برلماني: توجيهات الرئيس السيسي تضع على عاتق الحكومة الجديد مسؤولية كبيرة    «رئيس قوي عاملة النواب» يشيد بتكليف الرئيس السيسي ل «مدبولي» بتشكيل الحكومة    محافظ أسيوط يشهد احتفالية مشروع منظمة العمل الدولية «فرصة»    آبار بترولية وغازية جديدة على خريطة الإنتاج.. واستثمارات إضافية ل«ظهر»    الدكتور سمير صبري: الحكومة الجديدة عليها دور كبير في ملف الوعي    وزير البترول الأسبق عن الحكومة الجديدة: عليها النزول للشارع والتواصل مع المواطنين    وزير التجارة والصناعة يبحث مع وفد "كرافت هاينز" العالمية ضخ استثمارات بمصر    «كلوديا شينباوم».. صاحبة «نوبل» أول امرأة تقود المكسيك    انطلاق تدريبات جوية لقوات الناتو فوق شمال ألمانيا    د. أسامة أبوزيد يكتب: فرصة المنتخب .. وفرحة مصر    استدعاء عمر كمال عبد الواحد لمباراتي مصر أمام بوركينا فاسو وغينيا بيساو    يورو 2024 - منتخب تخلى عن لقبه.. ألمانيا "النضارة" ومواهب الجبال    حقيقة رحيل العشري من الاتحاد السكندري بعد فضيحة كأس مصر (خاص)    سفر بعثة حجاج الجمعيات الأهلية بالإسماعيلية إلى الأراضي المقدسة    قوات الاحتلال تقتحم بلدة برقا شرق رام الله بالضفة الغربية    غادة طلعت تنضم لأبطال فيلم «بنسيون دلال» مع عمر متولي وبيومي فؤاد    حزب الريادة: حكومة مدبولي قدمت العديد من الإنجازات في وقت بالغ الصعوبة    قبل عقد قرانه على جميلة عوض.. 9 معلومات عن المونتير أحمد حافظ    مهرجان ظفار الدولي للمسرح يطلق استمارة المشاركة في دورته الأولى    دور العرض ترفع أحدث أفلام بيومي فؤاد من شاشاتها قبل موسم عيد الأضحى    عضو "الفتوى الإلكترونية" ل قناة الناس: هذا وقت استجابة الدعاء يوم عرفة    الكشف على 417 شخصاً بالقافلة الطبية بمركز شباب الهيش بالإسماعيلية    رئيس «الرقابة والاعتماد» يشارك في افتتاح مؤتمر ومعرض صحة أفريقيا 2024    قائد القوات الجوية يلتقى قائد القوات الجوية والدفاع الجوى لوزارة دفاع صربيا    إضافة «الطب البشري» لجامعة حلوان الأهلية    شركة الريف المصرى الجديد تنفذ 66 مشروعًا رئيسيا و 66 فرعيًا فى 6 سنوات    جولة لرئيس جامعة القاهرة للاطمئنان على سير الامتحانات وأعمال الكنترولات    البابا تواضروس يستقبل السفير التركي    سلوت لا يمانع بيع صلاح    آخرهن جميلة عوض.. جميلات الفن في قفص الزوجية والخطوبة - صور    كوريا الجنوبية تستضيف قمة إفريقية لتعزيز أطر التعاون مع القارة    وزير الأوقاف يوصي حجاج بيت الله بكثرة الدعاء لمصر    وظائف متاحة للمعلمين في المدارس المصرية اليابانية.. رابط التقديم    تعديل تركيب بعض القطارات بخط «القاهرة- الإسماعيلية».. السبت    8 وجبات تساعد الطلاب علي التركيز في امتحانات الثانوية العامة    متى تذهب لإجراء فحوصات تشخيص مرض السكر؟.. «الصحة» تُجيب    مثلها الأعلى مجدي يعقوب.. «نورهان» الأولى على الإعدادية ببني سويف: «نفسي أدخل الطب»    نائل نصار أمل الفروسية المصرية في أولمبياد باريس    موسكو تهدد واشنطن بعواقب الأضرار التي لحقت بنظام الإنذار المبكر    "التابعى.. أمير الصحافة".. على شاشة "الوثائقية" قريبًا    سُنن صلاة عيد الأضحى.. «الإفتاء» توضح    «بلاش نعمل هيصة ونزودها».. شوبير يحذر قبل مباراة مصر وبوركينا فاسو    إصابة 4 أشخاص في انقلاب سيارة بالطريق الصحراوي الغربي بقنا    محافظ الشرقية: إزالة 372 إعلانا مخالفا وغير مرخص خلال شهر    