«أغلب النساء والفتيات يرتدين الحجاب فى مصر» هذا ما جعل شعورا غريبا يسيطر على لى سون يونج الطالبة الكورية وهى تتجول فى شوارع القاهرة عقب وصولها، هذا المشهد جعلها تصف مصر بالدولة المحافظة، لأن الصورة فى كوريا مختلفة، فالمسلمون هناك قلة أما فى مصر فهم أغلبية. لى يونج التى تدرس التاريخ حضرت مع وفد كورى جنوبى فى برنامج تبادل شبابى بين البلدين، بصحبة سبع فتيات وثلاثة شباب من جامعات مختلفة فى كوريا الجنوبية. كانت فى البداية تخشى أن يتسبب التزام المصريين بالتعاليم الدينية فى مشاكل عند التعامل المباشر، لكن بعد قضاء عشرة أيام فى مصر «اكتشفت أن نظرتى كانت خطأ» فمن خلال تعاملها مع المصريين «تعلمت أن الدين يضيف لعلاقتهم الإنسانية مع الآخرين، ولا يؤثر عليها سلبيا». الشعور نفسه شعر به جى هوان أونج طالب الخدمة الاجتماعية بمجرد دخوله جامعة عين شمس أثناء زيارته لقسم اللغة الكورية بكلية الألسن «شعرت أن الطلاب المصريين منغلقون»، وأرجع ذلك للدين الذى يسيطر على الأفكار والمعتقدات، فعلى حد قوله «الطلاب فى كوريا يشربون الخمور ولا يوجد لديهم دين»، وهنا تضيف لى يونج «نحن نؤمن بأنفسنا»، ولا نملك خانة فى البطاقة الشخصية تحدد الديانة، يضيف جى هوان «نحن لم نتكبد عناء البحث عن الخمور فى مصر لأننا اعتقدنا أن الخمور حرام فى معتقدات المصريين، ولكننا استطعنا احتساء بيرة مصرية فى مطعم كورى». أما لى كونج طالبة الهندسة عندما وصلت إلى مطار القاهرة كانت تتوقع أن تشاهد مدينة صحراوية كبيرة، يقع الهرم فى وسطها، والجمال هى وسيلة الانتقال الوحيدة. ولكنها تبتسم فى سخرية من نفسها «كانت دهشتى كبيرة لأننى وجدت القاهرة مدينة مزدحمة بالسيارات والسكان»، كما أن الإعمار الحديث جعلها تنبهر وتغير صورة ذهنية راسخة لديها منذ القدم «أنا تأكدت أن مصر دولة حديثة ومتطورة». وعبر جونج بيونج عن سعادته بتسامح المصريين «أنا شعرت أن كلهم أصحابى»، وفى رأيه أن التسامح خلق فى مصر قومية واحدة، وجعل شعبها كريما ولطيفا مع الآخرين، وهذا على حد قوله غير موجود فى كوريا «نحن هناك نعانى تعدد القوميات»، وتمنى بيونج أن يعيش فى مصر لانبهاره بمشهد الغروب عند نهر النيل، وليتمتع بالهواء النقى المشبع برائحة البحر المنعش فى الإسكندرية. مراكز الشباب فى القاهرةوالإسكندرية هى أكثر ما لفت نظر سيون رئيسة الوفد الكورى «عندما دخلت مراكز الشباب فى مصر شعرت ان هناك بنية تحتية قوية، ساهمت فى ثقافة الشباب المصرى»، فهى كطالبة تدرس السياسة وتقدر ثقافة الشباب التى تسهم الدولة فى خلقها على حد تعبيرها، كما أنها كعضو فى اتحاد الشباب الكورى تشارك بحلول للمشاكل التى يعانى منها الشباب هناك، وهى إدمان الانترنت والبطالة والوساطة فى العمل، فضلا عن صعوبة امتحان الثانوية المؤهل للجامعة والذى وصفته بالمدمر لأعصاب الطلاب. لذلك هى تعلم مدى المجهودات المبذولة لزيادة الوعى الثقافى لدى الشباب، وهذا ما جعلها تنبهر بالطلاب المصريين الذين يدرسون اللغة الكورية بكلية الألسن بجامعة عين شمس «انبهرت بمعلوماتهم القوية عن كوريا الجنوبية، وقررت أن انشر ثقافتى الجديدة عن مصر فى بلادى». وخلال زيارتهم للآثار فى مصر حاز مسجد محمد على والقلعة على إعجابهم، وكذلك الأهرامات وقلعة قايتباى فى الإسكندرية، وترى لى يونج أن الحضارات التى مرت على مصر تركت بصمة مميزة فى كل مكان، فالحضارة الرومانية فى الإسكندرية دليل على الصلابة والقوة، والفرعونية فى القاهرة دليل على العظمة، والإسلامية والقبطية دليل على تسامح المصريين. يصف طلاب الوفد الكورى معاناتهم مع الطرق فى مصر فهى «إما سريعة فلا يستطيعون عبورها، أو مزدحمة جدا فيصلون متأخرين عن مواعيدهم». وتمنوا جميعا زيارة مصر مرة أخرى، خاصة منطقة خان الخليلى التى اختاروها كأفضل الأماكن التى ذهبوا إليها طوال فترة إقامتهم فى مصر، فقرروا زيارتها مرة أخرى خلال الجولة الحرة قبل الرحيل، ليشتروا هدايا لأصدقائهم فى كوريا من بينها التماثيل الفرعونية والشيشة التى تتميز بأشكالها العربية، حيث يعانى مدخنوها فى كوريا من ندرتها فى المقاهى.