كتبت: داليا جمال طاهر يرى البدو فى الصحراء جمالاً قد لا يراه إبن المدينة, وما يعجب من يعيش فى الصين قد لا يعجب من يعيش في فرنسا مثلاً, قد يختلف الذوق بين أبناء الحضارة الواحدة وذلك بحسب ثقافتهم وتأثرهم بالبيئة المحيطة, ومن هنا ظهرت مختلف أنواع الفنون وظهر لكل فن من يعشقة ويقدر قيمتة. وسنلقى الضوء اليوم على أحد الفنون ذات شعبية ليست بالبسيطة وهو فن الكولاج. ما هو الكولاج؟ الكولاج – يعرف بالسكرابز أو السكراب بوك scrapbooking - هو فن بصرى يعتمد عن تجميع العديد من العناصر لتكوين شكل جديد وهو يميل أكثر للفن التجريدى, وبصورة أبسط هو أنك تستخدم عناصر مثل الجرائد والمجلات والقماش والصور والخشب الخ.. لتكوين عمل فنى جديد من دمج هذة العناصر مع بعضها البعض . نشأة الكولاج:- الكولاج أو فن لصق القصاصات في البدء نشأ في الصين عندما تم إختراع الورق في القرن 200 قبل الميلاد تقريباً، ومع ذلك فإن استخدام الكولاج ظل محدوداً حتى القرن العاشر الميلادي، حين بدأ الخطاطون في اليابان باستعمال مجموعة من القصاصات من الورق ليكتبوا عليها أبيات الشعر. أما في أوروبا فقط ظهر فن الكولاج في القرون الوسطى خلال القرن الثالث عشر للميلاد، عندما بدأت الكاتدرائية Gothic Cathedrals باستخدام لوحات تصنع من أوراق الأشجار المذهّبة والأحجار الكريمة وبعض المعادن الثمينة في اللوحات الدينية. وفي القرن التاسع عشر للميلاد استخدمت طرق الكولاج أيضاً بين أوساط هواه الأعمال اليدوية للتذكارات, مثل استخدامهم لها في تزيين ألبومات الصور والكتب, ومفهوم الكولاج اشتق من اللفظ collar والذي اخترعة Georges Braque و Pablo Picasso في بداية القرن العشرين للميلاد عندما أصبح الكولاج جزء مهم من الفن الحديث. العناصر المستخدمة فى الكولاج وكيفية تنفيذها:- الجميل في فن الكولاج أنه يقول لك بكل بساطه ( اكسر القاعدة ولا تجعل قيود أمامك ), كما ذكرنا سابقاً أنك تستطيع استخدام أى عنصر موجود, قد يسأل البعض أى عنصر مهما كان؟ نعم أى عنصر موجود فى الحياة تستطيع استخدامة لتكوين عمل فنى بطريقه الكولاج, خشب, مجلات, جرائد, لعب أطفال, أعواد كبريت, ورق شجر, الخ... تنفيذ الكولاج لا يتم يدوياً فقط, أي ليس من الشرط أن تقوم تجميع أدوات وتقوم بتجميعها يدويًا, حيث يمكنك بكل بساطة استعمال برامج الجرافيكس في تنفيذ عملك الفني, لنحاول التجربة وعمل تصميم في فن الكولاج باستخدام برنامج الفوتوشوب, ولكن أنت بحاجة للعناصر التي ستقوم بتجميعها لتنفيذ العمل, يمكنك البدء بالتجربة باستخدام مجموعة دبليوإنتر للقصاصات (السكرابز). وأول من استعمل الكولاج فى الرسم كان الفنان Pablo Picasso فى الرسومات الزيتية. ويعد الكولاج collage إجراء يقوم على لصق أجزاء من مواد غير متجانسة وتجميعها على سطح اللوحة، ولاسيما لصق ورق مقصوص على لوحة مرسومة بالفحم أو بالألوان. ومواكبة للتطورات السريعة والمتنوعة التي دخلت حياة الإنسان المعاصر من جوانبها كافة، تطورت وسائل التعبير ولغاته الشفاهية والبصريّة، من بينها الفنون التشكيليّة بضروبها وأجناسها المختلفة، كالرسم والتصوير والحفر المطبوع والنحت والإعلان وغيره. وقد أدرك التطور مضامين هذه الفنون وأشكالها ووسائل التعبير المستخدمة في تنفيذها، إضافة إلى الخامات والمواد الداخلة في بنيتها، مستفيدة بذلك من إفرازات «التكنولوجيا» الجديدة والإمكانات المادية الكبيرة التي وفرتها لها. فمع هذه المعطيات التقنيّة الجديدة، لم يعد الفنان التشكيلي المعاصر يكتفي بالطرائق والوسائل التعبيريّة التقليديّة، بل اقتحم ميادين جديدة بحثاً عن مواد وخامات ووسائل حديثة قادرة على إغناء سطح عمله الفني تشكيلياً ومن ثم تعبيرياً. وأكثر الفنون التي أدركها هذا التطور المهم فنون الرسم والتصوير والحفر المطبوع؛ لارتباط هذه الفنون الوثيق بتطور علم الكيمياء و«التكنولوجيا» عموماً. وهكذا قام الفنان التشكيلي المعاصر بإضافة مواد وخامات جديدة إلى سطح عمله الفني لم تكن معروفة في السابق، منها الورق والخشب والحديد والزجاج والبلاستيك والصور