فى أعقاب الصدمة التى جاءت بعد هزيمة 67 بدا أن عقدة العقد فى الموقف كله هو الوضع الدولى. فى الداخل يستطيع أى طرف موجود أن يحصل على ثقة الناس بشكل أو بآخر وأن يجمع الجبهة الداخلية وأن يضم صفوفها وأن يعبئها للمعركة. وفى الخارج، فى الإقليم تحديدا كان من الممكن أن يستثير واقع الصدمة همما، وأن يستدعى نسيان خلافات سابقة طويلة، ووضع أساس جبهة عربية تقوم عليها جبهة شرقية طبقا لاستراتيجية متصورة لمعركة حتمية قادمة. لكن الوضع الدولى لا يستطيع طرف محلى أن يتحكم فيه أو يديره وحده أو يتصور أن القرار فى يده. وهناك مسألة مهمة جدا، هى وجود حالة من استقطاب قوتين فى المنطقة، القوة الأولى هى الاتحاد السوفيتى الذى ساندنا بشكل أو بآخر والحقيقة إلى مدى كبير، وقوى كبرى غربية لها عندنا مصالح طائلة لكنها تساعد الطرف الآخر وهو إسرائيل بتصور إن إسرائيل هى الدولة القادرة على ضبط الإيقاع فى المنطقة بالقوة، وهذا هو المنطق الأمريكى على أى حال. وهناك أسلحة تبيعها أمريكا للدول العربية لكن هذه الأسلحة لا تقاتل وهذا واضح ومعروف، ولن تستطيع أمريكا لا اليوم ولا غدا ولا حتى بالأمس أن تعطى أى أسلحة لطرف عربى يقاتل بها إسرائيل، فالسلاح الوحيد الذى كان موجودا فى ذلك الوقت هو السلاح السوفيتى والسلاح السوفيتى ليس متاحا بأى طريقة كما يتصور البعض، فالسلاح السوفيتى تحكمه سياسات الدولة السوفيتية. إشارات متناقضة وعلى الجانب السوفيتى كانت هناك مشكلة واضحة جدا أظن أنه من مخاطر ما جرى فى 67 أن نحسن فهم الأوضاع السوفيتية خصوصا فى ذلك الوقت، لأن القوة السوفيتية كانت تدخل وأريد أن أوضح أننا نتحدث عن دولة لم تعد موجودة على خريطة العالم ولم يعد هناك ما يسمى بالاتحاد السوفيتى لكنها كانت قوى خطيرة وكبيرة وتبدو ظاهريا متماسكة كانت هناك أشياء أخرى لم نكن متنبيهن لها بالقدر الكافى، ونحن بالفعل نعرف أشياء ونسمع لغات تبدو متناقضة فالعسكريون مثلا نجدهم يتحدثون عن شىء والسياسيون عن شىء آخر، ونجد مِن العسكريين مَن يشجع ما هو غير متصور أو أكثر مما هو متوقع ونجد من يحذر من الخطورة والسياسات، والذى غاب عنا فى ذلك الوقت أن هذا كله وراءه شىء يتمثل فى بنيان الدولة السوفيتية فى حد ذاتها، أضيف إليه حجم الصراعات والاختبارات التى دخلت فيها بعد الحرب العالمية الثانية، فيما يتعلق بالقوة السوفيتية فنحن لم ندرس بالقدر الكافى العلاقات بين الدولتين. هناك خطأ أساسى حدث فى بنيان الاتحاد السوفيتى، فعندما واجهت الإمبراطورية الروسية القديمة ما بعد الحرب العالمية الأولى لينين بأحلامه وتصوراته والذى تصور أنه يستطيع حل مشكلة الأقليات بتصور العقيدة المشتركة ووحدة العمال وحقوق العمال والفلاحين، تصور أن العقيدة السوفيتية تستطيع أن تغطى كل تناقضات