لا يختلف أحد على أن ما يميز هذا العام الدراسى أنه عام إنفلونزا الخنازير، التى فتحت ملفات ظلت مهملة لسنوات طويلة، منها تخصيص ميزانيات لصيانة المدارس ونظافتها، بل وتعيين عمال للنظافة بعد أن انقرضوا تقريبا من مدارسنا الحكومية خلال الأعوام الماضية بعد توقف تعيينهم. لكن عام الإنفلونزا أيضا لم ينه الشكوى من المناهج المطورة، وصعوبتها، ومن الامتحانات وكيف ستأتى فى الوقت الذى لم تنتظم الدراسة فى الكثير من المدارس بسبب ارتفاع نسب غياب التلاميذ الخائفين من المرض، أو بسبب تعليق الدراسة ببعض الفصول أو المدارس بسبب الإصابات الفعلية بالإنفلونزا. كما لم يوقف عام الإنفلونزا تساؤلات أولياء الأمور والخبراء والمعلمين أيضا حول الثانوية العامة الجديدة التى يفترض أن يبدأ تطبيقها على طلاب الصف الأول الثانوى فى 2011، والتى لم يصدر قانونها بعد. ولم يمنع عام الإنفلونزا الدراسى إصرار المحرومين من كادر المعلمين من الإصرار على مطالبتهم بحقهم فى الحصول عليه، على اعتبار أنه ما ضاع حق وراءه مطالب. وبقى السؤال: هل ساهم عام الإنفلونزا فى تسرب المزيد من الطلاب من التعليم أم كان فرصة لعودة المتسربين من فصول محو الأمية إلى فصولهم عد تغيير قانون الهيئة المسئولة عنها. الثانوية الجديدة.. فى انتظار عام الحسم لم يستطع عام 2009 أن يحسم الجدل الدائر حول مشروع قانون الثانوية العامة أو ما يسمى بالثانوية العامة الجديدة الذى أعلن عنه فى مؤتمر تطوير التعليم الثانوى عام 2008، ومن المفترض أن يبدأ تطبيق النظام الجديد خلال العام الدراسى 2011/2012، وما يستتبع ذلك من تطوير بنية المدارس الثانوية وتطوير مناهج الصفوف الثلاثة أيضا فلم يصدر حتى الآن قرار وزارى ولا قانوى صريح بالتفاصيل النهائية للنظام من مجلس الشعب. من ناحيتها تسلمت وزارة التربية والتعليم 350 مليون جنيه خصصتها الدولة فى موازنة 2009 للمشروع للبدء فى تطوير المدارس الثانوية البالغ عددها 1700 مدرسة لكن مازال الغموض حسب تعبير خبراء المناهج يشوب ما يحدث داخل أروقة لجان تطوير مناهج هذه الثانوية الجديدة، ولم تحدد أى من وزارتى التعليم الجامعى وقبل الجامعى... من ستكون مسئولة عن الأنواع المختلفة للاختبارات المؤهلة للالتحاق بالجامعة بداية من وضع الأسئلة أو مكان كل امتحان والإشراف عليه. وحسبما أعلن وزير التربية والتعليم د.يسرى الجمل أن الثانوية العامة ستكون عاما واحدا وستعتمد على التقويم الشامل الذى يستند على حضور الطالب وممارسته للأنشطة التى ستمثل 50% من درجات الطالب، بينما تمثل الاختبارات التحريرية كلها نسبة 50% وستكون الامتحان فى أربع مواد أساسية هى اللغة العربية واللغة الاجنبية الأولى والتربيتان الدينية والقومية، ثم يمتحن الطلاب الراغبون فى الالتحاق بالجامعة فى مواد قدرات تأهيلية تتضمن أربع مجموعات أساسية هى «الطب والعلوم، والهندسة، والحاسبات، الآداب والفنون، إدارة الاعمال والقانون»، وبالتالى سيكون أمام الطالب الناجح اتجاهان إما أن يحصل على تدريب مهنى يؤهله للحصول على فرصة عمل أو أن يلتحق بالجامعة خلال خمس سنوات هى مدة صلاحية شهادة الثانوية الجديدة. وأعلنت وزارة التربية والتعليم قبل ما يقرب من ثلاثة أشهر أن لجان توصيف المناهج والمقررات الدراسية للثانوية الجديدة قد