سعر الدولار اليوم الثلاثاء 7 مايو 2024: بكام ي أخضر انهاردة؟    محافظ المنيا: توريد 132 ألف طن من محصول القمح حتى اليوم    رئيس البورصة: إطلاق مؤشر الشريعة الإسلامية قريبا وإدراج 40 شركة    رئيس لجنة الخطة بمجلس النواب: زيادة الديون أسرع من الناتج المحلي ويجب اتخاذ تدابير لتحصيل المتأخرات الضريبية    شعبة المستوردين: تعديل النظرة الإيجابية للاقتصاد المصري فرصة ذهبية    أكسيوس: الإسرائيليون محبطون من دور واشنطن في محادثات وقف إطلاق النار بغزة    مصر تدين العمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح الفلسطينية    وسام أبو علي يقود هجوم الأهلي أمام الاتحاد السكندري    محمد الشامي: حسام حسن أخبرني أنني أذكره بنفسه    كاراجر: مانشستر يونايتد الأسوأ في البريميرليج.. وأنصح كاسيميرو بالدوري السعودي    ضبط قضايا اتجار في العملات الأجنبية قيمتها 17 مليون جنيه خلال 24 ساعة    قبل ساعات من انطلاقها.. أحذر هذه الأشياء أثناء امتحانات نهاية العام 2024    عادات وتقاليد.. أهل الطفلة جانيت يكشفون سر طباعة صورتها على تيشرتات (فيديو)    إصابة شابين إثر حادث تصادم بين سيارة ودراجة نارية في الشرقية    15 صورة ترصد أسوأ إطلالات المشاهير على السجادة الحمراء في حفل Met Gala 2024    مهرجان المسرح المصري يعلن عن أعضاء لجنته العليا في الدورة ال 17    تخفيض الحد الأدنى لقيمة الفاتورة الإلكترونية اللازم لإدارج بيانات الرقم القومي 1 أغسطس    رئيس جامعة بنها يترأس لجنة اختيار عميد كلية التجارة    "تم عرضه".. ميدو يفجر مفاجأة بشأن رفض الزمالك التعاقد مع معلول    ب100 ألف طالب وطالبة.. انطلاق امتحانات «صفوف النقل» بالإسكندرية غداً    مسؤولون إسرائيليون: إعلان حماس الموافقة على صفقة التبادل فاجئنا    خارجية الاحتلال: اجتياح رفح يعزز أهداف الحرب الرئيسية    إعلام أمريكي: إدارة بايدن أجلت مبيعات الآلاف من الأسلحة الدقيقة إلى إسرائيل    حفلات وشخصيات كرتونية.. سائحون يحتفلون بأعياد الربيع بمنتجعات جنوب سيناء    منخفض خماسيني.. الأرصاد تحذر من موجة حارة تضرب البلاد (فيديو)    ضبط 18 كيلوجرامًا لمخدر الحشيش بحوزة عنصر إجرامي بالإسماعيلية    اعتقال 125 طالبا.. الشرطة الهولندية تفض مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين بجامعة أمستردام    رئيس خطة النواب: الحرب الروسية الأوكرانية والتغيرات الجيوسياسية تؤثر على الاقتصاد المصري    إيرادات «السرب» تتجاوز 16 مليون جنيه خلال 6 أيام في دور العرض    موعد وتفاصيل عرض 18 مسرحية لطلاب جامعة القاهرة    تحذيرات مهمة ل 5 أبراج اليوم 7 مايو 2024.. «الجوزاء أكثر عرضة للحسد»    المتحف القومي للحضارة يحتفل بعيد شم النسيم ضمن مبادرة «طبلية مصر»    اقوى رد من محمود الهواري على منكرين وجود الله    «الصحة» تحذر من أضرار تناول الفسيخ والرنجة.. ورسالة مهمة حال الشعور بأي أعراض    في اليوم العالمي للربو.. تعرف على أسبابه وكيفية علاجه وطرق الوقاية منه    «معلومات الوزراء»: توقعات بنمو الطلب العالمي على الصلب بنسبة 1.7% عام 2024    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 7 مايو 2024    العد التنازلي.. كم متبقي على ميعاد عيد الأضحى 2024؟    لقاح سحري يقاوم 8 فيروسات تاجية خطيرة.. وإجراء التجارب السريرية بحلول 2025    كيفية صلاة الصبح لمن فاته الفجر وحكم أدائها بعد شروق الشمس    عبد الجليل: استمرارية الانتصارات مهمة للزمالك في الموسم الحالي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 7-5-2024    إصابة الملك تشارلز بالسرطان تخيم على الذكرى الأولى لتوليه عرش بريطانيا| صور    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    عاجل.. طلب مفاجئ من اتحاد العاصمة يهدد إقامة نهائي الكونفدرالية بين الزمالك وبركان    كريم شحاتة: كثرة النجوم وراء عدم التوفيق في البنك الأهلي    عملت عملية عشان أخلف من العوضي| ياسمين عبد العزيز تفجر مفاجأة.. شاهد    صليت استخارة.. ياسمين عبد العزيز تكشف عن نيتها في الرجوع للعوضي |شاهد    اللواء سيد الجابري: مصر مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم الممكنة للفلسطينيين    شكر خاص.. حسين لبيب يوجه رسالة للاعبات الطائرة بعد حصد بطولة أفريقيا    إبراهيم عيسى: لو 30 يونيو اتكرر 30 مرة الشعب هيختار نفس القرار    الأوقاف تعلن افتتاح 21 مسجدا الجمعة القادمة    فرح حبايبك وأصحابك: أروع رسائل التهنئة بمناسبة قدوم عيد الأضحى المبارك 2024    ب800 جنيه بعد الزيادة.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي الجديدة وكيفية تجديدها من البيت    يوسف الحسيني: إبراهيم العرجاني له دور وطني لا ينسى    هل يحصل الصغار على ثواب العبادة قبل البلوغ؟ دار الإفتاء ترد    بعد الفسيخ والرنجة.. 7 مشروبات لتنظيف جسمك من السموم    أستاذ قانون جنائي: ما حدث مع الدكتور حسام موافي مشين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حفل كونديرا
نشر في الشروق الجديد يوم 17 - 05 - 2016

فى روايته المعنونة «حفل اللامعنى» (نشرت باللغة الفرنسية فى 2013، وقرأت ترجمتها الألمانية التى صدرت فى 2015)، يكتب الأديب التشيكى الفرنسى ميلان كونديرا عن الأزمة الوجودية التى يسببها لنا كبشر معاصرين إخفاقنا المتكرر فى تغيير العالم وعن السبيل الوحيد المتاح لنا لمواصلة الحياة على الرغم من عجزنا عن تجاوز أزمتنا الوجودية.
