أطلقت إسرائيل أمس عملية دعائية ضخمة لاستغلال حادث مصادرتها لسفينة فى البحر المتوسط قالت إنها تحمل سلاحا من إيران إلى سوريا وحزب الله بينما احتفت فيه وسائل الإعلام الإسرائيلية بالإنجاز الذى جاء «هدية من السماء» فى وقت تحتاج فيه تل أبيب للضغط على المشروع الإيرانى النووى ومواجهة التداعيات السلبية لتقرير جولسدتون. وذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية أمس أن وزارة الخارجية الإسرائيلية طالبت دبلوماسييها فى الخارج بإثارة قضية سفينة الحاويات «فرانكوب»، فى المناقشات مع نظرائهم من الدبلوماسيين ووسائل الإعلام وذلك فى مسعى إسرائيلى واضح من أجل زيادة الضغوط على طهران فى الأممالمتحدة. وقالت الصحيفة فى موقعها على شبكة إنه صدر للدبلوماسيين الإسرائيليين تعليمات بضرورة تأكيدهم فى الخارج على أن محاولة إيران لتهريب الأسلحة إلى سوريا وحزب الله يعد انتهاكا لقرار مجلس الأمن الدولى. وكتبت الوزارة فى مذكرتها إلى المبعوثين الإسرائيليين أن إيران تواصل تهريب الأسلحة إلى من وصفتهم على لسانها بالإرهابيين تحت غطاء «شرعية التجارة الدولية محولة البحر المتوسط إلى مسرح للعمليات غير القانونية». وتمت مصادرة مئات الأطنان من الأسلحة، فى أكبر عملية تقوم بها البحرية الإسرائيلية، وذلك بعد أن صعد أفراد من الكوماندوز الإسرائيلى على متن السفينة لدى إبحارها على مسافة 100 ميل بحرى غربى إسرائيل واقتيادها إلى ميناء أشدود الإسرائيلى المطل على البحر المتوسط. ومن جهتها، قالت صحيفة «معاريف» إن القيادة الإسرائيلية لم تتجرأ على الحلم بتوقيت أفضل لضبط سفينة محملة بالأسلحة والوسائل القتالية بهذا الحجم. «وعمليا، وعلى ضوء مناقشة تقرير جولدستون، التى بدأت أمس فى الجمعية العمومية للأمم المتحدة، والحملة ضد إيران، فقد جاء ضبط السفينة فرانكوب هدية من السماء، والسؤال المطروح الآن هو كيف تترجم هذه الهدية لإنجاز سياسى». وذكرت أن إسرائيل تعتزم استخدام صور الوسائل القتالية التى ضبطت فى السفينة لأغراض دعائية. وأضافت الصحيفة أنه «فى الفترة التى تواجه إسرائيل الأضرار التى تسبب بها تقرير جولدستون لصوتها، تأمل أن يساعدها ضبط سفينة «فرانكوب» فى حملة إعلامية دولية تتركز حول إيران ومسئوليتها عن تسليح التنظيمات الإرهابية». ونقلت الصحيفة عن مصادر عسكرية قولها إن طهران «ستضطر إلى تغيير مسار تهريب الأسلحة بعد عملية الجيش الإسرائيلى الناجحة». من جانبه، قال رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو إن اعتراض البحرية الإسرائيلية لسفينة الأسلحة «يشكل دليلا قاطعا وواضحا على أن إيران تواصل إرسال الأسلحة إلى التنظيمات الإرهابية بهدف ضرب المدن الإسرائيلية وقتل مدنيين إسرائيليين». وحث نتنياهو فى تصريحات أوردها راديو «إسرائيل» المجتمع الدولى على ممارسة الضغوط على إيران «لكى تكف عن هذه النشاطات الإجرامية»، على حد قوله، ودعاه إلى دعم إسرائيل «التى تدافع عن نفسها بوجه الإرهابيين». وفى وقت سابق، قال وزير الدفاع الإسرائيلى إيهود باراك إن «محاولة تهريب أسلحة إيرانية لحزب الله اللبنانى التى