بعد أن هادن اليهود للوصول إلى رئاسة اليونسكو عاد فاروق حسنى، وزير الثقافة، لمهاجمتهم بعد أن فشل فى الوصول إلى المنصب الأممى. وأعرب حسنى، الذى تجاوز ال70 عاما، عن نواياه فى استمراره فى منصبه الوزارى الذى يتولاه منذ أكثر من عقدين. وقال حسنى، فى تصريحات أدلى بها لدى وصوله القاهرة أمس: «هناك مجموعات من يهود العالم كان لهم تأثير كبير جدا فى الانتخابات ومارسوا تهديدات رهيبة بكل ما هو متاح» لمنع وصول «مصرى» إلى رئاسة اليونسكو، وأضاف أن ما حدث كان «لعبة اليهود فى أمريكا والدول الكبرى». وأرجع حسنى خسارته فى الجولة الأخيرة من انتخابات اختيار مدير عام جديد لمنظمة اليونسكو إلى «طبخة» جرت فى نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقال حسنى، الذى بدا هادئا وإن كان غاضبا: إن اليونسكو أصبحت تخضع «للتسييس» وإن صغوطا صهيونية «رهيبة» مورست ضده. كما اتهم حسنى سفير الولاياتالمتحدةالأمريكية لدى اليونسكو بأنه كان يعمل ضده بشكل صريح، وقال: «السفير الأمريكى كان يتصرف بقوة وبكل ما يمكنه من إمكانات» لمنعه من الفوز بالمنصب. وكان حسنى قد تنافس على المنصب مع ثمانية مرشحين آخرين، بينهم بوكوفا وليس بينهم أمريكى. وحصل حسنى على أغلبية مريحة لصالحه فى الجولة الأولى للتصويت، وحافظ على التقدم إلى الجولة الرابعة التى تعادل فيها مع بوكوفا بعد انسحاب جميع المرشحين الآخرين، خاصة الأوروبين لصالح بوكوفا. ووصف حسنى خسارته لصوتين فى الجولة الخامسة بأنها كانت نتيجة «خيانة» من أصوات كانت قد منحت له ثم ذهبت إلى بوكوفا فى الاقتراع السرى. وتقدر مصادر بحملة حسنى أن بكوفا حصلت على أربعة أصوات من تلك التى كانت ذهبت إلى حسنى فى الجولة الرابعة يوم الاثنين بينما حصل هو على صوتين من تلك التى كانت ذهبت لبوكوفا فتحولت نتيجة التصويت من 29 29 فى الجولة الرابعة إلى 31 27 فى الجولة الخامسة. وكانت دول غربية، خاصة الولاياتالمتحدة التى تأخذ على مصر مواقف تتعلق بحجب حرية التعبير والرأى، أعربت عن رفضها لترشح حسنى. واتفقت فى ذلك ألمانيا واليابان، فيما مثل تحالفا لثلاثة من أكبر الدول الداعمة ماليا لمنظمة اليونسكو ضد ترشيح حسنى. ولا تنفى مصادر دبلوماسية أمريكية أن واشنطن هددت فى بداية حملة حسنى بسحب أو على الأقل تقليص مساهمات مالية للمنظمة الدولية. وحسب أحد المصادر، فإن واشنطن كانت مستعدة لأن تكون أكثر انفتاحا لو لم يكن المرشح وزير الثقافة الذى يأخذ قرارات تتعلق بحرية الرأى «يصعب على الإدارة الأمريكية قبولها أو الدفاع عنها». كما قالت صحيفة لوموند الفرنسية أمس الأربعاء: إن فرنسا طلبت من الرئيس المصرى طرح مرشح آخر للمنصب بدلا من فاروق حسنى لكنه رفض. وأوضحت الصحيفة أن باريس لم تمنح صوتها لحسنى فى الجولة الأخيرة. وقامت آلة الدبلوماسية المصرية بالتدخل للحد من المعارضة التى واجهها حسنى، وحققت بعض النجاحات، خاصة مع إسرائيل التى وعدت بسحب المعارضة العلنية لترشيح حسنى. كما تمكنت هذه الجهود من حشد تأييد دول أوروبية متوسطية ومن ضمان تأييد الصين والهند والبرازيل. غير أن التحالف الأمريكى مع العديد من الدول الأوروبية والضغوط التى مارستها المنظمات اليهودية نجحت فى وضع حسنى فى موقف المدافع عن نفسه فيما يتعلق باتهامات بمعاداة السامية والتقليص من حرية الرأى. وتنقل المصادر المقربة من حسنى قوله إنه يشعر بأنه تعرض لحملة ظالمة من «دول (لها ثقلها) ووسائل إعلام لها نفوذها». وتعرض حسنى للنقد، جراء استخدامه المجازى لتعبير «حرق أى كتب إسرائيلية» قد توجد فى مصر بالمخالفة لموقف جموع المثقفين المصريين الرافض للتطبيع مع إسرائيل فى ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلى للأراضى العربية والانتهاكات البالغة التى تمارسها إسرائيل دون إدانة أو عقاب من المجتمع الدولى بحق الفلسطنيين تحت الاحتلال. وينقل المقربون من حسنى قوله إنه قد «صلب» بسبب هذه العبارة التى اعتذر عنها فيما بعد. ولم يحول اعتذار حسنى دون استمرار حملة الرفض والتحريض من مثقفين فرنسيين يهود، من بينهم حائز جائزة نوبل للسلام ايلى فيزل الذى اعتبر أن تعيين حسنى سيكون «عارا» على المجتمع الدولى، حيث أعلن عقب انتخاب بوكوفا أن اليونسكو تجنب كارثة. ولم تعلق الحكومة المصرية على خسارة حسنى. غير أن ناصر كامل، سفير مصر لدى فرنسا، قال: إن «حملة شرسة» واجهت حسنى. من جانبها، هنأت إسرائيل بوكوفا وقالت: إن التعاون بين إسرائيل واليونسكو «سيستمر بل وسيتعزز». من جانبه، ربط محمد صبيح الأمين العام المساعد للجامعة العربية لشئون فلسطين بين خسارة حسنى ومواقف جهات صهيونية أرادت إقصاءه عن اليونسكو التى تدور فيها، على حد قوله، «معركة القدس» بين التعريب والتهويد. وفى الوقت الذى أعلنت فيه ألمانيا عن ترحيبها بانتخاب بوكوفا، قالت إيطاليا إنها لا تفهم إحباط انتخاب حسنى. وقالت وزارة الخارجية الفرنسية، فى بيان «للمرة الأولى تتسلم امرأة مقاليد هذه المنظمة الدولية المهمة». وقال رئيس الوزراء البلغارى بويكو بوريسوف، إن بلاده «الصغيرة» تشعر بالفخر لانتخاب بكوفا. من جانبها قالت بوكوفا للإذاعة البلغارية صباح أمس: إن «اليونسكو بحاجة لإصلاحات».