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية في سريلانكا إلى 12 شخصًا    مجموعة "إي اف جي" القابضة تعتزم شراء 4.5 مليون سهم خزينة    التحفظ على مدير حملة أحمد طنطاوي لتنفيذ حكم حبسه في تزوير توكيلات انتخابات الرئاسة    رئيس بعثة الحج الرسمية: الحالة الصحية العامة للحجاج المصريين جيدة.. ولا أمراض وبائية    الحكومة تتقدم باستقالتها.. وتكليف مصطفى مدبولي بتشكيل حكومة جديدة    تحرير 94 محضر إنتاج خبز غير مطابق للمواصفات بالمنوفية    دعاء لأمي المتوفية في عيد الأضحى.. «اللهم انزلها منزلا مباركا»    الكشف وتوفير العلاج ل 1600 حالة في قافلة للصحة بقرية النويرة ببني سويف    هل يجوز للمُضحي حلاقة الشعر وتقليم الأظافر قبل العيد؟.. معلومات مهمة قبل عيد الأضحى    بعد انسحاب قوات الاحتلال.. فلسطينيون يرون كيف أصبح حال مخيم جباليا    شكري: مصر تستضيف المؤتمر الاقتصادي المصري الأوروبي نهاية الشهر الجاري    تحرك من الزمالك للمطالبة بحق رعاية إمام عاشور من الأهلي    رسومات الأحياء المقررة على الصف الثالث الثانوي.. «راجع قبل الامتحان»    35 جنيها للمادة.. ما رسوم التظلم على نتيجة الشهادة الإعدادية بالجيزة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



.. ماذا يتوقع المصريون من البرادعى..؟!
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 03 - 2010

يتعرض النظام السياسى فى مصر الآن إلى أزمة حرجة، فالرئيس مبارك (الذى نتمنى له الشفاء) قد يضطر إلى التقاعد فى أى لحظة.. وبالرغم من الجهود الكبيرة التى بذلها النظام لتسويق جمال مبارك فقد فشل تماما فى إقناع المصريين بجدارته لمنصب الرئيس. أضف إلى ذلك أن معظم المصريين يرفضون فكرة توريث الحكم من أساسها، سواء لجمال مبارك أو أى شخص آخر ويتمسكون بحقهم الطبيعى فى اختيار من يحكمهم.. فى نفس الوقت نجح الدكتور محمد البرادعى فى أن يطرح نفسه باعتباره قائدا حقيقيا للمصريين فى معركة التغيير. إن التأييد الشعبى العريض الذى يحظى به البرادعى اليوم يشكل ظاهرة سياسية فريدة لم تحدث فى تاريخنا إلا مرات قليلة، مع سعد زغلول وجمال عبدالناصر ومصطفى النحاس.. فقد اجتمع على تأييد البرادعى مصريون ينتمون إلى مختلف التيارات الفكرية والسياسية.. إسلاميون وأقباط واشتراكيون وليبراليون وناصريون ووفديون والأهم من ذلك ملايين المصريين العاديين، الذين رأوا فى البرادعى قائدا يجسد أحلامهم فى العدل والحرية. فى ظل أزمة النظام والتأييد الواسع للبرادعى، قد يكون من المفيد أن نسأل: ماذا يتوقع المصريون من البرادعى؟!.. الإجابة تتلخص فيما يلى:
أولا: الدكتور البرادعى شغل واحدا من أكبر المناصب الدولية كرئيس للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذين يتقاعدون من هذه المناصب الرفيعة لا تنتهى مشاغلهم، فبمجرد خروجهم من المنصب تنهال عليهم الدعوات لإلقاء المحاضرات والاشتراك فى الأنشطة الدولية المختلفة.. المصريون يتوقعون من الدكتور البرادعى أن يستقر نهائيا فى مصر، ويعطى الأولوية لقيادة العمل الوطنى لأن القائد الذى يدافع عن حقوق الأمة يجب أن يظل دائما فى أرض المعركة.. وأنا أثق أن الدكتور البرادعى يتذكر ما فعله الزعيم مصطفى النحاس عندما تولى زعامة الوفد عام 1927، فقد كان آنذاك محاميا كبيرا شهيرا، لكنه ما إن تولى قيادة الوفد حتى اعتزل المحاماة وأغلق مكتبه وقال جملته الشهيرة:
اليوم صرت محاميا عن الأمة كلها فلا يجوز بعد ذلك أن أدافع عن الأفراد فى المحاكم.
