جامعة بنها تحصد المراكز الأولى فى مهرجان إبداع ال12    «التضامن الاجتماعي» تقرر قيد جمعيتين بمحافظتي القاهرة والشرقية    الذهب يرتفع من أدنى مستوى في أسبوعين.. والأونصة تسجل 2342.73 دولار    أسعار اللحوم اليوم الاثنين 27 -5-2024 في الدقهلية    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الإثنين    وزير الإسكان: تنفيذ حملات لإزالة مخالفات البناء في 4 مدن جديدة    ألمانيا: ندعم إعادة تفعيل بعثة الاتحاد الأوروبي في معبر رفح    مصر تدين القصف الإسرائيلي المتعمد لخيام النازحين فى رفح الفلسطينية    الليلة.. الاتحاد يواجه النصر في قمة الدوري السعودي    فيديو.. الأرصاد تُعدل توقعاتها لطقس اليوم: العظمى على القاهرة لن تصل إلى 40 درجة    «للوجه القبلي».. «السكة الحديد» تعلن مواعيد حجز قطارات عيد الأضحى المبارك    موعد وقفة عرفات 2024 وأهمية صيام يوم عرفة    عاجل:- توقعات بزيادة أسعار الأدوية قريبًا ومخاوف من نقص الدواء    خالد عبدالغفار : ندعم تشكيل لجنة عربية لدراسة وتقييم الوضع الصحي في قطاع غزة    الجزائر: نعتزم إعادة طرح ملف عضوية فلسطين أمام مجلس الأمن    فاتن حمامة تمثل باللغة العربية الفصحى أمام يوسف وهبي فى 7 صور نادرة    الزمالك أمام الاتحاد وختام الدوري السعودي.. تعرف على مواعيد مباريات اليوم    500 ألف جنيه مكافأة لكل لاعب بالأهلي بعد التتويج بدورى أبطال أفريقيا للمرة ال 12    مقتل وإصابة العشرات في 4 ولايات أمريكية جراء عواصف شديدة    طلاب الدبلومات الفنية يؤدون امتحان اللغة الفرنسية والحاسب الآلي بكفر الشيخ    500 متر من النيران.. حالتا اختناق في حريق مخزن خردة بإمبابة    "أوفر دوس" تكشف لغز جثة شاب في العجوزة    وزير الري يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين مركز التدريب الإقليمى وجامعة بنها    جامعة القاهرة تحتضن ختام فعاليات مهرجان «إبداع 12»    مهرجان كان السينمائى 77 .. مصر تتصدر المشاركات العربية    عدا هذه السلعة.. هبوط حاد في أسعار السلع الأساسية اليوم 27-5-2024    بيان رسمي.. البترول تكشف: هل سحبت إيني سفينة الحفر من حقل ظهر؟    ميناء دمياط توقع مذكرة تفاهم مع "علوم الملاحة" ببني سويف لتعزيز التعاون    أول صورة لإحدى ضحاياه.. اعترافات جديدة صادمة ل"سفاح التجمع"    صباحك أوروبي.. موعد رحيل جوارديولا.. دياز مطلوب في إسبانيا.. وبديل كونتي    ستولتنبرج: الناتو يستعد للعب دورا أكبر بكثير في دعم أمن أوكرانيا    تعليق مفاجئ من وزير الكهرباء على تخفيف الأحمال    رسميًا الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الاثنين 27-5-2024 في البنوك    بعد قليل، نظر استئناف باقي المتهمين بقضية التوكيلات الشعبية المزورة    «كولر vs جوميز».. كيف ظهر الثنائي عقب التتويج الأفريقي؟    راهول كوهلي يكشف عن خضوعه لتجارب أداء فيلم The Fantastic Four    صحة الاسماعيلية تحيل عدداً من العاملين بوحدة أبو جريش للتحقيق ( صور)    هل حج الزوج من مال زوجته جائز؟.. دار الإفتاء تجيب (فيديو)    ميدو: دونجا لاعب متميز وسيكون له دور مع المنتخب في الوقت القادم    الأزهر للفتوى يوضح سِن الأضحية    هبوط فروزينوني.. وإنتر ينهي موسمه بالتعادل مع فيرونا في الدوري الإيطالي    إحباط مخطط تاجر أسلحة لغسل 31 مليون جنيه بأسيوط    كولر: التحضير لمواجهة الترجي كان صعبا.. ولم أكن أعرف أن كريم فؤاد يستطيع تعويض معلول    أهمية ممارسة الرياضة اليومية.. لجسم وعقل