فى أزمة سياسية تتخذ فى الاتساع، دخل أمس عدد آخر من العسكريين فى تركيا إلى دائرة الاتهام القضائى بالشتراك فى مؤامرة للانقلاب على الحكومة الإسلامية المحافظة فى الوقت الذى لم يحدد فيه الجيش رده على عملية الاعتقالات الدائرة فى صفوفه بعد. ووجهت محكمة فى اسطنبول اتهامات إلى ثمانية ضباط آخرين بالضلوع فى مؤامرة تعود للعام 2003 للإطاحة بحكومة رجب طيب أردوغان ما يرفع عدد العسكريين الموقوفين فى هذه القضية إلى عشرين، حسبما أفادت وكالة أنباء الأناضول ووسائل الاعلام. وأوضحت المصادر نفسها أن المشتبه بهم الثمانية، خمسة ضباط قيد الخدمة حاليا وثلاثة متقاعدين بينهم اثنان برتبة جنرال، تم استجوابهم لعدة ساعات أمام المدعين قبل أن يودعوا فى سجون مدنية وعسكرية فى المدينة. وكانت المحكمة قد وجهت تهم الانتماء إلى منظمة سرية أمس الاول إلى 12 عسكريا وأدخلتهم السجن، بينهم اثنان برتبة أميرال قيد الخدمة حاليا واثنان برتبة أميرال وجنرال متقاعدين إلى جانب عدة ضباط كبار آخرين. وقررت المحكمة فى المقابل الإفراج عن عشرة مشتبه بهم آخرين. وهذه الحملة القضائية التى لا سابق لها فى تركيا تأتى إثر اعتقال نحو خمسين عسكريا فى إطار حملة اعتقالات جرت فى إطار التحقيق فى مؤامرة مفترضة تهدف إلى اسقاط حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ العام 2002. وفى غضون ذلك، كشفت صحيفة زمان التركية فى عددها الصادر أمس عن أن الاجتماع الذى عقدته هيئة الاركان التركية برئاسة الجنرال إلكر باشبوغ الثلاثاء الماضى شهد تضاربا وترددا فى الآراء بين المجتمعين. وقالت الصحيفة: إن الجنرالات أكدوا خلال الاجتماع عدم تورطهم فى أى مخططات مزعومة للانقلاب عن الحكومة بينما عرض البعض تقديم استقالته قبل أن توجه له تهم فى هذا الأمر. وعلى الرغم من ذلك لم يناقش الجنرالات فكرة إصدار بيان حاد ضد حكومة حزب العدالة والتنمية. وناقش الجنرالات ايضا نقص عدد القادة فى قيادة القوات البحرية بعد اعتقال أربعة أدميرالات فى الخدمة كجزء من التحقيق. وقالت الصحيفة ان القادة ناقشوا ايضا كيفية تأثر القوات البحرية باعتقال قادتها. وبحسب الصحيفة، يعتقد أن ضباطا نشطين جدا فى هيئة قيادة القوات البحرية يعملون ضمن جناح انقلابى. ونقلت الصحيفة عن نائب رئيس الحزب الحاكم صلاج كابوسوز قوله إنه «لا حرية لأحد فى ارتكاب جرائم، بغض النظر عن وضعه ورتبته»، مضيفا أن «من يرتكب جرما عليه تحمل تبعاته».. الذين يرتكبون جريمة يحاكومون ويعاقبون.. هذا ما تقتضيه العدالة والضمير». وأشار إلى أن كل شىء «سيعود إلى طبيعته، فلا أحد سواء كان سياسيا او عضوا فى الجيش او القضاء فوق القانون». ومن بين الحضور فى الاجتماع العسكرى، كان الجنرال سالديراى بيرك قائد الجيش الثالث الذى تم استدعاؤه مرتين أمام المدعى العام من اجل استجوابه فى التحقيق الجارى بشأن مؤامرة جماعة أرجينيكون (تضم جنرالات وصحفيين ورجال أعمال) التى كشف عنها العام الماضى. ويواجه الجنرال تهما بالاشتراك فى مؤامرة عسكرية تحت اسم «خطة التحرك لمحاربة الرجعية»، وكانت تهدف لإفشال عمل الحكومة تمهيدا للانقلاب عليها. وشنت المعارضة هجوما شرسا على حملة الاعتقالات، ووصفتها بحملة انتقام سياسى. ومن ناحيته، أكد رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلى أن العلاقات بين مؤسسات الدولة ينقصها التنسيق والانسجام، مشبها الاحوال فى تركيا حاليا بحال دولة خرجت لتوها من الحرب. واتهم زعيم الحركة القومية حزب العدالة والتنمية الحاكم بالسعى للظهور بمظهر الضحية مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية. ورجحت وسائل إعلام تركية أن الصدام المحتمل بين الحكومة والمؤسسة العسكرية قد يعجل من إجراء انتخابات برلمانية مبكرة.