل الميت جالا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 7-5-2024    هل يجوز أداء سنة الظهر القبلية أربع ركعات متصلة.. مجدي عاشور يوضح    صدق أو لاتصدق.. الكبد يستعد للطعام عندما تراه العين أو يشمه الأنف    ياسمين عبد العزيز:" عملت عملية علشان أقدر أحمل من العوضي"    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الثلاثاء 7 مايو 2024    صدقي صخر: تعرضت لصدمات في حياتي خلتني أروح لدكتور نفسي    شبانة: هناك أزمة قادمة بعد استفسار المصري بشأن شروط المشاركة في بطولات افريقيا    رامي صبري يحيي واحدة من أقوى حفلاته في العبور بمناسبة شم النسيم (صور)    كريم شحاتة: كثرة النجوم وراء عدم التوفيق في البنك الأهلي    أمين البحوث الإسلامية: أهل الإيمان محصنون ضد أى دعوة    صدقي صخر يكشف مواصفات فتاة أحلامه: نفسي يبقى عندي عيلة    صليت استخارة.. ياسمين عبد العزيز تكشف عن نيتها في الرجوع للعوضي |شاهد    اللواء سيد الجابري: مصر مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم الممكنة للفلسطينيين    الدوري الإنجليزي، مانشستر يونايتد يحقق أكبر عدد هزائم في موسم واحد لأول مرة في تاريخه    فرح حبايبك وأصحابك: أروع رسائل التهنئة بمناسبة قدوم عيد الأضحى المبارك 2024    إبراهيم عيسى: لو 30 يونيو اتكرر 30 مرة الشعب هيختار نفس القرار    الأوقاف تعلن افتتاح 21 مسجدا الجمعة القادمة    ب800 جنيه بعد الزيادة.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي الجديدة وكيفية تجديدها من البيت    "يا ليلة العيد آنستينا وجددتي الأمل فينا".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 وأجمل عبارات التهنئة بالعيد    يوسف الحسيني: إبراهيم العرجاني له دور وطني لا ينسى    ياسمين عبد العزيز تكشف ل«صاحبة السعادة» سبب طلاقها من أحمد العوضي    هل يحصل الصغار على ثواب العبادة قبل البلوغ؟ دار الإفتاء ترد    رغم إنشاء مدينة السيسي والاحتفالات باتحاد القبائل… تجديد حبس أهالي سيناء المطالبين بحق العودة    بعد الفسيخ والرنجة.. 7 مشروبات لتنظيف جسمك من السموم    للحفاظ عليها، نصائح هامة قبل تخزين الملابس الشتوية    كيفية صنع الأرز باللبن.. طريقة سهلة    أستاذ قانون جنائي: ما حدث مع الدكتور حسام موافي مشين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزواج والطلاق فى مصر
نشر في الشروق الجديد يوم 14 - 07 - 2023

من الواضح أن معدلات الطلاق فى مصر تتزايد بصورة ملحوظة فى الآونة الأخيرة، وكان الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء قد وثق عددا من المؤشرات بيّنت ارتفاع حالات الطلاق بنسبة 14.7% أخيرا خلال عام واحد، وهذه نسبة غير مسبوقة. ترى ما هى أسباب الطلاق وكيفية تفاديها؟!
نرى أن عدم التكيف والتأقلم مع الطرف الآخر هو المشكلة التى كثيرا ما تحدث بين الأزواج وذلك عندما يقرر أى من الطرفين أنه ليس لديه استعداد للتغيير من عاداته أو طباعه فى الطعام والشراب والملابس أو الصرف بشكل عام أو التعامل مع الآخرين... إلخ، وهذا ضد فكرة الزواج الأساسية التى تأتى بفردين من بيئتين مختلفتين وآراء واتجاهات خاصة وتطلب منهما الانسجام والتفاهم والتأقلم، ومن لا يكون لديه النية للتأقلم والتكيّف فمن المؤكد أن زواجه سيتعثر، حيث إن الصفات المشتركة بين الزوجين هى التى تقلل الفجوة بينهما.
إن التعاليم الدينية التى تقدمها الكتب المقدسة تقدس فكرة الزواج وتعامل كل طرف برحمة وحب مع الطرف الآخر لكن الازدواجية الدينية جعلت التدين شكليا بل ويعتمد أحيانا على المظاهر سواء للمسلمين أو المسيحيين من الجنسين دون انعكاس ذلك على السلوك الفعلى للفرد.
