عمان – تحمل رواية "صخرة نيرموندا" للروائي والتشكيلي بكر السباتين، رؤية إنسانية من خلال بطلها سعد الخبايا الذي دأب طوال حياته على البحث عن الحب المستحيل ليذوب في الموت عشقا. وتتخذ الرواية، الصادرة حديثا عن دار "الآن ناشرون وموزعون"، بدعم من وزارة الثقافة الأردنية، من أسطورة "نيرموندا" وسيلة للتعبير عن شغف الكاتب بمدينة يافا التي تمنحه طاقة الانبعاث لكي يتمسك بحبه الواقعي لبلقيس التي خرجت له من خبايا الأرض. وتبدأ رحلة البحث عن حبه من خلال تقصيه لحقيقة الطفلة عبير التي تتشعب لتغرق بطل الرواية في هموم المدينة وتداعيات سقوطها تحت قبضة الاحتلال الإسرائيلي. ويمكن إدراج الرواية في خانة الواقعية السحرية، نظرا إلى لغتها السردية المليئة بالصور الشعرية المبهرة واحتفائها بالأساطير والرموز ذات الدلالات الإنسانية والتاريخية مثلما يجري توظيف طائر الوقواق في تحديد ملامح المحتل برؤية فنتازية ولغة سردية شعرية سهّلت على الراوي التنقيب في الأعماق ووصف مدينة أعدمت ملامحها. ويكتب الشاعر سعد الدين شاهين على غلاف الرواية يقول "هي رواية ملحمية محكمة البناء، تضجّ فيها الحياة عبر أزمنة متداخلة، وأمكنة متشظية، فتستيقظ حكاية الأميرة ‘نيرموندا' كي تبعثَ في البطل المحبط سعد الخبايا طاقة الصمود والانبعاث، من خلال حبه لبلقيس. كتبت الرواية بلغة سردية مدهشة، تمازج فيها البوح مع الصور الشعريةِ. حلق في سمائها عنصرُ التشويق المجنح بالخيال. فقط! ما عليك إلا أنْ تدخلَ عالمَ هذه التحفة الأدبية؛ لتبحث مع سعد الخبايا عن الطفلة عبير، في فردوس يافا المفقود". واعتبرت الكاتبة مجدولين أبوالرب أن الكاتب بكر السباتين في "صخرة نيرموندا" يُعيد صياغة ذلك الواقع البهيّ الذي شهدتهُ مدينة يافا قبل النكبة، لنستعيدَها في أذهاننا مدينة حية وحالة حضارية مشرقة. وأكثر ما يلفت النظر في "صخرة نيرموندا" التسجيليّة المُذهلة للمكان والزمان، إذ تأخذنا الرواية لنعيش تفاصيل تثير الدَّهشة، فنتجوّل في أحياء يافا وحاراتها، في بحرها ومينائها، في جلبة السفن وحركة البحّارة والعمّال وأسماء الشوارع بمنعطفاتها ونواصيها، ومحلاتها، ومساجدها وكنائسها ومدارسها، ونشهد حراكها الاجتماعي والوطني والتعدُّدية الإثنيّة والطائفيّة. يافا قبل النكبة كانت الدليل على أن خسارة فلسطين مثلت ضربة قاسية لمشروع عربي نهضوي وفوتت على العرب فرصة تنموية نادرة، ليربض المحتل الصهيوني على أنفاس العروبة معربداً دون رادع يكبح جماحه. وتندرج في إطار رواية تيار الوعي التي استحضرت تفاصيل الهم الفلسطيني من خلال ذاكرة لا تبور.