وفد رسمي وشعبي بسفاجا لتهنئة الإخوة الأقباط بعيد القيامة    سعر جرام الذهب اليوم الأحد في مصر خلال التعاملات المسائية    الوزير الفضلي يتفقّد مشاريع منظومة "البيئة" في الشرقية ويلتقي عددًا من المواطنين بالمنطقة    وزير السياحة يستعرض مبادرات دعم القطاع    شهداء وجرحى في قصف للاحتلال الإسرائيلي على وسط غزة    .تنسيق الأدوار القذرة .. قوات عباس تقتل المقاوم المطارد أحمد أبو الفول والصهاينة يقتحمون طولكرم وييغتالون 4 مقاومين    «جالانت» يحث «نتنياهو» بقبول صفقة التبادل ويصفها ب«الجيدة» (تفاصيل)    تزامنا مع شم النسيم.. تحرير 80 محضرا في حملات تموينية بجنوب سيناء    10 مايو.. انطلاق ملتقى الإسكندرية الأول للسرد العربي بمركز الإبداع    أمين الفتوى: بركة دعاء السيدة زينب تحمي مصر إلى يومنا    من شريهان إلى محمد عبده.. رحلة 8 فنانين حاربوا السرطان (تقرير)    نجل الطبلاوي: والدي كان مدرسة فريدة في تلاوة القرآن الكريم    إصابة الفنان محمد عبده بالسرطان ونقله إلى باريس لتلقي العلاج.. (رسالة صوتية)    "الصحة" تشارك بالتأمين الطبى لعيد القيامة المجيد بكنائس الطور وشرم الشيخ    ظهر على سطح المياه.. انتشال جثمان غريق قرية جاردن بسيدي كرير بعد يومين من البحث    والده مات بسببها منذ 10 سنوات.. خلافات على أرض زراعية تنهي حياة شاب في المنوفية    منافس الأهلي.. سقوط جديد للترجي قبل نهائي أفريقيا على يد الملعب التونسي (فيديو)    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟ دار الإفتاء تجيب    الإسكان: إصدار 4 آلاف قرار وزاري لتخصيص قطع أراضي في المدن الجديدة    لجميع المواد.. أسئلة امتحانات الثانوية العامة 2024    روسيا تسيطر على قرية جديدة في شرق أوكرانيا    السلطات الإسرائيلية تداهم مقرا لقناة الجزيرة فى القدس المحتلة بعد قرار وقف عملها    الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على موقع صوت أوروبا لبثه دعاية مؤيدة لروسيا    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    أمينة الفتوى: لا مانع شرعيا فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    الهلال يطلب التتويج بالدوري السعودي في ملعب المملكة أرينا    طريقة عمل الميني بيتزا في المنزل بعجينة هشة وطرية    مع اقتراب شم النسيم.. أسرع طريقة لتنظيف الفسيخ والرنجة في المنزل في ثواني    نقل مصابين اثنين من ضحايا حريق سوهاج إلى المستشفى الجامعي ببني سويف    كل سنه وانتم طيبين.. عمرو سعد يهنئ متابعيه بمناسبة شم النسيم    التحية لأهالى سيناء    «العمل»: جولات تفقدية لمواقع العمل ولجنة للحماية المدنية لتطبيق اشتراطات السلامة والصحة بالإسماعيلية    انطلاق مباراة ليفربول وتوتنهام.. محمد صلاح يقود الريدز    «أنا أهم من طه حسين».. يوسف زيدان يوضح تفاصيل حديثه عن عميد الأدب العربي    "صحة المنوفية" تتابع انتظام العمل وانتشار الفرق الطبية لتأمين الكنائس    فى لفتة إنسانية.. الداخلية تستجيب لالتماس سيدة مسنة باستخراج بطاقة الرقم القومى الخاصة بها وتسليمها لها بمنزلها    وزير الرياضة يتفقد مبنى مجلس مدينة شرم الشيخ الجديد    وزارة العمل تنظم ندوة لنشر تقافة الصحة المهنية بين العاملين ب"إسكان المنيا الجديدة"    تقرير: ميناء أكتوبر يسهل حركة الواردات والصادرات بين الموانئ البرية والبحرية في مصر    التخطيط: 6.5 مليار جنيه استثمارات عامة بمحافظة الإسماعيلية خلال العام المالي الجاري    رئيس مدينة مرسى مطروح يعلن جاهزية المركز التكنولوجي لخدمة المواطنين لاستقبال طلبات التصالح    الحكومة الإسرائيلية تقرر وقف عمل شبكة قنوات الجزيرة    البابا تواضروس الثاني: يمكن للتسامح إنهاء كل النزاعات    5 مستشفيات حكومية للشراكة مع القطاع الخاص.. لماذا الجدل؟    