لجان البرلمان تواصل مناقشة مشروع الموازنة.. التموين والطيران والهجرة وهيئة سلامة الغذاء الأبرز    اليوم.. «محلية النواب» تناقش طلب إحاطة بشأن إزالة 30 عقارًا بالإسماعيلية    الريال السعودي يواصل التراجع مقابل الجنيه بالبنك الأهلي اليوم الثلاثاء    بنك مصر يوقع عقد قرض طويل الأجل ب 990 مليون جنيه مع إيديتا للصناعات الغذائية لتمويل خطوط إنتاج جديدة    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل تعاملات اليوم    محافظ جنوب سيناء: نسعى للنهوض بالسياحة العلاجية وشرم الشيخ تتميز بتنوعها السياحي    طهران تصدر تحذيرات مشددة للدبلوماسيين الإيرانيين في الخارج    آخر مستجدات جهود مصر لوقف الحرب في غزة والعملية العسكرية الإسرائيلية برفح الفلسطينية    مبعوث أممي يدعو إلى استئناف المحادثات بين إسرائيل وحماس    زلزال يضرب محيط مدينة نابولي جنوبي إيطاليا    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 49570 جنديًا منذ بداية الحرب    10 لقطات لا تنسى في موسم الدوري الإنجليزي 2023-2024 (صور)    رقم تاريخي لعدد أهداف موسم 2023/24 بالدوري الإنجليزي    الحالة الثالثة.. التخوف يسيطر على الزمالك من إصابة لاعبه بالصليبي    بشير التابعي: معين الشعباني لم يكن يتوقع الهجوم الكاسح للزمالك على نهضة بركان    أول صور لحادث سقوط سيارة من أعلى معدية أبو غالب في المنوفية    بالأسماء، إصابة 18 عاملًا في انقلاب ميني باص بالشرقية    موعد عرض مسلسل دواعي السفر الحلقة 3    داعية إسلامي: الحقد والحسد أمراض حذرنا منها الإسلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-5-2024    جهات لا ينطبق عليها قانون المنشآت الصحية الجديد، تعرف عليها    التأخيرات المتوقعة اليوم فى حركة قطارات السكة الحديد    موعد إجازة عيد الأضحى 2024 في مصر: توقيت وقفة عرفات وعدد أيام العطلة    تراجع سعر الفراخ البيضاء واستقرار البيض بالأسواق في منتصف الأسبوع الثلاثاء 21 مايو 2024    حمدي الميرغني يحيي ذكرى رحيل سمير غانم: كنت ومازلت وستظل أسطورة الضحك    تعليم الوادى الجديد تحصد المركز الثامن بالمسابقة البحثية للثقافة الإسلامية    بعد رحلة 9 سنوات.. ماذا قدم كلوب لفريق ليفربول؟    جامعة أسيوط الجديدة التكنولوجية تنهي كافة الاستعدادات لامتحانات الفصل الدراسي الثاني    ننشر بالأسماء ضحايا حادث العقار المنهار بالعياط    براتب 5000 جنيه.. وزارة العمل تعلن عن وظائف جديدة بالقاهرة    قبل طرحه في السينمات.. أبطال وقصة «بنقدر ظروفك» بطولة أحمد الفيشاوي    ضياء السيد: مواجهة الأهلي والترجي صعبة.. وتجديد عقد معلول "موقف معتاد"    عاجل.. مصرع شاب إثر غرقه بمياه نهر النيل بمنشأة القناطر    فرصة للشراء.. تراجع كبير في أسعار الأضاحي اليوم الثلاثاء 21-5-2024    مندوب فلسطين أمام مجلس الأمن: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات إلى غزة لتجويع القطاع    أحمد حلمي يتغزل في منى زكي بأغنية «اظهر وبان ياقمر»    وزير الصحة: صناعة الدواء مستقرة.. وصدرنا لقاحات وبعض أدوية كورونا للخارج    وزير الصحة: مصر تستقبل 4 مواليد كل دقيقة    «في حاجة مش صح».. يوسف الحسيني يعلق على تنبؤات ليلى عبداللطيف (فيديو)    الطيران المسيّر الإسرائيلي