أقوى وصحة أفضل    جيش الاحتلال يعلن اغتيال قياديين فى حركة حماس خلال هجوم على رفح الفلسطينية    متى عيد الأضحى 2024 العد التنازلي| أفضل الأعمال    أستاذ اقتصاد ل قصواء الخلالي: عدم التصنيف القانوني للوافدين يمثل عبئا على الاقتصاد    علي جمعة يوضح معنى العمرة وحكمها وشروط وجوبها: آثارها عظيمة    «القاهرة الإخبارية»: دخول 123 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة من معبر كرم أبو سالم    خبيرة: اللاجئون يكلفون الدولة اقتصاديا ونحتاج قواعد بيانات لهم دقيقة ومحدثة    بالتفاصيل.. تعرف على خطوات أداء مناسك الحج    رئيس جامعة المنصورة: أجرينا 1100 عملية بمركز زراعة الكبد ونسبة النجاح تصل ل98%    ماكرون: لم يكن لدى أوروبا هذا العدد من الأعداء كما هو الحال الآن    أوراق مزورة.. نقابة المحامين تكشف سر تأجيل القيد بالفترة الحالية    قطاع المتاحف: طريقة عرض الآثار بمعارض الخارج تتم من خلال لجان مشتركة    مفاجأة..أطعمة تغنيك عن تناول البيض واللحوم للحصول على البروتين    تعاون مشترك بين «قضايا الدولة» ومحافظة جنوب سيناء    "تطوير مناهج التعليم": تدريس 4 لغات أجنبية جديدة في المرحلة الإعدادية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(البديل الثالث بين الاستبداد والاستسلام): الفصل الاول: المراجعات التى ندعو إليها
نشر في الشروق الجديد يوم 11 - 09 - 2009

أن الواجب على كل جماعة أو حركة أن تراجع أعمالها وتنظر فى مسيرتها بعد كل دورة من دورات العمل، لتقف على مدى التزامها بمرجعيتها، ومدة مطابقتها ومدى تحقيقها لأهدافها، وهو واجب على الفرد كما أنه واجب على الجماعة بمقتضى قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد» كما قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه «حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم».
وفى ضوء المراجعة يلزم احترام نتائجها، كما يلزم التصويب وإعادة ترتيب الأوضاع فى إطار المرجعيات والخطط والأهداف.. لهذا فقد جاء قرار الدعوة إلى وقف العمليات المسلحة فى مصر بعد دراسة شاملة لنتائجه، وكذلك دراسة التحديات الجديدة التى أحاطت بالمنطقة الإسلامية فى ضوء التحولات الدولية الأخيرة وبعد دراسة أثر ذلك على مستقبل الصحوة الإسلامية.
كما جاء هذا القرار فى ضوء تحول العمل المسلح إلى عبء على العمل الإسلامى وبعد أن أصبح الاستبداد هو المستفيد الأول من استمراره،لذا فقد أصبح وقف العمل المسلح هو أحد السبل لتفويت الفرصة على السلطات التى استغلته لتكريس استعدادها وتدشين قوانينها الاستثنائية فضلا عن محاصرة الحركات والأحزاب السياسية وتطوير سيطرتها على المجتمع وثرواته.
أسباب العدول عن العمل المسلح
كما أن الدعوة إلى وقف العمليات المسلحة تتأكد من خلال الآتى:
وصول عمليات التغيير المسلح داخل المجتمعات الإسلامية إلى طريق مسدود، ونتائج سلبية، تضررت منها الدول والجماعات على السواء.
أن هذه العمليات قد أدت فى بعض الدول إلى محاذير شرعية خطيرة فرضتها طبيعة القتال داخل المجتمعات الإسلامية.
تحول هذه العمليات فى الغالب إلى مجرد عمليات للدفاع عن النفس أو لإثبات الحضور فى حدها الأقصى، دون أن يرتبط ذلك بأهداف إسلامية عليا أو مقاصد شرعية عامة.
إن الرؤية الشاملة والنظرة المتفحصة فيما يجرى على الساحة الدولية ومساحة الاتجاهات الإسلامية توضح أن العمليات العسكرية قد تحولت إلى أعمال عشوائية، أو استجابة لاستفزازات مخططة، وهو ما يجعلها تضر أكثر مما تفيد.
