رابط نتيجة الصف السادس الابتدائي 2024 الترم الثاني جميع المحافظات والخطوات كاملة    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الأربعاء 22 مايو 2024    استقرار أسعار الحديد في مصر اليوم الأربعاء 22 مايو 2024    روسيا تحذر باريس: الرد على إرسال قوات فرنسية لأوكرانيا لن يكون سياسيا    جيش الاحتلال الإسرائيلي يستهدف مراكز الإيواء في بيت «لاهيا»    من تبريز إلى مشهد: ما خصوصية المدن التي تمرّ بها مراسم تشييع الرئيس الإيراني؟    جوزيه جوميز: شيكابالا أفضل من محمد صلاح ولدى لاعبين على مستوى عالٍ    144 ألف طالب بالشهادة الإعدادية يؤدون اليوم امتحان العلوم في 790 لجنة بالشرقية    تقديم الصف الأول الابتدائي 2024.. الخطوات ورابط التسجيل عبر موقع وزارة التربية والتعليم    حالة الطرق اليوم، كثافة مرورية خانقة بهذه الشوارع والمحاور والميادين بالقاهرة والجيزة    الفائز بجائزة «المبدع الصغير» في مجال الرسم: أسرتي هي الداعم الأول لموهبتي    دبلوماسي سابق: الإدارة الأمريكية تواطأت مع إسرائيل وتخطت قواعد العمل الدبلوماسي    توافد طلاب أولى ثانوى بالجيزة على اللجان لأداء الكيمياء في آخر أيام الامتحانات    المفتي: نكثف وجود «الإفتاء» على مواقع التواصل.. ونصل عن طريقها للشباب    ما حكم ذبح الأضحية في البلاد الفقيرة بدلا من وطن المضحي؟    خفض الفائدة الرئيسية في المجر نصف نقطة مئوية    الأزهر ينشئ صفحة خاصة على «فيسبوك» لمواجهة الإلحاد    أسعار اللحوم اليوم الأربعاء 22 مايو 2024 بعد الارتفاع.. كم سجل كيلو اللحمة في مصر؟    جدول مساحات التكييف بالمتر والحصان.. (مساحة غرفتك هتحتاج تكييف كام حصان؟)    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأربعاء 22 مايو 2024    بالصور.. معايشة «البوابة نيوز» في حصاد اللؤلؤ الذهبي.. 500 فدان بقرية العمار الكبرى بالقليوبية يتلألأون بثمار المشمش    فضل يوم النحر وسبب تسميته بيوم الحج الأكبر    قرار جديد من الاتحاد الإفريقي بشأن نهائي أبطال إفريقيا    سيارة انفينيتي Infiniti QX55.. الفخامة الأوروبية والتقنية اليابانية    مبلغ صادم.. كم بلغ سعر إطلالة ماجي زوجة محمد صلاح؟    إبراهيم عيسى: التفكير العربي في حل القضية الفلسطينية منهج "فاشل"    رئيس نادي إنبي يكشف حقيقة انتقال محمد حمدي للأهلي    «روكي الغلابة».. تعرف على قصة فيلم دنيا سمير غانم الجديد    اليوم.. ختام مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة بحضور إلهام شاهين وفتحي عبد الوهاب    أترك مصيري لحكم القضاء.. أول تعليق من عباس أبو الحسن على اصطدام سيارته بسيدتين    مأساة غزة.. استشهاد 10 فلسطينيين في قصف تجمع لنازحين وسط القطاع    عاجل.. حلمي طولان يصب غضبه على مسؤولي الزمالك بسبب نهائي الكونفدرالية    افتتاح أول مسجد ذكي في الأردن.. بداية التعميم    دراسة: 10 دقائق يوميا من التمارين تُحسن الذاكرة وتزيد نسبة الذكاء    نشرة التوك شو| تفاصيل جديدة عن حادث معدية أبو غالب.. وموعد انكسار الموجة الحارة    جوميز: لاعبو الزمالك الأفضل في العالم    بينهم طفل.. مصرع وإصابة 3 