ولا شك أن الحوار مع الاحترام يشكّل جوهر العلاقة الزوجية الناجحة، ونجد ذلك فى وصية الحكيم آنى فى مصرنا القديمة لابنه «لا تصدر أوامر كثيرة إلى زوجتك فى منزلها، إذا كنت تعلم أنها امرأة ماهرة فى عملها، لا تسألها عن شىء أين موضعه، ولا تقل احضريه، إذا كانت قد وضعته فى مكانه المعتاد. لاحظ بعينيك واصمت حتى تدرك محاسنها، يا لها من سعادة عندما تضم يدك إلى يدها. تعلم كيف تدرئ أسباب الشقاق فى بيتك، ولا يوجد مبرر لخلق نزاعات فى المنزل، كل رجل قادر على أن يتجنب إثارة الخلاف فى بيته، وذلك إذا تحكم سريعا فى نزعات نفسه». كما أن عدم الحوار مع الطرف الآخر يسبب مشاكل لا حدود لها، وسوء العلاقات بين الآباء والأمهات وأولادهم وسوء علاقات الأقارب مع بعضهم البعض يصنع شرخا قد يؤدى إلى الطلاق.
• • •
إن مفهوم الزواج يعنى اتخاذ قرار مع الطرف الآخر، وتكريس الحياة لهذا الشخص بشكل مطلق وعدم إقحام أية علاقات أخرى تسىء للعلاقة الزوجية، وبالتالى فإن الإخلال بالوفاء والإخلاص قد يهدم أقوى علاقة زوجية وخاصة أنه قد يولد الغيرة بين الزوجين، وهى مقبولة فى حدود وإطار الارتباط الكامل، ولكنها تصبح ظاهرة سلبية إذا زادت عن حدها وهنا تبرز جرائم جديدة غير معتادة على المجتمع تزيد فيها نسبة العنف، مثل حالات القتل بين الأقارب سواء من أجل الميراث أو غيره، واختفاء صور زواج المحبة والمودة والسكينة، وزيادة حالات الزواج التى تعتمد على الطمع المادى أو الاجتماعى أو حتى لمجرد الإعجاب بين طرفين دون النظر للعوامل التى تضمن استمرار الزواج.
أحيانا يؤمن البعضُ بما يُسمى بالقسمة والنصيب، ويتركون الأمور تجرى وفق طبيعتها حتى فى الارتباط أو عدمه، وقد يعتمد آخرون على العادات والتقاليد فى اختيار الزوجة أو الزّوج؛ كأن يكون من أقارب العائلة، أو التمتّع بصفاتٍ شكليّةٍ جذابة. يُفضل البعض عدم الارتباط بامرأة لها عملها الخاص (عاملة)، وأحيانا لا تملك بعض الفتيات حق الاختيار؛ لا سيما فى بعض المجتمعات المُنغلقة على إبداء رأيها بالخاطب كما فى الصعيد أحيانا، إذ تُجبَر على الزّواج وفقا لرغبة الأب أو رجال العائلة وهذا خطأ فادح فلا يُمكن أن يتوافق مُحاضر بالجامعة مع امرأةٍ بالكاد اجتازت اختبار الثانوية العامّة، وفى هذه الحال يتم الحكم على المتقدم للزواج فى كثير من المواقف وفقا لقدرته المالية وتوفير متطلبات الزواج المادية من مسكن وسيارة وغيرهما دون النظر لطرق التفاهم بين الرجل والمرأة عندما يجمعهما بيت واحد، فى الواقع هنا يظهر الاختلاف فى الميول والمستوى التعليمى والاجتماعى وتزايد الأعباء المالية وعدم قدرة الزوج على سد احتياجات الأسرة، وتراكم الديون عليه وعجزه عن السداد مع تحكّم الأهل أحيانا فى حياة الزوجين، وتدخلهم بشكل كامل فى اختياراتهما وقراراتهما الحياتية، فالزواج السريع يؤدى لطلاق سريع ما لم يكن هناك استعداد كامل وتأهيل فى مرحلة ما قبل الزواج.
قد يجد الأزواج كثيرو الانشغال بالعمل أنفسهم مضغوطين بشكل عام، خاصة إذا لم يعتنوا بأنفسهم جيدا من حيث الحصول على النوم والتغذية الجيدين. نضيف إلى ذلك أنهم قد يجدون أنفسهم أقل ارتباطا لأن لديهم وقتا أقل لقضائه معا، كما أن مواقع التواصل الاجتماعى التى زادت الطين بلة وباتت تترصد الفضائح لنشرها وفاقمت من التفكك الأسرى فى معظم المجتمعات وأخيرا، إذا لم يكن الزوجان يعملان كفريق واحد لتغطية جميع المسئوليات فقد يجدان أنفسهما يختلفان حول من عليه الاهتمام بالمسئوليات المنزلية والاجتماعية... إلخ وهذه العوامل انعكست بالسلب على العلاقات بين الأزواج والزوجات وهكذا ازدادت حالات الطلاق.