أهداف المراجعات التى يدعوان إليها
فى ضوء ما سبق فيجب أن تتضمن الدعوة إلى المراجعات بعض الامور:
1 - تأسيس رؤية إسلامية جديدة للتعامل مع المستجدات الكبرى والتحديات الجسام ،وترتيب الأولويات والتعامل مع آليات ووسائل جديدة تتلاءم مع مشكلات وتعقيدات الواقع الجديد.
2- تهيئة الأوضاع داخل مجتمعاتنا لمناهضة ومقاومة مشاريع التغريب والإلحاد والمشروع الأمريكى - الإسرائيلى، تلك المشاريع التى لاحت فى أفق منطقتنا.
3 - بناء موقف موحد بالمشاركة مع كل المعنيين بالشأن العام فى بلادنا، قادر على الدفاع عن ديننا وهويتنا وأوطاننا، ومواجهة التحديات التى أفرزتها التحولات الدولية الأخيرة والتطورات التى تمر بها المنطقة.
4 - إعطاء الفرصة للأنظمة السياسية بالعالم العربى والإسلامى كي توفق أوضاعها وتوقف حربها على الصحوة الإسلامية، تلك الحرب التى لا تخدم إلا مخططات القوى الأجنبية التى تسعى إلى تحويل مجتمعاتنا إلى ساحة لصراع مفتوح.
5 - العمل على تحويل هذه المراجعة إلى نظرية عمل متكاملة، تتعامل مع كل معطيات المرحلة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية على جميع الأصعدة المحلية الدولية والاقليمية، نظرية تؤمن مسيرة الدعوة وتشق طريقا للعمل وتفتح أبواب العمل التطوعى والخيرى، وتوفر المناخ لتعليم الشباب أمور دينهم وتستثمر كل الطاقات المتوافرة لصالح إعادة بناء الأمة.
مفهوم المراجعة
وعلى هذا فإن المراجعة لا تعنى التراجع عن الأهداف العليا للصحوة الإسلامية أو التراجع عن الواجبات الرئيسية للعمل الإسلامى لأنها تعاملت فحسب مع الأساليب والوسائل التى تبين وقوع المبالغة فى تحقيق مناطها أو اتضح عدم ملاءمتها للواقع.
كما أن المراجعات ليست دليلا على التراجع والضعف، بل هى علامة على القوة والنضج ودليل على الشجاعة والرشد ،كما أنها ليست لمجرد إلقاء اللوم والعقاب على الحركة الإسلامية ،دون تسليط الأضواء على الظروف والملابسات القاسية والمطاردات المستمرة والتعذيب البشع والاعتقال المبرح الذى يتعرض له هذا الشباب.
ولاتعني المرجعات بإي حال من الأحوال تأييد علمانية الحكم أو مظاهر استبعاد الشريعة فذلك ما لا يسع مسلم فعله، فضلا عن أن تجربة الحكم العلمانى فى بلادنا فشلت فشلا ذريعا ووصلت إلى طريق مسدود.
كما أن المراجعات تستلزم وقف اضطهاد التيار الإسلامى ووقف كل صور الخروج على القانون فى التعامل معه، وذلك لأن الاضطهاد المنظم هو المسئول عن العنف العشوائى ،ولا يعني ذلك الانسحاب من المجتمع ،أو هزيمة المشروع الإسلامى ،أو تأييد الحزب الحاكم.
إن الدعوة إلى وقف كل أشكال الصراع المسلح داخل المجتمعات الإسلامية تؤكد أيضا دعم وتأييد المجاهدين فى كل بقاع العالم الإسلامى المعرضة للاحتلال أو العدوان أو الاضطهاد، لأن تأييدهم واجب كوجوب الصوم والصلاة.
ولاتعني المراجعة ايضاً إنهاء الخلاف مع النظام فى السياسات المتبعة لأن الخلاف حول تطبيق الشريعة لايزال قائما.
أسباب لجوء الشباب إلى العمل المسلح
يمكن رصد اسباب لجوء الشباب إلى العمل المسلح في النقاط التالية :
1 التناقص الصارخ بين الواقع القائم وبين القيم والأحكام الإسلامية الواجبة يجعل الشباب مندفعا نحو التغيير بحماسه الفطرى، والذى يؤدى إلى تبنى أى وسيلة لتغيير هذا الواقع، ومهما كانت النتائج المترتبة على هذا التغيير، فليس هناك أسوأ مما هو قائم.
