البيئة: لا قطع للأشجار بحديقة الميريلاند ونحرص على زيادة المساحات الخضراء    الرئيس السيسي يستهل زيارته للأراضى المقدسة بالصلاة فى المسجد النبوى الشريف    تركي آل الشيخ يكشف عن رأيه بفيلم "ولاد رزق 3: القاضية" ويوجه رسالة لجمهور الرياض    رمضان عبد المعز يكشف فضل العشرة أيام الأولى من ذى الحجة ب"لعلهم يفقهون"    خبراء تغذية يحذرون من هذه الأخطاء عند تحضير وتناول الفتة    البنك الأهلي المصري يحدث حساب الأهلي وسيط Escrow    اندلاع اشتباكات داخل البرلمان الإيطالي وإصابة أحد الأعضاء    يورو 2024| 16 مُدربًا وطنيًا و8 أجانب في بطولة الأمم الأوروبية    قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة    «بوابة أخبار اليوم» تكرم رئيس هيئة المحطات النووية    بفريق إبداعي متميز.. بدء تصوير فيلم «سيكو» والعرض نهاية 2024    مقترح لإنشاء برج «فوربس» العالمي بالعاصمة الإدارية    رئيس هيئة الدواء: دستور الأدوية الأمريكي يحدد معايير الرقابة ويضمن سلامة المرضى    سفاح التجمع يشعل مواجهة بين صناع الأعمال الدرامية    وزير الرياضة يشهد المرحلة التمهيدية من مشروع صقل مدربي المنتخبات الوطنية    بعد لقائهما بيوم واحد.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالا من نظيره الإيراني    افتتاح عدد من الوحدات الحديثة بمستشفيات المنيا الجامعية    محافظ أسيوط يضع حجر أساس مدرسة المحبة بمدينة المعلمين    عيد الأضحى 2024 | أحكام الأضحية في 10 أسئلة    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الجمعة 14-6-2024، السرطان والأسد والعذراء    الكويت: حبس مواطن ومقيمين احتياطا لاتهامهم بالقتل الخطأ فى حريق المنقف    يورو 2024.. نزلة برد تجتاح معسكر منتخب فرنسا    محافظ الشرقية يفتتح النصب التذكاري للشهداء    تخرج الدورة الأولى للمعينين بالهيئات القضائية من الأكاديمية العسكرية المصرية    قرار جمهوري بتعيين الدكتور فهيم فتحي عميدًا لكلية الآثار بجامعة سوهاج    وكيل الصحة بمطروح يتابع سير العمل بمستشفى مارينا وغرفة إدارة الأزمات والطوارئ    محاولة اختطاف خطيبة مطرب المهرجانات مسلم.. والفنان يعلق " عملت إلى فيه المصيب ومشيته عشان راجل كبير "    3 عروض جديدة تستقبل الأطفال في عيد الأضحى 2024.. تعرف عليها (صور)    رئيس صندوق التنمية الحضرية يتابع الموقف التنفيذي لمشروع "حدائق تلال الفسطاط"    رضا عبد العال: أرفض عودة بن شرقي للزمالك    أسواق عسير تشهد إقبالًا كثيفًا لشراء الأضاحي    دعاء ثامن ليالي ذي الحجة.. اللهم اني أسألك العفو والعافية    تفاصيل زيارة السيسي إلى السعودية لأداء فريضة الحج    عاجل- الرئيس السيسي يتوجه اليوم إلى السعودية لأداء فريضة الحج    مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية يحذر من مصدر جديد للأمراض في غزة    انفجار مولد الكهرباء.. السيطرة على حريق نشب بمركز ترجمة بمدينة نصر    النيابة أمام محكمة «الطفلة ريتاج»: «الأم انتُزّعت من قلبها الرحمة»    11ستمبر.. تأجيل محاكمة 4 متهمين بالتسبب في إصابة مزارع بالعمي    في وقفة عرفات.. 