اليوم.. «خارجية النواب» تناقش موازنة وزارة الهجرة للعام المالي 2024-2025    جامعة أسيوط الجديدة التكنولوجية تنهي كافة الاستعدادات لامتحانات الفصل الدراسي الثاني    التأخيرات المتوقعة اليوم فى حركة قطارات السكة الحديد    أسعار الدولار اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024    بدء مراسم تشييع رئيسي ومرافقيه في مدينة تبريز الإيرانية    رغم انتهاء ولايته رسميًا.. الأمم المتحدة: زيلينسكي سيظل الرئيس الشرعي لأوكرانيا    بعد رحلة 9 سنوات.. ماذا قدم كلوب لفريق ليفربول؟    الأجهزة الأمنية تكثف نشاطها لإنقاذ ضحايا حادث غرق سيارة في المنوفية    موعد إجازة عيد الأضحى 2024 في مصر: توقيت وقفة عرفات وعدد أيام العطلة    حمدي الميرغني يحيي ذكرى رحيل سمير غانم: كنت ومازلت وستظل أسطورة الضحك    ترتيب الدوري المصري 2023-2024 قبل مباريات اليوم الثلاثاء    ننشر بالأسماء ضحايا حادث العقار المنهار بالعياط    براتب 5000 جنيه.. وزارة العمل تعلن عن وظائف جديدة بالقاهرة    خالد عبد الغفار: مركز جوستاف روسي الفرنسي سيقدم خدماته لغير القادرين    قبل طرحه في السينمات.. أبطال وقصة «بنقدر ظروفك» بطولة أحمد الفيشاوي    وزير الصحة: لا توجد دولة في العالم تستطيع مجاراة الزيادة السكانية ببناء المستشفيات    الحماية المدنية تخمد حريق هائل داخل مخزن بمنشأة القناطر (صور)    صعود مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    ضياء السيد: مواجهة الأهلي والترجي صعبة.. وتجديد عقد معلول "موقف معتاد"    أمير هشام: الكاف تواصل مع البرتغالي خوان لإخراج إياب نهائي دوري أبطال إفريقيا    مندوب فلسطين أمام مجلس الأمن: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات إلى غزة لتجويع القطاع    تفاصيل طقس الأيام المقبلة.. ظاهرة جوية تسيطر على أغلب أنحاء البلاد.. عاجل    فرصة للشراء.. تراجع كبير في أسعار الأضاحي اليوم الثلاثاء 21-5-2024    مندوب مصر بالأمم المتحدة: العملية العسكرية في رفح الفلسطينية مرفوضة    أحمد حلمي يتغزل في منى زكي بأغنية «اظهر وبان ياقمر»    «سوليفان» يعد بالضغط على إسرائيل لصرف الأموال المحتجزة للسلطة الفلسطينية    وزير الصحة: صناعة الدواء مستقرة.. وصدرنا لقاحات وبعض أدوية كورونا للخارج    وزير الصحة: مصر تستقبل 4 مواليد كل دقيقة    مساعد وزير الخارجية الإماراتي: لا حلول عسكرية في غزة.. يجب وقف الحرب والبدء بحل الدولتين    وزير الصحة: العزوف عن مهنة الطب عالميا.. وهجرة الأطباء ليست في مصر فقط    هل يرحل زيزو عن الزمالك بعد التتويج بالكونفدرالية؟ حسين لبيب يجيب    أحمد حلمي يغازل منى زكي برومانسية طريفة.. ماذا فعل؟    محمود محيي الدين: الأوضاع غاية في التعاسة وزيادة تنافسية البلاد النامية هي الحل    منافسة أوبن أيه آي وجوجل في مجال الذكاء الاصطناعي    الطيران المسيّر الإسرائيلي يستهدف دراجة نارية في قضاء صور جنوب لبنان    «سلومة» يعقد اجتماعًا مع مسئولي الملاعب لسرعة الانتهاء من أعمال الصيانة    الأنبا إرميا يرد على «تكوين»: نرفض إنكار السنة المشرفة    مبدعات تحت القصف.. مهرجان إيزيس: إلقاء الضوء حول تأثير الحروب على النساء من خلال الفن    وكيل "صحة مطروح" يزور وحدة فوكة ويحيل المتغيبين للتحقيق    قتلها وحرق الجثة.. ضبط قاتل عروس المنيا بعد خطوبتها ب "أسبوعين"    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    رفع لافتة كامل العدد.. الأوبرا تحتفي وتكرم الموسيقار عمار الشريعي (تفاصيل)    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    بعد ارتفاعها ل800 جنيها.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي «عادي ومستعجل» الجديدة    ميدو: غيرت مستقبل حسام غالي من آرسنال ل توتنهام    طبيب الزمالك: إصابة أحمد حمدي بالرباط الصليبي؟ أمر وارد    «الداخلية»: ضبط متهم بإدارة كيان تعليمي وهمي بقصد النصب على المواطنين في الإسكندرية    إيران تحدد موعد انتخاب خليفة «رئيسي»    مصطفى أبوزيد: تدخل الدولة لتنفيذ المشروعات القومية كان حكيما    أطعمة ومشروبات ينصح بتناولها خلال ارتفاع درجات الحرارة    كأس أمم إفريقيا للساق الواحدة.. منتخب مصر يكتسح بوروندي «10-2»    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 21-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    سعر الدولار والريال السعودي مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024    على باب الوزير    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذكرى نكبة مستمرة
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 05 - 2018

تأتى الذكرى السبعون للنكبة وقيام دولة إسرائيل فى ظل تطورات خطيرة ومأساوية، أهمها، دون شك، نقل السفارة الأمريكية إلى القدس «العاصمة الموحدة لإسرائيل» مع ما يشكل هذا القرار من خرق فاضح لمختلف قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وتحديدا قرارات مجلس الأمن. كما يمثل انقلابا على مواقف جميع الإدارات الأمريكية السابقة ونسف لمرجعيات عملية السلام؛ العملية المعطلة لا بل المنتهية الصلاحية.