2 وقوف العديد من الحكومات خلف العديد من مظاهر الخروج على الإسلام بل والعمل على تكريسها فى المجتمع من خلال وسائل الإعلام والتعليم والثقافة وبشكل استفزازى، وجه العنف نحو الحكومات وجعلها الهدف الأساسى لعملية تغيير المنكر الاجتماعى.
3 فإذا كانت الفصائل التى تميل إلى العمل المسلح تتميز بأن غالب المنتمين إليها من الشباب علمنا أن ذلك بالفعل أحد محددات ظاهرة اللجوء إلى العنف فى عالمنا العربى والإسلامى، حيث يكون من أسبابه ميل الشباب إلى المثالية،ومن ثم التطلع الجارف إلى نفى الواقع الآسن واستحضار العالم المنشود، فضلا عن ميل الشباب بطبيعة تكوينه إلى استخدام القوة فى الوصول إلى أهدافه، ولاسيما إذا كانت هذه الأهداف على هذا القدر من الأهمية والإلحاح، وعلى هذا فهو اندفاع يحركه الاخلاص وإن قصر به «الفقه»، ومن ثم يصبح اتهام هذا الشباب بالعمالة الخارجية أو التطلع للسلطة هو اتهام غوغائى يفتقد إلى أدنى شروط الموضوعية.
4 تذرع الحكومات بالعديد من الحجج الواهية بشأن عدم تطبيقها لأحكام الشريعة الإسلامية أو الزعم بأن قوانينها بالفعل لا تخالف أحكام الشريعة، كل ذلك يسقط عنها المشروعية الإسلامية ويجعلها محل سخرية الشباب.
5 تآكل دور المؤسسات العلمية الإسلامية التى تحولت إلى مؤسسات تبرير، فإذا ما تجاوزت الدور المرسوم لها كان جزاؤها الاستبعاد، وعلى هذا فقد فقدت قدرا كبيرا من قدرتها على مخاطبة الحس الدينى لدى الشباب عامة، فضلا عن قطاعات الإسلاميين وذلك بعد أن أصبحت صورة علماء الدين المتداولة أضحوكة المجتمعات.
6 مطاردة بعض الحكومات لمظاهر الصحوة الإسلامية ووضع الحكومات فى موقع الخصم والذى يريد القضاء على شعائر الدين، لاسيما إذا تجردت هذه الحكومات من الحكمة وصادرت حق الأفراد فى أداء شعائر ذات الطابع العبادى.
7 إغلاق منافذ التعبير السياسى، فضلا عن احتكار السياسة بشكل عام من قبل الحكومات، جعل المجتمع فى حالة تهميش قصوى قابلة للثورة فى كل لحظة، ولهذا فقد تمحور دور الحكومات حول العمل على تفريغ أو تأجيل هذه الثورات، وهذه الوضعية تعد من العوامل المهمة التى تؤهل أى تيار سياسى للثورة، حيث لا يسمح له بغير ذلك فى ظل مناخ عام يتجه نحو ذلك.
8 قطع الطريق أمام مظاهر الوجود الإسلامى السياسى بدعاوى وذرائع لا تتمتع بالمصداقية، أو بالالتفاف على شعبية التيار الإسلامى، أو إلغاء نتائج الانتخابات ، كل ذلك يعد سندا قويا يستند إليه أصحاب التيار المسلح، حيث يصبح اضطهاد التيار المسلح والعمل على محاصرته بل وإهانته، سببا رئيسيا فى لفظ هذا الاتجاه، فضلا عن افتقاد أصحاب التيار السياسى إلى تأصيل فقهى يدعم توجههم ويجذب إليه أصحاب الخيار المسلح.
وفى هذا الإطار جاء إلغاء نتائج الانتخابات 1991 التى فازت بها جبهة الإنقاذ الإسلامية بالجزائر ليضع علامات استفهام كبرى أمام الحل الديمقراطى فى عالمنا العربى والإسلامى، ويفقد الثقة فى الخيار السياسى، وفي المعايير الديمقراطية الدولية ، حيث اعتبرت الولايات المتحدة: أن تعيين الرئيس بوضياف هو عملية انتقالية دستورية،!! كما اعتبر وزير خارجية فرنسا: أن وصول الإسلاميين للحكم فى الجزائر سيكون لها عواقب وخيمة على المنطقة بأسرها!!
