استشاري نفسي: ما يقوم به منتدى اسمع واتكلم هو عنوان للاستمرار والتغيير    قيادات دمياط الجديدة يزورون كنيسة العذراء    شيوخ وعواقل حلايب وشلاتين يشيدون بجهود أجهزة الدولة لتوفير الحياة الكريمة في مختلف القطاعات    محافظ المنيا يعلن انطلاق امتحانات النقل للفصل الدراسي الثاني 2023/2024    انطلاق الموسم الأول لمسابقة اكتشاف المواهب الفنية لطلاب جامعة القاهرة الدولية    تراجع طفيف في أسعار الذهب وسط ترقب وحذر في الأسواق    محافظ أسوان يتابع ميدانيا توافر السلع الغذائية والإستراتيجية بأسعار مخفضة بالمجمعات الاستهلاكية    محافظ الفيوم يشهد فعاليات إطلاق مشروع التمكين الاقتصادي للمرأة    لو معاك 100 ألف جنيه.. اعرف أرخص 5 سيارات مستعملة في مصر    السعودية تكشف عن عقوبات الحج بدون تصريح.. غرامة تصل ل10 آلاف ريال    سويسرا تعتزم دعم الأونروا ب11 مليون دولار لمعالجة الأزمة الإنسانية في غزة    «القاهرة الإخبارية» تعرض تقريرا عن غزة: «الاحتلال الإسرائيلي» يسد شريان الحياة    "التعاون الإسلامي" والخارجية الفلسطينية ترحبان بقرار جزر البهاما الاعتراف بدولة فلسطين    روسيا تشن هجومًا جويًا هائلاً على منظومة الكهرباء الأوكرانية    حلم الصعود للممتاز، احتشاد جماهير المحلة قبل مواجهة بروكسي (فيديو)    مصرع و إصابة 8 أشخاص بطرق الشرقية    المشدد بين 3 و15 سنوات ل4 متورطين في إلقاء شاب من الطابق السادس بمدينة نصر    المشدد 10 سنوات لطالبين بتهمة سرقة مبلغ مالي من شخص بالإكراه في القليوبية    أحدثهم هاني شاكر وريم البارودي.. تفاصيل 4 قضايا تطارد نجوم الفن    11 جثة بسبب ماكينة ري.. قرار قضائي جديد بشأن المتهمين في "مجزرة أبوحزام" بقنا    أول رد من أصالة بعد أنباء انفصالها عن الشاعر فائق حسن    يوسف زيدان عن «تكوين»: لسنا في عداء مع الأزهر.. ولا تعارض بين التنوير والدين (حوار)    استمرار تطعيمات طلاب المدارس ضد السحائي والثنائى بالشرقية    وزير النقل: تنفيذ خطة شاملة لتطوير الخطَّين الأول والثاني للمترو.. وتصنيع وتوريد 55 قطارًا    تعرف على التحويلات المرورية لشارع ذاكر حسين بمدينة نصر    «8 أفعال عليك تجنبها».. «الإفتاء» توضح محظورات الإحرام لحجاج بيت الله    أفضل دعاء للأبناء بالنجاح والتوفيق في الامتحانات.. رددها دائما    أخبار الأهلي : اليوم ..حفل تأبين العامري فاروق بالأهلي بحضور كبار مسؤولي الرياضة    رئيس قطاع التكافل ببنك ناصر: حصة الاقتصاد الأخضر السوقية الربحية 6 تريليونات دولار حاليا    احذر.. الحبس 7 سنوات وغرامة 50 ألف جنيه عقوبة التنقيب عن الآثار بالقانون    ذكرى وفاة فارس السينما.. محطات فنية في حياة أحمد مظهر    عبد المعطى أحمد يكتب: عظماء رغم الإعاقة «مصطفى صادق الرافعي»    صادرات السيارات بكوريا الجنوبية تقفز 10.3% خلال أبريل الماضي    الزمالك يكشف مفاجآت في قضية خالد بوطيب وإيقاف القيد    تعمد الكذب.. الإفتاء: اليمين الغموس ليس له كفارة إلا التوبة والندم والاستغفار    مرصد الأزهر: استمرار تواجد 10 آلاف من مقاتلي داعش بين سوريا والعراق    بعد حلف اليمين الدستوري.. الصين تهنئ بوتين بتنصيبه رئيسا لروسيا للمرة الخامسة    صحة المنيا تقدم الخدمات العلاجية ل10 آلاف مواطن فى 8 قوافل طبية    صالح جمعة معلقا على عقوبة إيقافه بالدوري العراقي: «تعرضت لظلم كبير»    مصرع سيدة صدمها قطار خلال محاولة عبورها السكة الحديد بأبو النمرس    وزير الخارجية الإيراني: طهران والقاهرة تتجهان نحو إعادة علاقاتهما