طوارئ بمستشفيات بنها الجامعية في عيد القيامة وشم النسيم    موعد استطلاع هلال ذي القعدة و إجازة عيد الأضحى 2024    لاعب فاركو يجري جراحة الرباط الصليبي    الصحة الفلسطينية: الاحتلال ارتكب 3 مج.ازر في غزة راح ضحيتها 29 شهيدا    الإفتاء: كثرة الحلف في البيع والشراء منهي عنها شرعًا    «شباب المصريين بالخارج» مهنئًا الأقباط: سنظل نسيجًا واحدًا صامدًا في وجه أعداء الوطن    كنائس الإسكندرية تستقبل المهنئين بعيد القيامة المجيد    "خطة النواب": مصر استعادت ثقة مؤسسات التقييم الأجنبية بعد التحركات الأخيرة لدعم الاقتصاد    استشهاد ثلاثة مدنيين وإصابة آخرين في غارة إسرائيلية على بلدة ميس الجبل جنوب لبنان    ميسي وسواريز يكتبان التاريخ مع إنتر ميامي بفوز كاسح    الاتحاد يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة الأهلي.. وأتوبيسات مجانية للجماهير    اليوم.. انطلاق مؤتمر الواعظات بأكاديمية الأوقاف    مختار مختار: عودة متولي تمثل إضافة قوية للأهلي    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التدويل يقترب من الخليج
نشر في الشروق الجديد يوم 04 - 07 - 2019

لا أشارك البعض رؤيتهم أن التركيز على الأوضاع فى منطقة الخليج يعد ابتعادا عن الشأن المصرى، لأن دول الخليج أو بعضها على الأقل تؤثر منذ فترة طويلة فى الإقليم كله، إن سلبا وإن إيجابا، كما أن جوهر النزاع فى الخليج هو الصراع على الهيمنة الإقليمية بين كل من المملكة العربية السعودية وإسرائيل وإيران، كما كتب أخيرا يوشكا فيشر وزير خارجية ألمانيا الأسبق، الذى سبق أن خاض مع رئيسه المستشار الألمانى الأسبق جيرهارد شرودر معركة سياسية ودبلوماسية وإعلامية مفتوحة ضد خطة وعملية الغزو الأمريكى للعراق عام 2003، محذرا فى ذلك الوقت المبكر من أن سقوط النظام العراقى سيؤدى إلى تقوية إيران بما لا يطاق، إلى جانب ما سيجلبه الغزو من كوارث أخرى.
كان فيشر أيضا هو المحرك للمبادرة الأوروبية للحوار مع طهران فى خضم الاستعدادات الأمريكية البريطانية لغزو الأراضى العراقية، بذريعة تفكيك ترسانة أسلحة الدمار الشامل، المدعى كذبا على عراق صدام حسين بإنتاجها وتخزينها، والتخطيط لاستخدامها، وكانت رؤية الوزير الألمانى الأسبق التى طرحها على زملائه وزراء خارجية الاتحاد الأوروبى هى عدم كفاية معارضة عدوانية المحافظين الجدد فى إدارة الرئيس الأمريكى جورج بوش الإبن، وإنما يجب المبادرة إلى سد الذرائع التى ينتحلونها، وعليه فيجب على الأوروبيين الشروع فى الحوار مع إيران، لإقناعها بعدم إنتاج أسلحة نووية، ودمجها فى الأسرة الدولية، بعد عقود من الحصار الأمريكى، وعدم الاكتراث الأوروبى، وفى هذه اللحظة تشكلت الترويكا الأوروبية من فيشر ووزيرى خارجية فرنسا وبريطانيا، لتبادر بزيارة طهران، وليبدأ الحوار الأوروبى الإيرانى، الذى أفضى إلى الاتفاق النووى بين إيران والدول الكبرى فى نهاية المطاف، ولكن بعد أن كان بوش ومحافظيه الجدد قد غادروا مواقعهم، وجاء الرئيس باراك أوباما وفريقه.
