«الداخلية» تسمح ل21 مواطنًا بالتجنس بجنسيات أجنبية    سعر الذهب اليوم الأحد 28 أبريل 2024 وعيار 21 الآن في سوق الصاغة بعد آخر هبوط    الرئيس السيسي يشهد افتتاح مركز البيانات والحوسبة السحابية الحكومية    جولة تفقدية لمسؤولي المدن الجديدة لمتابعة مشروعات رفع الكفاءة والتطوير    وزيرة التعاون الدولي تُشارك في الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالسعودية    ما آخر موعد لمبادرة سيارات المصريين بالخارج؟.. وزيرة الهجرة تجيب    اعتقال مرشحة للرئاسة الأمريكية خلال احتجاج مؤيد للفلسطينيين بجامعة واشنطن    إسرائيل تقصف أهدافا لحزب الله في جنوب لبنان    روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني    مباريات اليوم الأحد.. الزمالك في الكونفدرالية و«ديربي شمال لندن» ب«البريميرليج»    عاجل.. سر إنقلاب محمد صلاح على يورجن كلوب أمام الملايين (القصة الكاملة)    مصرع شخص وإصابة 23 آخرين في حادث تصادم بصحراوي أسوان    مطروح تستعد لامتحانات الترم الثاني.. غرف عمليات ومراعاة مواصفات الأسئلة    دور الصناعات الثقافية والإبداعية في دعم الاقتصاد.. أولى جلسات مؤتمر النشر بأبوظبي    الجزار: مسئولو المدن الجديدة في جولات موسعة لمتابعة مشروعات رفع الكفاءة والتطوير والنظافة    روسيا تعلن تدمير 17 مسيرة أوكرانية    صباحك أوروبي.. دعم صلاح.. معجزة ليفركوزن.. وميلان يتفق مع لوبيتيجي    العودة في نفس اليوم.. تفاصيل قيام رحلة اليوم الواحد للاحتفال بشم النسيم    حصول 4 برامج ب«آداب القاهرة» على الاعتماد من هيئة الجودة    42 عاما على تحريرها تنمية سيناء رد الجميل لشهداء الوطن    كولر يجهز حسين الشحات لنهائي أفريقيا فى مباريات الأهلي بالدوري    انطلاق دورة دراسات الجدوى وخطط الصيانة ضمن البرنامج التدريبي للقيادات المحلية    أغصان على شكل صلبان وورود.. الآلاف من الأقباط يحتفلون ب«أحد الشعانين» في كنائس المنيا (صور)    غدا.. «بلينكن» يزور السعودية لمناقشة وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن    بعد اتهامها بالزنا.. عبير الشرقاوى تدافع عن ميار الببلاوى وتهاجم محمد أبو بكر    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : شكرا سيدى على الدعوة00!؟    النسوية الإسلامية (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ): فى القرآن.. الناس يسألون النبى! "91"    نصائح هامة لتنظيم ساعات النوم مع التوقيت الصيفي    تحرير 7 محاضر مخالفة ضد أصحاب مخابز بالأقصر    خلال شهر مايو .. الأوبرا تحتفل بالربيع وعيد العمال على مختلف المسارح    تزامنًا مع قضية طفل شبرا.. الأزهر يحذر من مخاطر Dark Web    التصريح بدفن جثة شاب لقى مصرعه أسفل عجلات القطار بالقليوبية    انتوا بتكسبوا بالحكام .. حسام غالي يوجّه رسالة ل كوبر    عاجل.. مدحت شلبي يفجر مفاجأة عن انتقال صلاح لهذا الفريق    بطلوا تريندات وهمية.. مها الصغير ترد على شائعات انفصالها عن أحمد السقا    لا بديل آخر.. الصحة تبرر إنفاق 35 مليار جنيه على مشروع التأمين الصحي بالمرحلة الأولى    سعر الدولار الأحد 28 أبريل 2024 في البنوك    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    سيد رجب: بدأت حياتى الفنية من مسرح الشارع.. ولا أحب لقب نجم    السكك الحديد تعلن عن رحلة اليوم الواحد لقضاء شم النسيم بالإسكندرية    مصرع 5 أشخاص وإصابة 33 آخرين في إعصار بالصين    رفض الاعتذار.. حسام غالي يكشف كواليس خلافه مع كوبر    آمال ماهر ل فيتو: مدرسة السهل الممتنع موهبة ربانية ومتمرسة عليها منذ الطفولة    اشتباكات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    فضل الصلاة على النبي.. أفضل الصيغ لها    عضو اتحاد الصناعات يطالب بخفض أسعار السيارات بعد تراجع الدولار    بالأسماء.. مصرع 5 أشخاص وإصابة 8 في حادث تصادم بالدقهلية    هل مرض الكبد وراثي؟.. اتخذ الاحتياطات اللازمة    اليوم، أولى جلسات دعوى إلغاء ترخيص مدرسة ران الألمانية بسبب تدريس المثلية الجنسية    نصف تتويج.. عودة باريس بالتعادل لا تكفي لحسم اللقب ولكن    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    تملي معاك.. أفضل أغنية في القرن ال21 بشمال أفريقيا والوطن العربي    العالم الهولندي يحذر من زلزال قوي خلال 48 ساعة ويكشف عن مكانه    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    السيسي لا يرحم الموتى ولا الأحياء..