الدبلوماسية إلي طبيعتها    لمواليد 8 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    قصور الثقافة تصدر كتاب "السينما وحضارة مصر القديمة"    أصالة تحذف صورها مع زوجها فائق حسن.. وتثير شكوك الانفصال    رئيس المركزي للمحاسبات: الجهاز يباشر دوره على أكمل وجه في نظر الحساب الختامي للموازنة    ضبط قضايا اتجار في العملة ب12 مليون جنيه    "المدرج نضف".. ميدو يكشف كواليس عودة الجماهير ويوجه رسالة نارية    الصحة: فحص 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    مواد البناء: أكثر من 20 ألف جنيه تراجعًا بأسعار الحديد و200 جنيه للأسمنت    «الإفتاء» توضح الأعمال المستحبة في «ذي القعدة».. وفضل الأشهر الأحرم (فيديو)    إعلام فلسطيني: شهيدتان جراء قصف إسرائيلي على خان يونس    «قلت لها متفقناش على كده».. حسن الرداد يكشف الارتباط بين مشهد وفاة «أم محارب» ووالدته (فيديو)    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب كثيرة من مباراة الاتحاد.. والعشري فاجئ كولر    بايدن: لا مكان لمعاداة السامية في الجامعات الأمريكية    «النقل»: تصنيع وتوريد 55 قطارا للخط الأول للمترو بالتعاون مع شركة فرنسية    حكم حج للحامل والمرضع.. الإفتاء تجيب    «إنت مبقتش حاجة كبيرة».. رسالة نارية من مجدي طلبة ل محمد عبد المنعم    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طبيب أهم من مستشفى
نشر في الشروق الجديد يوم 09 - 04 - 2016

إسحاق نيوتن معروف بقصة التفاحة التي وقعت على رأسه فاكتشف قوانين الحركة!! القصة طبعا غير صحيحة فقد استغرق نيوتن حوالي أربعة عشر عاما ليتم اكتشافه لقوانين الحركة!
وقصة سقوط التفاحة التي ألهمته القوانين بغته تنسب لفولتير، ولكن مع ذلك القصة الحقيقية أيضا يوجد بها تفاحة! عندما كان نيوتن يسير في الجامعة في فترة راحة بين عدة اجتماعات رأى تفاحة تسقط من شجرة في حديقة بجانب الجامعة، ويبدو أن نيوتن كان جائعا فقفز من فوق السور وأخد التفاحة.. وأكلها! في هذه الفترة كان نيوتن فعلا مشغولا بالتفكير في موضوع قوانين الحركة وكان يحاول فهم حركة الأجرام السماوية، فلما رأى التفاحة فكر أنه ربما القوانين التي تتحكم في حركة الأجرام السماوية هي نفسها التي تتحكم في الأجسام الصغيرة مثل التفاحة. أخذ هذه الفكرة وطلب تمويلا لأبحاثه للتوصل لقوانين الحركة من أحد الأمراء (في ذلك الوقت لم تكن الجامعات أو مراكز الأبحاث أو الشركات تمول المشورعات البحثية)، وحتى يجعل الفكرة سهلة على هذا الأمير لم يذكر الأجرام السماوية، ولكن ذكر مثال التفاحة. بعد عدة أسابيع جاءته الموافقة على التمويل من هذا الأمير لمشروع: تحسين سلالات التفاح فى إنجلترا حتى لا يفسد من سقوطه على الأرض!
ولكن نيوتن لم يتذمر ووافق على المشروع، فكان يعمل على تحسين سلالات التفاح ويعقد اجتماعات مع الفلاحين وفي نفس الوقت يقتطع جزءا من مال التمويل والوقت للعمل على مشروعه الأساسي. وظهرت قوانين نيوتن للحركة الثلاث المشهورة. المغزى من هذه القصة (وهي حقيقية ومذكورة في كتاب شيق للغاية وقديم بعض الشئ اسمه A Random Walk in Science أو رحلة عشوائية في العلم. للأسف لم يترجم بعد للعربية على حد علمي) هو أن العلم والاكتشافات العلمية تتقدم بالمثابرة، ليس فقط على فشل بعض التجارب والنظريات، ولكن أيضا على العمل في ظروف غير مثالية مثل نيوتن وتحسين سلالات التفاح وأينشتاين واكتشافه للنسبية الخاصة عندما كان يعمل موظفا في قسم براءات الاختراع.
ومثل شخصيتنا اليوم.
