نفى القاضى أحمد مكى نائب رئيس محكمة النقض فى حوار ل«الشروق» أن تكون لدية نية لترشيح نفسه لرئاسة نادى قضاة الإسكندرية، نظرا لأن سنه وإمكاناته لا تسمحان بذلك، ورغبة منه أن يكون رأيه معبرا عن شخصه. وأكد أن سابقة دخوله للنادى كان أمرا عارضا جاء بناء على طلب المستشار يحيى الرفاعى رئيس نادى القضاة الأسبق. وأشار مكى إلى دعمه أى شخص يرغب فى ترشيح نفسه لرئاسة نادى قضاة الإسكندرية بشرط أن يتبنى المبادئ الرئيسية والتى يؤمن بها أى قاض مستقيم، مؤكدا عدم ضغطه على أى شخص لترشيح نفسه حيث إن مثل هذا القرار لابد وأن يكون نابعا من رغبة شخصية يتحمل المتصدى لها أعباء إدارة النادى. وعن أحوال مصر أشار مكى إلى أننا نعانى فشلا ذريعا على جميع الأصعدة بعد ما استشرى الفساد فى جميع المجالات، ولم يتوقف الأمر عند حد ماسورة صرف صحى أو هزيمتنا فى مباراة كرة قدم، أو صدام الأمن مع بدو سيناء بعد إنفاق 15 مليار جنيه عليها تم إهدارها، بل وصل الأمر إلى تراجع قيمة مصر على مستوى الوطن العربى، لذا لابد من إعادة النظر فى نظم الإدارة ولاسيما إدارة الحكم فى مصر. ورفض مكى إطلاق مدلول خائن على الحكام لكون مشاكل مصر أصبحت أكبر من أن يقوم بحلها فرد أو مجموعة، لذا لابد من توسعة دائرة الحوار، ورأى أنه من الأجدى أن يكون القضاة أقدر على قول ما الذى يصلح قطاعهم، بعد أن تعرضت مصر لأزمة تعليمية وصحية، فضلا عن المحاكم والتى بات ميئوسا من قدرتها على علاج مشاكل المواطنين. وأكد مكى أن النظم الاستبدادية عقيمة ولن تخلف وراءها رجالا بل تقضى عليهم، وبالتالى أى اسم يطرح على أنه مرشح لرئاسة الجمهورية هو نوع من التلاعب وليس هناك مرشح يمكن أن يرشح نفسه وينجح وإذا حدث لن تسمح له الإدارة بالبقاء، وسوف تتم إبادته واغتياله معنويا. وأرجع مكى خلو مصر من الرجال يعنى فشل النظام بشكل فادح، حيث إن نجاح النظام يقاس بتعدد الرجال الذين يصلحون للخلافة، وهو ما حدث فى إسرائيل، لافتا النظر إلى أن التخليد فى الكرسى دلالة على الإفلاس الناجم عن الاستبداد. وأبدى مكى أسفه الشديد من عدم مقدرة الشعوب على مساندة وحماية رموزه بعد ضياع الدعامات الشعبية عقب انتهاء ثورة يوليو، مشيرا إلى أن الإخوان قوة فاعلة لكن لم تملك القدرة على حماية نفسها وكذلك الأحزاب التى كانت قائمة قبل الثورة وكذا الحال بالنسبة للقضاة وطلاب الجامعة وجميع الحركات فى مصر. وأخيرا أشار مكى فى عام 1986 تم عقد مؤتمر لحل مشكلات العدالة دعونا إليه جميع طوائف الشعب بدءا من العاملين الدولة وصولا إلى رجال القضاة والسياسيين، فى محاولة للنظر وكيفية معالجة مشاكل مصر، إلا أن ذلك لم يلق ترحيبا أو استجابة من قبل النظام. وفيما أثير من أن محمود الخضيرى نائب رئيس محكمة النقض سابقا قدم استقالته لفشل القضاة فى تحقيق استقلالهم، وأنه مازال حتى الآن لم يحدد هدفا عمليا له، أوضح مكى أن الخضيرى يمتنع عليه ممارسة أمور القضاة بعد تقديم استقالته حيث إنه أصبح محاميا، وذلك لا يرتبط بحالة اكتئاب أو فشل قد تكون إصابته، نافيا وجود إحساس لدية بالهزيمة من داخلة. وحول تغيير شعار «الاستقلال» إلى «الصمود والتصدى» كما رددته وسائل الإعلام مؤخرا، أوضح مكى أن هذا الشعار يعنى «المواجهة والإعلان والإصلاح»، لأن قضيتنا هى المطالبة بإصلاح أوضاع القضاة، وبيان أوجه القصور لإزالتها، وإعلان الحقيقة وتبنيها، مشيرا إلى ضرورة ألا يتخذ أحد هذه المسميات ذريعة للتلاعب بألفاظها والوقيعة بين صفوف القضاة، خاصة أن البعض يربط بين مجريات الأحداث وبين مثل هذه التصنيفات التى يطلقها الإعلام. وعن اتجاه بعض مرشحى نادى قضاة الإسكندرية لرئاسة مجلس إدارته نحو الانطواء بعيدا عن الإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام، هاجم مكى القاضى المتقاعد إسماعيل بسيونى رئيس نادى قضاة الإسكندرية المستقيل بقوله: إنه صورة لمجموعة من المتناقضات، لكونه أصر على مهاجمة من يرغب فى إبداء