الإمبراطورية القومية والوطنية والعرقية، ومشكلة الوطنيات وقتها لم تجد حلا، جمهوريات كثيرة ضمت للاتحاد السوفيتى، وفى العصر الإمبراطورى أوكرانيا وروسيا وجورجيا وأرمينيا وكازخستان. وبالتالى نحن أمام كيان غطت عليه عقيدة مشتركة وقوة بدت لنا مؤثرة وهى بالفعل مؤثرة لكن القاعدة تحت هذه الهيبة، وتحت هذا الغطاء الكبير الذى يسمى الاتحاد السوفيتى كان هناك كم كبير من التناقضات ولذلك كان هناك خطأ فى ترجمة الإشارات، فعندما وقف جريتشكو مع شمس بدران تحت الطائرة وقبل نشوب معارك يونية وقال: «إحنا معكم وسنسير معكم»، ونجد بعد ذلك كوستيجين يحذر ويقول: «لا توصلوا الأمور إلى صدام»، وهناك بلد أمامى قوى جدا والإشارات التى تأتى منه أنا لا أحسن ترجمتها وبالتالى عندى مشكلة لم نكن متنبهين لها فى اعتقادى بالقدر الكافى وأعتقد أنه فى هذه الفترة أديرت فى مصر، أوسع مناقشة على الاستراتيجية المتصورة فى مصر فى كل تاريخها، على الأقل، إما قرأت عنه أو تابعته، وفى هذه الفترة اعتقد أن جمال عبدالناصر أنه كان فى حاجة شديدة جدا لعملية إعادة فهم وإعادة تقييم وإعادة دراسة الوضع الدولى كله، لأنه وضع أمامه الاتحاد السوفيتى وعدة مواقف رآها علنا وبعضها متناقض، فهو على سبيل المثال استمع لكلام أنور السادات لما مر على موسكو قادما من كوريا 11 مايو وتحذير لأنور السادات كان واضحا أن هناك عمليات على سوريا، لكن فى يومين قال كوستيجين شيئا آخر غير كلام سيمونوف لأنور السادات، واستغل الأمريكان التناقضات فى الموقف السوفيتى. ففى يوم 27 يوينو لما ذهب السفير السوفيتى وأيقظه من النوم يقول له إن هناك معلومات وصلت للأمريكان فى هذه اللحظة من الإسرائيليين تقول إنكم تستعدون للهجوم. وطلب عدم تعقيد الموقف وكانت هذه رسالة لكوستيجن ينقلها عن وزير خارجية أمريكا دين كوراس والمسألة الأخرى أن هناك تيارات أمريكية يوم المعارك والانسحاب يوم 6 و7 ومرت وقتها 6 طائرات أمريكية فوق سيناء ومسحت كل المسافة جنوبا من ناحية البحر الأحمر وعبرت وهبطت على حاملة طائرات فى البحر الأبيض ومرت فوق سيناء. ولم يأت إيضاح من الأمريكان حول هذا الأمر وجاء من كوستيجن لجمال عبدالناصر يقول له إنه اتصل به أمريكان وأبلغوه بعدم القلق من هذه الطائرات التى عبرت الأجواء المصرية لأنها فى مهمة بريئة هى الكشف عن محالاوت التحرش الإسرائيلى فى البحر الأبيض وهم يريدون كشفها ويحددوا موقفهم منها، ولذا مروا من سيناء تقليلا للإجراءات، فكيف يمكن أن يستخدم الأمريكان الاتحاد السوفيتى وسيلة لإبلاغ الرسائل؟!