تظل الحرب سجالا بين العلم والمرض، فقد حصد الدرن الرئوى (السل) أرواح ملايين من البشر قبل أن يتوصل العلم الحديث لنوعيات خاصة من المضادات الحيوية فى أوائل الخمسينيات من هذا القرن، يمكنها أن تقاومه وتقضى عليه. رغم كفاءة العلاج فإنه يحمل بعض المحاذير، أهمها أن علاجه يجب أن يستمر لستة أشهر متصلة يتناول فيها المريض أربعة أنواع من المضادات الحيوية لمدة شهرين، يتم بعدها الفحص المجهرى للبصاق للتأكد من استجابة المريض للعلاج وخلو بصاقه، وبالتالى الرئة من ذلك الميكروب الشرس، إلى جانب انحسار الأعراض الحادة. تقل بعدها أنواع المضادات الحيوية إلى نوعين تتناول باستمرار لحين شفائه. يبدو أن شبح الدرن يعاود الظهور مرة أخرى الآن متخفيا فى ظل مرض آخر لا يقل عنه شراسة وهو مرض نقص المناعة أو الإيدز وصورة جديدة مقاومة لكل الأدوية المعروفة لمكافحة الدرن. الظاهرة لفتت الأنظار حينما توفى اثنان وخمسون مريضا من أصل ثلاثة وخمسين مصابا بالسل الرئوى ويعالجون فى مستشفى للأمراض الصدرية فى جنوب افريقيا رغم تلقيهم العلاجات المعروفة وقد ثبت أيضا أنهم ايجابيون لفحص مرض نقص المناعة. الإيدز هو المرض المعدى رقم واحد على قائمة الأمراض القاتلة يليه مباشرة السل الرئوى وتحالف الشر بينهما يعرض البشرية لخطر جديد يترصد الإنسان وينتظر لحظة فارقة يبدأ فيها هجوما مباغتا. تقارير منظمة الصحة العالمية هذا الأسبوع تشير إلى أن ظهور سلالات جديدة من ميكروب الدرن الرئوى مقاومة للأدوية المعروفة تعد ظاهرة خطيرة وقد تم رصدها أيضا فى الصين والهند وروسيا، وكان من نتيجتها وفاة 150000 مريض رغم تلقيهم العلاج فى عام 2008. علاج الدرن الرئوى والوقاية منه تبدأ بشروط النظافة العامة والخاصة واهتمام الإنسان بنظافة وتهوية المكان الذى يعيش فيها وغسل اليدين باستمرار واتقاء شر سعال وعطس الآخرين فى الأماكن المزدحمة. الامتناع عن التدخين والشيشة وغلى اللبن إذ إن الابقار تصاب بالدرن أيضا، كلها أمور واجبة قد تقى شر الإصابة بلعنة الرئة التى يحدثها ذلك الميكروب الذى يبدو ضعيفا متهافتا خاج جسم الإنسان إلى أن يتمكن من التسلل إلى رئته ليبدأ معها معركته الشرسة.