يشعر الدكتور يوسف بطرس غالى وزير المالية ومعه رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف بأن الموازنة العامة للدولة للعام المالى الجديد 2009-2010 ستكون أصعب موازنة تضعها الحكومة الحالية منذ مجيئها إلى السلطة، وفيما بدأت الإدارات المختصة فى وزارة المالية وضع الخطوط الأولى لمشروع الموازنة الجديدة، أظهرت المؤشرات الأولية أن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية سوف تلقى أعباء ضخمة على الخزانة العامة. من المؤشرات الخطيرة فى الموازنة المقبلة التى يبدأ العمل بها فى شهر يوليو، أن العجز فيها سيرتفع من 70 مليار جنيه إلى 102 مليار جنيه، أى سيرتفع العجز من نسبة ٪6.8 من الناتج القومى الإجمالى إلى نسبة ٪8.2. وبما أن الحكومة سوف تضطر إلى الاقتراض من الجهاز المصرفى ومن البنك المركزى لسد هذا العجز، فسوف يرتفع الدين المحلى من ٪60 إلى ٪70، وبذلك ترتفع خدمة هذا الدين، أى أقساط السداد مع الفائدة إلى ٪40 من إجمالى الموازنة العامة، وطبقا لمؤشرات مشروع الموازنة فإن بند الأجور والرواتب سيصل إلى نسبة ٪30، بمعنى أن ٪70 من إجمالى الموازنة سوف يستخدم فقط لسداد الديون ودفع الرواتب، وهو ما يعنى أيضا أن ما سيتبقى للإنفاق العام على الخدمات المختلفة، والإنفاق الاستثمارى فى مشروعات البنية الأساسية المطلوب زيادة الإنفاق عليها لتحفيز الاقتصاد فى مواجهة الأزمة الكبيرة المالية لن يزيد على ٪30 من حجم الموازنة. يذكر أن إجمالى الدين العام كانت نسبته ٪102 من الناتج القومى الإجمالى حتى عام 2004، وانخفض إلى ٪60 فى موازنة العام المالى 2007-2008. وتعود النسبة الأكبر من العجز الجديد فى الموازنة المقبلة إلى الانخفاض المؤكد فى حصيلة الضرائب بسبب الركود وتوقف النشاط فى كثير من المنشآت نتيجة الأزمة الاقتصادية العالمية، وآثارها المختلفة، ويتوقع أن يصل الانخفاض فى هذه الحصيلة إلى 30 مليار جنيه من أصل 160 مليارا، كذلك انخفضت الجمارك تحفيزا للاقتصاد، وانخفضت أيضا حصيلة أنواع مختلفة من الرسوم بسبب تباطؤ النشاط الاقتصادى. وعلمت «الشروق» أن مجموعة أزمة مُشَكلة من خبراء مستقلين وحكوميين أوصت بعدة مقترحات لمساعدة وزارة المالية والحكومة على الخروج من ورطة الموازنة القادمة، دون أن ترفع العجز والدين إلى معدلات تهدد حقوق الأجيال المقبلة، وتهدد بإدخال الاقتصاد القومى فى الدائرة الخبيثة للاستدانة لسداد القروض، ثم الاستدانة لسداد فوائد القروض، ومن أهم هذه التوصيات عدم التراجع تحت أى ضغط عن زيادة الإنفاق الاستثمارى المقدر له فى الموازنة المعمول بها حاليا بمبلغ 15 مليار جنيه كاعتماد إضافى، والمقدر له فى موازنة العام المالى المقبل مبلغ 30 مليار جنيه، كذلك أوصت هذه المجموعة بتأجيل صرف العلاوة الاجتماعية للعاملين فى الحكومة، والقطاع العام هذا العام، واستندت المجموعة فى هذه التوصية إلى أن تخصيص مبلغ الأربعة مليارات جنيه الذى تتكلفه العلاوة الاجتماعية إذا كانت بنسبة ٪10 يكفى لإيجاد 400 ألف وظيفة جديدة فى مشروعات البنية التحتية، مما يساهم فى حزمة إجراءات تحفيز الاقتصاد، وفى الوقت نفسه فإن إحدى نتائج الأزمة المالية والاقتصادية الحالية هى انخفاض أسعار عدد لا يستهان به من السلع فى السوقين العالمية والمحلية، وهو ما تراه الحكومة أيضا رغم عدم تراجع التضخم فى شهر فبراير الماضى كما كان متوقعا. وقد علمت «الشروق» أيضا أن الحكومة تعتزم إذا قبلت هذه التوصية طرحها للحوار العام، برلمانيا وحزبيا وإعلاميا لكى يشارك الجميع فى تحمل المسئولية عن الموازنة المقبلة بما يواجهها من صعوبات، وما تقترحه من حلول، وما ستصدره للأجيال المقبلة من تحديات أو فرص.