شخصيتنا اليوم مبهرة بكل المقاييس، طبيب هو، حاصل على الدكتوراه في الرمد الصديدي، المصري من جامعة باريس، عاد إلى مصر عام 1838 وعين مدرسا في مدرسة الطب (كلية طب قصر العيني الآن) وكانت تعج بالأطباء الأوروبيين الذين فشلوا في الوقوف أمام عبقريته وهو مازال في العقد الثالث من العمر، إنه الدكتور محمد علي البقلي.
عندما شعر الأطباء الأوروبيون بالخطر من هذا الطبيب المصري أوغروا صدر عباس باشا الأول عليه، فأبعده من مدرسة الطب. وهنا نستطيع أن نتخيله في موقف نيوتن وسلالات التفاح، لم يغضب الدكتور محمد علي البقلي وفتح عيادة في قلب القاهرة. المفاجأة هنا أن هذه العيادة أصبحت أهم من قصر العيني كما يحكي عبدالمنعم شميس في كتابه الجميل "عظماء من مصر". لمدة خمس سنوات أصبح الناس يذهبون للعيادة وجلس الأطباء الأجانب في قصر العينى ينتظرون أي مريض!
لنتوقف عند هذه النقطة ونرجع بالزمن إلى عام 1815 حين ولد هذا الطبيب العظيم في زاوية البقلي مركز منوف، بدأ رحلته من كتاب القرية وحتى مدرسة الطب في مصر وكان ناظرها (أي عميد كلية الطب كما نسميه الآن) الطبيب الفرنسي أنطوان كلوت أو كما يعرف في مصر بكلوت بك، هذا الطبيب الفرنسي النزيه رأى معالم العبقرية في محمد علي البقلي وأرسله في بعثة إلى فرنسا، وعاد طبيبنا الشاب عام 1838 وقد أصبح "الدكتور" محمد علي البقلي، ثم حدث ما حدث من تركه مدرسة الطب إلى العيادة.
بعد خمس من العمل في العيادة جاء حاكم جديد لمصر هو سعيد باشا، وهنا تغير الحال مع الدكتور محمد علي البقلي حيث عينه سعيد باشا كبيرا لأطباء الجيش وكبير جراحي مستشفى قصر العيني ووكيلا لمدرسة الطب وأيضا طبيبه الخاص، وازداد نجمه لمعانا وأصبح أول ناظر مصري لمدرسة الطب (أي أول عميد مصري لكلية الطب) خلفا لأستاذه كلوت بك.
عند وصوله لكرسي النظارة شرع طبيبنا في تعريب العلوم الطبية والتدريس باللغة العربية لمحاربة الاستعمار وإنهاء النفوذ الأجنبي حتى لا يعود الأوروبيون للسيطرة على مدرسة الطب، في هذه الأثناء تولى حكم مصر الخديوي إسماعيل والذي أنعم عليه برتبة الباشوية، أصبح محمد علي البقلي باشا، وأقنع الخديوي بطبع الكتب الطبية العربية في مطبعة بولاق. كتابة هذه الكتب بالعربية سواء تأليف أو ترجمة كانت ملحمة وطنية عظيمة قادها محمد علي البقلي ومعه عظماء كثيرون مثل الدكاترة: إبراهيم بك النبراوي وأحمد حسن الرشيدي بك ومحمد الشافعي بك ومحمد الشباسي بك وحسين الرشيدي وعلي هيبة وغيرهم. هؤلاء من الرعيل الأول المصري في مدرسة الطب الذي حل محل الأجانب وتفوق عليهم.
كم مجلة طبية كانت تطبع في العالم في ذلك الوقت من القرن التاسع عشر؟ أعتقد لا يتعدوا أصابع اليد الواحدة، ولكن كانت منهم مجلة طبية أصدرها محمد علي البقلي مع زميله إبراهيم دسوقي وتصدر باللغة العربية شهريا وتسمى اليعسوب (بدأت في العام 1865 وتوقفت عام 1876 وهي سنة وفاته) واتخذت المجلة شعارا لها الآية القرآنية: "يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاس". فكان هذا الطبيب العظيم سابقاً لعصره.
سافر الدكتور محمد علي البقلي مع الجيش المصري الذي شارك في حرب الحبشة برفقة الأمير حسن باشا نجل الخديوي إسماعيل باشا وللأسف عاجلته المنية ودُفن هناك وتتضارب الأقوال عن مكان ضريحه.
أرجو منك أن تتذكر أعمال هذا الطبيب العبقري العظيم وأنت تسير في منطقة النزهة بمصر الجديدة. في شارع محمد علي البقلي، رحمه الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.