رأيه فى وسائل الإعلام، فى حين أنه الآن من أكثر الناس حرصا على الظهور فى الصحف. مستنكرا ما يردده بسيونى حول تأييد تيار «المصارحة والإعلان» والمعروف بتيار «الاستقلال» لسياساته ومطالبتهم باستمراره فى إدارة نادى قضاة الإسكندرية، وهذا غير صحيح على حد تعبير مكى لأنه مشارك فى أحداث انتخابات أبريل. وحذر مكى من الانقسام إلى تيارات الأول: تيار «المصارحة والإعلان» الذى ينتمى إليه ويتصدى لبيان أوجه القصور والنقص الذى يحول دون استقلال القضاة وهى قضية محسوسة لدى جميع المواطنين فى شتى مناحى الحياة من خلال عدم وجود محددات تضمن نزاهة الانتخابات العامة فى مصر. والتيار الثانى: يرى أنه على دراية بمجريات الأمور بجانب الشعب والحكومة وبالتالى عليه أن يستمر فى قدرته على عدم التغيير والرضا بالأمر الواقع مرددا كلمة «ما فيش فايدة»، بينما التيار الثالث: هو أخطرهم لأنه يوقع بين القضاة والحكومة حيث يسعى قطاع ضئيل إلى بيع نفسه ليصبح أداة فى يد السلطة مقابل حصوله على وضع اجتماعى زائف وتحقيق أغراض شخصية. واستاء مكى مما يردده البعض من أن استقالة المستشار الخضيرى قد أفسحت الساحة أمامه ليمارس سلطانه فى قيادة تيار «المصارحة والإعلان» والمعروف بتيار الاستقلال، مشيرا إلى أن التيار ليس بتنظيم كى يكون هناك كبير أو صغير، بل هو عبارة عن مجموعة بدأت مشوارها، والتاريخ شاهد على ذلك بدءا من المستشار عبدالعزيز فهمى، وممتاز نصار، ووجدى عبدالصمد، ويحى الرفاعى، وأمثالهم، ممن كان يتصدى لهم مجموعات تحركها الأجهزة الحكومية. وأشار مكى إلى أن وزير العدل ممدوح مرعى قد أكمل فرض الحصار المالى على أندية القضاة والذى كان بدأه المستشار محمود أبوالليل وزير العدل السابق، بعد طلب وزارة المالية لذلك، لافتا النظر إلى أن هذا القرار من شأنه التعبير عن سياسة الدولة التى تضيق بأى محاولة لوجود تجمعات فاعلة سواء أكانت نقابية أو حزبية أو أهلية أو اجتماعية أو طلابية. وطالب مكى الحكومة بألا تتخذ القضاة خصما لها، مطالبا بضرورة أن تعترف الحكومة بأنهم دعاة إصلاح، ومحذرا من التمزيق الإعلامى الذى يتعرض له القضاة ووصفه بالزعامات من قبل أجهزة الإعلام فينخدع الناس بمقدرتهم على تحقيق مطالب الأمة، فى حين أنهم غير قادرين على استرداد حقوقهم المسلوبة. وأشار إلى أنه ليس هناك قضاء فى العالم بإمكانه تغيير الأنظمة أو تحقيق استقلالهم دون رغبة الحكومات ذاتها، موضحا أن ثمرة الاستقلال تبدأ بالحوار مع الحكومة والذى يكاد يكون منقطعا. وأكد مكى على كامل احترامه لدور أجهزة الإعلام المختلفة لأنها وسيلة لمخاطبة الجماهير، وعلى اعتبار أن الشعوب مصدر السلطات، لكنة يخشى من شطحات الإعلام والتى تحكمها الإثارة فى بعض الأحيان، ولا سيما بعد إصرارها على خديعة الأمة بقدرة القضاة على تغيير النظام فى مصر. ولوح مكى إلى ضرورة أن يكون لكل مواطن الحق فى التعبير عن رأيه دون الحجر على حريته قائلا: إن رأى القاضى جزء من العلنية، نظرا لأن الأمة هى مصدر السلطات، ومن حقها معرفة كل شىء عن أمور قضائها، محذرا أن تتملك أى قاض شهوة الظهور أو الحرص على استمالة رأى المواطنين، لكونه يعبر عما يراه صوابا حتى إذ لم يرض الناس عنه، على خلاف الساسة ممن يسعون إلى إقناع المواطنين بما لا يقتنعون به لكونهم مصدر السلطات فى البلاد. وحول استقلال القضاة فى مصر أشار مكى إلى أنه ليس هناك قضاء مستقل فى بلاد العالم الثالث، وعلى القضاة إدراك أن شرط استقلالهم مرهون بخضوع الدولة لاحترام القانون، والذى يصدر عن إرادة حقيقية من المواطنين، بدءا من العامل وحتى رئيس الجمهورية، مطالبا بإفساح المجال أمام جميع التوجهات للتعبير عن أآرائهم، ولاسيما أندية القضاة والتى لابد وأن تعبر عن رأيهم، ومشددا على ضرورة ألا يتم تزوير الانتخابات وتلويثها على غرار ما حدث بانتخابات القضاة ابريل الماضى والتى انسحب منها تيار الاستقلال، رغم رفض اللجنة المشرفة عليها لذلك.