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بأسوان    "رايح يشتري ديكورات من تركيا".. مصدر يكشف تفاصيل ضبط مصمم أزياء شهير شهير حاول تهريب 55 ألف دولار    دبلوماسي سابق: ما يحدث في غزة مرتبط بالأمن القومي المصري    عاجل.. مسؤول يكشف: الكاف يتحمل المسؤولية الكاملة عن تنظيم الكونفدرالية    جوميز: عبدالله السعيد مثل بيرلو.. وشيكابالا يحتاج وقتا طويلا لاسترجاع قوته    وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق.. مقترح يثير الجدل في برنامج «كلمة أخيرة» (فيديو)    ب1450 جنيهًا بعد الزيادة.. أسعار استخراج جواز السفر الجديدة من البيت (عادي ومستعجل)    حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 22-5-2024 مهنيا وعاطفيا    «الثقافة» تعلن القوائم القصيرة للمرشحين لجوائز الدولة لعام 2024    إيرلندا تعلن اعترافها بدولة فلسطين اليوم    روسيا تبدأ تدريبا لمحاكاة إطلاق أسلحة نووية تكتيكية    الإفتاء توضح أوقات الكراهة في الصلاة.. وحكم الاستخارة فيها    النائب عاطف المغاوري يدافع عن تعديلات قانون فصل الموظف المتعاطي: معالجة لا تدمير    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    طريقة عمل فطائر الطاسة بحشوة البطاطس.. «وصفة اقتصادية سهلة»    موعد مباراة أتالانتا وليفركوزن والقنوات الناقلة في نهائي الدوري الأوروبي.. معلق وتشكيل اليوم    بالصور.. البحث عن المفقودين في حادث معدية أبو غالب    أبرزهم «الفيشاوي ومحمد محمود».. أبطال «بنقدر ظروفك» يتوافدون على العرض الخاص للفيلم.. فيديو    إزاى تفرق بين البيض البلدى والمزارع.. وأفضل الأنواع فى الأسواق.. فيديو    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    قبل قدوم عيد الأضحى.. أبرز 11 فتوى عن الأضحية    خبير تغذية: الشاي به مادة تُوسع الشعب الهوائية ورغوته مضادة للأورام (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبناؤنا فى الخارج .. أهلا بكم فى وطنكم الثانى مصر
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 02 - 2010

نظم المجلس الأعلى للشباب برنامج زيارة لخمسة وفود من المصريين المقيمين فى أوروبا والولايات المتحدة. أغلب أعضاء الوفود كانوا من أبناء المهاجرين. عاشوا أغلب حياتهم خارج مصر، وبعضهم يزورها للمرة الأولى. خلال الزيارة القصيرة تجول «أبناؤنا فى الخارج» فى أسوان والبحر الأحمر، ومعالم القاهرة والجيزة. قابلوا مسئولين بالحكومة وقيادات دينية، ورفهوا عن أنفسم بجولات فى خان الخليلى ووسط البلد.
ألمانيا: مصريون ضد الحرية والتكنولوجيا
عندما يمر مهندس الكمبيوتر فريد حافظ ،22 سنة، بين تماثيل الفراعنة فى الأقصر وأسوان يشعر بالفخر، فنصفه ينتمى لألمانيا بلد العلم والتكنولوجيا، والنصف الآخر ينتمى لمصر حيث الحضارة والتاريخ.
فريد لا يعرف من العربية سوى كلمتين: ياللا، وإن شاء الله، فهو مولود ألمانيا لأب مصرى وأم ألمانية.
عندما كان فى السابعة قام فريد بمحاولته الوحيدة ليتعلم العربية، لأن «طفلا فى هذا العمر لن يجد ضرورة فى تعلم لغة لا يتكلمها»، لمجرد أنها لغة أهله فى مصر. الآن يندم فريد عندما يجد نفسه عاجزا عن التفاهم مع المصريين.