، وهذه حالة كان يجب دراستها فيما يتعلق بالاتحاد السوفيتى. وهنا أنت لديك طرف تعتمد عليه كجزء أكبر مما تريد ومما هو مطلوب فى المعركة، ومن ناحية أخرى أنت حائر فى تصرفاته ولا تستطيع أن تحدد فيها شيئا إلى جانب ظهور شىء آخر كان أمامنا هو وجود عملية تشجيع أمريكى بشكل ما وتراجع سوفيتى بشكل ما وهو الأمر الذى أنهى الحرب الباردة، وكلا الطرفان أرهقهما الحرب الباردة لكن أحدهم لديه موارد كبيرة جدا لم تحدد وآخر لديه موارد محدودة ونكتشف بعد ذلك أنها لم تزد عن ثلث ما كانت عليه الموارد الأمريكية، ويبدو بشكل ما عدم وجود تكافؤ فى القوى لكن السلاح والقدرة النووية والردع المتبادل، والترسانة النووية الموجودة عند كل طرف كانت تغطى على كثير من الحقائق وخلقت نوعا فى تصورى من المساواة المؤقتة التى لا يحسب عليها لمدة طويلة. لكن فكرة الحرب النووية مستبعدة بالكامل والموازين هنا لا بد من مراعتها لأنها سوف تحدث آثارها على وجه التحديد، وفى ذلك الوقت أنا اتصور أن جمال عبدالناصر كان منهمكا للغاية ويتعلم من جديد. وكان يمتلك خاصية السمع كثيرا ويكتب مذكرات لما يسمعه، ولم أرى فى حياتى فى التاريخ الكم الذى كان يكتبه وهى أوراق لا حدود لها، والدهشة هنا أين الوقت الذى كان يكتب فيه كل هذا؟!. وكان لدى عبدالناصر استعداد كبير أن يسمع لأى أحد له فائدة، وعندى قائمة باسماء الذين حضرت مناقشاتهم. حد السيف وفى هذا الوقت بدا أن هناك مناقشات واسعة وتبلور خط الذى أسميه حد السيف وهذا الخط مقتضاه أن جمال عبدالناصر يدرك أنه فى هذا الصراع القادم سينتهى بشكل أو بآخر، والصراع الدولى القادم سينتهى بشكل أو بآخر، والاتحاد السوفيتى تغير أمور عدة فيه، وأن هناك حربا باردة وهذه الحرب سوف تنتهى وهذه الحرب ستنتهى بفوز أمريكى لكن طبقا لما سمعناه من جنرال ديبو أن أمريكا ستخرج متعبة جدا من هذه الحرب. لكن فى واقع الأمور قواعد المواجهة بدأت تتغير وحدث فيها تبدل لصالح الأمريكان مع نوبات يقظة واضحة من جانب السوفيت، ويصل الاستفزاز إلى مداه ويعلو صوت العسكريين ويعلو الصوت فى حماية الرغبة السوفيتية وكان السؤال هو كيف يمكن الاستفادة من هذا الوضع المتقلب المتغلب وكيف نجعل هذه المعركة تحدث فى هذه التوقيتات وباختصار تحددت الاستراتيجية فى ذلك الوقت، أولا أن المقاومة المصرية هى الأساس، والشىء الثانى هو ضرورة بناء جبهة شرقية لكى لا يكون الصراع مصرى إسرائيلى ولكن عربى إسرائيلى وفلسطين هى محوره حتى فى الحرب المصرية، أما الشىء الثالث والأهم هو كيف يمكن رفع درجة الصراع ولو همسة ولو بأى قدر من المستوى الوطنى إلى المستوى الإقليمى والدولى، وكيف نجعل الاتحاد السوفيتى فى بعض لحظات يشرع أنه يقاتل فى وطنه ويقاتل من أجله هو أيضا يمسه وهو أيضا قضية أمنه، وبدت وجود سياسة حد السيف، وقلتها لجمال عبدالناصر هذه السياسة بتصورات هذه المرونة بتصورات هذا التنبه بتصورات التى تقتضى الاتصال بالأمريكان لا يمكن استبعادهم وبتصورات أوروبية، ولكن نعتمد