معظم النقاد يحددون قوة ونجاح المهرجانات بعدد الضيوف الأجانب والنجوم الذين يحضرون فاعلياتها ويشاركون فيها.. ومع ذلك فإن الظاهرة التى نلاحظها كل عام، ومع بدء دورات مهرجان القاهرة السينمائى الأخير هى عزوف نجومنا عن حضور فاعلياته.. وباستثناء حفل الافتتاح والختام يندر أن تجد صناع السينما المصرية فى أروقة المهرجان يشاركون فى فاعلياته، وهو الشىء الذى يختلف تماما عند وجود نفس النجوم فى المهرجانات العربية بل إنهم يتسابقون للتواجد فى هذه المهرجانات وهو اللغز الذى بحثنا عن إجابة له فى هذا التحقيق.. خالد أبوالنجا والذى عاد لتوه من مهرجان لندن بعد عرض فيلمه «واحد صفر» هناك وقبلها كان عضو لجنة تحكيم فى مهرجان بيروت السينمائى الدولى، والذى كان يعرض له فى مهرجان أبوظبى فيلم «هليوبوليس»، يؤكد أنه كمصرى لا يمكن أن يقاطع مهرجان بلاده ويقول: شاركت من قبل بعدة أفلام فى المهرجان منها الفيلم الكندى «واجب وطنى» والأفلام المصرية «ما فيش غير كده» و«حب البنات» ولكن اختلاف مواعيد عرض الأفلام مع توقيتات انعقاد المهرجانات هو الذى يحدث هذا الخلل، وأنا شخصيا لن أنسى وجودى بجوار كوبولا فى بيروت وتواجدى مع أورلاندو بلوم فى أبوظبى لكنى فى الوقت ذاته لا أنسى مهرجان بلدى وأحاول مساعدته فى جذب الضيوف العالميين إليه. ولكننا كفنانين مصريين من حقنا المشاركة فى المهرجانات الأخرى والتعرف على الثفافات الأخرى ومن حق المهرجانات العربية علينا دعمها، إلا أن ذهابنا إليها لا يعنى بالضرورة أننا نرفع شعار المقاطعة أو الهروب من مهرجان القاهرة الذى نحرص على المشاركة فى فاعلياته. ويتفق الفنان عمرو واكد مع ما قاله أبوالنجا ويؤكد: نحن كفنانين مصريين لا نقاطع مهرجاننا، لكنه ليس من المنطقى فى حالة فيلم مثل «المسافر» أن نشارك به فى مهرجان القاهرة ونترك مهرجان فينيسيا مثلا رغم أنه بمجرد عرضه هناك أصبحنا لا نستطيع عرضه فى المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة. وهو نفسه ما تؤكده بطلة فيلم «المسافر» اللبنانية سيرين عبدالنور التى تقول إنها لا تدرى سر هذه القسوة التى يتعامل بها البعض مع اشتراكنا فى مثل هذه التظاهرات الفنية العالمية، وتقول إن مهرجانات العالم كله بها دورات قوية ودورات ضعيفة، والفنانون العرب يشعرون بالفخر لدعوتهم للمهرجانات الدولية ومنها بالطبع مهرجان القاهرة وهو شعور يجب أن يتواجد لدى الفنانين والنقاد المصريين عند دعوتهم لمهرجان أبوظبى أو بيروت ونحن كعرب يجب أن نتكامل فنيا وأن نشجع بعضنا البعض، وأنا شخصيا لو تواجدت بالقاهرة وقت المهرجان فسوف أحضر فاعلياته. ويقول السيناريست تامر حبيب: إذا سألتنى لماذا نذهب للمهرجانات الأخرى؟ فسأقول لك بصراحة إن السبب يرجع إلى «البريستيج» أو الاحترام الذى تمنحننا إياه المهرجانات العربية.. ويضيف: المهرجانات الأخرى بالنسبة لنا تكون أكثر ودا ونشعر خلالها وكأننا جميعا فى نزهة نستمتع بها، وأنا شخصيا لا توجه إلى دعوة من مهرجان القاهرة بينما أى مهرجان عربى آخر لا تتأخر دعوته عنى وبالتالى فأنا أعتبر عدم وصول دعوة مهرجان بلدى إلىّ شيئا مهينا، ومع ذلك أنا لا أقاطعه بل أذهب لمشاهدة أفلام زملائى التى يتم عرضها فيه، رغم أننى قد أذهب لإحدى دور العرض فلا أجد تذاكر أو أن الفيلم الذى ذهبت إليه قد تغير.. فالمهرجان للأسف يعانى من عدم التنظيم، كما أن المهرجانات العربية تهتم بنا أكثر، كما أنهم فى الدول العربية يحتفون بنا وبأفلامنا ويقومون بتنظيم حملة دعاية كبيرة لنا ويقيمون شاشات لعرض فاعليات المهرجان بالشوارع عكس مهرجان القاهرة وأنا أتحداك لو كان المواطن العادى بشوارع القاهرة يعرف أن مهرجانها موجود وأنا أؤكد لك فى النهاية أننى مع مهرجان القاهرة أشعر أننى ألعب لعبة المهرجان ولا أعيشها، وعموما أنا أعطى أولوياتى للمهرجانات التى تقام خارج الشرق الأوسط. أما عمرو سلامة مخرج فيلم «زى النهارده» فأكد أنه عندما عرض فيلمه فى مهرجان أبوظبى لم يكن يقاطع أو يتخلى عن مهرجان بلده فكل الحكاية أنه لم يكن يعرف اللائحة الخاصة بمهرجان القاهرة السينمائى الدولى والمتعلقة بالعرض الأول وهو شخصيا كان يفكر فى عرض الفيلم بمهرجان القاهرة لكنه كان قد اتفق مع مهرجان أبوظبى ولم تكن هناك طريقة للتراجع، ويقول: وأنا شخصيا لم أكن فى وضع يسمح لى بالمفاضلة بين المهرجانات، كما أننى شاهدت فى الدورة التى ذهبت فيها لأبوظبى عددا من كبار النجوم العالميين مثل أوليفر ستون أنطونيو باندرياس. أما المنتج والسيناريست محمد حفظى فيؤكد أن المهرجانات فى العالم كله تكتسب أهميتها من وجود أفلام مهمة بها ويضيف: أنا كمنتج سينمائى أهتم فقط بتواجدى بأفلامى فى مثل هذه المهرجانات التى تهتم بالأفلام أو الصناع الحقيقيين للسينما العالمية بغض النظر عن الممثلين الأمريكيين الذين تتم دعوتهم للمهرجان وهناك بالطبع سبب كبير ومهم يتمثل فى الجائزة المادية الكبرى التى ترصدها هذه المهرجانات فمن يتجاهل جائزة قدرها 100 ألف دولار وحاليا أصبح مهرجان مثل أبوظبى أهم مهرجان يتم عقده فى الشرق الأوسط بالرغم من كونه غير دولى.