فريد، أوروبى الملامح، يقدم نفسه للمجتمع الألمانى كمصرى مسلم، لا يتناول الكحوليات ويصوم رمضان، فيما عدا ذلك يعيش كألمانى له صديقة «جيرل فرند».
«فى ألمانيا وجدت مجتمعا يتقبلنى كما أنا»، فهو فلم يواجه أسئلة عن تعارض تصرفاته مع الدين، أما فى مصر فقد كان ذلك محل استنكار وسؤال دائم، ولهذا يستبعد فكرة الإقامة الدائمة فى مصر يوما ما.
كان فريد يتوقع رد الفعل السابق المصريين، قبل السفر كانت هناك جلسة مطولة مع الأب يشرح فيها فرق العادات والتغيرات الثقافية خلال العشر سنوات الأخيرة.
حكى الوالد عن التشدد الدينى، الذى يغزو المجتمع، حتى وصل لأسرته المصرية, التى كانت ليبرالية، قبل أن تقرر شقيقته العشرينية، أى عمة فريد، ارتداء النقاب والبقاء بالمنزل.
«مش فاهم ليه؟» يتساءل فريد، فهذا الفكر فى رأيه يضعف من صورة المسلمين بعد 11 سبتمبر، «أنا أعمل وأفكر، وبهذا أدافع عن الإسلام».
الصورة الجديدة لأسرته المصرية، قللت من حماسه لقضاء أسابيع معها، بعد عشر سنوات من الانفصال وانقطاع الاتصال إلا نادرا، ولكنه سوف يجتهد ليتكيف مع الأوضاع.
إنها كارثة سياحية
خلال الفترة القصيرة التى قضاها فى القاهرة، كان تعامل المصريين مع الشارع موضع تساؤل «إنه كارثة، صدمة خاصة فى بلد سياحى»، كما يصفه فريد.
يفضل فريد الاستعانة بأحد الأصدقاء المصريين ليعبر الشارع، فتهور السائقين وعدم الالتزام بالإشارات يجعله يشعر بالخطر.
فى أول رحلة داخل القاهرة احتفظ بورقة شوكولاتة فى حقيبته، فسأله أحد الجالسين باندهاش، «لماذا لم تلقها من الشباك؟» لم يستوعب الأمر. لا ينكر فريد أن بعض الألمان قد يلوثون الشارع، ولكن هذا استثناء على عكس المصريين، ويرى أن عدم توافر سلال القمامة فى الشوارع القاهرة يشجع على إلقائها فى الشارع.
يبدى فريد إعجابه بالطريقة الدافئة للترحيب عند المصريين، ويحاول مصادقة الجميع، ولكنه بقواعد ألمانية، فتحديد الوقت الذى سوف يستغرقه أى عمل أساسى قبل الموافقة أو الرفض.
يأتى أحد الأصدقاء ليطلب من وقته خمس دقائق، «لن أتحدث ست دقائق» هذا يقول مازحا، وقاصدا لما يقول، فمدة اللقاء لم تزد على الدقائق الخمس.
قيمة الوقت وإدارته مبدأ لم يجده بمصر، فالمصريون فلا يفصلون بين العمل والاستمتاع، «أتخيل أنهم لا ينامون»، على عكس ألمانيا، فتنظم الوقت فهو مبدأ عن الألمان، الذين يقدسون العمل، «بعمل بأمانة ونستمتع بعد يوم شاق».
فريد مهندس الكمبيوتر يعمل خمسة أيام أسبوعيا من الثامنة صباحا حتى الخامسة، وبعدها يخرج مع أصدقائه ليسهروا فى أحد الملاهى الليلية. ينام خمس ساعات يوميا، أما أيام الإجازات فهى أوقات للاستمتاع فقط.