مشروع قانون الجبانات الجديد استنزاف ونهب للمصريين    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    " يكلموني" لرامي جمال تتخطى النصف مليون مشاهدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل أصبح (الأزهريون) أقلية فى الأزهر؟
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 10 - 2009

كانت نادية يوسف، مدرسة التاريخ بالمعهد الليبى الأزهرى فى مدينة نصر، إحدى من شهدن خروج شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوى من أحد فصول المعهد غاضبا وهو يقول إنه سيصدر قرارا بمنع النقاب فى الفصول، بعد الحديث المنفعل الذى نقلته الصحف بينه وبين طالبة تمسكت بتغطية وجهها فى حضوره هو ومدرسة بررت موقف الفتاة. تقول نادية يوسف: إن المنتقبات لا يمثلن نسبة كبيرة فى المعاهد الأزهرية ولكنهن موجودات: «فى المعهد الذى أعمل فيه أجد طالبتين أو ثلاثا فى كل فصل منتقبات، وهناك 10 مدرسات منتقبات بين ما يقرب من 150 مدرسة». وتضيف: «أنا لست مؤيدة لارتداء النقاب، وأحيانا ما أتناقش مع مرتدياته، وحتى إن كنت أراهن متشددات قليلا فى هذه المسألة، لكنهن فى الغالب نساء وفتيات فضليات ملتزمات. مجتمع المدرسات والطالبات فى المعهد مثل باقى المجتمع المصرى يضم غير متدينات ومتدينات ملتزمات ومتشددات بعض الشىء ولكن لا شىء أبعد من النقاب ولا أوافق على اتهامهن بأنهن يتبعن تيارات معينة».
تعبير «التيارات المتشددة» تكرر من رموز جامعة الأزهر عقب تفجر الجدل حول النقاب، ففى أثناء جولات د.أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر ومعه نوابه فى كلية البنات حرص «الطيب» على أن يتطرق لأمر النقاب، مؤكدا أنه ليس فرضا على المرأة ومحذرا الطالبات من الانسياق وراء التيارات الدينية المتشددة. وقال: إنه «تم إعداد منهج دراسى جديد هذا العام بدأ تدريسه للوافدين، عن نقد التيار السلفى والتيارات البعيدة عن وسطية الإسلام». فيما كان تعليق أحمد الحسينى نائب رئيس الجامعة أن «خريجى الأزهر هم سفراء للدين الإسلامى الوسطى المعتدل فى مصر والخارج ولن تسمح الجامعة لأى جهة بأن تخترق فكرها الوسطى وهويتها الإسلامية الأزهرية».
يبدى أحمد سعد المدرس بأحد المعاهد الأزهرية الثانوية اندهاشه من أن يتفجر كل هذا الجدل عن التيارات والاختراق من موقف طالبة فى معهد للمرحلة الإعدادية: «سبب دهشتى أن الطلبة فى المعاهد الأزهرية مهما كانت ميولهم يكونون بعيدا عن جدل التيارات الفكرية والسياسية كما يحدث فى المرحلة الجامعية، فهم لا يزالون صغار السن وبعيدين عن التأثيرات المختلفة اللهم إلا تأثيرات الأسرة. أحيانا أعرف من طريقة كلام بعض التلاميذ أنهم أبناء أسر إخوانية أو سلفية وهناك أعداد كبيرة من أبناء الأسر المصرية العادية المتدينة التى تتابع الدعاة على الفضائيات وهناك أبناء أسر أدخلت أولادها معاهد أزهرية لأنها الأقرب للمنزل أو لأنها تقبل سنا أصغر. من المؤسف فعلا أن عددا كبيرا من الطلبة لا يتأثرون بالتعليم الدينى الأزهرى تماما مثل ما يحدث بالنسبة لمادة الدين التى يعتبرها طلبة مدارس وزارة التعليم مجرد مناهج تعليمية يتلقونها». ويضيف: «ابنى فى جامعة الأزهر وحكى لى عن انقسام الطلبة الملتزمين بين الاتجاه السلفى والإخوانى، قلة فقط تشعر بأنهم أبناء التقاليد الأزهرية، أما الكارثة التى تهدد الهوية الأزهرية فهى الأغلبية التى تتلقى التعليم بروتينية ودون اكتراث».