فى الدرجة الأولى على الاتحاد السوفيتى كسند سياسى وكمورد سلاح هذه، وكان رأى جمال عبد الناصر أن الأمر يقتضى صبر وأننا بعد المعارك وإعادة التنظير وما جرى نحن فى حاجة إلى فتح أبواب الاتحاد السوفيتى بسرعة وأى هرولة للاتحاد السوفيتى قد تظهر أمامهم فى هذه الظروف المعقدة بأننا ذاهبين إليهم لاجئين وهذا أسوأ وضع يمكن أن توضع فيه أمة أو شعب خصوصا فى مرحلة معقدة جدا. والقضية كانت كيف نفتح الباب، خصوصا أن الاتحاد السوفيتى مأخوذ بشكل ما جرى وأن الزعماء بعضهم ذهبوا فى إجازة والقيادة الثلاثية وكوستيجن الذى كان موجودا فى موسكو، وبرجيت كان موجودا على البحر الأسود وكان من الواضح أن الأزمة سارت بأسرع مما كان متوقع، فهم صدموا ونحن أيضا صدمنا وأعدنا ترتيب أوضاعنا بضرورات الأشياء لأن تعيين قيادة جديدة كان لا يحتاج لمناقشة، وتعيين مجلس أركان حرب جديد أمر لا يحتاج مناقشة ونحن كنا نتكلم من الناحية السياسية. الضغط على السوفيت أمامى الآن بعض الوثائق الخاصة بهذه المرحلة فهنا رسالة تبين حالة الاتحاد السوفيتى من السفير المصرى مراد غالب فى موسكو يقول إن السوفيت يشعرون بحرج شديد جدا لأن هناك تصريحات فى الصحف فى القاهرة وغير القاهرة تحاول الصاق تهم بهم والتلميح باشتراكهم فى مؤامرة ضد العالم العربى مع الأمريكان، الأمر الثانى لاتزال المعركة دائرة ضد الاستعمار الغربى وعلى رأسه الولاياتالمتحدة. الكلام كان فى القاهرة أن الروس خذلونا وليسوا كفيلين بينا ولكن طبائع الأشياء كانت تحتم الاعتماد عليهم لدرجة معينة وحقائق الأشياء كانت تبين أن الآخرين أخذتهم الأزمة لكنهم يرون لوما شديدا لهم فى القاهرة وغير القاهرة لأن العواصم العربية كانت مستفزة. ومن الطبيعى أن يكون مراد غالب فى موسكو قلقا والغريبة أنه جاء له رد أنه إذا ذهبنا للاتحاد السوفيتى إذن موقفنا سيأخذ مسار آخر لأنه لا مجال لا أحد فى العالم الدولى أن يقنع الآخرين بمساعدات بدعوى العطف والعاطفة فى اللغة الدولية ليس لها وجود والموجود فقط فى الحقائق الدولية وهذا ما يعتمد فى هذه اللحظة ونحن مكسوفين دوليا لأبعد مدى بعد المعركة وبعد الصدمة بصرف النظر عن كل ما حدث لكن المجتمع الدولى، وبالتالى نحن نحتاج للاتحاد السوفيتى ولكن بشكل معين ونحتاجه بطريقة وبأسلوب مختلف. وينتهز الرئيس جمال عبدالناصر حاجة الرئيس العراقى عبدالرحمن عارف للاتحاد السوفيتى لأنه يريد أن يأخذ سلاحا أكثر من ما نأخذه وأعطوه أسلحة دفاعية، وأن الأمريكان كانوا سيعطونه أسلحة أكثر. لكن الرئيس جمال عبدالناصر قد أرسل رسالة يقول فيها عندى رأى وهو سفركم إلى موسكو وإبلاغهم أن الموقف السوفيتى المتردى سيضر بنا ولا بد من مساعدتنا لاستئناف الحرب وما رأيك. وهنا عرض جمال عبدالناصر بعد أن قررنا وقف ما