بوصفه "كائنا اجتماعيا"، كما عرّفه الفيلسوف اليوناني أرسطو، فإن الإنسان يميل دائما وبشكل غريزي إلى بناء وتكوين علاقات مع أقرانه. وتتعدد طرق التواصل مع توالي الحقب والأزمان، فمع توسّع المجتمعات، بات الإنسان في حاجة إلى مراسلة غيره بنطاق أكبر من المشافهة، ثم تطور الأمر أكثر ليكون عبر برامج وتطبيقات الإنترنت. ورغم مميزات السرعة والسهولة، فإنه لا يزال هناك مذاق مختلف مهما مر الزمن للرسائل المكتوبة بخط اليد، وعبّر عن ذلك الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، بقوله: "الكلمة المكتوبة على الورق باقية، والكلمة المسموعة على الإذاعة والتلفزيون عابرة، والكلمة المكهربة على الكمبيوتر فوّارة، وهي مثل كل فوران متلاشية". ومن منطلق تعبير هيكل، فإننا سنقوم بدور "البوسطجي"، وننقل عبر حلقات مسلسلة مجموعة من الرسائل الخطية، التي كُتبت على يد سياسيين بارزين ومفكرين أعلام ومواطنين عاديين، الذين رغم الاختلاف والتباين الظاهري، إلا أنهم اشتركوا جميعا في التعبير عن واقع وروح الفترة الزمنية التي عايشوها. وإلى الحلقة الرابعة.. نحتفل اليوم بعيد تحرير سيناء، وهي ذكرى عزيزة على القلوب، وشاهدة على عزيمة وإرادة أبناء مصر، فالانسحاب الإسرائيلي الكامل من سيناء (أبريل 1982)، كان خطوة من تنفيذ "معاهدة السلام" التي كان لمصر موقفا تفاوضيا قويا بها، بفضل النصر العسكري الذي ضربت به إسرائيل. وفي تلك الذكرى، نستعيد من التاريخ إحدى اللحظات البارزة، وهي توجيه الرئيس الراحل أنور السادات بخطة الحرب للقائد العام للجيش، التي كتبها بيده في 5 أكتوبر، عشية يوم العبور، وتم حفظها ب"متحف السادات" في مكتبة الإسكندرية، وكان نصها كالتالي: "إلى الفريق أول أحمد إسماعيل وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة.. بناء على التوجيه السياسى العسكرى الصادر لكم منى فى أول أكتوبر 1973، وبناءً على الظروف المحيطة بالموقف السياسى والاستراتيجى، قررت تكليف القوات المسلحة بتنفيذ المهام الاستراتيجية الآتية: إزالة الجمود العسكرى الحالى بكسر وقف إطلاق النار اعتبارا من يوم 6 أكتوبر 1973. تكبيد العدو أكبر خسائر ممكنة فى الأفراد والأسلحة والمعدات. العمل على تحرير الأرض المحتلة على مراحل متتالية حسب نمو وتطور إمكانيات وقدرات القوات المسلحة". وغدا ينقل لكم "البوسطجي" خطابا جديدا..