يشعر الرئيس الفلسطينى محمود عباس بغضب كبير من وقوفه وحيدا فى وجه غضب الشارعين الفلسطينى والعربى جراء القرار الذى اتخذه فى الثانى من أكتوبر (الجمعة الماضية) بإرجاء مناقشة مجلس حقوق الإنسان لتقرير القاضى ريتشارد جولدستون، الذى وصف ما قامت به إسرائيل فى حربها الأخيرة على غزة بجرائم حرب يرقى بعضها إلى جرائم ضد الإنسانية، هذا ما قالته مصادر فلسطينية فى رام الله ل«الشروق». وحسب المصادر نفسها فإنه مما يزيد من غضب عباس هو شعوره بأن العواصم العربية، التى تشاور معها قبل اتخاذ القرار لا تريد أن تؤازره بل إن بعضها يتنصل من أى صلة بالموضوع وبصورة علنية. الأكثر من ذلك، أن الرئيس عباس يهدد بالرحيل عن السلطة ويقول لمن حوله إنه أبلغ عواصم عربية بهذا الأمر. ومما يزيد من صعوبة الوضع بالنسبة لعباس، على حد قول نفس المصادر، تبادل الاتهامات فى الدائرة السياسية المحيطة به واستمرار الاتهامات الموجهة ضده من دوائر حقوقية فلسطينية وعربية وغربية. وقال أحد المصادر، طلب عدم نشر اسمه، إن مخاطبات ورسائل وصلت إلى عباس فى هذا الشأن وتسببت فى تأجيج غضبه. وعلمت «الشروق» من مصادر دبلوماسية عربية فى عواصم غربية أن عباس لا يستطيع التراجع عن موقفه خاصة أنه قدم وعدا صريحا للرئيس الأمريكى باراك أوباما فى هذا الشأن، الذى كان محل نقاش خلال القمة الثلاثية، على حد قول مصدر عربى فى نيويورك، التى جمعت الرئيسين الأمريكى والفلسطينى مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو على هامش أعمال الجمعية العامة. فى الوقت نفسه علمت «الشروق» من مصادر فى المحكمة الجنائية الدولية أن المدعى العام مورينو أوكامبو «حاول جاهدا أن يلتقى عباس فى نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة» للنقاش حول ما تريده السلطة الفلسطينية كخطوة تالية للتعامل مع تقرير جولدستون غير أن عباس «رفض لقاء أوكامبو وكان يتفادى المرور به فى مبنى الأممالمتحدة». فى الوقت نفسه قللت مصادر فى القاهرة وفى عمان من غضبة عباس واحتمال رحيله. واتفق مصدران أردنى ومصرى على أن عباس دأب فى العام الأخير على التهديد المتكرر بالرحيل ولكنه أبدا لم يفعل. واستبعدت المصادر أن يقوم عباس بهذه الخطوة خاصة إذا ما تمكنت مصر من الحفاظ على اتفاق المصالحة الفلسطينية، المقرر توقيعه فى القاهرة بحضور عربى ودولى. وقالت مصادر مصرية قريبة من الملف إن القاهرة ما زالت لديها تأكيدات من حماس أنها ستوقع الاتفاق فى الموعد المقرر، وذلك بالرغم من تصريحات فى الساعات الأخيرة لقيادات حماس فى غزة بما يؤشر إلى عكس ذلك. وقال مصدر مصرى إن القاهرة طلبت من العاهل السعودى، الذى يزور دمشق لمدة يومين أن يطالب القيادة السورية باستخدام نفوذها السياسى مع حماس لعدم إجهاض التوقيع على اتفاق المصالحة. وقال المصدر نفسه إن القاهرة أبدت استعدادا للانفتاح على سوريا فى حال ما تم التعاون فى هذا الصدد. ومن دمشق قال مصدر من حماس ل«الشروق» إن حماس لم تبلغ القاهرة بالعدول عن التوقيع ولكن الأمر «به الكثير من التعقيدات».