لذا تكتسب رؤية وزير خارجية ألمانيا الأسبق للوضع الحالى فى الخليج والشرق الأوسط أهمية خاصة، وتزداد هذه الأهمية عند كاتب هذه السطور لسببين، الأول هو الإطلاع المباشر بحكم العمل فى ألمانيا فى تلك الفترة، والثانى هو الإتفاق فى تشخيص إستراتيجية الرئيس الأمريكى الحالى دونالد ترامب نحو إيران بأنها حطام استراتيجية، كما قال الكاتب هنا قبل أسبوعين، أو كما يقول فيشر فى عنوان مقاله المشار إليه فى موقع (بروجيكت سينديكيت) حين يصف استراتيجية ترامب هذه بأنها Loose loose strategy
وإذا كنا قد رأينا من قبل، كما رأى كثيرون غيرنا أسبابا مهمة تستبعد حربا واسعة فى الخليج، أو هجوما أمريكيا موسعا على إيران، مع التسليم بإمكان إنفجار الموقف بالخطأ أو بتداعيات التصعيد المستمر من الجانبين الأمريكى والإيرانى، والتحريض الخليجى الإسرائيلى.. وإذا كانت المبادرات المنبثقة من الإقليم معدومة، أو غير محتملة على المدى القريب.. وثالثا إذا كان من شبه المستحيل على إيران الإستجابة لدعوة ترامب للحوار الثنائى المباشر، وذلك لأسباب أيديولوجية وتاريخية، فإن المخرج الأمثل أو الأرجح هو التدويل، بمعنى العودة إلى مبدأ الإتفاق الدولى مع إيران، على أن يكون هذه المرة متعدد الأغراض والجوانب، أى لا يقتصر على قضية أسلحة الدمار الشامل، أو البرنامج النووى الإيرانى.
ما يرجح هذا الاحتمال هو أن كل الأطراف قد وصلت إلى مرحلة الإجهاد، أو إلى النقطة التى ليس بعدها إلا المزيد من الخسائر الاقتصادية، والسياسية، وتآكل الهيبة والمصدقية، دون مكاسب جديدة محتملة.
إيران من ناحيتها تعانى بقسوة من العقوبات الإقتصادية الأمريكية، وتتكبد نفقات طائلة لاستبقاء نفوذها وولاء حلفائها فى اليمن والعراق وسوريا ولبنان، حيث طالت خطوط معاركها بأكثر مما يتحمله إقتصاد عالم ثالث محاصر، وأما الولايات المتحدة فقد نزفت من هيبتها العالمية، ومصداقيتها لدى العواصم الخليجية الكثير مما يصعب تعويضه إلا بحرب مكلفة لها وللمنطقةو للعالم ضد إيران، أو بصفقة شاملة مشرفة أو معقولة، ولكى تصل إلى هذه الصفقة فلا بد لها من الاعتماد على دول كبيرة أخرى، أو التعاون مع هذه الدول على الأقل، كما حاولت أخيرا دون نجاح من خلال الوساطة اليابانية، وهو ما سيؤدى إلى العودة إلى شركاء الإتفاق النووى الذى انسحب منه ترامب، أى ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين .
ومن الواضح أن هذه الدول الخمس الأخيرة لا تنقصها الرغبة ولا الإرادة ولا المصلحة، وكما ذكرنا فى الإسبوع الماضى فإن روسيا تحديدا تقدمت بمشروع أولى للأمن الجماعى فى الخليج، ويفترض وجود تنسيق صينى روسى حوله، والأرجح أن الولايات المتحدة لم تعد حساسة ضد مثل هذه المبادرات الروسية، كما كان الحال فى الماضى، وذلك لأن روسيا أصبحت قوة شرق أوسطية فعلا لا مجازا، بوجودها العسكرى الكثيف والدائم فى سوريا، ونفوذها السياسى العريض فى هذه الجبهة، بما يتضمنه من تنسيق استراتيجى مع إسرائيل من ناحية، ومع تركيا من ناحية أخرى، ثم إن روسيا أصبحت أيضا قوة خليجية، ولو بصورة غيرمباشرة من خلال تحالفها الاستراتيجى مع إيران على الجبهتين الخليجية ذاتها والسورية، وفى ذات الوقت فقد أصبح من المسلمات الاستراتيجية أن الولايات المتحدة قررت خفض التزاماتها فى الشرق الأوسط والخليج منذ أواخر سنوات أوباما فى البيت الأبيض، وزاد ترامب على ذلك قراره المعلن بالإنسحاب العسكرى من سوريا وأفغانستان.
وأما السعودية والإمارات اللتان تتصدران استراتيجية المواجهة ضد إيران فى اليمن، وفى كل مكان، وبكل الوسائل، فلا شك أنهما أيضا دخلتا مرحلة الإجهاد، دون بارقة أمل فى نصر قريب، لا فى اليمن ولا فى الخليج نفسه، ومن المؤكد أن هذا الشعور بالإجهاد فى الرياض وأبوظبى تحول إلى شعور بالصدمة والألم من جراء الخذلان الأمريكى للبلدين بعدم الإندفاع لمحاربة إيران، ليس فقط بتراجع ترامب فى اللحظات الأخيرة عن توجيه ضربة انتقامية ردا على إسقاط الإيرانيين للطائرة الأمريكية المسيرة منذ أسبوعين، ولكن أيضا بإعلان الرئيس ترامب دون مواربة أنه لن يخوض حربا لحماية الملاحة النفطية فى الخليج، أو لأى سبب آخر سوى منع إيران من امتلاك سلاح نووى.
تبقى إسرائيل وهى مع السعودية والإمارات الأكثر دفعا فى اتجاه تفجير الموقف مع إيران، وهى بدورها لديها ماقد يجبرها على قبول مبدأ الاتفاق الدولى مع طهران، ولندع مؤقتا الخطر المؤكد الذى يمثله حزب الله على الشمال الإسرائيلى فى حالة الهجوم على إيران، لنذكر القراء بأن سياسة بنيامين نتينياهو رئيس وزراء إسرائيل المناهضة لأى تفاهم دولى مع الإيرانيين، والباحثة فى كل مكان عن حلفاء لضرب إيران فورا لا تحظى بإجماع داخل إسرائيل نفسها، باعتبارها سياسة متطرفة رعناء، تخدم الأغراض الانتخابية لنتنياهو، كما تخدم تحالفه مع المتطرفين من اليهود الأمريكيين، وكان إيهود باراك رئيس وزراء إسرائيل الأسبق قد كتب فى شهر مايو من العام الماضى معارضا بشدة نية الرئيس ترامب الانسحاب من الاتفاق النووى مع إيران، ومحذرا من نتائجه، وهنا ينبغى الا تفوتنا دلالة إعلان باراك عودته للحياة السياسية مرة أخرى، واعتزامه المنافسة على رئاسة الحكومة فى الانتخابات المقبلة، إذ يعرف كل من له دراية بالسياسة الإسرائيلية أن إيهود باراك لا بد وإنه قد نسق مع اللوبى اليهودى الأمريكى غير الليكودى.
حين نقول إن التدويل يقترب من الخليج فليس القصد هو إحياء الاتفاق النووى مع إيران بشروط أفضل، ولكن المقصود كما سبق القول صفقة متعددة الجوانب، مع إيران تشمل اليمن وسوريا والعلاقات الخارجية الايرانية، وبما أن إيران تعتمد استراتيجيا واقتصاديا على روسيا والصين فلا بد من مشاركة الدولتين فى ضمان أى ترتيبات يتم التوصل إليها، وليس لذلك اسم إلا التدويل، أما ما بين إسرائيل وحزب الله اللبنانى، فالأغلب أنه سيرحل إلى مستقبل تكون فيه إجراءات بناء الثقة قد اختبرت بنجاح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.