حدوتة مصرية.. اسمها الزمالك    جوزيه جوميز عن خصم السوبر الأفريقي: سأود مواجهة الأهلي إذا كنت سأفوز باللقب    جوزيه جوميز يتحدث عن.. اقترابه من تدريب الأهلي.. الحاجة ل8 صفقات.. وسحر جماهير الزمالك    بالصور.. البحث عن المفقودين في حادث معدية أبو غالب    وزيرة التخطيط تستعرض مستهدفات قطاع النقل والمواصلات بمجلس الشيوخ    بلينكن: طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية يعقد اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحماس    ملف رياضة مصراوي.. إصابة أحمد حمدي بالصليبي.. فوز الزمالك على الأهلي.. والموت يفجع رئيس الترجي    موعد مباراة أتالانتا وليفركوزن والقنوات الناقلة في نهائي الدوري الأوروبي.. معلق وتشكيل اليوم    الزمالك: الكاف المسؤول عن تنظيم نهائي الكونفدرالية    19 صورة ترصد لحظة خروج جثامين ضحايا معدية "أبوغالب" من المشرحة    «أقدار مرتبة».. أول تعليق من عباس أبو الحسن بعد حادث دهس سيدتين    أبرزهم «الفيشاوي ومحمد محمود».. أبطال «بنقدر ظروفك» يتوافدون على العرض الخاص للفيلم.. فيديو    دعاء في جوف الليل: اللهم ألبسنا ثوب الطهر والعافية والقناعة والسرور    التسجيل سند للمطلقات.. الخطوات والأوراق المطلوبة    شارك صحافة من وإلى المواطن    خبير في الشأن الإيراني يوضح أبرز المرشحين لخلافه إبراهيم رئيسي (فيديو)    كواليس اجتماع الكاف مع الأهلي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا لوضع ضوابط خاصة    أول رد رسمي من إنبي على أنباء تفاوض الأهلي مع محمد حمدي    رويترز: الحكومة الأيرلندية ستعلن اليوم الأربعاء اعترافها بدولة فلسطين    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الأربعاء 22 مايو 2024    عاجل - نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة الجيزة.. رابط نتيجة الصف الثالث الإعدادي الترم الثاني Natiga.Giza    قناة السويس تتجمل ليلاً بمشاهد رائعة في بورسعيد.. فيديو    سعر الفراخ البيضاء والبيض بالأسواق اليوم الأربعاء 22 مايو 2024    «لقطة اليوم».. إمام مسجد يضع المياه والطعام لحيوانات الشارع في الحر الشديد (فيديو)    «من الجبل الأسود» تارا عماد تحقق حلم والدتها بعد وفاتها.. ماذا هو؟    محافظ كفر الشيخ يتفقد أعمال تطوير شارع صلاح سالم وحديقة الخالدين    إزاى تفرق بين البيض البلدى والمزارع.. وأفضل الأنواع فى الأسواق.. فيديو    5 أسباب تؤدي إلى الإصابة بالربو.. تعرف عليهم    هل وفاة الرئيس الإيراني حادث مدبر؟.. مصطفى الفقي يجيب    كاميرات مطار القاهرة تكذب أجنبي ادعى استبدال أمواله    أمن قنا يسيطر على حريق قطار ولا يوجد إصابات    فيديو.. يوسف الحسيني يتحدث عن فِكر الإخوان للتعامل مع حادث معدية أبو غالب: بيعملوا ملطمة    الخارجية القطرية تدعو للوقف الفوري لما يجري في غزة    الهلال الأحمر الفلسطيني: ارتفاع حصيلة الشهداء في جنين إلى 8 وإصابة 21 آخرين    أول فوج وصل وهذه الفئات محظورة من فريضة الحج 1445    حظك اليوم برج الميزان الأربعاء 22-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. لا تتردد    المتحدث باسم مكافحة وعلاج الإدمان: نسبة تعاطي المخدرات لموظفي الحكومة انخفضت إلى 1 %    محمد حجازي ل"الشاهد": إسرائيل كانت تترقب "7 أكتوبر" لتنفيذ رؤيتها المتطرفة    ضد الزوج ولا حماية للزوجة؟ جدل حول وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق ب"كلمة أخيرة"    مواصفات سيارة BMW X1.. تجمع بين التقنية الحديثة والفخامة    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    قبل قدوم عيد الأضحى.. أبرز 11 فتوى عن الأضحية    عمر مرموش يجرى جراحة ناجحة فى يده اليسرى    بعبوة صدمية.. «القسام» توقع قتلى من جنود الاحتلال في تل الزعتر    خبير تغذية: الشاي به مادة تُوسع الشعب الهوائية ورغوته مضادة للأورام (فيديو)    بعد ضبطه ب«55 ألف دولار».. إخلاء سبيل مصمم الأزياء إسلام سعد    أخبار × 24 ساعة.. ارتفاع صادرات مصر السلعية 10% لتسجل 12.9 مليار دولار    حدث بالفن | فنانة مشهورة تتعرض لحادث سير وتعليق فدوى مواهب على أزمة "الهوت شورت"    "مبقيش كتير".. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    الأعلى لشئون الإسلام وقيادات الإعلام يتوافقون على ضوابط تصوير الجنازات    حجازي: نتجه بقوة لتوظيف التكنولوجيا في التعليم    وكيل «صحة الشرقية» يتفقد سير العمل والخدمات الطبية بمستشفى الحسينية    هل وصل متحور كورونا الجديد FLiRT لمصر؟ المصل واللقاح تجيب (فيديو)    موقع إلكتروني ولجنة استشارية، البلشي يعلن عدة إجراءات تنظيمية لمؤتمر نقابة الصحفيين (صور)    وزير الري: إيفاد خبراء مصريين في مجال تخطيط وتحسين إدارة المياه إلى زيمبابوي    وزير الأوقاف: انضمام 12 قارئا لإذاعة القرآن لدعم الأصوات الشابة    «ختامها مسك».. طلاب الشهادة الإعدادية في البحيرة يؤدون امتحان اللغة الإنجليزية دون مشاكل أو تسريبات    اليوم.. «خارجية النواب» تناقش موازنة وزارة الهجرة للعام المالي 2024-2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المثقفون والتحول نحو الديمقراطية فى مصر: الأزمة المزدوجة
نشر في الشروق الجديد يوم 22 - 03 - 2010

جاء التأييد لدعوة الدكتور محمد البرادعى للإصلاح السياسى فى مصر من أوساط عديدة برز من بينها المثقفون الذين تشكلت منهم بصفة أساسية الجمعية المصرية للتغيير والتى تحملت مسئولية ترجمة هذه الدعوة إلى حركة سياسية فاعلة، فهل يمكن للمثقفين فى هذه الجمعية أن يقوموا بدور رأس الحربة فى التحول إلى الديمقراطية فى مصر؟ الجواب عن هذا السؤال يستلزم أن نحدد أولا من هم المثقفون الذين نتحدث عنهم، وأن نتعرف على مواقف المثقفين المصريين من قضية الديمقراطية بصفة عامة.
والمقصود بالمثقفين فى هذا السياق ليس كل من حصل على تعليم جامعى حديث، ولكن المقصود به هؤلاء الذين لم يكتفوا بما حصلوه من علم حديث، وإنما هم منشغلون بنقل ما تلقوه من علم إلى غيرهم من المواطنين، فهم المثقفون، وذلك بتشديد القاف وكسرها، وهم يقومون بذلك إما كواجب مهنى، وتلك مهمة المدرسين وأساتذة الجامعات أو كالتزام شخصى مثل العلماء الذين يبسطون المعرفة العلمية أو الكتاب والفنانين والأدباء.
والواقع أن تعريف المثقف يربط غالبا بين امتلاك الثقافة كملكة فردية والسعى لنشرها كالتزام عام، بل الأكثر من ذلك، فتعريفات عديدة للمثقف تجعل الموقف النقدى من المجتمع والسلطة شرطا لإضفاء هذه الصفة على من يملك المعرفة بالعلم الحديث، وذلك تمييز له عن المثقف التقليدى. ولكن سيكتفى هذا المقال بالذين يقومون بنشر الثقافة بجميع فروعها فى المجتمع أيا كانت توجهاتهم السياسية باعتبار أن هؤلاء هم الأكثر تأثيرا فى تشكيل وعى المواطنين. فما المواقف التى يتخذها هؤلاء فى مصر من قضية الديمقراطية؟.
أربعة مواقف من قضية الديمقراطية فى مصر
وبداية من النادر أن نلتقى بمثقف فى مصر ينكر أهمية الديمقراطية وضرورتها، وذلك أيا كان موقفه السياسى، ولكن الخلاف بين المثقفين هو حول مدى أولوية الديمقراطية على غيرها من الغايات مثل الاستقرار السياسى، أو إقامة مجتمع إسلامى، أو ضرورات الأمن الشخصى وكسب القوت. ولذلك يمكن التعرف على أربعة مواقف أساسية من قضية الديمقراطية.
