تصادف الخميس الذكرى العشرين للإفراج عن نلسون مانديلا الذي كان إيذانا ببدء عهد الديمقراطية في جنوب أفريقيا، البلد الذي لا يزال يعاني من الانقسامات. وأنقذ حزب المؤتمر الوطني الإفريقي بزعامة مانديلا البلاد من حرب أهلية ونقلها إلى عهد من الديمقراطية في تحول سيبدو جليا لدى استضافة هذا البلد بطولة كاس العالم لكرة القدم هذا العام. ولكن بعد عشرين عاما على الإفراج عن مانديلا، تبدد الفرح بخروج جنوب أفريقيا من حكم الأقلية البيضاء لتحل محله الانتقادات للحكومة التي تجد صعوبة في تلبية الاحتياجات الهائلة للشعب وخاصة الفقراء فيه، حسب ما يرى المحللون. وقال موليتسي مبيكي من معهد جنوب أفريقيا للعلاقات الدولية "كان هناك أمل كبير بقيام فجر جديد. وقد تضاءلت روح التفاؤل والأمل هذه بشكل كبير". وقال مبيكي أن "الناس يسألون أنفسهم: ما الذي يفعله حزب المؤتمر الوطني بالضبط في جنوب أفريقيا سوى أن أعضاءه يشترون لأنفسهم سيارات كبيرة ويدفعون لأنفسهم رواتب طائلة كوزراء". ويغتنم الرئيس جاكوب زوما ذكرى الإفراج عن مانديلا الخميس ليلقي خطابا عن حال الاتحاد يتوقع أن يستذكر فيه التفاؤل الذي ساد قبل عقدين وان يقدم تقييما صريحا للمشكلات التي تثير القلق لدى العديد من الجنوب أفريقيين ومن بينها تدهور وضع المدارس والفقر المتواصل وانتشار الجريمة. وفي إشارة إلى ارث مانديلا، يتوقع أن يدعو الخطاب إلى الوحدة والمصالحة. إلا أن الجنوب أفريقيين لا يتطلعون إلى وعود بل إلى تطبيق عملي لها، كما ترى سوزان بويسين من جامعة ويتواترسراند. وقالت لوكالة الأنباء الفرنسية "التوقعات عالية جدا"، مؤكدة أن الفوز الذي حققه حزب المؤتمر الوطني في انتخابات العام الماضي كان سببه وعوده بمحاربة الفقر وتحسين الخدمات العامة. وقالت "أعتقد أن الحزب يدرك أن الفوز الذي حققه ليس خال من الشروط، وعليه أن يعمل بشكل متزايد للحصول على مزيد من الدعم من قبل الناخبين. وسيكون التركيز على التطبيقات العملية". ومنذ فوز حزب المؤتمر الوطني بأول انتخابات قبل 16 عاما، أدى النمو الاقتصادي الثابت إلى ظهور طبقة متوسطة من السود، مع تمكن عدد اكبر من الفقراء من الحصول على السكن والكهرباء والخدمات الصحية. إلا أن جنوب أفريقيا لا تزال تسجل اكبر هوة في العالم بين الفقراء والأغنياء، طبقا لدراسة أجريت العام الماضي. ولا تزال البطالة عند معدل 30%. ويصل عدد ايجابيي المصل إلى نحو 7،5 ملايين شخص من أصل عدد سكاني قدره 48 مليون نسمة. كما تنقسم المدارس ما بين مدارس مرموقة للأغنياء في المدن، ومبان متهالكة للفقراء في القرى. كما تنتشر الجريمة التي تؤدي إلى مقتل نحو 50 شخصا يوميا. وقالت بويسين "إذا نظرنا إلى انعدام المساواة والبطالة ونقص التنمية -- وهي لعنات جنوب أفريقيا الثلاث -- فان جنوب أفريقيا المعاصرة لا ينطبق عليها في الحقيقة وصف معاصرة". وتفجر الغضب بين الفقراء من السود على شكل احتجاجات عنيفة العام الماضي. ووعد زوما مرارا بتحسين أداء الحكومة. ورأى فرانس كرونجي من معهد جنوب أفريقيا للعلاقات العرقية أن "التحديات الماثلة أمام زوما ضخمة". وأضاف "التوترات كبيرة والغضب في الأوساط السوداء الفقيرة يزداد بشكل كبير وأداء الحزب الحاكم مخيب للآمال". وقال أن "الأمور التي كان يتوقع أن يكون أداء حزب المؤتمر الوطني فيها سيئا، مثل كيفية إدارة اقتصاد حديث، كانت جيدة. والأمور التي كان يتوقع أن يصلحها مثل الظروف المعيشية والتعليم والجريمة، تعمها حالة من الفوضى". ويتوقع كرونجي أن يعكس خطاب زوما تجارب الحياة اليومية التي يعيشها سكان البلاد، كما سيهدف إلى تخفيف حدة الإحباط بينهم عن طريق الاعتراف بإخفاقات الحكومة. لكنه لفت إلى أن "ذلك لن يجدي نفعا إذا لم يتمكن الحزب من إصلاح الأمور الأساسية مثل المستشفيات والمدارس ومراكز الشرطة". وأضاف "أن البريق بدأ يخبو. اعتقد أن الأمل في هذه الدولة تبدد في أعين الجميع باستثناء بعض المراقبين الدوليين السذج". وتعتزم عائلة مانديلا الاحتفال بذكرى الإفراج عنه الخميس في سجن فيكتور فيرستر الذي كان معتقلا فيه، ولكن من غير الواضح أن كان مانديلا - 91 عاما - الذي تزداد صحته تدهورا، سيحضر هذا الاحتفال.