كشف رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة، فى تصريحات صحفية ل «الشروق»، أن وزارة التجارة و الصناعة تعتزم طرح المناطق المخصصة لمشروعات التجارة الداخلية بنفس نظام المطورين الصناعيين، وهو ما يقضى بتقدم شركات قطاع خاص لتتولى إنشاء المرافق الخاصة بهذه المناطق و إدارتها. وكانت الوزارة قد أعلنت أمس الأول عن طرح ست مناطق للمستثمرين فى قطاع التجارة الداخلية، ووفقا لرشيد، هذه المناطق تقع فى محافظات الغربية، والدقهلية، والمنصورة، وبورسعيد، وبنى سويف، وأسوان، وتعتمد خطة التطوير على نظام متكامل يبدأ بجذب استثمارات جديدة، لإنشاء مناطق ومنافذ تجارية، تضم كل الخدمات والمرافق اللازمة مثل الطرق والمخازن والثلاجات ومحطات الكهرباء وإطفاء الحرائق. ووفقا لتصريحات وزير التجارة والصناعة ل«الشروق»، ستكون هناك مرحلتان ثانية وثالثة للطرح خلال الستة الأشهر المقبلة، «لكى تغطى جميع أنحاء الجمهورية»، مشيرا إلى أنه لن يكون شرطا أن تكون كل منطقة قائمة بذاتها على قطاع محدد، كما هو الحال فى المناطق الصناعية. وكان جهاز تنمية التجارة الداخلية قد أعلن فور إنشائه فى ديسمبر 2008، عن استهداف إنشاء أسواق فى 25 منطقة فى كل محافظات الجمهورية، وذلك بهدف تنظيم وتنشيط التجارة الداخلية غير المنتظمة. تيسيرات إضافية وستعتمد الخطة فى الأساس على إيجار المحلات وليس بيعها، مما سيتيح الفرصة لوجود عدد من أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة بسبب انخفاض التكلفة، تبعا لرشيد قائلا إن أسعار المحال ستخضع كلها لرقابة جهاز تنمية التجارة الداخلية، لأن «التكلفة تؤثر بدورها على أسعار السلع، والهدف الأساسى من هذه المنطقة توفير السلع بأسعار مناسبة»، بحسب رشيد. وستتضمن هذه المناطق أسواق جملة ونصف جملة، إضافة إلى تلك المتخصصة لسلع بعينها مثل مواد البناء والسلع الغذائية والأجهزة الكهربائية والأثاث. ويرى أشرف الجزايرلى، عضو المجلس التصديرى للصناعات الغذائية، أن طرح أراضٍ للتجارة الداخلية بالإيجار يمثل تطورا مهما فى هذا القطاع، مشيرا إلى أن «قلة الأراضى فى بعض المحافظات تتسبب فى ارتفاع أسعاره»، ضاربا مثلا بارتفاع أسعار أراضى إنشاء المخازن فى المنصورة عنها فى القاهرة والإسكندرية. ولكنه يرى أن توفير الأراضى وحده غير كافٍ، وأنه لكى يؤتى ثماره يحتاج بالتوازى معه إلى تنفيذ إصلاحات تشريعية لتيسير تراخيص إنشاء محلات التجزئة و الجملة التى تعمل على نطاق محدود، لأنها تعانى «الكثير فى الوقت الحالى». فى الوقت نفسه، يرى عمرو عصفور، نائب رئيس شعبة المواد الغذائية بغرفة تجارة القاهرة وعضو الشعبة العامة للمواد الغذائية باتحاد الغرف التجارية، أنه إذا ما طرحت محال البقالة فى مناطق التجارة الداخلية الجديدة بنظام الإيجار فيجب ألا يتم تغيير عقود الإيجار قبل 10 سنوات، نظرا إلى أن المحل يحتاج من سنتين لثلاث على الأقل حتى يصنع اسما جيدا بين المستهلكين، علاوة على ضرورة أن تفرض الدولة على المطور المؤجر للمحال محددات لمعدلات رفع أسعار الإيجار بالحدود المعقولة، علاوة على أنه لا يتاح للمؤجر طرد المستأجر طالما أن الأخير ملتزم بسداد الإيجار. ويتفق عصفور مع الرأى السابق حول أهمية تعديل التشريعات المنظمة للتجارة الداخلية، حيث إن إنهاء التراخيص أحيانا ما يكون على «هوى موظف المحليات» بحسب تعبيره وقد يستغرق من ستة أشهر لسنة وقد يصل إلى عدة سنوات. إنشاء أسواق للتجارة الداخلية منظمة فى المحافظات سيقلل من تكاليف التجارة الداخلية، تبعا للجزايرلى حيث «إن عشوائية أسواق الجملة فى العديد من المحافظات وغياب الخدمات اللوجيستية يرفعان من تكاليفها فى الوقت الحالى»، بحسب كلامه. ويؤكد الجزايرلى أهمية ألا يقتصر دور القطاع الخاص على طرح هذه المشروعات وأن يمتد إلى صيانتها بعد ذلك، حيث إن الدولة حاولت أن تطبق مشروعات مماثلة و لكن تردى مستوى خدماتها بعد فترة لغياب الصيانة. الأولوية لسرعة التنفيذ ولم تعلن وزارة التجارة والصناعة عن شروط الطرح بعد، ولكن كما كشف رشيد لن يكون مقياس الحصول على الأراضى «لمن يقدم السعر الأعلى» بحسب تعبيره، بل لمن «ينفذ أسرع»، مشيرا إلى أن العامل الأساسى فى تفعيل هذه المنظومة هو عامل الوقت ومن ثم هناك حد أقصى زمنيا ستحدده الوزارة مع الجهاز لتنفيذ المشروع. وقد أوضح الوزير أنه كانت هناك دراسات مستمرة على مدار الستة أشهر الأخيرة لتحديد احتياجات كل محافظة من تلك التى سيتم طرح الأراضى فيها وقدرتها الاستهلاكية على أن يتناسب معروضها مع احتياجاتها. وتأكيدا لمحاربة مبدأ الاحتكار، أكد الوزير أنه «ستكون هناك شروط تحد من احتكار كبرى الشركات لهذه المشروعات كوجود على سبيل المثال حد أقصى من المساحة التى ستحصل عليها». وكانت فكرة طرح أراضٍ للمشروعات الصناعية والتجارية قد أثارت جدلا واسعا فيما يتعلق بزحفها على الأراضى الزراعية، الأمر الذى يثير تساؤلا عن نوعية هذه الأراضى التى سيتم توفيرها. وفى هذا الصدد يقول رشيد إنه يتم التنسيق مع وزارة الإسكان، والمحافظات المعنية، بالإضافة إلى وزارة المالية بشأن نوعية الأراضى التى سيتم طرحها قائلا: «لم يتم بعد الانتهاء من كل التفاصيل ولكن سنرى ما هو الأنسب لكل محافظة، «مشيرا إلى أنه لم يتم استبعاد فكرة أن تكون هذه الأراضى زراعية لأن «هذه المشروعات من شأنها توفير فرص عمل ومن ثم تكون ذات جدوى اقتصادية هائلة للدولة»، بحسب تعبيره. وكانت الحكومة قد أعلنت مع بداية الأزمة المالية العالمية، اعتمادها على التجارة الداخلية، فى دفع الطلب والاستهلاك المحليين لمواجهة آثار الأزمة المالية العالمية التى خفضت معدل النمو، مستهدفة الوصول بمعدل نمو التجارة الداخلية إلى 8%، خلال السنوات الخمس المقبلة بدلا من 4% المعدل الحالى.