المسافة بين مدينة الشيخ زايد، حيث يسكن هشام عبدالوهاب، ووكالة الإعلان التى يعمل بها فى ميدان لبنان بالمهندسين قد تستغرق أكثر من الساعة بسبب زحام محور 26 يوليو. لاحظ هشام، مثل كثير ممن يضطرون إلى القيادة فى ذات الطريق، أن أغلب السيارات المتكدسة لا تحمل سوى سائقها فقط. «كتير من سكان المدن الجديدة زى 6 أكتوبر والقطامية بياخدوا نفس الطريق لشغلهم وفى نفس الوقت، وده طبعا من أسباب الزحمة». فماذا إن قرر هؤلاء أن يتشاركوا فى سياراتهم، وأن يتعاونوا فى توصيل بعضهم البعض إلى أماكن عملهم؟ «ده حيحل جزء كبير من مشكلة المرور، غير إنه حيقلل من التلوث البيئى وعوادم السيارات». قرر هشام أن ينشئ موقعا إلكترونيا غير هادف للربح يجمع الراغبين فى مشاركة سياراتهم مع آخرين، ووجد حماسا كبيرا للفكرة ورغبة فى المساعدة. مى الحجار، أحد المشاركات فى تصميم الموقع، ترى أن مشاركة السيارات أصبح ضرورة قصوى بعد أن وصلت مشكلة الزحام فى القاهرة إلى وضع مؤسف، «والبلد بقت زحمة بشكل غير آدمى، وعلى مدار اليوم بالكامل». تعمل مى فى إحدى شركات تداول السندات المالية التى لا تبعد عن بيتها أكثر من 10 دقائق مشيا. «لكن كارثة التحرش والمضايقات المنتشرة فى مصر دلوقتى بتخلى فكرة المشى مستحيلة»، وهو ما يجبر الكثير من نساء مصر إلى القيادة، مهما صغرت المسافة التى تفصلهم عن غايتهم، مفضلين التأخر فى الزحام على احتمال الإهانة فى الشارع. استغرق بناء الموقع عاما كاملا لأن كل المصممين من المتطوعين، لينطلق أخيرا فى هذا الشهر، أطلق هشام وصديقاته موقع «مشاركين السيارات فى مصر egyptcarpoolers. «كان لازم الموقع يكون مستواه عالى تقنيا علشان الناس تثق فيه». ولأن كل المشاركين فى تصميم الموقع من المتطوعين، استغرق تصميمه بالشكل المطلوب أكثر من سنة. انطلق الموقع أخيرا فى 12 أكتوبر الماضى، ليحقق انتشارا واسعا فى خلال أيام قليلة. إجراءات الاشتراك بالموقع لا تختلف كثيرا عن فتح حساب بريد إلكترونى جديد. بعد ذلك يمكن للمشتركين أن ينشروا مواعيد عملهم وخط السير وإذا ما كانوا يحتاجون أم يعرضون توصيلة. ويقوم الموقع آليا بموائمة الطرفين. الفكرة يتم تطبيقها منذ سنوات فى المجتمعات الغربية، وتخصص بعض مدن الولاياتالمتحدة وأوروبا فى كل طريق سريع حارة حصرية للسيارات التى تحمل أكثر من راكب، وهذا يشجع الناس على البحث عن رفيق يصاحبهم فى رحلاتهم اليومية إلى العمل، لأن الحارة المخصصة للسيارات التى تحمل أكثر من راكب تكون دائما أسرع وأقل ازدحاما من غيرها. «أول ما ظهر الموقع لقينا ترحيب كبير جدا من الناس، وكله بيقول إنها فكرة هايلة وكان لازم تتطبق من زمان»، يقول هشام. «وصل عدد المشاركين فى الموقع إلى 650 مشاركا خلال عشرة أيام فقط من انطلاقه، ووصل عدد المشاركين على جروب الموقع على الفيسبوك إلى ما يقارب الألف». ويقول هشام إنه فى حالة نجاح وانتشار الفكرة على نطاق واسع سيقوم بتصميم موقع موازٍ باللغة العربية. ذلك لا يعنى أن الفكرة قد دخلت مرحلة التطبيق أو صارت منتشرة. «الموضوع لسة جديد وفيه ناس عندها تخوفات منه، خصوصا من فكرة الأمان»، تقول منى. لذلك استخدم المصممون مزيجا من إمكانات مواقع التجارة الإلكترونية ومواقع الشبكات الاجتماعية معا لضمان الأمان وسرية المعلومات. «الموائمة بين الراغبين فى التوصيل والعارضين لخدماتهم تتم بشكل آلى تماما ودون تدخل بشرى»، تقول مى. تقتصر خدمات الموقع على توفير أداة للراغبين فى المشاركة، دون تدخل منهم فى مقابلاتهم وجها لوجه. «ممكن الاتنين يتفقوا إن كل واحد يركب عربية التانى يوم ويوم، أو يكون للتوصيل مقابل مادى»، يقول هشام. ولا يحق للمشتركين أن يراقبوا تحركات الآخرين، فالموقع يعطى المستخدم معلومات عن المستخدمين الذين يتصادف توافقهم فى خط سيرهم ومواعيدهم فقط، لكن لا يسمح لأحد أن ينظر إلى خط سير الآخر دون توافق، «علشان محدش يستخدم الموقع فى مراقبة الناس أو معاكستهم»، تقول مى. إضافة إلى ذلك، فالموقع يتيح للمستخدمين حجب معلوماتهم إلا عن عدد محدد من المشتركين الأصدقاء. وينصح الموقع زائريه بالاتفاق على بعض القواعد التى تسهل عليهم التعامل حول استخدام الراديو، وكيفية التصرف فى حالة تأخر أحد الطرفين وغيرها. «فى النهاية القرار لك، لو قابلت الشخص وحسيت إنكم مش متوافقين مع بعض، ممكن تنهى الموضوع بسهولة ومن غير حرج»،كما تقول مى.