فازت المرشحة البلغارية ايرينا بوكوفا على وزير الثقافة فاروق حسنى بفارق أربعة أصوات فى الجولة الخامسة والأخيرة من الاقتراع التى عقدت مساء أمس بمقر المنظمة الأممية فى باريس بعد معركة دبلوماسية هى الأشرس فى تاريخ التنافس على منصب مدير عام منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) منذ إنشائها فى منتصف أربعينيات القرن الماضى. كان حسنى وبوكوفا تعادلا فى الجولة الرابعة بعد أن تقاسما الأصوات ال58 للدول الأعضاء فى المجلس التنفيذى لليونسكو، غير أن بوكوفا تمكنت من انتزاع صوتين من حملة حسنى لتنتهى المعركة أمس 31 لصالح بوكوفا و27 لصالح حسنى. ولم يكن وزير الثقافة موجوداً داخل قاعة اليونسكو وقت إعلان النتيجة النهائية، وتلقى النتيجة عبر اتصال هاتفى من القاعة. وتقول مصادر بحملة حسنى، الذى كان يعلم أنه يواجه «حملة جبارة لمنع وصول مرشح عربى إلى رأس هذه المنظمة» التى تعنى بالعلوم والفنون والثقافة، إنه «كان حزينا ولكن متماسكا» كما أنه «لم يعلق بكلمات كثيرة» على النتيجة. وأضاف أحد المصادر طلب عدم ذكر اسمه أن وزير الثقافة، وأعضاء حملته، يشعرون، «بقدر من الفخر لنجاحه فى الوقوف أمام الحملة بالغة الضراوة التى قادتها واشنطن وعواصم أوروبية أبرزها برلين للحيولة دون توليه هذا المنصب». وتشير المصادر نفسها إلى أن الوزير «يفكر الآن فيما ينبغى عليه قوله للرأى العام المصرى، الذى تابع باهتمام بالغ هذه المعركة». واعتبر حسام نصار مستشار وزير الثقافة أن السبب فى هزيمة فاروق حسنى فى الانتخابات التى جرت على منصب مدير عام منظمة اليونسكو هو تحالف دول كبرى، لم يسمها، ضد توليه هذا المنصب. وحسب المصادر نفسها فإنه «لولا التدخل المكثف من واشنطن المدعوم بضغوط من الجمعيات اليهودية الأوروبية» لوصل حسنى إلى منصب مدير عام اليونسكو. وعلى حد قول أحد هذه المصادر «إن الثقل الدبلوماسى والثقافى الكبير لمصر أوصل حسنى إلى مرحلة الحسم وموازين القوى الدولية أوصلت بوكوفا إلى كرسى اليونسكو». وبالنظر لأن الاقتراع على منصب مدير عام اليونسكو يتم بالاقتراع السرى فإن حملة حسنى لا تعلم على وجه اليقين الصوتين المنقلبين ولكن بعض المصادر أشارت إلى أنه «ربما دولة لاتينية ودولة آسيوية أيضاً». وفى تصريحات سابقة للجولة الخامسة كان حسنى أكد وجود تكتلات تعمل بسرعة شديدة للنيل من حظوظه فى ترأس اليونسكو، بصورة وصفها بأنها تمثل «تسييسا» لليونسكو. وكانت المنظمات اليهودية الأوروبية أخذت على حسنى ما وصفته بأنها مواقف مناهضة للسامية فى إشارة إلى عدم استخدامه منصبه كوزير للثقافة للترويج للتطبيع مع إسرائيل ولاستخدامه مجازاً عبارة «حرق أى كتب اسرائيلية» قد توجد فى مصر، وذلك بالرغم من اعتذار حسنى عن إساءة التعبير، ومن قيام مصر بتكريس ميزانية ضخمة لترميم الآثار اليهودية فى مصر وفتح الباب أمام ترجمة كتب اسرائيلية. وحسب البروتوكول المعمول به، تلقت بوكوفا التى تشغل منصب سفيرة بلادها فى باريس ومندوبتها الدائمة لدى اليونسكو التهنئة من كبار مسئولى اليونسكو، وربما من حسنى الذى قالت مصادر إنه قد يتحدث إليها تليفونياً. وفى أول تصريح عقب فوزها مباشرة أعربت بوكوفا عن سعادتها بفوزها بمنصب مدير عام اليونسكو، ووجهت التحية للمرشح المصرى، الذى قالت إنها تكن له كل احترام وصداقة. وأشارت بوكوفا الى أنها ستعمل مع مصر والمجموعة العربية وجميع الدول التى صوتت لصالحها وتلك التى لم تصوت لها بغية تعزيز التنوع الثقافى وتجنب فكرة صدام الحضارات والثقافات الذى ليس له مكان داخل منظمة اليونسكو . ومن المقرر أن يعود حسنى إلى القاهرة خلال ال48 ساعة المقبلة لاستئناف مهامه بوزارة الثقافة. وكانت مصادر قريبة من حسنى قالت إنه لا يربط بالضرورة بين نتائج انتخابات اليونسكو وبين استمراره فى تنفيذ المهمة الوزارية الموكلة إليه منذ أكثر من عقدين.