أحبطتها إسرائيل لن تكون محاولة التهريب الإيرانية الأخيرة». وفى هذه الأثناء، اتهم عضو الكنيست الإسرائيلى من كتلة الاتحاد الوطنى أرييه الداد، تركيا بتسهيل ما سماه نقل الأسلحة من إيران إلى سوريا. وقال النائب الداد فى تصريحات أوردها راديو «إسرائيل» أمس إن إسرائيل «لا تستطيع بعد الآن تجاهل دعم الدول التى تسمى بالصديقة للإرهاب». ولم يذكر النائب دليلا على ادعائه أو سبب اتهامه لأنقرة. وفى المقابل، نفى حزب الله اللبنانى أى علاقة له بسفينة الأسلحة، وأدان الحزب فى بيان مقتضب «القرصنة الإسرائيلية فى المياه الدولية»، كما نفى أيضا وزير الخارجية السورى وليد المعلم وجود أى شحنات أسلحة على متن السفينة التى قال إنها كانت «تنقل بضائع تجارية». وزعمت مصادر الجيش الإسرائيلى أن السفينة «فرانكوب» التى يبلغ طولها 140 مترا، كانت تحمل حوالى 40 حاوية بداخلها مئات الأطنان من الأسلحة، بينها صواريخ طراز كاتيوشا، وأسلحة صغيرة وقنابل يدوية وذخيرة. وتشير قائمة السلاح المضبوط فى السفينة التى نشرتها صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الشحنة لا تحوى أى نوع سلاح حديث يمكنه أن يؤثر على موازين القوى، ويدور الحديث عن أسلحة تستخدم منذ عشرات السنين. كما أن التقارير الإسرائيلية لم تذكر أعداد كل نوع من السلاح، واكتفت بتعريفات فضفاضة ك«أسلحة تكفى لشهر قتال». وحسب القائمة فإن الشحنة تضم: صواريخ كاتيوشا 122مم ذات مدى 20 كم ورأسا حربيا 23 كجم (لم يذكر العدد)؛ قذائف كاتيوشا 107مم، طراز قديم، ذات مدى 12 كم ورأسا حربيا 10 كجم، وآلافا من قذائف المورتر بمديات متفاوتة بين 3 7 كم، وقنابل يدوية تقول التقارير إنها متطورة وتزيد الإصابات فى مكان انفجارها، آلافا من بنادق الكلاشينكوف؛ وعشرات آلاف من العيارات النارية. وبمناسبة ما اعتبره انجازا ينضم إلى سلسلة إنجازات سابقة يعدد المعلق السياسى رونين برجمان ما سماه الضربات التى تلقتها إيران وسوريا وحزب الله خلال السنوات الأربع الأخيرة دون أن يشير إلى وقوف إسرائيل وراء تلك الضربات. ومنها بحسب برجمان: حصول أعطاب غريبة فى المشروع النووى أعاقت تخصيب اليورانيوم، واختفاء العالم النووى الإيرانى، وسقوط طائرتين متعلقتين بالمشروع النووى الإيرانى، واندلاع النار فى مختبرين نووين. ويضيف أن هذه الأحداث عززت الشعور لدى إيران بأن أياد غريبة تعبث وهناك من يحاول المس بالمشروع. ويضيف فى 12 يوليو عام 2006 دمر سلاح الجو الإسرائيلى، بفضل معلومات استخبارية دقيقة تقريبا كل مخزون الأسلحة البعيدة المدى لحزب الله. وبعد سنة من ذلك، وحسب مصادر صحفية مختلفة، حصل فى سوريا عطبا خفيا فى مصنع لصواريخ الاسكود مزودة برءوس نووية؛ وبعد ذلك قصف المفاعل النووى الذى أقامته سوريا بمساعدة كوريا الشمالية، واغتيال القيادى بحزب الله عماد مغنية؛ ومثله أيضا الجنرال محمد سليمان الذى كان على رأس المشروع النووى السورى. ويضيف: «فى يناير 2009 وحسب مصادر مختلفة هامت مقاتلات إسرائيلية فى السودان 3 مرات شحنات سلاح من إيران لقطاع غزة، وبعد ذلك بشهر اعتقلت السلطات المصرية خلية حزب الله».