هو موجود فى القاهرة وغير القاهرة، وأنه لا بد من أن نتبع سياسة ضبط النفس ونترك عبدالرحمن عارف للذهاب للاتحاد السوفيتى، وهناك قصد من ذلك أن هناك دولتين ليس لديهم ضغط أرض محتلة وكلا الدولتين دولة بترولية غنية وكلتا الدولتين موجودة فى موقع حاكم، فالعراق موجودة على رأس الخليج والجزائر موجودة وسط البحر الأبيض، وفى امتداد المغرب العربى، فيذهب عبدالرحمن عارف ويذهب بومدين ويذهبوا وقد أشرت لمحضر المقابلات هناك فى موسكو، وأظن أننى كل ما أرجع لأقرأ هذا المحضر، وتكرم وأرسله لى الرئيس بومدين لأنه كان يعرف أننى مهتم، وأرى فى هذا المحضر أشياء لم أكن أستطيع أن أقولها فى ذلك الوقت، والمشهد المشهور أن الرئيس عبدالرحمن عارف بطبيعته رجل خجول وهادئ ولا يتحدث كثيرا، لكن بومدين قائد التحرير الجزائرى وهو أزهرى تعلم فى الأزهر وثورى عاش الثورة فى الداخل. وكان بومدين يستطيع أن يقول كلاما لا أحد يستطيع قوله فهو الذى دفع ثمن الأسلحة مقدما بشيك بمائة مليون إسترلينى وطالب وقتها بالسلاح، لكن كوستيجن رفض هذا العرض وقال إن الاتحاد السوفيتى ليس تاجرا للسلاح، ونجد كوستيجن يقول له إنهم أعطوهم أفضل الأسلحة وأنهم سلموها لإسرائيل، وأنهم حصلوا على الطائرات والدبابات وأن الأسلحة التى يقولون عنها غير كافية وليست كفء، يحارب بها الفيتناميون، ولم يكن يعرف أحد وقتها الرد على بومدين فقال له أننا رجال لا نعرف إلا قيادة الإبل فإذا أردتم أن تحاربوا معنا فلا أمانع وأرسلوا لنا خبراء وقوات دفاع جوى. ولم يكن حديث بومدين بحدة لكن هناك من أبلغ الاتحاد السوفيتى، أن هناك حالة استياء عربى من ترددهم إلى آخره. لكن كلام بومدين له أصداء نسمعها ونضعها فى سياقها وتبدو أمامنا أنها متسقة مع صورة عامة معينة، وأجد فجأة دون مقدمات والطرف المصرى صامت لا يتحدث، تاركا حملات على الاتحاد السوفيتى، ويعيد تقدير موقفه ويحاول فهمه ويترك زعماء آخرين عرب يتحدثون بقوة فى هذه الظروف لكن أجد فجأة رسالة قادمة والقادة العرب فى موسكو من مرشن زاخروفل للفريق فوزى يوم 13 تقول إنهم سيحضرون بعد غد ويطالبون ببدء المحادثات على الفور، وينقل الفريق فوزى ما قيل له لجمال عبد الناصر ولم تكن هناك مقدمات وأرسلت هذه الرسالة من الملحق العسكرى فى موسكو ووزارة الدفاع أبلغه وزير الدفاع أن هناك وفدا عسكريا برئاسة مارشال زاخراوف فى طريقه إلى مصر، وأنه يريد محادثات على أعلى مستوى فأبلغ الفريق فوزى وأن هذا كله كان خارجا عن القنوات الدبلوماسية، وقال جمال عبدالناصر للفريق فوزى أنا لا أتقدم بطلبات ونحن أناس محتاجين ولنا كرامة، وهناك وفد عربى موجود وهناك كلام قاسى يمكن أن ينقل لهم هناك، وانا أتذكر الفريق فوزى وهو خارج قال له عبدالناصر أنه يعرف يحتد والكلية الحربية والضبط