انتهت من تحديد أطر ومعايير تفعيل الأنشطة الأسرية والمهارات الحياتية اللازمة لتطبيق نظام التقويم الشامل والتى قدر لتنفيذها 250 مليون جنيه تنفذ على مرحلتين: الأولى فى 2010، والثانية فى 2011. اللجان تضم أساتذة فى التخصصات المختلفة فى الأنشطة والمناهج وطرق التدريس ومستشارى المواد وأعضاء من مركز تطوير المناهج والمواد التعليمية والجهات المنوطة بتنفيذ خطة برامج الأنشطة. وتتضمن المرحلة الأولى إعداد ورش مجهزة بأحدث الأجهزة التى تتفق مع التطوير الكنولوجى والتقويم الشامل وإعداد كوادر لتطوير مجالى الصناعة والزراعة، وإنشاء ورش تمثل المحتوى العلمى للمجالين وتشمل المرحلة الثانية تزويد المدارس بالأدوات الرياضية والأجهزة الموسيقية وتهيئة الملاعب بما يضمن تحقيق التعلم النشط ليحصل الطالب على المعلومات من عدة مصادر، ويرتبط التعليم بالمهارات الحياتية عن طريق الأنشطة الصيفية واللا صفية ليبدأ تطبيق النظام على طلاب الصف الأول الثانوى فى 2011. وهنا تشير د. عادية أبوغريب أستاذ المناهج بالمركز القومى للبحوث التربوية والتنمية إلى أن خبراء وأساتذة المركز التابع لوزارة التربية والتعليم لايعرفون شيئا عن تطوير مناهج الثانوية الجديدة حتى الآن، رغم أن لدينا دراسات أنجزها المركز حول تضمين المناهج المطورة علوم الأرض والفضاء من خلال المواد الدراسية المختلفة بما يحقق تداخل وتكامل، وهى تواكب أحدث التطورات العالمية فى تدريس العلوم ولا نعرف إن كان سيأخذ بها فى تطوير مناهج الثانوية العامة أم لا، وأبدت أبوغريب قلقها من ألا يأخذ القائمون على تطوير هذه المناج فى اعتبارهم المناهج التى تم تطويرها فى مرحلة التعليم الأساسى، والمفروض أن يكون التطوير لمناهج التعليم الثانوى امتدادا وتكاملا للتطوير فى مناهج التعليم الأساسى والفنى أيضا باعتبار أن الثانوية العامة الجديدة تتضمن جذعا مشتركا بين التعليم الفنى والتعليم العام خلال الصف الأول الثانوى. ويصف د. محمد الطيب عميد تربية طنطا سابقا وعضو لجنة التعليم بالحزب الوطنى مشروع الثانوية الجديد بالغامض لأن بيانات السلطة التنفيذية وهى وزارة التربية والتعليم مختلفة عما يصدر من السلطات التشريعية، فالوزارة أعلنت أنها ستطبق النظام الجديد فى 2011، فى حين أن هذا مرهون بتخفيض كثافة الفصول إلى 35 طالبا وبناء مدارس جديدة ورفع موازنة التعليم إلى 6% من الدخل القومى وليس 3% كما هى عليه الآن، ومازالت اللجان تدرس المشروع وتطوره ولا يمكن التنبؤ هل سيتم تنفيذه بالفعل أم سيتعذر تطبيقه. ويلفت د. على الشخيبى مدير مركز تطوير التعليم بجامعة عين شمى وأستاذ أصول التربية إلى تطبيق النظام الجديد للثانوية العامة سيصادف الكثير من العوائق، خاصة فيما يتعلق بحساب التقويم الشامل ومن سيحسب سلوك الطلاب وأنشتطهم بدقة فى ظل الأوضاع فى مدارسنا التى لا تخفى على أحد، والتى تحكمها المصلحة الشخصية حسب تعبيره بينما يرى دكتور سامى نصار عميد معهد الدراسات التربوية بجامعة القاهرة، أن للنظام الجديد فى الثانوية العامة مميزات وعيوبا فمن مميزاته أنه لا يفصل بين التعليم الفنى والعام مما يؤدى إلى رفع مستوى طلاب التعليم الفنى، بالإضافة إلى مد صلاحية شهادة الثانوية العامة 5 سنوات، أما عيوب هذا النظام فتتمثل فى جعل شهادة الثانوية