• • •
من هنا تتأتى ضرورة إنقاذ المجتمع خلال الأعوام العشرة المقبلة كحد أقصى من هذا التغير الاجتماعى حتى لا يتجه للأسوأ وذلك من خلال ثورة ثقافية تمنع الانهيار الاجتماعى والأخلاقى، وتعيد الشخصية المصرية النهرية التى تعتمد قيم الحب والخير والسلام مرة أخرى.
إن ارتفاع نسبة الطلاق فى مصر يرجعه أساتذة علم الاجتماع إلى عدد من العوامل أهمها عدم التأنى فى اختيار شريك الحياة وهو ما يدفع الزوجين إلى إنهاء العلاقة خاصة فى السنة الأولى من الزواج والتى ترتفع فيها نسبة الطلاق لأكثر من 65%، أما مواقع التواصل الاجتماعى فهى من بين الأسباب التى أدت إلى زيادة معدلات الطلاق فى مصر وعدد كبير من الدول، بل وسببت أزمات كبيرة بين الزوجين بسبب المقارنات المستمرة مع الآخرين، فالأم عليها دور كبير فى فترة الإعجاب والخطوبة أى ما قبل الزواج من حيث تغذية مفهوم الأسرة للطرفين، وأن ما يقبل عليه كل طرف سيكون سببا فى تكوين عائلة، وأنّ الخلافات الزوجية موجودة بين جميع الأزواج ولابد من التأنى فى القرارات، وترك مساحات للتفاهم لحل أية أزمات.
أما أسباب ارتفاع نسب الطلاق فهى تظهر فى صراع القوى الموجود فى العام الأول من الزواج، ورغبة التحكّم والسيطرة على جميع مجريات الأمور، دون استيعاب الطرف الثانى. فالعنف الأسرى، مع اقتناع عدد كبير من الموجودين فى القرى المصرية بأن العنف هو الحل لإحكام السيطرة على الزوجة، وهو ما يؤدى لحدوث فجوة بين الاثنين، وبالتبعية اللجوء إلى قرار إنهاء الحياة الزوجية والطلاق وغياب مفهوم «ضياع الأولاد» والإقبال على إنهاء الزواج دون تفكير فى مصيرهم وتشتتهم مع تدخل الأهل فى كثير من الأحيان يُزيد من حالة الاحتقان، ورغبة كل طرف فى مساندة نجله أو نجلته مهما كان مخطئا، كذلك اختلاف شخصية وحياة الشريكين قبل وبعد الزواج، بسبب زيادة المسئولية والأعباء المعيشية على كل طرف منهما، لذلك هناك ضرورة لتعلّم كيفية طرح المشكلات وعلاجها لعدم تفاقمها، والتنازل فى بعض الأحيان وخاصة فى المواقف التى لا تسبب أذى.
• • •
أقامت مصر خلال السنوات الأخيرة المشروع القومى للحفاظ على الأسرة المصرية «مودة» والذى تسعى من خلاله إلى تدعيم الشباب المُقبل على الزواج بالمعارف والخبرات اللازمة لتكوين الأسرة وتطوير آليات الدعم والإرشاد الأسرى، وفضّ المنازعات، بما يساهم فى خفض معدلات الطلاق.
ولكى نعيد التماسك للأسرة المصرية يجب أن نهتم بالتربية والتنشئة الاجتماعية لأن الأبناء يتأثرون بآبائهم أى يزيد تأثر الذكر بأبيه، فيما تتأثر الأنثى أكثر بالأم التى تعتبر أول مدربة للوعى الأنثوى فى حياتها.
إن التنشئة الاجتماعية السليمة تفترض ألا تكون المرأة مجرد خادمة، وإنما تتفاهم مع زوجها وتساهم فى حل المشكلات التى تواجههما وتكون هناك حرية لرأى الزوجة ولا تكون مستعبدة، ولا بد من إجراء دراسة جدوى للحياة الزوجية فى جميع جوانبها مع عقد دورات لتأهيل طرفى الأسرة فيما قبل الزواج، وتوضع كشرط أساسى من الجهات المسئولة لإتمام الزواج.
أستاذ مقارنة الأديان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.