دعا زعيم الحزب الديمقراطي الاشتراكي زوران زائيف في الخريف الماضي، عندما كان يتولي منصب رئيس الوزراء، لإجراء انتخابات مبكرة. وترجع هذه الدعوة إلى عدم دعوة الاتحاد الأوروبي بلاده لتدشين مباحثات الانضمام لعضوية الاتحاد، على الرغم من تسوية مقدونيا خلافا دام لعقود مع اليونان بشأن اسمها، في ظل معارضة شرسة من القوميين. وقد دفع زائيف، بمفرده تقريبا، سكوبيه إلى توقيع توقيع اتفاق تاريخي مع اليونان، مما أدى لتغيير اسم بلاده وتمهيد الطريق للانضمام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) وبدء مباحثات الانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي. ولكن بعدما جازف زائيف برصيده السياسي في الجهود الرامية للتوصل لاتفاق بشأن تغيير اسم الدولة، وتجاهله الاتحاد الأوروبي، راهن زائف على الدعوى لاجراء انتخابات مبكرة، قائلا إن الأمر الآن متروك لمواطني مقدونيا الشمالية لكي يقرروا الطريق الذي يريدونه في المستقبل. ويأمل زائيف أن يختار المواطنون طريقه مجددا. وقدم زائيف استقالته في يناير الماضي لكي يفسح المجال أمام تولي حكومة فنية، مهمتها الأساسية تنظيم الانتخابات البرلمانية المبكرة، التي من المقرر إجراؤها الأربعاء المقبل بعدما تم تأجيلها بسبب تفشي فيروس كورونا. ولكن يبدو أن ظهور فيروس كورونا لم يغير فقط موعد إجراء الانتخابات، ولكنه أيضا غير الخطاب السياسي لمقدونيا الشمالية، مما قد يضر بفرص زائيف لتولي منصب رئيس الوزراء مجددا. وقد تعرضت حكومة تسيير الأعمال برئاسة رئيس الوزراء أوليفر سباسوفسكي، التي تعمل بالوكالة لحساب زائيف، على الرغم من مشاركة المعارضة فيها، لانتقادات متكررة على خلفية تعاملها مع أزمة تفشي فيروس كورونا. وكانت الحكومة قد أرجأت في 23 مارس الماضي الانتخابات التي كان من المقرر اجراؤها في 12 أبريل الماضي بسبب فيروس كورونا. وبعد أربعة أيام، أعطى قادة الاتحاد الأوروبي الضوء الأخضر لتدشين مباحثات انضمام مقدونيا الشمالية. وبعد أيام قليلة انضمت البلاد رسميا إلى حلف شمالا الأطلنطي( ناتو). وكان يتعين أن يشعر زائيف بالانتصار بعد إعلان الناتو والاتحاد الأوروبي، ولكن بالكاد تمت ملاحظة نجاحاته بسبب تفشي فيروس كورونا. ومع حلول وقت إمكانية تغيير موعد الانتخابات، كان حزب منظمة الداخلية المقدونية الثورية - الحزب الديمقراطي للوحدة الوطنية المقدونية، بقيادة هريستيجان مايكوسكي، قد استعاد اتزانه بعد أن أمضى أعواما متراجعا، على خلفية فضائح سابقة أحاطت بها أثناء توليه الحكم. وأبدى القوميون شراسة، حيث انتقدوا زائيف وحزبه، ووصفوهما بعدم الكفاءة والفساد. وقد بدأوا في حصد التأييد في استطلاعات الرأي. وأشار الحزب إلى أنه دائما ما كان يطالب بتأجيل الانتخابات، وقال إن زائيف يعرض صحة الناخبين للخطر. ومازل الحزب الديمقراطي الاشتراكي متقدما على حزب منظمة الداخلية المقدونية الثورية، ولكن بهامش أقل مقارنة بما قبل تفشي الفيروس. وأظهرت استطلاعات الرأي الأسبوع الماضي تقدم الائتلاف الذي يقوده الحزب الديمقراطي الاشتراكي بنسبة 6ر3% أمام حزب منظمة الداخلية المقدونية الثورية، مقارنة بنسبة 5% في فبراير الماضي. ولكن لم تكن استطلاعات الرأي موثوقا بها في مقدونيا الشمالية في الماضي، والأن ليس فقط فيروس كورونا هو الذي يؤثر على شعبية زائيف وحزبه. وقد تبددت السعادة بشأن فتح أبواب الناتو والاتحاد الأوروبي أمام مقدونيا الشمالية، ولكن استمر الغضب بشأن المقابل الذي تم دفعه من أجل ذلك وهو - تغيير اسم الدولة من مقدونيا فقط إلى إضافة الصفة الجغرافية الشمالية ليصبح مقدونيا الشمالية. كما ظهرت على السطح مجددا القضايا القديمة، التي تشمل حكم القانون والفساد والسيطرة على الإعلام والتوترات في العلاقات مع أفراد العرقية الألبانية الكبيرة. وكان اسم زائيف قد ظهر في أواخر العام الماضي في قضية فساد أدت لإدانته ممثلة الادعاء كاتسا جانيفا، التي تم تعيينها خصيصا لمواجهة الفساد. وقضت محكمة الشهر الماضي بسجنها سبعة أعوم لتلقيها رشاوى لتخفيف الضغط على رجل أعمال كان يخضع للتحقيقات. وكان الوسيط في ما اعتبرته المحكمة مخطط ابتزاز، بقيمة 5ر1 مليون يورو ( 7ر1 مليون دولار)، هو نجم تلفزيون الواقع بوجان جوفانوفسكي، الذي كانت له علاقات مع وزراء زائيف. وفي نفس الوقت، زادت المتاعب ، فقد بدأت الأقلية الألبانية في المطالبة بنفوذ أكبر في الحكومة. ويشار إلى أن حزبا يمثل عرقية الألبان عادة ما يكون دائما الشريك الأصغر في الائتلاف الحاكم في مقدونيا الشمالية. وقبل أقل من شهر من بدء الانتخابات، قال مسؤول من حزب الاتحاد الديمقراطي للتكامل، وهو الأكبر ضمن الأحزاب الألبانية، إنه حان الوقت لتولي ألباني منصب رئيس الوزراء . ويترأس الحزب على أحمدي، الرجل الذي كان يقود التمرد الألباني المسلح منذ 19 عاما. وقال المسؤول الذي رفض الافصاح عن هويته إنه في حال رفض الحزب المقدوني الفائز دعم تولي ألباني منصب رئيس الوزراء ، فإن حزب الاتحاد الديمقراطي للتكامل- في حالة افتراض هزيمته لمنافسيه من الأحزاب الألبانية، لكي يحظى بأكبر نفوذ في البرلمان، سوف يعرقل تشكيل الحكومة الجديدة، ويفجر أزمة سياسية. وسوف تكون مشاركة الناخبين في التصويت مهمة بالنسبة للأحزاب الأربعاء المقبل، ولكن هناك مخاوف من أن فيروس كورونا قد يؤدى إلى تراجع عدد المشاركين في التصويت. ومن أجل تبديد هذه المخاوف، غيرت سلطات مقدونيا الشمالية بعض القواعد الانتخابية للحد من خطورة الإصابة بالعدوى، بما في ذلك السماح باستمرار عمل مراكز الاقتراع لمدة 14 ساعة حتى الساعة التاسعة مساء بالتوقيت المحلي ( 1900 بتوقيت جرينتش) بدلا من العمل 12 ساعة فقط، من أجل الحد من الازدحام.