العامة شهادة منتهية تؤهل لسوق العمل وهذا ما سيؤدى لزيادة البطالة. وترى د. نادية جمال الدين، أستاذ أصول التربية بمعهد الدراسات التربوية أن نظام الثانوية العامة الجديد يسير عكس الاتجاه العالمى الذى يعطى مزيد من الاهتمام إلى التعليم فى جميع المؤسسات التعليمية ومنها الجامعة، لأنه يقلل من فرص التحاق الطلاب بالجامعة، مما يهدد ما وصفته بالأمن القومى فيما بعد. ويرى عبدالحفيظ طايل، مدير مركز الحق فى التعليم، أن الهدف من هذا النظام الجديد حرمان الطلاب من الالتحاق بالجامعة فى الوقت الذى يسعى فيه العالم إلى زيادة طلاب الجامعات. وأخيرا، اعتبر د. فاروق إسماعيل، رئيس لجنة التعليم بمجلس الشورى، أن موافقة لجنة التعليم بالحزب الوطنى على مشروع قانون الثانوية العامة الجديدة مؤشر جيد على موافقة البرلمان عليه خلال عام 2010، خاصة أن نواب البرلمان أغلبهم من الحزب الوطنى، وأن هناك تنسيقا بين الحكومة والحزب الوطنى والنواب فى المجلس بحسب قوله. ويوافق دكتور فاروق على (90%) من بنود المشروع لأنه يرى أن بعض النقاط فى حاجة لمزيد من التوضيح منها تطبيق التقويم الشامل على طلاب الصف الثالث الثانوى وما يحتاج قبل إقراره إلى حوار مجتمعى يضم الفئات المنفذة له، استطلاع لرأى طلاب الثانوية العامة وأولياء الأمور والقائمين على العملية التعليمية، ومنها أيضا طريقة القبول فى الجامعات وكيفية حساب المجموع الاعتبارى للطالب، وهى أيضا فى حاجة إلى حوار مجتمعى قبل إقراره. ونوه إلى أن الثانوية العامة لا يمكن أن تكون مؤهلة وحدها لسوق العمل بل لابد من حصول الخريج على دورات تدريبية مكثفة حتى يحصل على فرصة عمل، ويمكن أن يحصل عليها أثناء التدريب إذا تم التنسيق بين وزارتى التعليم من ناحية ووزارة القوى العاملة والصناعة والتجارة، ومن ناحية أخرى لتخدم هذه الدورات متطلبات سوق العمل بالفعل. وحتى إشعار آخر سيكون عام 2010 هو عام الحسم بالنسبة لإقرار هذا النظام الجديد الذى يفترض أن يبدأ تطبيقه فى العام الدراسى 2010 2012. أمنيات المعلمين: تعيين وكادر وتقدير وترقيات تفاءل أغلب العاملين بالحقل التعليمى بعد إقرار قانون كادر المعلمين فى عام 2007، مستبشرين بأنه سيحقق طفرة كبيرة فى دخل المعلم المادى ومكانته الاجتماعية حسبما بشر واضعو القانون. واستبشرت أيضا بعض الأسر المصرية خيرا على اعتبار أن هذا الكادر ربما قلص من اعتماد المعلمين على الدروس الخاصة. لكن عام 2009 كشف للرأى العام الكثير من الأبعاد الأخرى لهذا القانون، والتى مازال الجدل دائرا حولها حتى الان فى انتظار عام 2010 عليه حسم أمر الكادر. فبعد إقرار القانون حصل المعلمون جميعهم على المرحلة الأولى لبدل الكادر بنسبة 50% من الراتب الأساسى، وكانت المفاجأة التى لم تكن سعيدة للكثيرين أنهم اكتشفوا أن عليهم اجتياز اختبارات مقننة فى الكفاءة التربوية، واللغة العربية، مواد التخصص ليحصلوا على المرحلة الثانية من بدل الاعتماد التى تمثل 50% من الراتب الأساسى أيضا. وشهد عام 2008 أولى هذه الاختبارات التى شملها الكثير من التجاوزات باعتراف مسئولى الأكاديمية المهنية للمعلمين والمركز القومى للامتحانات والتقويم التربوى المسئولين عن وضع الاختبارات وإعلان النتائج. ورغم عقد الكثير من الاختبارات خلال عام 