قالت مصادر قضائية إن خلافا نشب بين إدارة مجلس الدولة من ناحية والمستشارين الراغبين فى عقد جمعية عمومية لإعلان رفضهم تعيين قاضيات إناث بالمجلس، بسبب اختلاف الطرفين على العدد المحدد لاكتمال النصاب اللازم لانعقاد الجمعية العمومية، وإصدار قرارات تعتبر بمثابة توصيات للمجلس الخاص، أعلى سلطة إدارية بمجلس الدولة. وأوضحت المصادر أن إدارة المجلس طلبت الاعتداد بأعداد المستشارين المعارين إلى الخارج عند حساب النصاب القانونى للجمعية، لكن الفريق الرافض لتعيين القاضيات تمسك بأن يكون نصاب الانعقاد هو نصف عدد المستشارين العاملين بمحاكم وأقسام مجلس الدولة داخل مصر، بالاستناد إلى عدم الاعتداد بأعداد المستشارين المعارين فى الجمعيات العمومية العادية الخاصة بالترقيات وانتخاب رئيس المجلس. وبلغ عدد الموقعين على وثيقة الدعوة إلى الجمعية العمومية حتى الآن 110 مستشارين، بعد موافقة المستشار محمد الحسينى، رئيس مجلس الدولة، على الدعوة إليها، تنفيذا للقانون الذى يسمح بانعقاد الجمعية بدعوة 5 مستشارين فقط. ورجحت مصادر أن الأمانة العامة لمجلس الدولة ستدعو لعقد الجمعية العمومية خلال الأسبوع المقبل، على أن يرأسها أكبر الحضور سنا، وهو فى الغالب المستشار محمد عبدالغنى، رئيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع والنائب الأول للحسينى، الذى تردد أنه لن يحضر الجمعية، خصوصا أنها ستناقش قرارا هو من اقترحه وتبناه منذ انتخابه رئيسا للمجلس. وبذل بعض القضاة الرافضين لتعيين المرأة جهودا خلال الأيام الماضية، لإقناع الحسينى بالحضور، فى محاولة لإثبات أن الخلافات حول تعيين القاضيات لن تؤثر بالسلب على علاقتهم بالحسينى، وأنها لن تسبب انشقاقا بين أعضاء الهيئة القضائية. ولم يتفق القائمون على عقد الجمعية العمومية حتى الآن على صيغة السؤال الذى سيطرحونه على المستشارين للإجابة عنه ب«نعم» أو ب«لا» والأرجح أن يكون السؤال بصيغة «هل توافق على تعيين قاضيات إناث فى مجلس الدولة؟». لكن بعض القضاة أكدوا أن الجمعية ستناقش عدة احتمالات، منها رفض تعيين قاضيات بصفة عامة، أو الموافقة على تعيينهن هذا العام فقط وفتح الباب للخريجين الذكور فقط فى العام المقبل، حتى لا يقع أعضاء المجلس الخاص فى حرج بعدما اختبر الخريجات الإناث، وحصل بعضهن على درجات أعلى من الذكور فى المقابلات الشفهية. كما ستناقش الجمعية اقتراحا آخر بقبول تعيين القاضيات بنسبة ضئيلة لا تتجاوز 10 % من إجمالى المقبولين للعمل بوظيفة مندوب مساعد بالمجلس، على أن تعود الجمعية العمومية للانعقاد العام المقبل لتقرير مدى نجاح تجربة تعيين القاضيات، والموافقة على تكرار تعيينهن من عدمه. وفى السياق ذاته، علمت «الشروق» أن أغلب أعضاء المجلس الخاص المكون من رئيس مجلس الدولة وأقدم 6 من نوابه، اتفقوا على المضى قدما فى تعيين القاضيات، بغض النظر عن قرار الجمعية العمومية المرتقبة، وما ستسفر عنه الجلسة الخاصة بمناقشة توصياتها. وتضمنت أسباب هذا الاتفاق أن قرار فتح باب التعيين للخريجات الإناث قد تحصن إداريا، ولم يعد من السهل الرجوع فيه، خصوصا أن أى قرار مخالف سيكون عرضة للطعن أمام المحكمة الإدارية العليا من قبل الخريجات. كما برر المجلس الخاص إصراره على تعيين قاضيات، بأنه السلطة الوحيدة المختصة بالتعيينات والإجراءات الوظيفية للعاملين بمجلس الدولة من قضاة ومدنيين، وأن قرار تعيين قاضيات شأنه شأن قرارات إعارة القضاة وندبهم للجهات الحكومية، لا يتصور أن يتم تغييره بقرار الجمعية العمومية غير العادية لمستشارى المجلس. خلوصى: مجلس الدولة أولى ببنات أعضائه قال المستشار صدقى خلوصى، رئيس هيئة قضايا الدولة، إن الهيئة تعين الخريجات بصورة دورية وثابتة، وأن عدد عضوات الهيئة ارتفع إلى 178، بعد قبول 24 خريجة فى حركة التعيينات الأخيرة بالهيئة، وأضاف، فى تصريحات خاصة، إن هيئتى قضايا الدولة والنيابة الإدارية تعينان الإناث سنويا، ومعظم الإناث العاملات فى الهيئتين هن بنات قضاة المحاكم العادية ومجلس الدولة، ومجلس الدولة أولى ببنات أعضائه». وتابع إن مجرد قبول المرأة للعمل كقاضية فى محاكم الأسرة والمحكمة الدستورية العليا، يفتح الباب أمام تعيين الإناث فى سلك القضاء العادى والإدارى، كما أن مجلس الدولة يضم أقساما تناسب طبيعة المرأة بعيدا عن منصة القضاء، مثل إدارات الفتوى وهيئة مفوضى الدولة والمكاتب الفنية للمحاكم. وردا على تخوف بعض القضاة من انشغال الإناث بعد تعيينهن فى السلك القضائى بأسرهن وأطفالهن، ذكر خلوصى أن العديد من القضاة يتعرضون لوعكات صحية وأمراض مزمنة تحول بينهم وبين عملهم لمدد زمنية طويلة، وأن هذا السبب لا يجوز أن يكون السبب الوحيد لرفض تعيين المرأة قاضية، مبديا ثقته فى أن المجلس الخاص، أعلى سلطة إدارية بمجلس الدولة، لن يعود عن قرار فتح باب التعيين لخريجات كليات الحقوق والشريعة والقانون دفعتى 2008 و2009.