5 نصائح ضرورية للصائمين الذاهبين للعمل في الطقس الحار    مجانًا.. فحص 1716 شخصًا خلال قافلة طبية بقرية حلوة بالمنيا    ضبط أحد الأشخاص بسوهاج لزعمه قدرته على تسريب امتحانات الشهادة الثانوية    ضبط نجار مسلح أطلق النار على زوجته بسبب الخلافات فى الدقهلية    آداب عين شمس تعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني    مصرع مواطن صدمته سيارة أثناء عبوره لطريق الواحات    بالأسماء.. غيابات مؤثرة تضرب الأهلي قبل موقعة فاركو بدوري نايل    كندا تعلن عن تزويد أوكرانيا بصواريخ ومساعدات عسكرية أخرى    عاجل| رخص أسعار أسهم الشركات المصرية يفتح شهية المستثمرين للاستحواذ عليها    لبيك اللهم لبيك.. الصور الأولى لمخيمات عرفات استعدادا لاستقبال الجاج    «الإسكان»: تنفيذ إزالات فورية لمخالفات بناء وغلق أنشطة مخالفة بمدينة العبور    دار الإفتاء توضح حكم صيام يوم عرفة    حملة مرورية إستهدفت ضبط التوك توك المخالفة بمنطقة العجمى    "عودة الدوري وقمة في السلة".. جدول مباريات اليوم الخميس والقنوات الناقلة    «معلومات الوزراء»: 73% من مستخدمي الخدمات الحكومية الإلكترونية راضون عنها    حريق هائل في مصفاة نفط ببلدة الكوير جنوب غرب أربيل بالعراق | فيديو    عبد الوهاب: أخفيت حسني عبد ربه في الساحل الشمالي ومشهد «الكفن» أنهى الصفقة    مدرب بروكسيي: اتحاد الكرة تجاهل طلباتنا لأننا لسنا الأهلي أو الزمالك    ناقد رياضي ينتقد اتحاد الكرة بعد قرار تجميد عقوبة الشيبي    هشام عاشور: "درست الفن في منهاتن.. والمخرج طارق العريان أشاد بتمثيلي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضربة للحريات الدينية
نشر في الشروق الجديد يوم 02 - 12 - 2009

لا يقلقنا حظر بناء المآذن فى سويسرا، ولكن ما يقلقنا حقا هى مشاعر النفور التى دفعت 57٪ من الناخبين السويسريين إلى تأييد الحظر. فما كانت المآذن يوما ما جزءا أساسيا من المسجد. وما كان شكله ومعماره موضوعا شغل به المتدينون فى أى وقت، وهم الذين عرفوا أن المسجد هو كل مكان طاهر يصلح للسجود فيه. إذ ظل شاغلهم هو وظيفة المسجد لا عمارته. فقدم المعنى على المبنى. ورغم تعدد الأحاديث التى امتدحت مناقب المؤذنين، إلا أننا لا نكاد نجد أثرا واحدا يخص المئذنة. إذ ظل المهم هو أن يدعى الناس إلى الصلاة وأن يبلغوا بمواقيتها لكى يتعبدوا لله ويسجدوا له وحده. أما كيف يتم ذلك فهو شأن المسلمين يتعاملون معه كيفما شاءوا.
فى المرحلة النبوية كان الصحابى بلال بن رباح يعتلى أى سور أو بناية، لكى يرفع الآذان، ولم تعرف المآذن إلا فى العصر الأموى، على ما يذكر الدكتور مصطفى البدوى فى كتابه «لطائف الإشارات فى أسرار المآذن والمنارات». فحدثنا أنه فى خلافة معاوية (سنة 45 هجرية) تم تجديد مسجد البصرة وجعل له منارة من الحجارة. وفى سنة 53 هجرية أمر معاوية عامله على مصر ببناء أربع مآذن فى أركان مسجد عمرو بن العاص بالفسطاط. فلما كثرت مساجد الخطبة (التى تقام فيها صلاة الجمعة) أمر الوالى ببناء المآذن فى جميع المساجد بمصر. وهو ما تكرر فى مسجد رسول الله بالمدينة وبالمسجد الأموى بدمشق. ومنذئذ أصبحت المئذنة جزءا من تصميم المسجد وشكله التقليدى. لكن المسلمين ظلوا مدركين أن غيابها لا ينتقص من أمر المساجد شيئا إلا فى حدود الشكل المعمارى. وكان ذلك شأن الزوايا التى انتشرت فى مختلف بقاع العالم الإسلامى، وفى أفريقيا بوجه أخص.