2009 لمن لم يجتازوا الاختبار الأول أو لم يلتحقوا به طوعا أو كرها أو إهمالا، والسماح بتقدم معلمى المعاهد الأزهرية والمدارس الخاصة للاختبارات، فمازالت الآراء متباينة حول هذه الاختبارات. ففى حين يفخر أساتذة وخبراء المركز القومى للامتحانات بهذه الاختبارات باعتبارها أول اختبارات (مقننة) لتحديد الاحتياجات التدريبية للمعلمين فى مكونات الكادر الثلاثة على مستوى الشرق الأوسط، ويفخرون أيضا بطريقة تقدير درجاتها التى تجرى آليا. ونجد بعض المعلمين الذين يعتبرون هذه الاختبارات فرصة لتجديد معلوماتهم مثلما قال حاتم عبدالمنعم المدس بمدرسة أحمد ماهر الثانوية بالسيدة زينب وفرصة أيضا لزيادة راتبه إلى الضعف ليصل إلى 1300 جنيه. نجد على الجانب الآخر من يعتبرون هذه الاختبارات «إهانة» للمعلمين، ومنهم حسن مصطفى المدرس بمدرسة طبرى شيراتون بالحلمية، الذى وصف هذه الاختبارات بالمفاجئة، والتى لم يسبقها تدريب أو تمهيد للمتقدمين لها، وتضررت أميمة محمد مشرفة نشاط بمدرسة الشعب مطاى بالمنيا من توقف المسئولين بالمنيا عن دفع مقابل الكادر لها ولزملائها بعد أن استمر حصولهم عليه لمدة عام، بحجة أن وكلاء ومشرفى النشاط ليس لديهم الحق فى الحصول على الكادر، ووصف الامتحانات «بالمهزلة». وفى نفس الجانب يرفض عبدالحفيظ طايل مدير مركز الحق فى التعليم هذه اختبارات لأنها تتم دون تدريب حقيقى للمعلمين ولا تقيس القدرات الفعلية للمعلمين. ووصف د. أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر هذه الاختبارات بأنها تمثيلية بنسبة 100%، وقال خلال الموسم الثقافى للجامعة منذ أيام (إن هذه الملايين لو أنفقت على إعداد المدرس لكان أفضل). الرخصة والعقد لكن اختبارات الكادر قد كشفت الإعداد الحقيقية للمعلمين فى مصر، فبعد أن كانت الأرقام الرسمية تشير إلى أن أعداد المعلمين فى مصر لا تتجاوز مليون و200 ألف معلم، أوضحت الاختبارات أن الأعداد الحقيقية أكبر من هذا العدد بكثير، فقد تقدم لهذه الاختبارات ما يقرب من هذا العدد، فى حين لم يتقدم بعد المعلمون المعارون للخارج والذين تقدر نسبتهم ب6% من إجمالى المعلمين داخل مصر، هذا بالإضافة إلى معلمى المدارس الخاصة، والمعلمين الذين يعملون بنظام الحصص أو العقد المؤقت والذين تقدم منهم لاختبارات ترخيص مزاولة المهنة أو (التعيين على وظيفة معلم) ما يقرب من 73 ألف معلم مساعد بالمدارس والمعاهد الأزهرية، بعد حصولهم على الرخصة الدولية للحاسب الآلى، وشمل الاختبار امتحانات فى اللغة الإنجليزية بالإضافة إلى مجالات الكادر الثلاثة، ومازال هؤلاء ينتظرون إعلان نتيجة الاختبارات التى سيحملها العام الجديد، لتسهم هذه الاختبارات فى ضم 400 ألف معلم إلى حقل التعليم خلال السنوات الخمس القادمة، حسبما أعلن الرئيس مبارك فى كلمته فى الاحتفال بعيد المعلم السابع والثلاثين قبل أيام. كما يبشر د. محمود عابدين مدير الأكاديمية المهنية للمعلمين أن عام 2010 سيشهد البدء فى ترقيات المعلمين على الدرجات الوظيفية الخمس للكادر التى سكن عليها المعلمون الذين اجتازوا اختبارات الكادر (معلم خبير معلم أول أ معلم أول، معلم، معلم مساعد)، لتنتهى مشكلات المعلمين العاملين بنظام العقود غير الدائمة، لتتحول عقودهم بعد اجتياز هذه الاختبارات إلى عقود دائمة.