«الفقه الدستورى العالمى» فقه عام تشترك فيه جميع الأمم والشعوب والدول، وإن حدث تفارق فى نسبة المشاركة تستطيع أن تقرر باطمئنان أن التنظيم الدولى الجامع (الأممالمتحدة) لا يمنح شرف العضوية إلا لدولة ذات دستور. إذا كان مؤرخو الفقه الدستورى ينسبون بداية الفكر الدستورى مع أفلاطون وأرسطو، وكأنه إبداع بشرى محضر، فإن دارسى الشرائع الدينية يدركون ويعتقدون أن أصول الفقه الدستورى أصول سماوية معروفة مشهورة منذ الكلمة الأولى فى كل وحى سماوى!!! (1) لا تذهب بعيدا، ولا تأخذك الظنون بعيدا، فأنا معك أؤكد خلو الكتب السماوية الثلاثة الكبرى (التوراة الإنجيل القرآن) من لفظ دستور ولفظ سياسة لكن هذه الكتب الثلاثة كما هى متاحة بين أيدى الناس تؤكد الأساس العام لكل حراك إنسانى بالقول أو بالفعل. وهذا الأساس هو «وحدانية الإله» فجميع المتدينين يقرون ب«إله واحد».. والمفهوم العام المباشر لهذا الإيمان يؤكد قصر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ على الذات الإلهية وحدها بما يؤكد المساواة العامة بين جميع الناس. فالإيمان؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ يختص المؤمنين بالعبادة بغرض عدم ترفع البعض على البعض، وعدم تمايز البعض على البعض، فكل آدمى مساو لكل آدمى، ولا يحق لأحد مهما كان أن ينتقص من حقوق أحد، أو يختص نفسه بحق التصرف فى شئون الآخرين دون مبرر عام مقبول متوافق عليه قبل أى محاكمة أو مسألة. ودون؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وإطالة، فإن التنظيم الدولى (الأممالمتحدة) حينما أرادت أن تبيض صفحتها صنفت الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، وجعلت نص المادة الأولى: «يولد جميع الناس أحرارا، ومتساويين فى الكرامة والحقوق، وهم قد وهبوا العقل والوجدان، وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء». وهذا النص ليس حديثا كما يتصوره البعض بل هو تفسير صحيح مباشر لمصطلح «إله واحد» فكم يولد ولن يولد من يستطيع الاستعلاء على الآخرين فى أى شأن من شئونهم ولهذا يذكر التراث البشرى مراجعة عمر بن الخطاب وعقابه لأحد المسئولين حينما تفوق على حقوق أحد أفراد الشعب وقال له: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟... (2) فإذا نظرت إلى مصطلح «إله واحد» ظننت أنها مجرد عقيدة وإذا قرأت مقولة عمر بن الخطاب توهمت أنها قاعدة أخلاقية، بينما حقيقة الأمر أن «توحيد الله» ليس مجرد عقيدة قلبية، ولا مجرد فضل وإحسان خلقى، بل إن الله سبحانه وتعالى قد تفرد بوحدانيته ليمنح جميع الخلق أمنا وأمانا من الاستعباد. ويهب لهم حصانة هذا الاستبداد، بل ويحشد جهودهم ويوقظ عزائمهم نحو مركزية الإصرار على هذا البدأ الأعلى بوجهين اثنين: 1 الوجه الأول تفرد الله بالرفعة والتعظيم وعدم المساءلة. 2 الوجه الآخر مساواة جميع الناس بعضهم لبعض ومساءلة بعضهم. (3) فكل دستور يسمح باستعلاء فرد أو حزب أو فقه أو سلطة على أحد من الناس، إنما هو دستور معيب يحمل بين؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ عوامل سقوطه، ومبررات رفضه مهما كان صانعه، ومهما كانت الظروف المزعومة لصناعته. (4) وأسارع هنا إبرارا للقصد، وإيضاحا للرأى، ووضعا للنقط فوق الحروف فأقرر أن تراث الفقه الدستورى الإسلامى لا يمثل حقيقة الدين، ولا يتوافق مع صريح الشرائع، بل استمر العمل العام فى الخلافة الراشدة ثم فى الدول الأموية والعباسية والعثمانية طبقا لمواريث بشرية وعصبات جاهلية قد تكون تناسبت مع الواقع العالمى فى زمنها وتفاضلت عليه ولكنها أبدا لم تستند إلى وحى إلهى ولا لسنة نبوية صحيحة..... ويتبع.....