بوصفه "كائنا اجتماعيا"، كما عرّفه الفيلسوف اليوناني أرسطو، فإن الإنسان يميل دائما وبشكل غريزي إلى بناء وتكوين علاقات مع أقرانه. وتتعدد طرق التواصل مع توالي الحقب والأزمان، فمع توسّع المجتمعات، بات الإنسان في حاجة إلى مراسلة غيره بنطاق أكبر من المشافهة، ثم تطور الأمر أكثر ليكون عبر برامج وتطبيقات الإنترنت. ورغم مميزات السرعة والسهولة، فإنه لا يزال هناك مذاق مختلف مهما مر الزمن للرسائل المكتوبة بخط اليد، وعبّر عن ذلك الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، بقوله: "الكلمة المكتوبة على الورق باقية، والكلمة المسموعة على الإذاعة والتلفزيون عابرة، والكلمة المكهربة على الكمبيوتر فوّارة، وهي مثل كل فوران متلاشية". ومن منطلق تعبير هيكل، فإننا سنقوم بدور "البوسطجي"، وننقل عبر حلقات مسلسلة مجموعة من الرسائل الخطية، التي كُتبت على يد سياسيين بارزين ومفكرين أعلام ومواطنين عاديين، الذين رغم الاختلاف والتباين الظاهري، إلا أنهم اشتركوا جميعا في التعبير عن واقع وروح الفترة الزمنية التي عايشوها. وإلى الحلقة الخامسة.. لا تغفل الشخصيات البارزة والمؤثرة الحديث عن أمهاتهم وأثرهن الكبير في تربيتهم ومساعدتهم في بناء نجاحاتهم وأمجادهم المهنية؛ لذا قد يكون التعبير عن ذلك بالكلمات غير كافٍ، لكنه يظهر كثيرا من مشاعر الحب والعرفان بالفضل. كتبت الفنانة الكبيرة سعاد حسني رسالة خطية لوالدتها بمناسبة عيد الأم، ونشرتها الكاتبة ولاء جمال في كتابها "سعاد حسني بخط يدها" الصادر عن "دار بتانة" عام 2018. وجاء نص الخطاب كالتالي: "إلى أمي.. إلى الإنسانة العظيمة الصبورة الحنونة الطيبة، إلى الأم التي كافحت من أجل أولادها وتحملت في سبيلهم الكثير، إلى أمي الجميلة العظيمة، لك مني كل الحب والتقدير والاحترام والإخلاص.. وأدعو الله أن يوفقني دائما لإدخال السرور إلى قلبك الرقيق، وشخصك النبيل يا أجمل الأمهات.. ابنتك المخلصة سعاد". وفي جانب آخر، عبّرت السندريلا عن فلسفتها للحياة، من خلال خواطرها التي كانت تكتبها في أوراقها الخاصة، التي جاء في إحداها: "إن قيمة الحياة في أن نحياها، في أن نحيا كل يوم منها وكل ساعة، والشيء الأكيد في هذه الحياة هو الذي نعيشه فيها، فلماذا نشوه جمال لحظتنا ويومنا هذا بحمل هموم المستقبل الذي يخضع لقانون التغيير". وغدا ينقل "البوسطجي" خطابا جديدا..