قال أمس الرئيس حسنى مبارك فى كلمته خلال مشاركته بالاحتفال باليوبيل الفضى بعودة مجلس القضاء الأعلى إن استقلال القضاء ليس منحة من أحد، إنما ركيزة أساسية من ركائز الدستور والمجتمع، وقال «إن الحكمة تقتضى أن تظل شئون القضاء بيد القضاة، ولا يصح أن تكون محلا لتناول الإعلام أو مسرحا للاختلاف خارج نطاق مجالس القضاة وهيئاتهم القضائية بالمخالفة لتقاليد عريقة وراسخة، تحفظ للقضاء هيبته وللقضاة كرامتهم ووقاره. وشدد مبارك على أنه منح النائب العام الحصانة من العزل، رغم أن ذلك ليس قائما فى العديد من الدول، وجعل رفع الحصانة عن وكلاء النيابة من اختصاص مجلس القضاء. واتخذت أجهزة الأمن احتياطات أمنية مشددة خلال وجود الرئيس فى دار القضاء العالى، حيث تم منع العمل حتى الساعة الواحدة ظهرا بعد مغادرة الرئيس للمكان. وعقب إلقاء الكلمة قام المستشار ممدوح مرعى وزير العدل بالتصفيق الحاد والحار ثم صفق بعض الحاضرين فى الصف الأول. وتغيب عن اللقاء القاضيان أحمد مكى وحسام الغريانى نائبى رئيس محكمة النقض رغم توجيه الدعوة الرسمية لهما. وقال مكى ل«الشروق» إن حضور لقاء الرئيس فرض كفاية، وطالما أن هناك حشدا من القضاة سيحضرون فهذا كافٍ، ولا داعى لشد الرحال من محل إقامتنا بالإسكندرية إلى القاهرة للاستماع لخطاب الرئيس طالما كان من الممكن سماعه فى التلفاز. وأضاف مكى الذى يعد أقدم قاضٍ بمحكمة النقض، وسيصبح عضوا فى مجلس القضاء العام المقبل بأقدميته : هاتفنى القاضى عادل عبد الحميد رئيس مجلس القضاء ودعانى، وفهمت أن مجلس القضاء سيرسل الأسماء المقترح حضورها لرئاسة الجمهورية للموافقة عليها، وهذا أمر محل نظر من جانبى. وأوضح أن الرئيس مبارك عندما يلقى خطابه أمام مجلس الشعب فإنه لا يتم عرض أسماء الأعضاء الذين سيحضرون على رئاسة الجمهورية، حيث إن ذلك متاح لكل الأعضاء، وكان ينبغى معاملة القضاة بذات الطريقة، لأنه لا يصح أن يدعى قاضٍ بمحكمة النقض إلى حضور حفل فى محكمته، وكان يجب أن يتولى توجيه الدعوات مجلس القضاء، ويتم إخطار رئاسة الجمهورية بأسماء المشاركين وليس الحصول على موافقتها. وقال مكى إن تهديد القاضى وجدى عبد الصمد رئيس نادى القضاة سابقا بخروج القضاة بالأوشحة إلى الشارع عام 1984 هو ما دفع الدولة إلى إعادة مجلس القضاء ليكون مسئولا عن شئون القضاة. وأضاف أن الرئيس السادات ماطل كثيرا فى إعادة مجلس القضاء، حيث تعهد عام 1976 بإعادة المجلس، وظل يجدد وعده كل عام حتى قتل عام 1981 دون أن يفى بوعده، ولما تولى الرئيس مبارك مهام منصبه، جدد القضاة طلبهم بإعادة مجلس القضاء من جديد، وتم عقد جمعيتين عموميتين لذلك، ووصل الأمر بالقاضى وجدى عبد الصمد رئيس نادى القضاة بالتهديد بخروج القضاة بالأوشحة والسير فى الشارع إذا لم يتم إعادة مجلس القضاء. فاستجاب الرئيس مبارك وأعاده عام 1984 ليتكون من رئيس محكمة النقض رئيسا وأقدم قاضيين بمحكمة النقض وأقدم 3 رؤساء محاكم استئناف وهم رؤساء محاكم القاهرةوالاسكندرية وطنطا، إضافة للنائب العام، وتم منح الأخير الحصانة ضد العزل بناء على طلب المستشار فريد فهمى. وأكد مكى أنه رغم عودة مجلس القضاء فإنه لم يحقق ما يصبو إليه القضاة، حيث عاد محملا بفترة ما قبل إعادته، وأصبح أعضاؤه جميعا من كبار السن ولا يعرفون مطالب الشباب فضلا عن حصولهم على بدلات ومزايا عن حضور الجلسات. ولفت مكى إلى أنه الأفضل أن يكون هناك 4 أعضاء منتخبين داخل المجلس لنقل نبض شباب القضاة إلى قيادات المجلس، كما كان الوضع عليه عند نشأة المجلس عام 1936 حيث تشكل من 4 أعضاء منتخبين بالإضافة إلى رئيس محكمة النقض رئيسا وعضوية رئيس محكمة استئناف مصر والنائب العام، وفى عام 1943 تم تقليص عدد الأعضاء المنتخبين إلى عضوين فقط مع إدخال رئيس محكمة استئناف الاسكندرية والنائب الأول لرئيس محكمة النقض. وفى عام 1952 تم إلغاء مبدأ الانتخاب تماما، وتغير تشكيل المجلس أكثر من مرة لغضب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وقرر أن يعاقبهم، فالغى مجلس القضاء الأعلى، وأنشأ بدلا منه مجلس الهيئات القضائية برئاسة وزير العدل وأصبحت شئون القضاة بيد وزير العدل، حتى تمكن القضاة من إعادة مجلس القضاة عام 1984.