«أيقنا منذ زمن غير قريب أن قدرتنا على التخلص من عالمنا أو على القيام بإعاده صياغة شاملة لمكوناته الكبرى أو على إيقاف حركته المتسارعة إلى أمام ما لم تعد قائمة. أدركنا أنه لم يعد لنا سوى سبيل وحيد للمقاومة، السخرية من هذا العالم والتوقف عن التعامل معه بجدية. غير إننى أكتشف أيضا أن سخريتنا من العالم لم تعد تضحكنا...» (صفحة 94).
«ما علينا، الآن يبدو لى اللامعنى تحت أضواء مغايرة تماما لما قبل. اللامعنى، يا صديقى، هو جوهر الوجود. هو فى كل مكان، ودائما أبدا معنا. بل أن اللامعنى يحضر هناك حيث لا يريد أحد منا أن يراه؛ هناك حيث الفظائع، حيث الصراعات الدموية، حيث الكوارث الأفدح. لذا فإننا يلزمنا الكثير من الشجاعة لإدراك حضور اللامعنى هناك حيث لا نريد أن نراه، وتعريفه بمسماه الحقيقى. ولا تنتهى شجاعتنا عند إدراك حضور اللامعنى، فواجبنا هو أن نحب حضوره، أن نتعلم كيف نحب هذا الحضور...» (صفحة 137).
هاتان فقرتان أحسبهما كقارئ للأدب بديعتان فى تناول ضياع المعنى فى العالم المعاصر، والأزمة الوجودية التى يرتبها ويتوفر سبيل وحيد لتجاوزها. هاتان فقرتان أحبسهما عميقتان أخلاقيا ومجتمعيا فى دعوتنا للتوقف عن طلب تغيير العالم المعاصر، والاعتراف بكون «اللامعنى» يحاصرنا من كل جانب، والانتقال إلى السخرية منه حتى فى أكثر الظروف والأحوال قسوة ومأساوية. هاتان فقرتان صاغهما ضمير وعقل أديب أوروبى ينظر إلى ظواهر الظلم والحروب والإرهاب والعنف وصعود المتطرفين والعنصريين وكارهى الحياة ومستبيحى الدماء، ولا ينكر الصراعات المجتمعية المستمرة بين من يملكون ومن لا يملكون وبين من يدعون الانتماء إلى الأغلبية ومن تفرض عليهم هويات الأقليات (هذه التمايزات تشغل حيزا معتبرا فى رواية «حفل اللامعنى»). والسبيل الوحيدة الذى يطرحه كونديرا لتجاوز الأزمة الوجودية التى يسببها ضياع المعنى هو الاعتراف به وبها، والانتقال إلى السخرية من عجزنا كبشر على تغيير العالم المعاصر.
لست بساخر، غير إننى أسلب يوميا من القدرة على البحث والعثور على المعانى فى كل الجنون والعبث الذى يحيط بنا فى مصر وجوارها الإقليمى وفى العالم من حولنا. لا شىء غير اللامعنى فى كل تلك المظالم والانتهاكات التى ترتكبها السلطوية الحاكمة فى مصر. لا شىء غير اللامعنى فى ذلك العدد المأساوى لمن زج بهم إلى السجون وأماكن الاحتجاز خلال السنوات الماضية فى مصر. لا شىء غير اللامعنى فى تلك الحروب المدمرة وجرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية فى سوريا واليمن وغيرهما. لا شىء غير اللامعنى فى إجرام إرهابى يقتل مرتادو المقاهى والمطارات الأوروبية تفجيرا، أو يقتلهم شرق أوسطيا بطائرات بدون طيارين فى المدن والقرى والمناطق القبلية، أو يحرقهم عربيا كداعش والمستوطنين الإسرائيليين.
لا شىء غير اللامعنى فى الغوغائية التى تحاصرنا بفعل حكومة سلطوية تغتال العقل فى مصر ومعارضة عاجزة عن تبنى خطاب ديمقراطى حقيقى، بفعل مستبدين هنا وهناك لا يريدون سوى البقاء فى الحكم ويحولون بين شعوبهم وبين الانعتاق من ظلمهم ولو كلفهم دماء ورقاب ودمار دون نهاية، بفعل متطرفين وعنصريين وانتهازيين يسطون على الانتخابات والأدوات الديمقراطية لنشر الكراهية والخوف.
لا شىء غير اللامعنى كما يكتب كونديرا، فهنيئا للساخرين. وما أقسى مواصلة الكتابة ومحاولة الكلام عند ضياع المعنى، وحال إدراك العجز على تغيير ما يحاصرنا من جنون وعبث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.