توافر الإرادة الشعبية القوية فى اعتبار تزوير الانتخابات جريمة أمن قومى أهم من أى ضمانات أخرى الحكومة تدخلت فى المرحلة الثالثة من الانتخابات الماضية خوفًا من ظهور حجم شعبيتها الحقيقى لابد من رفع حالة الطوارئ كى لا يستخدم لمنع المعارضين عدم تغيير المادتين 76 و77 من الدستور يجعل من الانتخابات الرئاسية مجرد ديكور طالعتنا صحيفة «الشروق» الصادرة يوم الأربعاء الموافق 25/11/2009 بعنوان رئيسى فى صفحتها الأولى يقول: «اتجاه للسماح بمراقبة دولية للانتخابات» وهو كما ذكرت الصحيفة تصريح من مصدر رسمى مصرى عن الحزب الوطنى وهو اتجاه محمود بلا شك فهذا على أقل تقدير يعتبر عدولا عن الفكرة السخيفة التى تقول إن الرقابة الدولية نوع من التدخل فى شئون مصر الداخلية لأن هذا القول ينم عن جهل أو عن نية مبيتة لتزوير الانتخابات وهذا ما لا يجب أن يقع فيه مسئول. إلا أننا عندما فكرنا فى كيفية أن تكون الانتخابات المقبلة فى مصر صحيحة وسليمة وخالية من شبهة التزوير وجدنا أن تحقق ضمانة واحدة لا تكفى لتكون هذه الانتخابات منزهة من العيوب التى علقت بها خلال الخمسين عاما الماضية بل لابد من تحقق جميع الضمانات التى نطالب بها لكى يمكن القول بأن الذى جرت فيه الانتخابات يشهد بنزاهتها، وهناك ضمانة عامة فوق هذه الضمانات جميعا لابد من توافرها وهى إيمان الحكومة ورغبتها فى أن تكون هذه الانتخابات بإرادة الشعب. وهذه الضمانة لا تتحقق إلا بإرادة شعبية صادقة قوية تعمل لها الحكومة ألف حساب بأنها إذا عبثت فى هذه الانتخابات فإن حسابها عند الشعب سيكون عسيرا لا يتوقف عند حد إسقاطها، بل لابد من حساب جنائى عسير باعتبار أن ما قامت به جريمة أمن قومى لأنها تمس حياة وإرادة ومستقبل شعب مصر كله. فى الانتخابات الماضية حصل الشعب على بعض الضمانات المعروفة عالميا لنزاهة الانتخابات ومنها الحبر الفسفورى وتوقيع الناخب أمام اسمه فى كشوف الانتخابات وفرحنا بهذه الضمانات وظننا أنه يمكن من خلالها تحقيق بعض النزاهه، ومرت المرحلتان الأولى والثانية من الانتخابات بنتائج طيبة طمأنت الناس بعض الشىء مع أن الانتخابات قد تحقق لها بعض الشفافية. إلا أنه نظرا لعدم وجود إرادة حكومية فى أن تتم الانتخابات بنزاهة فقد تدخلت الحكومة بكل ثقلها فى المرحلة الثالثة لاحساسها أنه إذا استمرت الانتخابات على ذات النهج لظهرت عورة الحزب الحاكم وبانت شعبيته على حقيقتها وظهرت هذه المعارضة فكان ما شاهدناه جميعا من تدخل ساخر فيها شوه صورتها وجعلها من أعنف الانتخابات التى شهدتها مصر فى تاريخها ولذلك ولمنع تكرار ما حدث فى هذه الانتخابات. لابد من أن يكون هناك رأى عام حريص على إرادته قادر على حمايتها مهما كلفه ذلك وعلى كل فرد وجماعه أن تعتبر كل لجنة من اللجان التى تجرى فيها الانتخابات مسئولة فيها ولا تسمح لأى إنسان مهما كان شأنه بالاقتراب منها أو المساس بها واعتبار من يحاول ذلك لص يقوم بسرقة إرادتهم لابد من التصدى له. هذا يا شعب مصر ما يجب الحرص عليه إذا كانت لديكم الإرادة والحرية فى حماية مستقبلكم وإذا كنتم تريدون أن تكون لكم كرامة يحافظ عليها الجميع لأن من لا يحافظ على إرادته فلا يطالب الناس بالحفاظ عليها ومن لا يغضب من أجل كرامته لا يعيب الغير إذا داس عليها