وللتذكير، فإن جميع هذه المرجعيات تعتبر القدس الموحدة عاصمة للدولتين. القدس التى تحتل مكانة خاصة عند أتباع الديانات السماوية الثلاث. رد الفعل الشعبى الفلسطينى كان أكثر من طبيعى. جاء رد الفعل هذا تحت عنوان بسيط فى تقديرى اسمه «كفى»، وذلك نظرا لموقع المدينة من الناحيتين الوطنية والدينية عند الفلسطينيينوالعرب، مسلمين ومسيحيين. احتفال إسرائيلى أميركى من جهة، ومن جهة ثانية مجزرة ترتكبها إسرائيل كل يوم تجاه الشعب الفلسطينى. مخاطر الفعل الإسرائيلى المؤيد أمريكيا أنه يعطى قوة دفع وكذلك تبرير لمنطق الأصوليات. المنطق الذى يقوم على إلغاء الآخر.
يأتى ذلك فى لحظة تاريخية تتسم بانتشار وتصاعد دور الأصوليات الدينية وغيرها. وكانت إسرائيل، حكومة ومجتمعا، سباقة فى انتشار الفكر الأصولى اليهودى وترجمته فى سياسات على أرض الواقع ضد الشعب الفلسطينى.
***
رسائل عديدة تحملها هذه التطورات:
أولها، إنهاء كلى لدور الوسيط النزيه، الدور الذى كانت تدعى الولايات المتحدة الأمريكية إنها تقوم به، ولو أنه فى حقيقة الأمر لم تكن تخضع كليا لمعايير هذا الدور.
يحصل ذلك فى لحظة عودة أمريكية قوية إلى المنطقة فى إطار حروب إقليمية جارية بأشكال مختلفة. ويعلنذلك أيضا عن الوفاة الرسمية لعملية السلام التى انطلقت فى أوسلو وتعثرت فى اليوم التالى لانطلاقها.
وقد ظن البعض أنه يمكن إعادة إحيائها من حالة الكوما التى دخلت فيها لسنوات عديدة. إن ما يشجع الولايات المتحدة على اتخاذ هذه المواقف الجديدة أن القضية الفلسطينية لم تعد على أجندة الأولويات السياسية للنظام الإقليمى العربى. هذا النظام الذى يغرق فى صراعات مختلفة متعددة الأسباب والأوجه وفى صراعات الآخرين من قوى إقليمية ودولية جارية على جغرافية هذا النظام على طول امتداده. صراعات تجرى باسم أيديولوجيات كبرى حينا، واستراتيجيات كبرى أحيانا فى نظام إقليمى عربى تحول إلى مجرد ساحة لهذه الصراعات.
قرارات جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامى لم تكن مفاجئة بالطبع. إلى جانب الإدانة والتنديد والتحذير، كانت هنالك المطالبة، دون شك، بشىء أكثر من أساسى، ولكنه بالطبع غير كافٍ بتاتا، مثل تشكيل لجنة تحقيق فى المجازر الإسرائيلية ونشر قوة دولية لحماية الشعب الفلسطينى.
فى ظل الغياب الساطع للقضية الفلسطينية عن جدول الأعمال العربى الفعلى وليس المراسمى بالطبع كما أشرناسابقا، وفى ظل انشغال النظام السياسى الفلسطينى بمؤسساته وتنظيماته فى صراعات الداخل وفى التنافس على سلطة مفقودة، وفى ظل غياب أى بوادر لبلورة مشروع وطنى فلسطينى يبقى مسئولية فلسطينية أولا، قبل أن يكون مسئولية عربية، فى ظل ذلك كله، يصبح الوضع الفلسطينى أمام سيناريوات خمس:
أولا: سيناريو تبريد الأجواء ضمن لعبة شراء الوقت ولكل طرف خارجى أو داخلى بالنسبة لفلسطين، حسابه بعد شعور الجميع بالوصول إلى حافة الهاوية والخوف من المجهول. أنه سيناريو انتظار إعادة تموضع أفضل لكافة الأطراف المعنية. وينتظر البعض الإعلان عن صفقة العصر الأميركية، التى قيل أنها ستأتى بعد نهاية شهر رمضان. صفقة صارت عناصرها معروفة، والجميع يدرك بشكل أو بآخر أنها لن تسمح بإعادة وضع القضية الفلسطينية على سكة التسوية، لا بل أنها تحاول أن تستعمل الورقة الفلسطينية لأهداف سياسات إقليمية معينة.
