تراجعت تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة على مستوى العالم بعد الأزمة «بصورة تاريخية»، تبعا لتقرير أصدرة بنك الاستثمار الكويتى جلوبال، لتنخفض بنسبة 14.2% خلال 2008 من قيمتها البالغة 1.979مليار دولار فى 2007، و هو أعلى مستوياتها على الإطلاق. واستمر هذا الاتجاه الهبوطى خلال الربع الأول من 2009، حيث تراجعت بنسبة 44%، بسبب الأزمة المالية العالمية وما أدت إليه من ركود، وجفاف لمنابع الائتمان. ورغم ذلك شهدت الدول النامية،تبعا لتقرير جلوبال، نموا ملحوظا فى تدفق الاستثمارات الأجنبية وكانت أعلى نسبة نمو فى دول الخليج، وقال التقرير إن قيمة الاستثمارات الأجنبية الموجهة إلى دول الخليج العربى، قد ارتفعت فى 2008، للعام السادس على التوالى، لتصل إلى 90 مليار دولار, وتم توجيه 63.4 مليار دولار منها إلى دول مجلس التعاون، ودفعتها لتحقيق نمو بنسبة 31.5 %. وتوقعت وحدة الاستخبارات الاقتصادية فى مجلة الإيكونوميست البريطانية أن تتراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى الدول المتقدمة بنسبة 52% لتصل إلى 441.3 مليار دولار فى نهاية 2009، فى حين أشارت الوحدة إلى أن الانخفاض فى الدول النامية لن يتجاوز 35% ليصل إلى 533.9 مليار جنيه. وقال لاذا كييك، مدير الوحدة فى تقرير نشر على موقع بلومبرج، «إن الدول النامية قادرة على جذب استثمارات أكثر بسبب تحقيقها لمعدلات نمو أسرع»، وأضاف جان لويز المحلل فى جى مورجان أن الأزمة الاقتصادية لم تضر الدول النامية مثل المتقدمة، «لذلك سيكون تعافيها أسرع بكثير». وكانت الصين قد شهدت زيادة للاستثمار الأجنبى المباشر فى شهرى أغسطس وسبتمبر الماضيين مقارنة بنفس الفترة من العام الماضى بنسبة 7%، و18% على التوالى، وهذه تعد المرة الأولى الذى ترتفع فيه هذه الاستثمارات منذ بداية العام حيث شهدت تراجع بنسبة 14%، وقال وزير تجارتها فى تقرير بجريدة وول ستريت جورنال إن هذا يعود إلى وجود مؤشرات على تعافى الاقتصاد، إضافة إلى استمرارها فى إصلاح سوق الصرف. والإصلاح الاقتصادى واحد من الأسباب الذى أوردها تقرير جلوبال كسبب لزيادة الاستثمار الأجنبى المباشر فى دول مجلس التعاون، وقال إن هذا يرجع إلى عدة عوامل أهمها الإصلاحات المستمرة التى بدأت منذ التسعينيات من القرن الماضى، بهدف تشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وخلق بيئة قانونيّة مواتية لصالح المستثمرين الأجانب. وتشمل هذه الإصلاحات تحرير دخول المستثمرين، ومنحهم المزيد من الحوافز الاستثمارية، وخفض الضرائب، وتوفير الضمانات والحماية. وبناء عليه نجحت المنطقة فى جذب العديد من الشركات الأجنبية التى تعمل وتمتلك مكاتب تابعة لها فى دول مجلس التعاون الخليجى، مثل مجموعة رويال داتش شل، وهيونداى للهندسة، وجنرال إلكتريك، وبريتيش بيتروليوم. وقد تراجعت الاستثمارات فى ثلاثة من دول المجلس و هى الكويت وسلطنة عمان والإمارات، بنسبة 54.5% و6.3% و3.4% على التوالى، إلا أن باقى الدول شهدت زيادة فى الاستثمارات الواردة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية التى حظيت بأكبر حصة من إجمالى التدفقات فى عام 2008، وبلغت 38.3 مليار دولار وبزيادة بنسبة 57.2%. وقال التقرير إنه عند القياس على أساس معدل النمو السنوى المركب فإن تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر الواردة إلى السعودية تكون قد نمت بنسبة 117.9% خلال الفترة ما بين عامى 2003 و 2008، «وهو ما يعكس الجهود التى تبذلها المملكة العربية السعودية بهدف تنويع اقتصادها» حسب التقرير. وسجلت قطر زيادة هائلة فى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر الواردة إليها خلال العام 2008، وذلك بفضل السياسات الحكومية الرامية إلى تسهيل اللوائح التنظيمية المطبقة على المشاركين الأجانب. وقد تم توجيه الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى قطاعات الغاز الطبيعى المسال، والطاقة والاتصالات. ورغم تراجع الاستثمارات فى الإمارات إلا أنها احتلت المركز الثانى بين دول مجلس التعاون الخليجى، بعد السعودية بين أكبر الدول التى حصلت على استثمارات فى العام الماضى، وبلغت قيمتها 13.7 مليار دولار وبذلك تكون كل من السعودية والإمارات قد حصلتا على 81.9 % من إجمالى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر الواردة إلى دول مجلس التعاون الخليجى فى 2008. وأضاف التقرير أن تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر الواردة إلى الدول النامية نمت إجمالا بنسبة 18 %، فى حين ارتفعت تلك التدفقات فى أفريقيا بنسبة 26% وبلغت 88 مليار دولار 2008 مقارنة بالعام الأسبق. وبالنسبة للدول النامية فى جنوب آسيا، ارتفعت تلك الاستثمارات بنسبة 17% لتبلغ 298 مليار دولار، وتركزت فى الصين، والهند، وهونج كونج. وشهدت جنوب شرق أوروبا، وأمريكا اللاتينية، والكاريبى نموا فى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر الواردة إليها بنسبة 17%، و13%، وبلغت قيمتها 114 و144 مليون دولار على التوالى.