ويمكن الوقوف على حجم الجناية الدولية المرتكبة بحق الشعب الجزائرى وقيم الديمقراطية، إذا راجعنا الأسئلة التى وُجهت للخارجية الأمريكية عند استجوابها بالكونجرس بشأن موقفها من إلغاء نتائج الانتخابات الجزائرية.. فقد قال النائب هارى جونسون: نقول دائما بأننا مع الحرية والديمقراطية، فهل نحن مع الحرية والديمقراطية بالجزائر؟! وقال النائب كيرج واشنطن: أعتقد أن السؤال الرئيسى فى هذا الجدل هو: هل نستطيع التوفيق بين دعوتنا للحرية والديمقراطية، وبين فوز الإسلاميين وتوليهم الحكم فى الجزائر؟ ، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل أعطت الولايات المتحدة الإشارة إلى المؤسسات الدولية المالية لتسوية أوضاع الجزائر المالية وبشكل دائم.. وكأنها مكافأة على إلغاء نتائج الانتخابات التى فاز فيها الإسلاميون بشكل واضح.
9 الوقوف بقوة أمام كل مظاهر التعبير السياسى الإسلامى المتضامن مع قضايا الأمة الداخلية أو الخارجية، يضع الحكومات فى موقف الخانق لإدارة الشباب وطموحاته، كما يضعها فى خندق التحالف الدولى المحارب للإسلام.
10 التدخل الاستفزازى وغير المبرر من قبل بعض الحكومات فى الشئون التعبدية فى الوقت ذاته الذى تفتح الباب على مصراعيه أمام كل مراكز اللهو والإباحية!! فإذا كان هذا التدخل متوافقا مع الإعلان عن ضغوط أمريكية لمحاصرة النشاط الإسلامى وتخفيض الحضور الدينى فى المجتمع فكيف يمكن أن يتلقى الشباب هذه الإشارات؟!.
11 استخدام بعض السلطات لأشد وسائل القمع والبطش فى تعاملها مع الشباب سواء فى المظاهرات السلمية أو فى السجون والمعتقلات.. وفى هذا يجب أن نذكر أن التعامل الهستيرى مع الإخوان فى الخمسينيات والستينيات، كان أحد مكونات الوعى بضرورة الخروج المسلح لدى جيل السبعينيات، وذلك لأن استباحة السلطات للمجتمع تفرض تلقائيا استباحة المجتمع للسلطات، كما أن هذا السلوك العنيف كان سببا فى رفض الشباب لدعوة الإخوان السلمية التى اعتبروها مهادنة!! فى وقت كان يجب أن تكون كفاحية ولو من باب الثأر!!.
12 استخدام وسائل الإعلام الحكومى فى التحريض على التيار الإسلامى، وهو ما يتم غالبا بصورة ساذجة ومفتعلة والأخطر من ذلك أن تسخر هذه الوسائل لخصوم التيار الإسلامى الذين ينالون ودون حرج من أحكام الإسلام الأساسية.
13 فشل العديد من الحكومات فى استيعاب العائدين من أفغانستان وتعاملت معهم وكأنهم أرباب سوابق فضلا عن أن وظيفة الدولة التطويرية والاستيعابية كانت توجب استيعاب هذه القوة البازغة دون قهر أو عنف.
14 فشل جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى معظم دول العالم الإسلامى، أفقدها قدرا كبيرا من المشروعية وأسس للعديد من حركات الرفض والاحتجاج القابلة للانفجار فى أى لحظة.
15 عدم وجود اتجاه لدى كثير من أنظمة الحكم بالعالم العربى لرفع الوصاية عن المجتمع، فضلا عن السماح للحركات الإسلامية بممارسة العمل العام، وارتباك بعض هذه الأنظمة بشأن طرق التعامل مع الحركات السياسية والحركات الإسلامية على وجه الخصوص.
16 اتخاذ بعض الحكومات ( ضرورة أو اختيارا ) مواقف مساندة أو داعمة لقوى دولية تهين المسلمين، وتسعى إلى تفويض كل قضاياهم الاستراتيجية.
17 لقد أسقطت إسرائيل بتزايد نفوذها فى المنطقة واتساع دائرة انتهاكها للحقوق والشعوب العربية جزء مهما من شرعية الحكومات، حيث ينظر إلي تلك الحكومات باعتبارها المسئولة عن كل ذلك، لأنها المسئولة عن التفاوت الكبير فى القدرات والموارد السياسية إذا ما قورنت بدولة ناشئة مثل إسرائيل كما أن عدوان إسرائيل المستمر على شعوب المنطقة وبالأخص فى فلسطين قد أهدر هيبة الحكومات وكرامتها أمام الشباب الثائر.
