عاش المطرب الكبير هانى شاكر لعدة أشهر محنة شديدة الصعوبة خلال مرض ابنته دينا التى أنعم الله عليها بالشفاء مؤخرا، وهو أصعب اختبار من الله يمكن أن يمر به الإنسان فى حياته. لأن أى خسائر فنية أو مادية يمكن تعويضها. أما إذا تعلق الأمر بالابن أو الابنة فالأمر مختلف فالإنسان يضحى بأى شىء، وكل شىء مقابل ابتسامة على شفاه من يحب. لذلك ابتعد الفنان الكبير عن عشقه الأول «الغناء» وبمجرد اجتياز الأزمة عاد لإثراء الساحة بأعماله سواء على مستوى الحفلات أو ألبومه الجديد. حيث يقدم حفله الأول بعد الابتعاد بدار الأوبرا المصرية فى أول أبريل، والذى يواكب الاحتفالات بأعياد الربيع. وفى نفس الوقت يضع اللمسات الأخيرة لألبومه الجديد. سألته فى البداية: كيف كانت المحنة؟ قال كانت أيام أتمنى من الله عز وجل ألا تعود وألا يمر بها أى إنسان، لأن التجربة كانت قاسية. بماذا خرجت منها؟ أن الله عز وجل يعطيك القوة بنفس قدر البلاء. وكان لدى إحساس داخلى بأنه لن يخذلنى، وكنت أشعر بأنه قريب منى فى كل خطوة. وهذه الأزمة جعلتنى أتسامح مع الدنيا. نسيت أى إساءة حدثت من أى شخص معى، وطلبت من المحامى الخاص بى سحب كل القضايا التى أقمتها ضد أى شخص مهما كان. لهذه الدرجة المحنة جعلتك أكثر تسامحا؟ نعم لأننى اكتشفت أن الدنيا لا تستحق كل هذا الصراع. لماذا تأخذنا دوامة المشكلات، ونبتعد عن الله، الدنيا بها أمور أخرى تستحق منا الاهتمام. وإذا كان هناك جانٍ فالحق عند الله لا يضيع. أنا عشت اختبارا قاسيا من الله وفى كل ركعة أركعها، أشكره ومهما فعلت لن أوفية حقه. ما أول قرار اتخذته بعد المحنة؟ بالتأكيد العودة للغناء، لأننى اكتشفت أيضا أننى لا أستطيع أن أعيش بدونه، وبعيدا عن جمهورى العظيم الذى لم يتركنى لحظة. ولا تتخيل سعادتى وأنا فى طريقى للأستوديو لتسجيل أغانى الألبوم الجديد، كأنه يوم عيد. حفلك المقبل بالأوبرا ماذا أعددت له؟ بالتأكيد هناك أعمال من البومى الجديد، وهناك الأغنية السينجل التى صورتها مؤخرا «علمنى أسباب الفرح»، من التراث أعمال لحليم وعبدالوهاب لم أغنها من قبل. وماذا عن البومك الجديد؟ انتهيت من جزء كبير منه، وسوف يطرح خلال أول مايو. ويتضمن ألحانا لوليد سعد، ومحمد ضياء، وخالد البكرى، وخالد جنيدى، ومحمود خيامى.،والمؤلفين نبيل خلف، وهانى الصغير، ومحمد القصاص. هل مازلت متفائلا بحال الغناء؟ قبل عامبن كنت متفائلا، الآن صرت أشد تشاؤما لأن الهبوط يزيد حتى أصبح هو الواقع. كنا فى الماضى نقول إن الإعلام سوف يتصدى، الآن الإعلام يساعد على انتشارها. وهل تتخيل أننى وصلت لمرحلة الخجل وأنا أقدم الفن المحترم لأننى أشعر بأنه أصبح غريبا. الآن «إسفاف كتير يساوى نجم كبير». لأن الواضح إن مافيش ضمير. كيف ترى انتخابات الموسيقيين المقبلة فى ظل التراشق بين المرشحين؟ أشعر بالأسف بسبب التراشق بالألفاظ بين المرشحين خصوصا أنهم فنانون كبار لأن كرسى النقابة عمل تطوعى لا يستحق ذلك لكن هذا الصراع أصبح سمة لكل الانتخابات. وماذا عن اختفاء ليالى التليفزيون؟ هذا الآمر يحزننى جدا لأننى أشعر أنها تركتنا فريسة للقنوات الفضائية، وأناشد السيد وزير الإعلام بضرورة إعادتها. وكيف ترى المهازل التى تحدث فى الحفلات الشاطئية؟ للأسف الشديد هذه الحفلات أصبحت منشطات للتحرش الجنسى. فماذا تتوقع فى مكان به كم كبير من الفتيات والفتيان، ونوعية أغانى هلس. الآن الذهاب لهذه الحفلات أصبح ليس لغرض الاستماع. وما الحل؟ إيجاد مكان محترم يوضع فيه مقاعد كما يحدث فى كل الدنيا. كل هذه المشكلات التى يتعرض لها الغناء المصرى ألست معى أنها مقصودة؟ بالتأكيد أشعر أن هناك أيدى تلعب بالغناء المصرى. والدليل أن فنانا مثلى لم يغن فى دولة مثل الكويت من 20 سنة، ودول أخرى. وهذا يعود لاحتكار جهة معينة للمهرجانات. لذلك يجب أن نتكاتف جميعا كمصريين للحفاظ على رموزنا. بعد أكثر من 30 عاما من الغناء ما هى خلاصة تجربتك؟ إننى مهما قدمت مازلت أتطلع للمزيد، وأشعر كل يوم أننى لم أقدم شيئا. والفنان لكى يستمر فى العطاء لابد أن يشعر بنفس شعورى. ولابد أن يحارب نفسه حتى يقضى على الغرور. ويقدم ما يجعله فى وجدان الناس.