ولكن يبدو أن ما يقلق الأستاذ أحمد سعد لا يمثل التحدى الأخطر بالنسبة لقادة الجامعة، ففى مقال كتبه د.محمد عبدالفضيل القوصى، نائب رئيس جامعة الأزهر، ونشرته «الأهرام» فى مايو الماضى بعنوان «الأزهر ومحاولات الاختراق» عدد التيارات التى تهدد الأزهر بأنها أولا التيار الوافد من بلدان مجاورة يغلب عليه الحرفية والتشدد (التيار السلفى) والتيارات التى ترفع لافتات سياسية (الإخوان) ثم تيار التشيع وأخيرا تيار التغريب الذى يريد أن يغير ثوابت الأزهر تحت دعاوى «التنوير والحداثة».
أسرة الجيل المنشود
هناك فارق شاسع بين التيارين الأخيرين الهامشيين واللذين يقتصران أحيانا على عناصر فردية أو مجموعات محدودة داخل جامعة الأزهر وبين التيارين الأولين اللذين يمثلان الاتجاهين الأكثر بروزا ونشاطا داخل الجامعة. يقول محمد، الطالب بكلية التجارة بالجامعة والقائد الكشفى فى عشيرة الجوالة: «فى أثناء تنظيم الجوالة حفل استقبال الطلبة الجدد فى بداية العام الدراسى وتعريفهم بالكليات وأنشطة الجامعة وجدت طالبا يسألنى: أين مقر أسرة الجيل المنشود؟ وهو اسم الأسرة غير المسجلة رسميا فى الجامعة والتى ينشط فيها طلاب الإخوان المسلمين. وعندما استفسرت منه عن السبب، قال إن أخاه الطالب السابق بالجامعة نصحه بالذهاب إليهم لأنهم ملتزمون ويقدمون خدمات للطلبة مثل ملازم الامتحانات». يروى محمد ذلك كدليل على النفوذ الكبير والمتجدد للإخوان داخل جامعة الأزهر، مؤكدا أنهم يجتذبون نسبة لا تقل عن ثلث الطلبة ويأتى بعدهم بقليل السلفيون غير المنظمين فى جماعات أو أسر ولكنهم يشكلون تيارا فكريا وسط الطلبة.
باقى الطلبة إما يدرسون بلا توجه فكرى محدد ووعيهم الدينى والسياسى محدود، ومنهم طلبة ريفيون أقصى آمالهم استكمال تعليمهم بأى طريقة للعودة إلى قراهم والعمل فى الخطابة أو التدريس بالمعاهد الأزهرية المنتشرة هناك، وهناك قلة فقط تمثل «الملتزم الأزهرى» بحق.
أنس السلطان الخريج الحديث من كلية الشريعة والقانون هو بالتأكيد من بين هؤلاء، فهو يقول إنه كان الطالب الوحيد فى الكلية الملتزم بالزى الأزهرى طوال سنوات الدراسة رغم الطابع الشرعى للدراسة، كما أنه ينتمى لقلة تريد الالتزام بما يعتبره «الفكر الأزهرى». وهو أيضا يؤكد على ملاحظات المدرس أحمد سعد وطالب التجارة محمد ويقول إنها صحيحة أيضا داخل الكليات الشرعية بالأزهر: «قلة فقط لا تزيد بأى حال عن 2 أو 3% يمكن أن نعتبرهم أبناء الفكر الأزهرى المتأثرين والمتتلمذين على العلماء الأزهريين مثل على جمعة وأحمد الطيب وأسامة السيد وغيرهم».