يستهدف دراجة نارية في قضاء صور جنوب لبنان    منافسة أوبن أيه آي وجوجل في مجال الذكاء الاصطناعي    الأنبا إرميا يرد على «تكوين»: نرفض إنكار السنة المشرفة    المقاومة الفلسطينية تستهدف قوات الاحتلال قرب مفترق بلدة طمون جنوب مدينة طوباس    «سلومة» يعقد اجتماعًا مع مسئولي الملاعب لسرعة الانتهاء من أعمال الصيانة    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بالعمرانية    «الداخلية»: ضبط متهم بإدارة كيان تعليمي وهمي بقصد النصب على المواطنين في الإسكندرية    الدوري الإيطالي.. حفل أهداف في تعادل بولونيا ويوفنتوس    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    ميدو: غيرت مستقبل حسام غالي من آرسنال ل توتنهام    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    رفع لافتة كامل العدد.. الأوبرا تحتفي وتكرم الموسيقار عمار الشريعي (تفاصيل)    مصطفى أبوزيد: تدخل الدولة لتنفيذ المشروعات القومية كان حكيما    أطعمة ومشروبات ينصح بتناولها خلال ارتفاع درجات الحرارة    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 21-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    على باب الوزير    بدون فرن.. طريقة تحضير كيكة الطاسة    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حياة على الرف
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 08 - 2019

على رف طويل أرى صورا عائلية من مراحل حياة صديقتى، رصتها بتسلسل زمنى تظهر من خلاله طفلة ثم مراهقة ثم شابة ثم سيدة ناضجة، فى الصور الأولى أرى صديقتى مع والديها ثم يختفى الأب وتبقى الأم بينما يظهر طفلا صديقتى حتى تقتصر الصور الأخيرة على لقطات من حياة أولادها.
***
لا أعرف كم من الوقت أمضيت وحدى أمام الرف بينما تنشغل صديقتى بأمور بيتها، ربما كانت دقائق معدودة مرت بى وبحياة كاملة بسطتها صاحبة الصور أمام الزائرين فى تلك الغرفة، أو ربما هى حيوات متداخلة وأدوار رئيسية تناوب عليها أفراد أسرتها، شعرت أننى فى حضرة ثلاثة أجيال من القصص، أعرف منها الكثير بحكم علاقتى المقربة من العائلة لكن فى الصور نظرات وتفاصيل جديدة علىّ.
***
فى منزل والدى أيضا، وربما فى منازل كثيرة، تظهر صور جديدة كل فترة فى أرجاء البيت، ومع كل لقطة مضافة، أكاد أن أجزم أن من يضع الصورة على الرف يعيد النظر إلى كل الصور السابقة كلها، وكأن الصورة الأخيرة هى آخر حلقة فى مسلسل حياة بدأت عند أول الرف، حياة تظهر الصور حلقاتها السعيدة، إذ لا أذكر أننى رأيت أبدا صورا لمواقف حزينة، فمن منا يحب أن يضع نصب عينيه لقطة يسترجع فيها ألما اخترقه؟ على الأغلب لا أحد.
***
اليوم وقد أصبحنا فى عصر الكاميرا الرقمية والهاتف الذكى، خفت عادة طبع الصور ووضعها فى ألبومات عند الكثيرين، كما خفتت وتيرة إضافة صور فى أطر فضية أو ذهبية على الأرفف فى البيوت، إلا ربما صور لأحداث مفصلية كصورة عروس يوم فرحها أو طفل يوم ولادته. وبينما أتوه فى حلقات حياة صديقتى أمام صورها، أتساءل إن كان فرش حياة بهذا الشكل أمامى يحزننى أكثر مما يفرحنى. أرى وجه صديقتى فى طفولتها وألاحظ للمرة الأولى كم تشبهها ابنتها التى أعرفها جيدا منذ أن ولدت. أقرب وجهى من صورة لصديقتى مع والدتها منذ نحو عشرين سنة: كم تشبه صديقتى أمها.