ثانيا: قبل ظهور البرادعى نشأت حركات وطنية عديدة من أجل التغيير كانت أهمها حركة كفاية، التى كان لها الفضل الأكبر فى كسر حاجز الخوف عند المصريين. إن أعضاء كفاية الذين تحدوا قانون الطوارئ وتلقوا على رءوسهم ضربات الأمن المركزى وتحملوا الاعتقال والتعذيب هم الذين انتزعوا للأمة كلها الحق فى التظاهر والإضراب، وهم الآباء الحقيقيون لحركات الاحتجاج الكثيرة، التى تعم مصر الآن من أقصاها إلى أقصاها.. على أن حركات التغيير جميعا (بما فيها حركة كفاية) قد عانت دائما من ضعف اتصالها بالجماهير العريضة من المصريين.. أما فى حالة البرادعى فقد حدث العكس.. لقد تكونت شعبية البرادعى فى الشارع ثم انتقلت إلى بعد ذلك إلى النخبة.. إن الذين صنعوا شعبية البرادعى ليسوا كبار المثقفين والسياسيين، وإنما هم عشرات الألوف من المواطنين العاديين الذين أحبوه ووثقوه فيه.. هذا التأييد الشعبى الواسع للبرادعى يفرض عليه أن يظل دائما وسط الناس.. إن المحيطين بالدكتور البرادعى الآن مجموعة من أفضل الوطنيين المصريين وأكثرهم إخلاصا. لكن الباب يجب أن يكون مفتوحا للجميع، لقد أصبح الدكتور البرادعى قائدا للمصريين جميعا باختلاف اتجاهاتهم.. من هنا يكون من حق أى مصرى أن يقابل الدكتور البرادعى، وينقل إليه أفكاره ومن واجب الدكتور البرادعى أن يستمع إليه.. إن نجاح الدكتور البرادعى فى مهمته الكبرى سيظل دائما مرهونا باتصاله بالناس العاديين البسطاء.
ثالثا: كان إعلان الدكتور البرادعى عن تأسيس الجمعية الوطنية للتغيير عملا سياسيا بارعا وأنا أتوقع أن ينضم إلى هذه الجمعية مئات الألوف وربما ملايين المصريين لكن بمجرد الإعلان عن فتح باب العضوية لكن باب العضوية لم يفتح بعد.. الناس فى مصر وخارجها يريدون الانضمام إلى البرادعى، ولا يعرفون ماذا يصنعون. لابد أن تتاح لهم فرصة للمشاركة أكبر من كتابة التوكيلات التى يتم جمعها الآن. إن التأييد العريض، الذى يتمتع به البرادعى قد جمع حوله مجموعة من أفضل العقول والكفاءات المصرية، وكلهم يتوقون إلى اللحظة التى يكلفون فيها بأداء أى مهمة من أجل بلادهم.. نحن نتوقع من الدكتور البرادعى أن يسارع، بمجرد عودته من الخارج، إلى اختيار مقر للجمعية الوطنية وفتح باب العضوية فيها وإنشاء لجان مختلفة متخصصة تحقق الاستفادة من الكفاءات جميعا من أجل تحقيق الإصلاح الذى نتمناه.