لأنه لا يشعر أنها أساسا غير موجودة. لابد إذن من ضمانات أخرى غير الرقابة الدولية تضمن مراجعة الانتخابات المقبلة وهى: إلغاء حالة الطوارئ لكى لا تتخذها الحكومة أداة لمنع معارضيها من خوض الانتخابات بالقبض عليهم قبل إجرائها أو أثنائها ومضايقة مندوبيهم فى اللجان أو من يقومون بمساعدتهم فى حملتهم الانتخابية. تعديل المادتين 76، 77 من الدستور حتى تتاح مناقشة حقيقية بين المرشحين للرئاسة ولا تكون الانتخابات الرئاسية مجرد مظهر دون جوهر خاصة فى حالة ترشيح الرئيس أو أحد أبنائه إذ إنه فى هذه الحالة فلن تكون هناك مناقشة بل مجرد مظهر وديكور حتى يقال إن هناك انتخابات وليس استفتاء كما كان فى الماضى، كما أن تعديل المادة 77 ضرورة حتى يكون هناك تداول فى السلطة ولا يبقى الرئيس حتى ينتقل إلى ذمة الله لأن هذا الوضع تكريس للديكتاتورية، لأن علم الرئيس أنه سيكون فى يوم من الأيام القريبة رئيسا سابقا يجعله يعمل حساب هذا اليوم وهو الأمر المعمول به فى كل بلاد الدنيا الديمقراطية. وطبعا لو أمكن تعديل قانون الانتخاب بحيث تتم الانتخابات التشريعية على مراحل ويعود الإشراف القضائى الكامل فإن ذلك سيكون ضمانة حقيقية تساعد بلا شك على أن تكون الانتخابات المقبلة حرة وسليمة. وأول ما يجب أن نبدأ به اليوم من أجل ضمان نزاهة الانتخابات القادمة خاص وأنه يستغرق وقتا طويلا هو إعداد كشوف جديدة للانتخابات على أساس الرقم القومى الذى اكتملت له مقومات وجوده وهو أمر سهل التنفيذ لو وجدت الرغبة فى ذلك يضاف إلى ذلك التصويت الإلكترونى المعمول به فى الهند وبعض دول العالم وهى عملية سهلة وميسرة وتوفر كثير من الجهد والمال. مراقبة لجان التصويت والفرز بحيث تكون هناك رقابة شعبية على كل ما يدور داخلها ومعرفة نتيجة الانتخابات حتى قبل إعلانها وقد جربت ذلك أثناء رئاسة نادى قضاة الإسكندرية وهو تقليد يحرص عليه كل من يحرص على نزاهة الانتخابات. يتم الفرز فى مكان اللجنة الفرعية وتعلن هذه اللجنة نتيجتها ثم تخطر بها اللجنة العامة وبذلك نقضى على أى تلاعب فى النتيجة يتم فى مرحلة تجميع الأصوات اللجنة العامة كما حدث فى بعض اللجان العامة فى الانتخابات الماضية وهذا ما أثبتته تقارير محكمة النقض مما لا مجال للشك فيه هذه الضمانات التى نطالب بها ونتمنى تحققها قبل الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة حتى نضمن أن تأتى بعده عن رأى الشعب فى اختيار من يحكمه. وقد جاء فى ذات الصحيفة أيضا لمصدر دبلوماسى غربى أنه لا أحد يريد أن تتكرر أحداث إيران فى القاهرة، والحقيقة فعلا أنه لا يوجد أحد يريد ذلك سوى إسرائيل بالطبع التى يهمها أن ترى العالم العربى كله يموج بالقتال سواء بين أبناء الشعب الواحد أو بين أبناء الشعوب العربية بعضها البعض. والحقيقة التى يجب أن تعلمها جيدا أن الحكومة لو تحققت أن ما حدث فى إيران يمكن أن يحدث فى مصر لما أقدمت ولو خطوة واحدة على المساس بالانتخابات ونحن لا نتمنى أن يحدث لمصر أو لشعبها أى سوء، وأن تتم الانتخابات فى نزاهه لأن الدم المصرى عزيز وغال علينا جميعا ولكنه يجب ألا يكون أغلى من حريتنا وكرامتنا لأن الشعوب عادة ما تضحى بأبنائها فى سبيل حريتها وإرادتها ونرجو أن تكون الفترة المقبلة غير مضطرين لذلك.