والربط، وأن هذه المرة أريدك ألا تتحدث وتنتظر حتى تسمع منهم. أمامى المحضر الذى كتبه الوفد السوفيتى والقادم كان على أعلى مستوى ونحن نريد أن نكون عسكريين دون أن ننسى أن هؤلاء العسكريين أنهم فى أدوار مدنية مؤثرة حتى هذه اللحظة، ويعرفون أن هناك تشققات ويشعرون أن وراء الصورة السوفيتية تشققات، ويبقى فى هذه اللحظة دولة كبرى تتكلم، ويبقى أن أمامى فى هذه اللحظة دولة عظمى تتكلم ولديها ما يسند أقوالها وأن ترفع صوتها، وعلى أى حال لم يكن لدينا خيار فى ذلك الوقت. وإذا نظرنا للوفد السوفيتى، أعلى وفد سوفيتى يمكن أن يتصوره أحد، أولها مارشال زخاروف رئيس أركان حرب الجيش السوفيتى، والمارشال لتشكوف خبير تنظيم عسكرى، الجنرال شجالوف، والجرنال تشتكسف، وهم حوالى 12 جنرالا من أفضل القيادات العسكرية بالاتحاد السوفيتى، بالنسبة للوفد المصرى كان بعد الفريق فوزى الفريق مدكور أبو العز وكان قائد طيران وأعتقد أنه كان له دور مهم جدا، ولم يستطيع أن يكمل دوره لأسباب متعلقه به وبتصوراته، وكان من أهمهم أيضا اللواء محمد على فهمى، وأعتقد أنه من أهم شخصيات حرب اكتوبر فيما بعد. وبالنسبة لهذه التعليمات وكيف نفذها محمد فوزى وأعتقد أنه حتى لما أقرا حتى هذه اللحظة أعتقد أنه زودها حبتين، ويقول المحضر انه «بدأ بترحيب الفريق محمد فوزى لمرشال زخاروف ومجموعته، ثم استفسر سيادته عن الغرض من حضورهم وعن برنامج الزيارة المقترح»، أنا أريد أن يأتوا وأريد أن أتحدث معهم لكن الفريق فوزى كان يسأل لماذا أتيتم تحديدا. وتتلخص إجابة مارشال زاخاروف فى الآتى الغرض من الزيارة هو المعاونة فى رفع كفاءة قوات المسلحة وتلبية مطالبها فى أقرب وقت ممكن، وحتى هذه اللحظة عبدالرحمن عارف تحدث عن طلباته وبومدين تحدث أيضا ولم نكن قد تقدمنا سريعا وهم يأتون الآن للسؤال عن طلباتنا، ولتحقيق هذا الغرض وضمان وصول هذه الطلبات فى أقرب وقت إلى آخره واقترح أن يرى الميدان والمساعدين ونقاط الضعف وبدأ فوزى أن يقول لهم أنهم مسئولون عما جرى، وواجبه أن يشرح للقائد العام تطورات الموقف لغرض وضع زاخروف فى الصورة وإبراز نقاط أساسية وإبراز معلومات مع سوريا والحشود معلومات على الجانب السورى إلى آخره، وقال مارشال زاخروف أن تصوراتهم فى الأولويات كما رأوها من بعيد وشعروا أن ضرب الطيران كان كبيرا، وشعروا بضرورة دعم القوات المسلحة والدفاع المدنى ثم تحدث عن فيتنام وما حدث فيها والطائرات. واتفقوا فى النهاية على أن يقدم الاتحاد السوفيتى ما نريده من أسلحة. لمتابعة باقي حوارات هيكل: حوارات هيكل (الجزء الأول) حوارات هيكل (الجزء الثاني) حوارات هيكل (الجزء الثالث) حوارات هيكل (الجزء الرابع) حوارات هيكل (الجزء السادس) حوارات هيكل (الجزء السابع) حوارات هيكل (الجزء الثامن)