رابعا: نتوقع من الدكتور البرادعى أن يكون مستعدا للصدام العنيف مع النظام الحالى، لقد تجاوز البرادعى دور المصلح السياسى إلى دور القائد الوطنى، ومن الطبيعى أن يدافع النظام الاستبدادى عن مكاسبه بمنتهى الشراسة. لا جدوى إذن من تفادى الصدام أو تأجيله لأنه حتمى، وقد بدأ بالفعل فى الأسبوع الماضى عندما تم استدعاء أحد مؤيدى البرادعى، الطبيب طه عبدالتواب، إلى مقر مباحث أمن الدولة فى محافظة الفيوم، حيث تم تجريده من ثيابه وضربه وتعذيبه وإهانته بطريقة بشعة وغير آدمية.. هذه الجريمة التى تحدث يوميا فى مقار أمن الدولة تكتسب هذه المرة معنى جديدا.. إنها رسالة من النظام إلى المطالبين بالإصلاح بأن أحدا منهم لن ينجو من تنكيل السلطات حتى لو كان يتمتع بمكانة اجتماعية مرموقة..
وقد انتبه الدكتور البرادعى إلى ذلك فأصدر أثناء وجوده فى كوريا، بيانا صحفيا أدان فيه بشدة الاعتداء على الدكتور طه عبدالتواب وأعلن تضامنه الكامل معه. على أن هذا الحادث البشع مجرد بداية للحرب ضد البرادعى، التى سيستعمل فيها النظام كل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة من أجل القضاء على أمل المصريين فى الحرية. نحن نتوقع من الدكتور البرادعى أن يستعمل خبرته الواسعة بالقانون الدولى فى ملاحقة الجلادين، الذين يعتقلون الأبرياء ويمارسون التعذيب من أجل محاكمتهم أمام المحاكم الدولية.
خامسا: منذ البداية رفض الدكتور البرادعى بإصرار أن يكون مرشحا للرئاسة بواسطة أحد الأحزاب المعترف بها ورفض أيضا أن يتقدم إلى لجنة الأحزاب بطلب تأسيس حزب جديد. وفى الأسبوع الماضى تسربت الأنباء عن صفقة سرية عقدها النظام مع حزبى التجمع والوفد وجماعة الإخوان المسلمين، يمتنع بموجبها هؤلاء عن تأييد البرادعى مقابل إعطائهم بعض مقاعد مجلس الشعب فى الانتخابات المزورة المقبلة. هذه الصفقة المؤسفة بقدر ما تكشف عن المستوى الذى انحدر إليه بعض السياسيين فى مصر، تثبت لنا كم كان الدكتور البرادعى حكيما وبعيد النظر عندما رفض أن يتعامل معهم، مما جعله يحتفظ بنقاء صورته عند الرأى العام بعيدا عن فساد النظام، وهؤلاء الذين يتظاهرون بمعارضته، بينما هم يتواطأون معه سرا ضد حقوق الشعب.. المصريون يتوقعون من الدكتور البرادعى أن يظل متمسكا بموقفه المبدئى، وأن يرفض أى نوع من التفاوض أو الحلول الوسط. إن ما يطلبه المصريون ليس تعديلا محدودا فى السياسات وإنما إصلاح جذرى شامل.. إن كل مواطن يوقع على توكيل للبرادعى من أجل تغيير الدستور إنما يوقع فى نفس الوقت على سحب الثقة من النظام الحالى.. لا فائدة إذن من المناشدات وتدبيج العرائض لأن الحقوق لا تهدى وإنما تنتزع. إن قدرتنا على تحقيق العدل مرتبطة دائما باستعدادنا للتضحية من أجله.. إن مائة عريضة بليغة نناشد فيها النظام لن تجعل المسئولين يقتنعون بالديمقراطية ولكن لو نزل إلى الشوارع مليون متظاهر، عندئذ فقط سوف يجد النظام نفسه مجبرا على الاستجابة لمطالب الإصلاح.
أخيرا، بينما مصر كلها تنتظر عودة الدكتور البرادعى من رحلته.. وجدت من واجبى أن أنقل إليه ما يتردد فى أذهان المصريين، الذين يحبونه ويعقدون عليه الآمال الكبار، والذين يثقون تماما وأنا معهم أن محمد البرادعى لن يخذلهم أبدا.
.. الديمقراطية هى الحل..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.