رحلة لا تتعدى عشر دقائق داخل معدية زهرة رشيد كى تنتقل من ضفة إلى أخرى، لكن حجم الرعب المحيط بالرحلة يحيل العشر دقائق إلى شهور. منذ 22 عاما، بدأت المعدية عملها عام 1987 ولم تمتد إليها يد الصيانة إلى الآن. «الشروق» رصدت فى جولتها على المعديات، كل التفاصيل المنذرة بحدوث كارثة بعد أن دق حادث تصادم معديتى رشيد جرس الإنذار. يتلو ركاب المعديات الشهادتين كل يوم قبل ركوبها، ففضلا عن أن أغلب المعديات تعمل بدون ترخيص فهى متهالكة وبدون صيانة. يعمل مسعود المدخوم من قرية خان الجنى بورش الطوب ببر رشيد،مما يضطره إلى استقلال المعدية يوميا للذهاب إلى عمله التى يسقط منها عدد من الركاب فى النيل يوميا، على حسب قوله. «لولا أن عددا منا يجيد السباحة لهلكنا»، ويضيف مسعود «يستأجر أصحاب المعديات بلطجية للعمل على المراكب لفرض تسعيرة باهظة رغم قصر الرحلة التى لا تتعدى العشر دقائق،كما أن اختلاط الشباب والفتيات هناك لا تخضع لمراقبة». لا تستغرق الرحلة من كورنيش مدينة رشيد إلى الضفة الشرقية بمطوبس المكان الثانى الذى ترسو عليه معدية زهرة رشيد أكثر من 10 دقائق قد تصل إلى20 دقيقة بسبب الأقفاص السمكية التى وضعها عدد من الأهالى بالبر الشرقى للنجاة بها من قرارات محافظ البحيرة بإزالتها وتعوق هذه الأقفاص حركة مرور المعديات. يقول أحمد عبدالعزيز، موظف، «المعدية تحمل عليها كل شىء، الأفراد وسيارات الأجرة والنقل والجرارات الزراعية والسيارات الملاكى وعربات كارو وحيوانات». تختلف الأسعار حسب نوع الحمولة على المعدية فالسيارات الملاكى يكلفها العبور للجانب الآخر 125قرشا والموتوسيكل 50 قرشا والعربات الكارو 125قرشا والعربات النقل تتراوح ما بين 250 قرشا إلى 4 جنيهات أما الجرارات الزراعية فتسعيرتها 3 جنيهات. ويبدأ عملها من السادسة صباحا حتى السادسة مساء بالتوقيت الشتوى وتستمر الرحلات بها كل 15 أو 20 دقيقة. يقول هانى عبدالفتاح موظف «معدية زهرة رشيد هى المعدية الوحيدة التى تقلع كل نصف ساعة، فحمولتها تصل إلى 40 طنا». وأضاف أن «محمد الأنصارى صاحب المعدية طالب مرارا بسحب المعدية من النيل لعمل صيانة لها ولكن هدده مجلس المدينة بأخذ الرصيف لاستكمال كورنيش النيل برشيد». فى معدية قناطر إدفينا تنذر بكارثة أخرى لمعدية زهرة رشيد، خاصة يوم الخميس، حيث ينتقل العاملون بقرية إدفينا بمحافظة البحيرة إلى مدينة مطوبس بمحافظة كفر الشيخ. تتعدى حمولة تلك المعدية 50 مواطنا فى المرة الواحدة، وهى عبارة عن مركب صغير عدد الركاب المسموح بنقلهم فيه لا يتعدى 12 راكبا فقط. ولا يوجد بها مكانا مخصصا للجلوس. عزيزة الشاذلى، 52 عاما، تستخدم المعدية يوميا لبيع بعض المواد الغذائية البسيطة فى سوق مطوبس، تقول إن حمولة المعدية يوم الخميس تشعرنا بالرعب، فضلا عن عدم وجود مكان لجلوس الراكبين. ويقول صلاح حبالة من قرية إدفينا إن 90% من حمولة معدية زهرة رشيد ليسوا أفرادا ولكن عربات كارو وحيوانات ودون مقاعد أو وسائل حماية أو أمان ولا طفايات حريق. من جانبه، أكد اللواء فتح الله الجندى رئيس مركز ومدينة رشيد أنه قد تم إلغاء عمل جميع المعديات على الضفتين بعد الساعة الخامسة مساء حرصا على حياة المواطنين. وكان اللواء محمد شعراوى قد أرسل 10 أتوبيسات مكيفة لنقل الركاب إلى معدية رشيد بمطوبس مقابل 50 قرشا. وقال الجندى إن الوحدة المحلية تتابع جميع المعديات وتمنع المعديات التى تعمل بدون ترخيص. وأوضح أن هناك تقدما تدريجيا فى الاقبال على النقل البرى قادرة على توفير الوقت والتكلفة للمواطنين مشيرا إلى أن المعديات المرخصة غالبا ما تخدم مناطق فقيرة وأضاف أن التفتيش على المعديات ومتابعة تراخيصها سيحدث بشكل دائم مع الحرص على أن تكون المعدية المرخص لها مطابقة للمواصفات . وفى السياق نفسه، تقدم النائب محمد عبدالعليم داود عضو مجلس الشعب عن دائرة فوة ومطوبس بطلب إحاطة عاجل للانتهاء من توفير أتوبيسين نهرين للعمل بدلا من المراكب الصغيرة لعدم تكرار الكوارث على أن تشدد الرقابة عليها من قبل شرطة المسطحات. وأوضح النائب أن اعتماد الأتوبيسات النهرية من مدينة مطوبس إلى رشيد سيخدم الأهالى لأن غالبيتهم بمن فيهم طلبة المدارس الذين يتجهون يوميا إلى مدينة رشيد.