المشترك فى هذا السيناريو هو الخوف من المجهول وكل ينتظر تطورات، قد تكون لمصلحته بشكل أو بآخر.
ثانيا: سيناريو آخر عاد إلى الظهور بعد عقود من الغياب يقوم على إحياء، ولو خجول، عند بعض المثقفين المثاليين، فلسطينيين وإسرائيليين بشكل خاص، لفكرة الدولة الديمقراطية الواحدة من النهر إلى البحر. عنوان يبدو أنه مثالى جدا بعد التراكمات التى حملتها القضية الفلسطينية من حروب إلغاء وسياسات توسع إسرائيلية ومع انتشار الأصوليات الدينية وغيرها هنا وهناك. فإن هذا السيناريو كان طموحا وجذابا، ولكنه يبقى على الرف، يتذكره ويذكر به بعض المثاليين هنا وهناك.
***
ثالثا: سيناريو استمرار وتكريس نموذج جنوب أفريقيا العنصرية. جنوب أفريقيا الماضية التى أسقطتها ثورة مانديلا. وقوام هذا النموذج تعزيز دولة أمر واقع لإسرائيل بين البحر والنهر، تقوم على معادلة الحصول علىمصادر الحياة من أرض ومياه جوفية من جهة، والتخلص بأشكال مختلفة من ضغوطات الديمغرافيا الفلسطينية. مع التذكير أن الشعب الفلسطينى يشكل نصف الديمغرافيا الممتدة بين نهر الأردن والبحر المتوسط.
باختصار، أنه نموذج جنوب أفريقيا الماضى المكروه من الجميع فى العالم، ولكن لإسرائيل دائما استثناء فى النظام الدولى. فهى قادرة على القيام بفرض دولة الأمر الواقع بشكل أو بآخر.
رابعا: سيناريو الدول الثلاث. ومقصود هنا، دولة إسرائيل التوسعية فى مستوطناتها وقدسها الموحدة إلى جانب كيانين فلسطينيين لا يصلا إلى مستوى الدولة الوطنية.
كيانا أمر واقع مبتورين ومشوهين فى جغرافيتهما. وكذلك فى طبيعة السلطة التى تحكم كل منهما. أول هذين الكيانين، بقايا الضفة الغربية، والكيان الثانى، غزة السجن ذات السماء المفتوحة.
هذا السيناريو يطرح بالطبع تحت عنوان مرحلى ويعزز الدعوة له الاعتماد على سياسة الجزرة الاقتصادية والتنمية من أجل تثبيت استقرار لا يمكن أن يستمر ولكنه، حسب أصحابه، قد يساهم فى تنفيس الضغوطات والتوترات.
خامسا: سيناريو حل الدولتين اللتين تعيشان جنبا إلى جنب، على أساس حدود ال 67. وهو السيناريو الذى يصارع الوقت، الذى يعمل ضده، مع التطورات التى تفرضها إسرائيل فى الجغرافيا وفى الديمغرافيا على الأرض الفلسطينية.
سيناريو، شروط قيامه واضحة ومرجعيته والتوافق الدولى حوله معروف، لكن ظروف ترجمة هذا السيناريو، الذى يبقى نظريا ومبدئيا إلى أرض الواقع تلزمه شروط معينة، أهمها، دون شك، وجود توازن قوى ليس فقط، رادعا لإسرائيل، وهذا غائب، إنما ضاغط على إسرائيل من أجل القبول بهذه التسوية، باعتبارها التسوية الوحيدة التى تحقق السلام الشامل والدائم والشرعى فى الشرق الأوسط.
يعانى هذا السيناريو من تخمة فى القرارات وغياب كلى لإرادة التنفيذ. إنه الحل الموعود أو المنشود ولكنه، للأسف، يتآكل مع الوقت.
خلاصة الأمر، أن الوضع الحالى الأزموى والكارثى، بالنسبة للعرب وليس فقط للشعب الفلسطينى، يجب أن يدفع إلى الوقوف فى لحظة تفكير جدى لوقف الانهيار وتلافى السقوط فى المجهول الحامل لمخاطر على الجميع، وليس فقط على الشعب الفلسطينى، ولو بأشكال وأوقات مختلفة.
هذه الوقفة مع الذات أمر أكثر من ضرورى، فلسطينيا وعربيا. ولنتذكر أن الهويات الوطنية لا تموت ولا يمكن إلغائها. وحتى لا تصبح القضية الفلسطينية ورقة مضافة، جذابة وفعالة فى الصراعات القائمة فى المنطقة، وحول المنطقة، والتى تستند إلى أوراق عديدة محلية ووطنية وإقليمية يستفيد منها الكبار وتدفع ثمنها الشعوب. حتى لا يحصل ذلك نتمنى حصول هذه الوقفة العربية مع الذات، وقفة نقدية تحاول أن تبلور سياسة شاملة لتسوية القضية الفلسطينية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.