عندما أتى أمل دنقل إلى الحياة عام 1940 كان ذلك بمثابة بداية حياة بطل تراجيدى مسكون بالشعر والحرية فوجد ضالته فى مكتبة أبيه الضخمة الذى كان أحد علماء الأزهر الشريف ورغم أنه لم يكمل دراسته الجامعية فقد تقدم كثيرون وكثيرات للحصول على درجتى الماجستير والدكتوراه فى أعماله الشعرية لقد عاش أمل وتنفس هواء جنوب مصر بكل مافيه من صلابة وصدق وشجاعة وقدرة على الرفض وحين شاهد بعينيه النصر وضياعه أطلق رائعته " لاتصالح " لقد قرأ أمل التراث العربى والتاريخى قراءة واعية ووظف ذلك فى شعره توظيفا فنيا بأشكال مختلفة وطرق متنوعة وعلى سبيل المثال وليس الحصر . يقول : والتين والزيتون .. وطور سنين .. وهذا البلد المحزون . لقد رأيت يومها : سفائن الإفرنج . تغوص تحت الموج ويقول أيضا : أبانا الذى فى المباحث . نحن رعاياك وباق لك الجبروت وباق لنا الملكوت .. وباق لمن تحرس الرهبوت وقد كانت السخرية من أهم ملامح شعره وأخذت شكل الانتقاد والرفض يقول : قيل لى "اخرس " فخرست وعميت …….وائتممت بالخصيان ظللت فى عبيد " عبس " أحرس القطعان ووصلت هذه التراجيدية الانسانية إلى ذروتها عندما أصيب بمرض السرطان وهذا ماعبر عنه فى مجموعته " أوراق الغرفة 8 " وهو رقم غرفته فى المعهد القومى للأورام والذى قضى فيه مايقارب أربع سنوات إن مرور أمل بهذه التجربة القاسية قد انتهت فى 21 مايو 1983 وهو تاريخ وفاته إنه بكل المقاييس بطل تراجيدى أدى دوره كاملا من خلال مأساة انسانية كان هو محورها لكنه ترك مآثر هذه البطولة فى أشعاره وكلماته والتى لن ينساها الزمن