الضوئية وكثير مما تتلفه الصناعة والحياة اليوميّة، وذلك بتلصيقها فوق سطح اللوحة، إما وحدها، أو مع المساحات اللونية المنفذة بالفرشاة، وهذه العملية أطلق عليها اصطلاحاً (الكولاج)؛ وهو لفظ فرنسي يعني باللغة العربية (التلصيق)، وقد تجاوز استخدامه مجال الفن التشكيلي؛ ليغزو الأدب والصحافة والإعلام أيضاً. استخدم اليابانيون الكولاج في القرن العاشر الميلادي، ولكن استخدام الكولاج وسيلة أساسية يعود إلى القرن العشرين، أي العصر الذي شهد التحولات التقانية والفنية الكبرى، ومعها اتجاهات الفن ومدراسه المختلفة، بدءاً من الدادائية والتكعيبية وانتهاءً بالفن المفاهيمي (المفهومي) conceptual art والمركب والإيحائي... إلخ. فمع بداية العام 1910 شهدت العاصمة الفرنسية باريس ولادة العديد من الاتجاهات الفنية الحديثة، ومنها الأسلوب التكعيبي في الرسم والنحت، وقد ارتبط هذا الأسلوب بالفنانين براك G.Braqueوبيكاسو P.Picasso اللذين اشتغلا معاً، ما جعل إنتاجهما الفني يتشابه إلى حد التطابق، وهذا الأمر دفعهما للبحث عن وسائل تعبير جديدة، فقادهما البحث والتجريب إلى الكولاج الذي نهض في الأصل مع الاتجاه التكعيبي؛ إنما من خلال القيام بلصق مواد فوق قماشة اللوحة، كأشرطة الخشب، وورق الصحف والمجلات، وطوابع البريد، وحتى المواد البلاستيكية والزجاجيّة والصور الضوئية والأسلاك وغير ذلك من المواد والخامات، فولد بذلك فن الكولاج. ومن الدوافع الرئيسية التي كانت وراء ولادة هذا الفن، تأكيد الإيحاء بالبعد الثالث في اللوحة، وتأكيد المنظور فيها، ما جعل اللوحة تبدو وكأنها نافذة تطل على عالم مرئي، أراد براك وبيكاسو تأكيده ومدَّه؛ من خلال هذا الفن الجديد الذي كان فن الرسم والتصوير أول ميادينه، ثم انتقل إلى باقي الفنون التشكيلية كالنحت والحفر المطبوع والأدب، ثم امتد؛ ليشمل العمارة الخارجيّة، والعمارة الداخلية، وجميع ذلك جاء رغبة في التمرد على الأشكال الكلاسية التقليديّة. يأتي التكعيبيون والدادائيون والمستقبليون في طليعة الفنانين التشكيليين الذين اهتموا بفن الكولاج، واستخدموه بكثرة في أعمالهم الفنيّة. من أعمال الكولاج المشهورة لوحة «طبيعة صامتة» للفنان الإسباني بيكاسو وأعمال للفنان فرانسيس بيكابيا Francis Picabia ولوحة «ورق تلصيق منظم» Collage Arranged Papers للفنان الألماني هانس آرب Hans Arp ولوحة «تاتلين في المنزل» Tatlin at Home للفنان الألماني راؤل هاوسمَن Raoul Hausmann. بعد ولادة التقانات الجديدة، وانهيار الحدود بين الفنون عمد الفنان الحديث إلى المزاوجة بين النحت والتصوير، وبين الحفر المطبوع والصورة الضوئية والألوان الموضوعة مباشرةً فوق سطح المحفورة، وبين التصوير بتقاناته كافة وفنون الحفر والنحت والتصوير الضوئي بوساطة الكولاج، ولازال عدد كبير من الفنانين يشتغلون على هذه التقانة، بهدف إغناء سطح العمل الفني تشكيلياً وتعبيرياً؛ ما يجعل الإحاطة بنتاجات هذا النوع من الفن الجديد صعبة ومحالة، كما صارت تداعياته وامتداداته أكثر من أن تحصى أو تعد. ويعتمد فن الكولاج على إلصاق العديد من المواد معاً على لوحة العمل (ورقة ، خشب، إلخ)، المواد هذه تشمل أي شيء يتواجد على سطح الكرة الأرضية ويراه الفنان مناسباً لصنع لوحته وعادة يسمى الميكسد ميديا (خلط الوسائط) أي أنك تصنع لوحة من مواد مخلوطة وليس من مادة واحدة فقط، هذه المواد من الممكن أن تكون: ورق مناديل، تجاليد، ورق جرائد أو مجلات، بطاقات، معادن، أشياء بلاستيكية، قماش، أسلاك، صور فوتوغرافية، ممكن استخدام مواد يجدها الفنان مثل: صدفات، ريش طيور، حصيّ، ويمكن استخدام مواد خردة مثل: ألعاب مهملة ، أدوات مطبخ!ا لكن يلاحظ الفنان أنه كلما أستخدم أغراضاً أثقل وأكبر كلما احتاج لوحة أقوى لحمل هذه الأشياء.. فن الكولاج يمكن تطبيقه عملياً بتجميع هذه المواد فعليّاً وتكوين اللوحة ويمكن تطبيقه رقمياً عن طريق برامج الجرافكس، إذ يمكن جمع صور متعددة وإلصاقها فوق بعضها البعض لتكوين الشكل النهائي. وفى الصورة: بابلو بيكاسو: «كمان وقطعة موسيقية» (1912).