هناك أولا من يمكن تسميتهم بمثقفى السلطة، والشريحة العليا منهم هم الذين أصبحوا أعضاء فى لجنة السياسات فى الحزب الوطنى الديمقراطى الحاكم، والمحظوظون من بينهم هم من أصبحوا يمتلكون مساحة أسبوعية فى صحيفة الأهرام، وهم يكثرون من الحديث عن الديمقراطية وشروطها وأوضاعها ومميزاتها، وهم لا يعرفون الديمقراطية معرفة نظرية فحسب، بل إن كثيرين من بينهم تلقوا دراساتهم لدرجات علمية رفيعة فى مؤسسات غربية بل تحديدا فى الولايات المتحدة الأمريكية، ومن ثم فهم يدركون جيدا البون الشاسع بين الديمقراطية التى يكتبون عنها والأوضاع السائدة فى مصر.. ولكنهم يبررون لأنفسهم هذا التناقض بالادعاء أن انضمامهم للحزب الوطنى الحاكم هو سبيلهم الوحيد للدعوة إلى الديمقراطية، ويغالى بعضهم بالقول بأن الأمور كانت سوف تكون أسوأ لو لم يكونوا هم قد انضموا إلى الحزب الحاكم، فهم الجناح الليبرالى فيه، والواقع أنه يصعب بالنسبة لمعظمهم اكتشاف أى مواقف ليبرالية اتخذوها داخل الحزب أو خارجه، ولكنهم هكذا يبررون لأنفسهم مواقفهم السياسية، ويجاهدون لنفى ما يميل إليه الكثيرون من أن مطامحهم الشخصية هى السبب الحقيقى وراء ما يتخذون من مواقف. ومع أن مصداقية معظمهم مفتقدة لدى أغلب قرائهم ومشاهديهم بسبب دفاعهم أو سكوتهم عن كثير من الممارسات البعيدة عن الديمقراطية للنظام الحاكم، إلا أن انتشارهم عبر أجهزة الإعلام ومواقعهم المؤثرة فى أجهزة الدولة وفى الحزب الوطنى تجعل لهم بعض القدرة على صناعة رأى عام لا يحبذ تحولا صحيحا إلى أوضاع ديمقراطية إلا ما يهواه قادة الحزب الحاكم.
وهناك ثانيا المثقفون الإسلاميون، وهم يريدون من الديمقراطية انتخابات حرة ونزيهة فى مؤسسات المجتمع المدنى وللمؤسسات النيابية ولشخص رئيس الدولة، وهم يريدون منها إطلاق حرية تكوين الأحزاب والجمعيات، وذلك لأنهم يدركون، والتجربة العملية تساندهم، إنهم سيمتلكون الأغلبية فى أى من هذه الانتخابات، ولكنهم قد يترددون بالنسبة لما تعنيه الديمقراطية من حرية الاعتقاد والتعبير ومن مساواة بين جميع المواطنين بصرف النظر عن الدين أو النوع. وحماس هؤلاء للديمقراطية يقتصر على كونها وسيلة للوصول إلى السلطة وإقامة المجتمع الإسلامى كما يتصورونه، وهى فى كل الأحوال ليست قضيتهم الأولى، فالقضية الأولى بالنضال وحتى بالاستشهاد هى إقامة المجتمع الإسلامى. وفى كل الحالات لا ينتظر من هؤلاء أن يناضلوا من أجل الديمقراطية إلا إذا كانت تلك هى مشيئة مكتب الإرشاد والمرشد العام للإخوان المسلمين.. وفى الوقت الحاضر يؤثر هؤلاء المثقفون اتباع مبدأ التقية خفضا للرءوس حتى تمر عاصفة القمع التى شنها النظام الحاكم ضدهم، وإيمانا منهم بأن الزمن يعمل فى صالحهم، وأن عجلة أسلمة المجتمع ماضية فى طريقها بلا هوادة، ولذلك يعولون على أن تكون أسلمة المجتمع هى فى المدى المتوسط أو البعيد هى طريقهم لأسلمة السلطة.