فى مصر يلاحظ فريد ما يصفه بالتأخر التكنولوجى، عندما طلب أن يدخل على الإنترنت ليجد جهازا واحدا فى المبنى الحكومى محل إقامته يتيح له ذلك، ومقارنة بألمانيا فكل ثلاثة أمتار انترنت ولاسلكى فى أى مكان حكومى، وحتى بالمطاعم والمحال.
«السبب أن المصريين ما زالوا يتعاملون مع الكمبيوتر كوسيلة ترفيه، والإنترنت كوسيلة لتحميل الأفلام، فهناك عدد من الأقارب حول العالم يتواصل معى بالإنترنت، ماعدا أسرتى المصرية التى لا تعتمد عليه كوسيلة اتصال، وربما لهذا انقطع الاتصال».
الفضول دفعه للسؤال المحيطين عن أسعار الكمبيوتر، ليكتشف أن ارتفاع أسعار التكنولوجيا بمصر قد يكون سببا آخر لذلك التأخر، فنفس اللاب توب الذى يشتريه فى ألمانيا بألف يورو، وجده فى مصر بأكثر من 8 آلاف جنيه، من وجهة نظره مبلغ كبير لا يناسب المستوى الاقتصادى للمصريين، والذى يظهر على وجوههم وملابسهم البسيطة.
لم يعرف فريد سوى ثلاثة أصدقاء مصريين بألمانيا، وفرق السن جعل التواصل سطحيا، ولكنه يصادق الآن مصريين يعيشون فى أنحاء أوروبا، ورغم أن استقراره بمصر يبدو مستحيلا، فهو لا يتنازل عن كونه مصريا ومسلما. «قد لا أكون مسلما صالحا، ولا أعرف الكثير عن مصر، ولكنى مصرى مسلم، هذا شىء لا يقبل النقاش».
النمسا: التوازن صعب ولكن ليس مستحيلاً
قبل دخولها لدار الافتاء، أخرجت إيشاربا ووضعته فوق رأسها كيفما اتفق. جيرمين صديق، مصرية نمساوية، ليست محجبة، لكنها حرصت على تغطية شعرها وارتداء ملابس ذات أكمام طويلة كنوع من احترام التقاليد قبل حضورها ندوة لمفتى مصر، على جمعة.
«معجبتنيش الأسئلة فى حوار المفتى»، والتى استفسر مسائل «بديهية» فى رأيها، مثل الحكم الشرعى للتدخين، وأكل الحلويات التى يدخل فى صناعتها دهن الخنزير. «كنت فاكرة إن المفتى حيقول خطبة يناقش فيها الأوجه المختلفة لحياة المسلمين فى الخارج، مثل علاقة الولد بالبنت مثلا».
تتحدث جيرمين العربية بطلاقة، ولكن بلكنة خفيفة، فهى تسافر إلى مصر مع عائلتها سنويا. تقول إنها تدرس الترجمة بالجامعة، وإنها تشعر أحيانا أنها «مختلفة عن كل أصدقائها فى النمسا، ومختلفة عن كل أصدقائها فى مصر»، لكن ذلك لا يسبب لها أزمة، فقد نجحت فى تحقيق التوازن الصعب، «لأن أهلنا فى البيت علمونا من سن صغيرة إننا ناخد الحاجات الكويسة من المجتمع، ونسيب أى حاجة سيئة».
«الحاجات الكويسة» فى المجتمع النمساوى هى النظام وتقديس العمل، أما السيئة فهى التحرر الزائد فى نظر جيرمين. «لكن أصدقائى فى النمسا متفهمين الاختلاف، زى مثلا إنى مش باشرب كحوليات، وباقولهم إن دينى بيمنعنى من ده».
وللحفاظ على هذا التوازن، تضطر جيرمين للقيام بمجموعة من التوفيقات والحلول الوسط. بالمدرسة الثانوية درست جيرمين مادة عن السياحة، فكانت تمتنع عن تناول الخمور أو أى أطعمة يدخل الكحوليات فى صناعتها، وإن وافقت على التدريب على تقديمها وتعلم كيفية صنعها، «ومادام مش باشربها، مش مشكلة».