***
اختفى بعض ممن هم فى الصور، رحلوا عن عالمنا وحزنا عليهم بشدة عند الفراق. ها هم يطلون علىّ فى الصور بابتسامة فرحة وبعيون مترقبة لحياة لم يعودوا جزءا منها. الصور فوق الأرفف، على الأقل بالنسبة لى، مصدر لشجن عميق حتى لو ما زال من فى الصور حاضرا فى حياتى، فالمراحل التى فى الصور هى التى ذهبت، عذوبة نظرات الطفلة التى كنتها أو كانتها صديقتى اختفت. فرحة أخى وابتسامته المبهجة يوم تخرجه خفتت.
***
أشعر فجأة أن عادة تلخيص موقف فى لقطة قد يكون مجحفا بحق من هم فى الصورة، إذ لا يمكن اختزال فرحة أو احتفال بلقطة. الصور قاسية على من يقف أمام مسلسل كامل لم تخطط صاحبته لإنتاجه بهذا الشكل حين كانت تضيف إطارا معدنيا كل عام أو عامين فيه لقطة عن سعادة آنية. هى لم تفكر، كما لا أفكر أنا نفسى حين أطبع صورا لعائلتى، أن ثمة شخص سوف يقف يوما أمام حياتها أو حياتى فيراها كما تسلسلت سنة بعد سنة.
***
حين أزور والدى تجذبنى صور من طفولتى وشبابهما كل مرة دون استثناء، أقف أمام الرف فى بيت أسرتى وكأننى أرى ما فوقه للمرة الأولى حتى لو زرتهم كل يوم. أتعجب من الشبه بينى وبين أمى فى شبابها ثم بينى وبين ابنتى الطفلة اليوم. تذكرنى الحياة بأن ثمة نهر يتدفق بقوة متغيرة حسب الأحداث إنما لا يتوقف، ينقل معه بعض أوراق الشجر التى تخضر بفضل الماء فى البداية ثم تثقل بسببها أيضا قبل أن تبطئ من حركتها وتلتصق فى نهاية المطاف بإحدى ضفاف النهر وتبقى هناك. تماما كمن هم الصور مندفعين ثم مثقلين ثم بطيئين ثم ساكنين.
***
مسلسل الصور هذا يفتح طاقة فى داخلى تتسلل منها قصص لا ترويها اللقطات، «بتتذكرى يوم الصورة كيف تيتة كانت عازمة صاحباتها وأنا استغليت انشغالكم بالضيوف وأكلت الزيتون بالمطبخ؟» لا زيتون فى الصورة إنما ها هى القصة تعود إلى الحياة. «بتتذكرى يوم تخرج أخى لما تأخرنا فى الطريق وفكرنا أنه ممكن يستلم شهادته قبل ما نوصل بعدين استنينا فى الجامعة ثلاث ساعات قبل أن نراه؟» أسمع أصوات أخى وأصدقائه وأرى أبى ينظر إليهم بفخر، هذا كله ليس فى الصور إنما ها هو يخرج من طاقة فى داخلى فيتحرك المشهد من حولى.
***
أضع إطارا جديدا على الرف فيه صورة لأولادى الثلاثة التقطتها أخيرا ما زالت تفاصيل اللحظة قريبة وأتساءل إن كانوا هم سوف يتذكرونها بعد عشر سنوات أو عشرين. ربما لن أكون معهم وقتها، وسوف تقول ابنتى، أصغر أطفالى «بتتذكروا ماما لما كانت تصر توقفنا صف مثل العسكر كل سنة وتاخد صورة ونحن كنا نتذمر؟ يمكن كان معها حق تصر، وينك يا ماما تشوفينا كيف صرنا لما كبرنا؟»
كاتبة سورية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.