المئذنة خارج العالم العربى والإسلامى أصبحت من معالم الهوية الإسلامية التى يتعلق بها ويحرص عليها المسلمون فى شتاتهم. وهى الهوية التى لا يحتاجون إلى إثباتها فى بلادهم. من هذه الزاوية فإنها اكتسبت أهمية خاصة لدى المسلمين المهاجرين. إذ رغم أن الحظر تم فى سويسرا ينصب على المآذن فقط وليس على المساجد، ورغم أنه لن يعطل شيئا فى أداء المسلمين لصلواتهم. إلا أن من حقهم أن يتوجسوا شرا من قرار حظر مآذن المساجد. لأنه يبدو موجها ضد الهوية الإسلامية التى تدل مؤشرات عدة على أن هناك ضيقا متزايدا بها فى السنوات الأخيرة، التى أعقبت أحداث الحادى عشر من سبتمبر.
فى خلفية القرار يبرز بقوة دور حزب اليمين الشعبوى المعادى للوافدين عامة وللمسلمين بوجه أخص، ولا نستطيع أن ننكر الأثر السلبى الذى أحدثته التعبئة الإعلامية المضادة التى حذرت من «أسلمة أوروبا» فشوهت صورة المسلمين وخوفت الناس من وجودهم. ولتلك التعبئة جذور عميقة فى الإدراك الأوروبى، تمتد إلى زمن الحروب الصليبية فى القرنين العاشر والحادى عشر الميلاديين. (لا ننسى أن بابا روما الحالى حذر بدوره من أسلمة أوروبا)، كما أننا لا نستبعد أن تكون الممارسات التى صدرت عن بعض العرب قد أسهمت فى إحداث النفور منهم والضيق بهم. وأقرب تلك الممارسات ما وقع بين العقيد القذافى وسويسرا، التى احتجزت شرطتها ابنه وزوجته، بتهمة إساءة معاملة مرافقين لهما كانا يعملان فى خدمتهما، وهى الأزمة التى فجرت غضب القذافى، وأدت إلى تدهور علاقات البلدين. فسحبت ليبيا ودائعها من البنوك السويسرية التى تقدر بمليارات الدولارات، كما أوقفت ضخ النفط إليها وخطوط الطيران بين البلدين. ولايزال اثنان من رجال الأعمال السويسريين معتقلين على ذمة ذلك الحادث.
أسوأ ما فى الاستفتاء الذى تم أنه جاء كاشفا عن موقف سلبى من أغلبية المجتمع السويسرى إزاء أحد مظاهر وجود الإسلام والمسلمين بين ظهرانيهم، وهذا الموقف مرشح للتزايد فى سويسرا وللانتقال إلى أقطار أخرى مجاورة (العدوى انتقلت إلى هولندا على الفور) علما بأن ذلك الموقف لا يضغط على الجاليات المسلمة ويثير مخاوفها فحسب، ولكنه يعزز من مكانة القوى اليمينية والفاشية، ويسيئ إلى قيم الحرية الدينية والمساواة التى تعتز بها الديمقراطيات الغربية.
إحدى القارئات سمية أمين وجهت إلىّ سؤالا وجيها هو: لماذا غضب المعلقون فى العالم العربى حين صوتت أغلبية السويسريين لصالح حظر المآذن، وهم الذين سكتوا على سحق مسلمى سينكيانج حين قتل منهم المئات ثم قضت إحدى المحاكم الصينية بإعدام تسعة منهم مؤخرا؟ . ولأننى لم أكن من الذين سكتوا، فقد أحلت السؤال إلى غيرى باعتبار أنهم أولى بالإجابة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.