18 كما قد أصبح التدخل الأجنبى السافر، والخضوع البرجماتى لشروط الخارج من أهم أسباب التعبئة الإسلامية الثورية التى هدمت معادلة الاستقرار السياسى التى كانت مبنية على الاستقلال السياسى وعدم الخضوع لشروط الخارج، وعلى سبيل المثال إذا رصدنا فى مصر مدى تصاعد موجات وحركات الاحتجاج منذ كامب ديفيد وحتى الآن، لعلمنا أن النتائج خطيرة.
19 كما لا يختلف عن الأسباب التى نتحدث عنها: أن مظاهر الغلو الفكرى والعنف السياسى التى شهدتها مجتمعاتنا إنما ترجع بالأساس إلى استبعاد التعليم الإسلامى وغياب التنشئة الإسلامية الراشدة من مناهج التعليم والتربية الحكومية إضافة إلى السلوك المستفز بكل المشاعر الإسلامية الذى يبدو واضحا فى تفريط الحكومات فى قضايا الأمة، حتى إنها ظهرت فى ثوب الوكيل الرسمى لأعداء الأمة.
20 فى الوقت الذى تتعامل فيه السلطات مع كل الحركات الإسلامية على أساس أنها جماعات محظورة وخارجة على القانون، فإنها تتغاضى عن الإدارة الكنسية فى مصر والتى استوعبت كل المؤسسات الخاصة بالنشاط الاجتماعى بين الأقباط بما جعلها دولة داخل الدولة وفي بعض الاحيان فوق الدولة!! وفى الوقت الذى أعلن رأس الكنيسة المصرية مرارا أنه لم يلتزم بأحكام القضاء التى تتعارض مع قوانين الكنيسة، ويكفر من يلتزم بها!! نجد الشباب المسلم فى المعتقلات يمتحن فى عقيدته كشرط للإفراج عنه بعد اعتقال تعسفى دام سنوات، ومن ذلك الامتحان أن يشهد بالإيمان لمن يعطل أحكام الله!!
21 كما لا يكون بعيدا عن تأجيج عوامل العنف الداخلى رؤية التحالفات الدولية وهى تحشد قواتها لمحاربة الإسلاميين فى العديد من مناطق العالم الإسلامى، ومن ذلك ما صرح به أحد الخبراء الأمريكيين الذى أكد على «أن حركة الجهاد العالمية الحالية هى نتيجة غير مباشرة لتدخل الولايات المتحدة فى أفغانستان».
وهكذا يتضح أن العنف الإسلامى هو بالأساس رد فعل على تجاوزات من قبل السلطات المحلية فضلا عن عدم امتلاكها رؤية استيعابية إن لم تكن تسعى فى بعض الأحيان إلى تصعيد المعارك مع التيار الإسلامى، فى محاولة لاجتذاب عطف ودعم بعض القوى الدولية.
وعلى هذا فإن التحدى القائم أمام مجتمعاتنا اليوم إنما يتمثل فى بناء استراتيجيات ثلاث:
الأولى: إعطاء الفرصة للمبادرات الإسلامية الرشيدة الداعية إلى وقف العنف الداخلى والتعامل معها بمسئولية وإيجابية كاملة.
الثانية: العمل على إنشاء البيئة المناسبة للتعامل مع التيار الإسلامى من خلال الاعتراف بوجوده كقوة فاعلة فى المجتمع.
الثالثة: الاعتراف بالمقاومة المشروعة على طول المنطقة وعرضها والعمل على دعمها ومساندتها، وعدم الخضوع بسياسات القوى الدولية التى يعتبرها حركات إرهابية، وعلى هذا فإننا نرى: كما أن التيار الإسلامى مطالب بتطوير رؤية سلمية تتعامل مع المعطيات السياسية المعاصرة، فإن النظم السياسية بالعالم العربى والإسلامى مطالبة هى الأخرى، بتهيئة المناخ للقبول بالتيار الإسلامى وأنشطته كتيار له رصيد كبير من الشعبية والفاعلية.
ليس من المعقول أن تمد النظم السياسية أيديها لكل الأطراف الخارجية وتولى ظهرها لمجتمعاتها!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.