والقسم الثالث من المثقفين هو الذى يؤثر السلامة، ويمارس واجبه التثقيفى فى المجتمع على نحو حذر للغاية خشية أن تفلت منه كلمة يمكن أن تحمل على عكس ما يقصده فتسىء له عند أصحاب السلطة، فتتأخر له ترقية، أو يلحقه أذى من أى نوع. ومع أن غالبية هؤلاء لا يثقون فى قدرة النظام الحاكم على أن يرقى بأحوال الوطن، وقد يكنون الإعجاب لبعض قادة المعارضة وحركات المجتمع المدنى، إلا أن موقفهم هو الانتظار حتى يأتى الآخرون بالنظام السياسى الذى يميلون إليه وذلك دون أن يبذلوا هم أى مجهود للوصول إليه، وربما يكون سبب ذلك أيضا هو تشككهم فى أن تؤدى تحركات هذه القوى المعارضة خصوصا فى المجتمع المدنى بأى تغيرات ذات قيمة أمام سطوة الحزب الحاكم، وإغلاقه كل سبل التغير السلمى فى المجتمع.
تبقى أقلية ضئيلة فى أوساط المثقفين هى التى تؤمن بأولوية الديمقراطية باعتبارها السبيل الصحيح للنقاش حول قضايا المجتمع، واختيار القوى السياسية التى تملك أفضل البدائل لعلاج هذه القضايا. والذين ينتمون إلى هذه الأقلية لا يدخرون وقتا للنضال من أجل الديمقراطية سواء داخل حركات المجتمع المدنى مثل كفاية ومجموعة العمل من أجل استقلال الجامعات، هم يتعاطفون مع حركات الشباب التى تسعى لتحقيق نفس الغاية، وينشط بعض منهم داخل أحزاب ائتلاف المعارضة.. أو داخل بعض الأحزاب التى لم تعبر بعد بوابة لجنة الأحزاب.
ولكن فاعلية هذه الأقلية محدودة بحكم الانقسامات فى صفوفها لتعدد الولاءات الحزبية والتنظيمية بل وتعارضها أحيانا، ولأن الوسيلة الأساسية فى تواصلها مع المواطنين هى من خلال الصحف الحزبية والمستقلة والتى مازال توزيعها محدودا بالمقارنة بالصحف اليومية التى «يملكها» عمليا الحزب الحاكم، كما أن خطابها بشأن الديمقراطية هو خطاب نخبوى لم ينجح بعد فى أن يربط قضية الديمقراطية باهتمامات أغلبية المواطنين بقضايا لقمة العيش، وهو خطاب لو نجح فلن يصل سوى إلى قراء الصحف الذين يمثلون أقلية فى مجتمع ثلث قوته العاملة لا تعرف كتابة اسمها فضلا عن قراءة وفهم ما يرد على صفحات الجرائد.
وبالإضافة إلى ذلك تعانى هذه الأقلية من نقائص ذاتية وتنظيمية، فمسألة فاعلية العمل السياسى لا تحتل أهمية كبرى بالنسبة لأغلبيتهم الساحقة، فهم يعتبرون أن الإعلان عن الموقف المعارض هو أقصى ما يمكن أن يكون مطلوبا منهم. يكفى أنهم يطالبون بتغيير تلك المواد الثلاث سيئة السمعة فى الدستور، ولكنهم لا ينشغلون بأن هذا الإعلان حتى لو تبناه عشرات الآلاف من المواطنين لن يغير فى قناعات قيادة الحزب الحاكم شيئا، ولا على أرض الواقع. وإذا ما اجتهدوا فى التفكير فى أطر تنظيمية تجمعهم والمواطنين، فإنها لا تتعدى صلات افتراضية من خلال شبكة المعلومات الدولية الإنترنت أو التوقيع على مطلب بتفويض أو توكيل شخصية قومية للقيام بتعديل تلك المواد.
جواب يحدد مستقبل مصر
وقد يكون من السهل توجيه اللوم لهذا الفريق الأخير من المثقفين المصريين، فهو الوحيد الذى يجعل قضية الديمقراطية غايته الأولى فى الوقت الحاضر، والآمال معلقة على أن يتم تحول ديمقراطى ينقل البلاد من حالة الجمود التى وضعها فيه قادة الحزب الحاكم. ولكن هذه الآفاق المحدودة لفاعلية عمل هذا الفريق هى انعكاس للقيود التى يضعها النظام الحاكم على أى تحرك جماعى مستقل فى المجتمع. ولذلك فلا ينتظر أن يؤدى النضال داخل هذه الأطر الضيقة إلى أى تحول سياسى حقيقى نحو الديمقراطية فى مصر. وقد ارتفعت بالفعل داخل هذا الفريق صيحات للخروج من هذا الإطار الضيق، والتعلم من دروس تجارب التحول الناجح فى أمريكا اللاتينية وشرق أوروبا. فهل يستمع المثقفون فى هذا الفريق إلى هذا النداء؟ المستقبل القريب سوف يحمل الجواب، وهو جواب يحدد مستقبل الوطن، على نحو أو آخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.