يضيف أنس السلطان إن ارتداءه الزى الأزهرى على الدوام جعله يشعر كيف ينظر الناس إلى الأزهرى هذه الأيام: «هناك إكبار واحترام شديدان من جانب البسطاء ولكن يقابله أيضا شعور بأن هذا الشخص ذو فكر قديم بعض الشىء، قد يكون فى نظرهم ضليعا فى جوانب الشرع من الناحية العلمية ولكنه من ناحية أخرى أقل فهما لكل ما هو حديث. ومن جانب آخر، فهناك النظرة للأزهرى باعتباره قريبا من السلطة وهو ما يجعلهم يعتبرون السلفيين أكثر صدقا وإخلاصا وقربا من الله».
يشير أنس إلى أن هناك العديد من الطلبة داخل الأزهر ينظرون إلى التعليم الأزهرى نفس النظرة فيرونه تعليما قديما ومتحجرا نوعا ما، كما أنه مرتبط بالسلطة، وكثيرون يعتبرون أساتذتهم مجرد أكاديميين لديهم حصيلة علمية وقلة قليلة منهم يعدون فى مصاف العلماء حاملى تقاليد الأزهر ،ويحرصون على طلب رأيهم.
وبالنسبة لأنس سلطان، فالفكر الأزهرى له ملامح مميزة، منها أنه يتبنى العقيدة الأشعرية (تنظير عقلى للتوحيد للرد على الفرق الإسلامية خصوصا المعتزلة) باعتبارها عقيدة أهل السنة والجماعة وفى الفقه يتمسك بدراسة فقه المذاهب المختلفة ولا يوجد أزهرى لم يدرس على مذهب معين على خلاف السلفيين وفى جانب السلوك والأخلاق فهم إما متصوفة مثل جمعة والطيب أو قريبون من التصوف مثل أسامة السيد ولكنهم متمسكون بالتصوف المعتدل وليس ما ينسب إليه من ضلالات وخرافات وبدع.
يستدرك أنس أن هناك بعض الاختلافات داخل هذا الفكر الأزهرى فهو ليس تيارا واحدا، فهناك علماء أزهريون يميلون إلى ناحية السلفية قليلا وهم أبعد عن التصوف ومتمسكون بالعقيدة السلفية المخالفة للمذهب الأشعرى وهم العلماء الذين يعتلون منابر الجمعية الشرعية. ويؤكد أيضا أن هناك تعددا داخل الأزهر فهم يدرسون الفقه على المذاهب الأربعة، ومنهم المذهب الحنبلى الذى يرجح علماؤه وجوب النقاب على المرأة وهو محل الجدل الحالى.
الأساتذة الأزهريون المتبنون المذهب الحنبلى الأقرب للاتجاه السلفى قلة داخل الأزهر، وعلى منتديات السلفيين يسأل طلاب الأزهر السلفيين بعضهم بعضا عن الأساتذة الحنابلة لكى يتواصلوا معهم كأنهم يبحثون عن إبرة فى كومة قش. والمعاهد الأزهرية التى تلتزم كل منها تدريس الفقه على مذهب معين، منتشرة فى كل مصر على المذاهب الثلاثة: الشافعية والحنفية والمالكية. لكن هناك معهدين فقط فى كل مصر يدرسان المذهب الحنبلى.
الحضور القليل للميل السلفى فى المعاهد الأزهرية وبين أعضاء التدريس فى الجامعة غير كاف لكى يكون وراء الحضور الكبير لهذا الميل بين طلبة الأزهر، وهو يؤكد أن دور الأزهر يتراجع فى تخريج رموز جماهيرية مؤثرة، ليس فقط للجمهور العادى ولكن أيضا بين طلبته والدارسين فيه الذين لم ينجح التعليم الأزهرى الذى ينخرطون فيه طوال حياتهم فى جعلهم يتبنون التقاليد التى تمثل الفكر الأزهرى الذى يشكل هوية المؤسسة. وقد يحمل الأمر وجها آخر إذا اعتبرنا الأزهر يخوض معركة ضد أحد تنوعاته وضد مدرسة من الاجتهادات موجودة بداخله ولو على الهامش. ولكن فى كلتا الحالتين فقد يصدق رأى أنس السلطان الذى يرى أن الأزهر مثل معظم المؤسسات فى هذا البلد تفتقد التواصل الجيد بين قيادتها ورموزها من جهة وأبنائها أو جمهورها من جهة أخرى.
قد يكون توصيف أنس السلطان الأزهرى الغيور على الهوية الأزهرية والفكر الأزهرى هو الأقسى، فافتقاد التواصل بين طرفى مؤسسة تعليمية ودعوية بالأساس يعنى انهيارا فى وظيفتها الأساسية ومعنى وجودها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.