تحب جيرمين سماع حوارات المذيع عمرو أديب مع الداعية التليفزيونى خالد الجندى، إلا أنها لا تتبع تعاليم الجندى بحذافيرها، فهو، على سبيل المثال، يحرم الاحتفال بالكريسماس، فى حين أن جيرمين لا تجد غضاضة فى أن تشترى هدية لأصدقائها المسيحيين احتفالا بالمناسبة. أما أهلها فى مصر فيتقبلون عدم ارتدائها الحجاب، رغم أن غالبية نساء أسرتها يرتدونه.
«مصر بقت غريبة أوى»، فأثناء رحلاتها للساحل الشمالى، لاحظت ازديادا ملحوظا فى معدل الفتيات المدخنات فى العلن، وازدياد أكبر فى تناول الكحوليات «وبقى شىء عادى جدا». لكنها تبتستم وتقول إنها «مستريحة» بوضعها الحالى، فى النصف بين الحفاظ على ما تراه يناسبها من تقاليد البلدين، ورفض ما لا يتفق مع معتقداتها.
حالة الرضا الزائد وتقبل الاختلاف الذى تنعم به جيرمين لا تعبر عن غالبية شباب الجيل الثانى من المصريين فى النمسا فى رأيها. «ما أظنش إنى ممكن أتجوز واحد من المصريين اللى عايشين هناك»، والسبب أنهم، طبقا لجيرمين، إما متقوقعون داخل عاداتهم ومصريتهم وغير قادرين على الاندماج مع المجتمع النمساوى، أو متطرفون فى التحرر ولا يفرق بينهم وبين النمساويين شىء. العنصر الرئيسى فى اتجاه الجيل الثانى هو مدى تفتح أو انغلاق أهاليهم فى رأى جيرمين، فبعض الأسر تلحق أولادها بمدارس عربية وتعزلهم عن المجتمع الذين يعيشون به. وأسر أخرى تتفرنج تماما ولا تتحدث العربية حتى بالمنزل.
ترجع جيرمين إلى سكن المجموعة المصرية فى مركز التعليم المدنى جانب برج القاهرة. «المنطقة اللى إحنا قاعدين فيها راقية مقارنة بمناطق كتير»، فالوفد المصرى يزور أرقى أماكن القاهرة، ثم يسافر فى جولة للأقصر فالغردقة. لكن جيرمين تعلم أن ما تراه فى الزيارة لا يعبر عن حقيقة الفقر المدقع فى مصر.
«وأنا فى النمسا بتابع أخبار مصر من برنامج القاهرة اليوم»، وأثناء تجولها فى القاهرة، تمر أمام عشوائيات لا تعرف اسمها، لكن نظرة عابرة من نافذة سيارتها لهذه الأحياء كافية أن تعلق عليها «مش متخيلة إن الأماكن دى تصلح لمعيشة البشر أصلا». ولا تحتاج وقتا طويلا حتى تدرك أن الواسطة والمحسوبية لا غنى عنهما أثناء التعامل مع البيروقراطية المصرية، «لأنى لما طلعت البطاقة الشخصية، وكل ماطلع أى ورق مصرى باتعب جدا».
لم تفكر جيرمن فى الاستقرار بمصر، لأن دراستها وعملها فى بلدها النمسا، وتشير إلى أن المدارس والجامعات فى مصر مكلفة للغاية، «لكن النمسا التعليم فيها مجانى تماما».
فرنسا: جيل الغربة عن كل الجذور
أمين شرطة يعتدى على طفل صغير يبيع الورد فى إشارة مرور. مشهد صدم فيرونيك ،20 عاما، المصرية الفرنسية أثناء تجولها بمدينة أسوان، تبكى وهى تتذكر تفاصيل الموقف «أنا قلت له يروح يشتكى فالناس قالو لى ما ينفعش كده فيه ضرر كبير».
شرح لها الطفل الصغير بعد ذلك أن سبب اعتداء أمين الشرطة عليه، هو أنه لم يعطه الرشوة اليومية، والتى تتمثل فى علبتى سجائر، وهى الرشوة التى تكلف الطفل أغلب مكسبه اليومى.
الموقف كان أكبر من استيعاب فيرونيك التى لم تزر مصر سوى 3 مرات على فترات متباعدة. تتساءل بعربية ركيكة «مش فاهمة، لية أولاد يبيعوا؟ لية شرطة تضرب؟ ده مش موجود فى فرنسا. ممنوع».
توضح فيرونيك أن عمل الأطفال غير موجود بالشارع الفرنسى، وإن كان التسول مهنة المهاجرين غير الشرعيين.
تتناسى الفرنسية كل ما يمكن أن يزعجها خلال الرحلة، وتستمتع بالزيارات الأثرية لترى على أرض الواقع ما درسته فى المرحلة الابتدائية بفرنسا عن تاريخ مصر، «لو مصر استمرت مثلنا، كانت تبقى أعظم دولة فى العلم والحضارة والسياسة».
فيروينك لا تهتم بالسياسة والاقتصاد المصرى، أما حياة المصريين فقد تأخذها من الأفلام المصرية، تحب عادل إمام وتسمع بموسيقى أم كلثوم، ويساعدها الأهل،
الأب والأم مصريان، والتليفزيون يعرض إما قنوات الأخبار العربية أو الأفلام المصرية، «إحنا بنعرف أخبار فرنسا بالصدفة».
تسمع فيرونيك لما يقوله الإعلام عن المشاكل بين المسيحيين والمصرين فى مصر، ولكنها لا تلمس هذا أثناء الرحلة القصيرة، ففى كل جولاتها تستعين بالمرشدين المسلمين لكى تكتشف ما تجهله فى مصر، «بس أكيد فيه حاجة أنا مش فاهماها»، فى الرحلة القادمة سوف تسافر لأسرتها بسوهاج لتقترب من الواقع وتفهم منهم ما يحدث.
فى مصر القديمة زارت الكنيسة المعلقة، إحساس بالرهبة، رائحة البخور مختلف،«حسيت إن فيها روح، غير كنائس فرنسا»، هناك تزور الكنيسة مرتين شهريا، لتجد عددا قليلا يواظب على الطقوس، كانت تتمنى قضاء عيد الميلاد هنا، ولكنها ترتبط بموعد امتحانات.
تتجول بوسط المدينة مستمتعة بمشهد زحام الشوارع، وحتى الأتوبيس المزدحم، الذى كان يصيبها بالرعب أول الأمر خوفا من احتمال سقوط واحد أو أكثر، «بس المصريين جامدين، مش بيقعوا»، تعتبر ذلك دليلا على كفاح المصريين، إلا أنه دليل أكبر على فقرهم.
هنا تقارن فيرونيك بين حال المصريين فى فرنسا، وحالهم فى وطنهم، ففى فرنسا تعطى الحكومة للأسرة معونة لكل مولود جديد، بخلاف دعم الجامعة للطالب، وفى حالة الاستقلال فى سكن بعيد عن الأهل يأخذ من الحكومة الفرنسية 600 يورو شهريا.
حلم العودة يداعبها رغم توقعها اكتشاف المزيد من السلبيات فى المجتمع المصرى، التى تجعل منه مكانا مناسبا لعملها المستقبلى فى المحاماة، « أنا خلاص عاوزة أعيش هنا، مش عاوزة أسافر».
عضوية الوطنى مقابل البطاقة الانتخابية
أنجح سنوات الجالية المصرية
جمعيات الصداقة فى الخارج (حبر على ورق)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.